قائمة وزراء ثالثة!!!، ماذا جرى ياعبادي؟؟؟
    الأحد 24 أبريل / نيسان 2016 - 17:38
    د. باسم سيفي
    معد ومحرر مجلة قضايا ستراتيجية
    المخلصين للعراق وذوي الايادي البيضاء متفقون على حاجة العراق لاصلاحات جذرية تخرجه من واقعه المزري اقتصاديا واجتماعيا واداريا وسياسيا، والذي جاء وتعشعش بسبب سياسة التوافق، التي تحولت الى ابتزاز واصبحت تعني "حك ظهري واحك ظهرك"، والمحاصصة، التي اصبحت تعني "عَين جماعتي وأعين جماعتك". فكان ترعرع وتوسع طبقة النخبة المهتمة بمصالحها وليس بمصالح الشعب العراقي ولا المكونات التي تدعي تمثيلها، فالبؤس والحرمات وزيادة التفاوت في الدخل وتراجع الانتاج المحلي غير النفطي تراه في جميع الطوائف والمكونات العراقية.
    العقل والوجدان يقول بأن الاصلاحات الجذرية من الافضل ان تبدأ حاليا بوزارة تكنوقراط من المهنيين المستقلين والوطنيين ولا يخضعون لقادة الكتل السياسية وزعماء الاحزاب وهو ما عمل عليه السيد العبادي في طرحه قائمة الوزراء الاولى لمجلس النواب والتي اختيرت من لجنة خبراء برئاسة المشهود له مهدي الحافظ وحصلت على دعم جماهيري ومرجعي ومهني واسع. ولكن قادة المصلحة واللاوطنية رفضت هذه القائمة وجاءت بحجج متعددة يرفضها العقل الراجح وأجبرت العبادي على تقديم قائمة ثانية من التكنوقراط تحوز برضى قادة الكتل والاحزاب وتحت سيطرتهم، فكانت انتفاضة النجباء ومحبي العراق في مجلس النواب والتي قلبت الطاولة وعزلت رئاسة مجلس النواب بأغلبية واضحة.
    من المؤسف بأن المنتفضين، وهم من مختلف المكونات العراقية ولازال فيهم قدرا من الوطنية وحب العراق، لم يتوجوا انتفاضتهم باقرار قائمة العبادي الوزارية الاولى لتثبيت توجههم لجماهير الشعب وقطع الطريق على المصلحيين والقوى الخارجية التي ارعبها تحرك النواب الوطنيون وعملت على تحريك خيوطها بالتهديد والترغيب والنميمة والتحريض لتقليل عدد النواب المنتفظين وافشال الانتفاضة. هل تصدقون عدم تدخل امريكا وايران والسعودية وهم يلتقون او يتصلون كل يوم وساعة بأحد المسؤولين؟ وهل تصدقون من يصرخ من قادة الاحزاب والكتل في محاربة المحاصصة وهو يفرضها من خلال قائمة العبادي الثانية.
    المظاهرات الشعبية وموقف المرجعية وكتابات الوطنيين من مختلف طوائف العراق ومكوناته جاءت لتفرض الاصلاحات الجذرية وانهاء المحاصصة الطائفية والاثنية وتدعم مشروعك الاصلاحي ياعبادي ولكنك خذلتهم بتقديم قائمة وزراء ثانية يوافق عليها قادة الكتل والاحزاب. لماذا لم تقف وبحزم وراء قائمتك الوزارية الاولى وتعلنها على الملأ ان كنت جادا في الاصلاح  ومستعدا لبذل حياتك لذلك؟
    انتفض النواب وبالاغلبية رفضا لوزارة المحاصصة وسيطرة قادة الاحزاب، التي اقترحتها في قائمتك التوفيقية الثانية، ودعما لقائمتك الوزارية الاولى. وهذا يعني وجود اغلبية مريحة في مجلس النواب من الوطنيين الاحرار الغيارى لدعم قائمة التكنوقراط المستقلين الاولى واقرارها، وأيضا في تشريع القوانين الجيدة وممارسة الرقابة المثمرة الداعمة للاصلاحات الجذرية لو كنت واضحا ولعبت اوراقك بشكل معقول وجيد. هنا يقول العقل والوجدان بأن عليك ان تدعم المنتفضين من النواب وتعلن سحب قائمتك الاولى وتصر على الاولى وتطلب تصويت مجلس النواب عليها.
    لعمري انها لمهزلة كبيرة وخطأ جسيما ترتكبه يا رئيس مجلس الوزراء اذا ما طرحت قائمة وزارية ثالثة يحتفظ فيها بسيطرة قادة الاحزاب والمحاصصة لضمان نفوذهم ومصالحهم، وبالاخص الكردية منها التي لم تحسن ادارة موارد الكرد البشرية والطبيعية وما يحصلون عليه من الدولة الاتحادية ولم تساهم بشكل ايجابي في بناء العراق لا سياسيا ولا انتاجيا ولا اداريا فهمهم الاساسي تخريب العملية الديمقراطية العراقية واستغلال طيبة او سذاجة او وساخة قادة العراق واقامة دولة يتربعون على عرشها.
    الشعب في مظاهراته والمرجعية الدينية في توجيهاتها والحشد الشعبي في انتصاراته وأغلبية نواب الشعب في انتفاضتهم ضد الطائفية والمحاصصة وحيتان الفساد ومهنيين ومثقفين في كتاباتهم يدعمون اقامة حكومة مهنية غير خاضعة لقادة الكتل والاحزاب لتقود البلاد نحو البناء والامان والنزاهة من خلال اصلاحات جذرية متعددة تجتث الفساد وتشجع نمو الانتاج الوطني غير النفطي وتحمي مصالح العراق وشعبه بكافة مكوناته وطبقاته. فلا تتردد يا دكتور واسمع ونفذ نداء العقل والوجدان والعراق فانها والله فرصة ذهبية يحلم بها القادة الحقيقيون.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media