صومائيل نوح كريمر و سومر
    الأربعاء 27 أبريل / نيسان 2016 - 12:56
    داخل السومري
     ولد الخبير العالمي بتاريخ السومريين واللغة السومرية، صومائيل نوح كريمر، في يوكرانيا التي كانت تابعة للإمبراطورية الروسية وذالك عام 1897 وتوفي 1990، ونتيجة لمعادات السامية تحت حكم الزار نيكولاس الثاني، هاجرت عائلة كريمر عام 1905 الى الولايات المتحدة الأمريكية.

    ومن خلال دراساته الجامعية تخصص وبكل شغف بحضارة وادي الرافدين، وبالخصوص حضارة سومر وحل رموز اللغة السومرية مع الآخرين المختصين بهذا الموضوع.

    وعلى فكره، ان هذا العالم المتميز، كان أستاذ عالم الآثار العراقي المتميز طه باقر، الذي يعرف في ذي قار بقارئ الطين، وكان أيضا مديرا للمتحف العراقي في بغداد، وقام بترجمة ملحمة جلجامش الى العربية.

    ومن مؤلفات كريمر حول حضارة وادي الرافدين باللغة الإنكليزية:

    1 – الأساطير السومرية        1944 Sumarian Mythology   

    2 – التاريخ يبدأ في سومر     1956 History Starts At Sumer  

    3- السومريون: تاريخهم، ثقافة وشخصية      1963   The Sumarians: Their History, Culture And Character    

    4- اينانا: ملكة السماء والأرض       1983 Inana: Queen Of Heaven And Earth       

    5- في عالم سومر      1988 In The World Of Sumer        

    في مقال بعنوان " Kramer Of Sumer (كريمر من سومر)" للكاتبة ماري لوسي وود (Mary Lucy Wood) تقول:

    في عمر 82، صومائيل نوح كريمر، عالم يصف نفسه بانه " يعرف الأكثر حول الأقل" وهو لايزال منشغلا فيما يسميه ب-" كون البحث في الأصول". لأن دكتور كريمر، والآن هو بروفسور متميز في جامعة بنسلفانيا، هذا البحث يعني 52 عاما كرست لترجمة اول السجلات المكتوبة للإنسانية: الألواح الطينية التي عليها كتب قوم يسمى السومريون بواسطة خط يعرف بالمسماري وكان ذألك قبل 3500 عاما مضت.

    بالنسبة لعلم الآثار، السومريون، الذين أطلقوا على أنفسهم" أصحاب الرؤوس السوداء" كانوا من اول الحضارات. قوم رحل، مهاجرين من مكان لم يعرف لحد الآن، استقروا قرب وبين نهرين عظيمين في ماسوبوتيميا-دجلة والفرات- منذ 3500 قبل الميلاد، وبدأوا بتطوير اساسيات الحضارة.

    لقد منهجوا الزراعة،

    طوروا الري،

    صنعوا اول عجلة للعربة،

    صنعوا اول عجلة لصنع الأواني،

    وكان هذا تقدما مفاجئا في التكنولوجيا

    مارسوا نوعا من الديمقراطية،

    شيدوا مدنا،

    وكما تبين دراسات بروفسور كريمر الممتدة طوال حياته

    كتبوا الشعر والأدب الذي يسمع صداه في الغرب من خلال صفحات الأنجيل.

    عبر آلاف السنين، على كل حال، سومر اختفت، وكذلك حدث لمن خلفوها من بابليين وآشوريين. اهملت، وبالتدريج دثرها التراب، سومر اختفت ونسيت لمدة 2000 عام، مدنها وادبها طمر بأكوام من التراب تلوح في الأفق في ارض منبسطة طينية " هي الأرض بين النهرين" بما هو الآن جنوب العراق.

     ولاكن بعد ذلك، حوالي 140 سنة مضت، علماء الأثار الأوائل للشرق الأوسط بدأوا حفرياتهم بتلك الأكوام الترابية، والتي تدعى بالتلال، وجدوا قطعا اثرية وبالتدريج- وهم يكشفون معابد، تحفيات، مقابر، منحوتات، حلي، أدوات وأخيرا انجزوا عملا باهرا- لقد رسموا ملاحما كاملة لحضارة لم تكن معروفة لحد ذلك الوقت. وأكثر أهمية، انهم أيضا اكتشفوا كميات من الألواح الطينية، مخطوطة بواسطة أقدم منظومة للكتابة، واحده من الإنجازات المحورية للإنسانية.

    في علم الآثار اكتشاف كهذا (الألواح الطينية) يعتبر اكتشافا اسطوريا. ولاكنه يعتبر كبداية. وحتى يتم حل شفرتها، مثل الالواح التي اكتشفت حديثا في البا في سوريا تعتبر نسبيا عديمة الفائدة. ولاكن اكتشاف الواح طينية في وادي الرافدين مكتوبة باللغة المسمارية كان يعتبر خطوة أولى. لا يزال يأتي حل الشفرة والترجمة للمخطوطة التي أطلق عليها العاملون الأوائل "آثار اقدام طيور" من قبل رجال مثل جورج كروتفيلد، هنري رولانسون وجورج سميث وفي هذا القرن (القرن العشرين) صومائيل نوح كريمر السوميريولوجست (عالم الدراسات السومرية (Sumerologist.

    السوموريولجست هو بطبيعة الحال عالم متخصص. حقا، وكما قال دكتور كريمر نفسه في مقدمة كتابه "التأريخ يبدأ عند سومر" انه "واحد من اقل المتخصصين" في النهاية، عمل السوموريولوجست ينطوي على مشاركتهم في كل جوانب التراث القديم- المعاملات التجارية، لوائح قانونية، تعديلات منزلية، ادعية، اساطير وشعر- كل هذا ضغط على الواح طينية بواسطة كتاب سومريون وذلك ما يقرب من خمسة آلاف عام مضت.

    الكتابة، يقول دكتور كريمر، طورت حين " برز الأحتياج لتدوين المعاملات التجارية أو على الأقل لجرد المواد المخزونة وتسجيل الهدايا التي تجلب الى المعابد كنذور. "المحاولات الأولى كانت تصويرية، رسوم خطوط بسيطة تمثل الأشياء كسنبلة شعير، طير، رأس حمار، نجمة ترمز للسماء" او اناء للطعام - مع حركة يرمز لها، على سبيل المثال، برسم قدم ليرمز "للمشي" أو رأس وفم يرمز "للأكل".

    وخلال القرون، على كل حال، السومريون حولوا الصور الى رموز على شكل وتد- الإشارات المسمارية- عملت بنهاية قصبة مصممة للضغط على الواح طينية، وعند منتصف الالف الثالث قبل الميلاد، الدكتور كريمر يقول، " تكنيك الكتابة السومرية اصبح مرنا ما فيه الكفاية ليعبر بدون صعوبة عن اكثر القضايا التاريخية والأدبية تعقيدا، كثير منها كان ينتقل بواسطة التقليد الشفهي."

    فيما يخص دكتور كريمرفأن المؤلفات الأدبية السومرية التي قادته عميقا الى السوميريولوجي (علم الآثار السومرية) في 1930 وهذا لا يزال، وخلال 49 عاما قادمة، استوعب اهتمامه ووقته. بالرغم من تقاعده من التدريس-الى سكن مريح في فيلادلفيا، مليئا بالفن من جميع انحاء العالم جمع من قبل زوجته-بروفسور كريمر لا يزال رشيقا وحيويا، لايزال يكتب، يحاضر ويسافر وهذا الربيع سوف ينشر كتابا آخر عن سومر: من الشعر السومري. وبالرغم من التعليقات الساخرة العرضية حول نفسه ك "مؤرخ دقيق" أو توينبي (مؤلف كتاب صعود وسقوط الإمبراطورية الرومانية) في المعكوس،" بروفسور كريمر، في نقاشه لبحوثه في اللغة والادب السومري، يكشف عن فضول ذات ابعاد هائلة، واجتهاد في كثير الأحيان ليس له مثيل.

    صومائيل نوح كريمر بدأ رحلته الشخصية الى سومر عند مجيئه الى جامعة بنسلفانيا كطالب جامعي عام 1927 وكجزء من برنامج دراسة الدكتوراه في علم الآثار الآشورية بدأ بقراءة الخط المسماري. ومن بعد ذلك وفي 1930، شارك في حفريتين في العراق. الأولى كانت في تل بلاح في الشمال قرب مدينة الموصل. في هذا المكان لم يتم العثور على الواح طينية رغم الجهود المكثفة، وكريمر، الذي كان كل غرض وجوده هناك هو لحل الرموز على الالواح الطينية، بدأ يصاب بالإحباط. وبدأ حزنه يتضاعف عندما أصيب بالتهاب الزائدة الدودية الحاد الذي كان شديدا لا يسمح بنقله الى بغداد. كبديل لذلك تم نقله الى مستشفى من غرفتين قريب من الموقع الذي يتواجد فيه كريمر حيث الطبيب المسؤول، والذي كان يعمل بمعدات محدودة أنقذ حياة كريمر. وكتذكار لهذه العملية هو وجود إثر الجرح الممتد على طول البطن. والظاهر ان العملية كانت أطول وأكثر تعقيدا من الاعتيادي والطبيب، وبفخر مبرر، عرض الزائدة الدودية كتذكار.

    بعد شهر من الشفاء البطيء، طلب من الدكتور كريمر ان يذهب الى الجنوب الى حفرية ثانية في تل فارا، على موقع شوروباك القديمة، العمل الحذر استخرج كمية من الالواح الطينية، عدة منها على شكل مجاميع، ربما كان هذا موقع مدرسة، او لأن هذه الكتب التي تكونها مجاميع الالواح الطينية، انتفت الحاجة اليها، واستخدمت كحشو للجدران الطينية. بعض هذه الالواح جلبت الى المتحف لدراستها. " عند هذه النقطة بدأ فضولي حول الالواح الأدبية التي أحيانا تظهر للضوء،" هكذا بين بروفسور كريمر.

    فضوله، على كل حال، لا يمكن اشباعه حالا لأنه، حال عودته من العراق، استدعي الى شيكاغو ليساعد في تجميع قاموس آشوري. " ذهبت للعمل على هذا القاموس في 1932 في معهد الشرقيات، الممول من مؤسسة روكفلر، حيث كان أحد المحررين أرنو بويبل، الرائد في السوموريلجست في ذلك الوقت والذي علمني كيف اقرأ سومريا."

    بعد أربع سنوات، حصل "كريمر" على فرصة لتطوير اهتمامه في النصوص الأدبية المسمارية عندما حاز على زمالة غوغنهايم المرموقة وسافر الى إستانبول للتحقيق في بعض ما يعرف بألواح نيبور. "بفترة قبل وقتي،" يقول بروفسور كريمر، " بين 1898 و 1900، الجامعة أرسلت بعثة استكشاف لمدينة نيبور القديمة في العراق، والتي كانت تحت الاحتلال التركي. هناك وجد الآثاريون 50000 لوحة تحمل الكتابة السومرية. نصف بعث الى إستانبول الى متحف الشرقيات القديمة، والنصف الثاني الى فيلادلفيا، الى متحف جامعة بنسلفانيا." 

    في الوقت الذي أصبحت فيه الرحلة الى إستانبول ممكنة، كريمر تزوج من فتاة من جامعة شيكاغو اسمها ميلي توركارسكي وأنجبا طفلين، دانيال وجودي، وسافرت العائلة الى تركيا على ظهر باخرة حمولة" ونصف المسافرين على ظهر هذه السفينة هم عائلة كريمر" حسب ما تتذكر ميلي.

    وكانت ميلي تغسل ملابس العائلة باليد كل صباح، وكانت الرحلة هادئة ما عدى حالة تعرض الباخرة للتفتيش في مضيق جبل طارق من قبل رجال فرانكو ضنا منهم ان الباخرة تحمل أسلحة الى الملكيين حيث كانت الحرب الاهلية الاسبانية قائمة، ولآكنهم لم يجدوا شيئا.

     

    في إستانبول في متحف الشرقيات القديمة، كريمر انطلق للعمل لتفكيك تقريبا 200 من النصوص الأدبية المسمارية مكتوبة باللغة السومرية- مختلفة عن اللغة الآشورية، والتي هي مكتوبة بالمسمارية ولآكنها على كل حال لغة مختلفة.

    لم تكن، يقول كريمر مبتسما، مهمة سهلة بل على العكس، الاستنساخ كان متعبا، مجهدا للعين، عمل مترب. كثيرا من الالواح الطينية المخفورة مكسورة أو مفطورة والنقوش عليها نصف مطموسة، الجهود المبذولة لترجمتها كان محبطا، بالخصوص عندما أدرك دكتور كريمر ان كثيرا من هذه الالواح هي أجزاء من قطع أكبر والتي قد تتواجد في أماكن ما: في لندن أو برلين أو بغداد أو فيلادلفيا، أو احتمال انها فقدت للأبد. ولاكن الجهود قادت الى اكتشاف مثير: مقالة شعرية عن المعاناة، في الخط المسماري السومري، وهذا يحمل تشابه مثير لقصة أيوب في الانجيل.

    في بداية هذا القرن (القرن العشرين) تم نشر قطعتين من مجموعة الواح نيبور في فيلادلفيا، موضوع القطعتين كان حول معاناة انسان. الآن، في إستانبول، كريمر تعرف واستنسخ قطعتين اضافيتين يعودان الى نفس المقال. كان اكتشافا مثيرا ولاكن لم يكن الوحيد. فيما بعد، بعد عودته الى فيلادلفيا وانضمامه الى ملاك جامعة بنسلفانيا، تعرف على القطعة الخامسة والسادسة العائدتان الى نفس الموضوع، في الحقيقة، هو واحد مساعديه هزهم ان يكتشفا، ان القطعتين في إستانبول منكسرتين من نفس الالواح التي كانوا يفحصونها في فيلادلفيا.

    على الاجماع، القطع الستة اسفرت عن مقال شعري من 139 سطرا، والذي يعتبر الأول من نوعه يوجد حول المعاناة والاستسلام، شبيه جدا بكتاب أيوب، ولاكن كتب أكثر من 2000 سنة قبل كتاب العهد القديم. وكما وصف بروفسور كريمر في كتابه (التاريخ يبدأ عند سومر) النسخة السومرية لقصة أيوب يبدو انها تطابق النسخة الانجيلية.

    في هذه المقالة الشعرية، المصاب بالمعاناة هو رجل كان غنيا وخيرا، محاطا بعائلة وأصدقاء، حتى جاء يوم طغى عليه المرض والمحن. بالرغم من كل هذا رفض ان يتهم الاله او يدينه بسماحه لهذا الشر ان يصيبه، في البديل، لقد تواضع ومع الدموع كان يصلى ويتلو الادعية. وكجزاء لهذا الإخلاص، الاله استجاب لصلواة الرجل، وأنقذه من المعاناة وأعاد له ما فقد.   

    مساهمة أيوب، من ناحية اخرى، لم تكن الإضافة الوحيدة من قبل بروفسور كريمر الى السوميريولوجي (علم الآثار السومرية). في عام 1952، مرة ثانية عاملا في متحف الشرقيات القديمة في إستانبول، هو أيضا، وبناء على معلومات من خبير آخر في الخط المسماري، ترجم لوحة تبين انها تحوي على جزء من لائحة قانون أورنامو-التي تسبق لوحة قوانين حمورابي الشهيرة ب 300 عام.

    مسبقا، وفي 1947، أحد مساعدي كريمر عثر على لوحة من مجموعة نيبور في متحف الجامعة مخطوط عليها لوائح قانونية صادرة من الملك ليبيت عشتار والتي تسبق لوائح قوانين حمورابي ب 150 سنة. في 1948، طه باقر، طالب سابق عند بروفسور كريمر وفيما بعد أصبح امين متحف بغداد، أعلن عن اكتشاف لوحتين مخطوط عليهما لوائح أقدم، ولكنهما كتبا بحوالي قرن من الزمان بعد لوائح أورنامو المتواجدة في إستانبول.

    في هذا الاكتشاف المهم، كما بين بروفسور كريمر، الصدفة لعبة دورها. " في جميع الاحتمالات كان من الممكن ان لا اعثر على لوحة أورنامو لولا رسالة مناسبة من ف.ر. كراوس، بروفسور دراسات الخط المسماري في جامعة لايدن في هولاند. هو ذكر "لوحه رقم 3191 " في إستانبول التي شاهدها عندما كان يعمل كأمين للمتحف هناك. لقد أرسلت لطلب هذه اللوحة، وبعد أيام من العمل المتعب، توصلت الى ان ما املك بين يدي هو نسخة لأقدم لوائح قانونية عرفها الأنسان. 

    ترجمته لهذه اللوحة، كما يقول بروفسور كريمر، شملت خمسة من 25 من القوانين المعروفة تعود الى سلالة أور الثالثة-أور واحدة من دويلات المدن السومرية القديمة-التي حكمت منذ 2050 قبل الميلاد، حوالي 300 عاما قبل حكم الملك حامورابي لبابل. تغطي هذه اللوائح القانونية السومرية الطلاق، شهادة الزور والزنا، وفي بعض الأحوال عقوبات كانت أخف من عقوبة " العين بالعين" التي ينص عليها كتاب العهد القديم اليهودي، غرامات، على سبيل المثال، وضعت على بعض المخالفات بدلا من الإعدام.

    في عام 1965، اثنان من الشظايا الجديدة للوائح أورنامو القانونية تم التعرف عليها ضمن مجموعة الالواح التي اكتشفها ليونارد وولي (Leonard Woolley) في أور. هذه قد اضافت 39 قانونا جديدا، كثيرا منها لسوء الحظ كان على شكل شظايا.

    المقارنة المستمرة بين الادب السومري والانجيل، يقول بروفسور كريمر، لم تكن بأي حال من الأحوال عرضية. السوموريولجست مفتونون بالصلات الواضحة بين الادب السومري وروايات كتاب العهد القديم. قصة دلمون، على سبيل المثال، ينظر اليها علماء السومريات بأنها توازي قصة آدم وحواء.  

    بالنسبة الى السوموريلوجست (علماء الآثار السومرية) دلمون كانت " طاهرة،" "نظيفة" ومكان "مشع"، لا المرض ولا الموت قادر ان يلوث حديقة مليئة بالفاكهة التي زرعت فيها الالهة العظيمة ام الارض نينهرزاك ثمانية نبتات الاهية. ولاكن فيما بعد، تستمر الأسطورة، انكي-المعروف دائما بالألاه الحكيم-يأتي على طول وبكل براءة يأكلهم جميعا، ونينهرزاك تتخلى عنه حتى، وبعد اجتماع مجلس الآلهة، تلين.

    وكما في قصة أيوب، التشابه مع ادم وحواء يبدو واضحا: حديقة، نبتة ممنوعة وعقاب لمن يأكلها.

    قصة انجيلية أخرى مع احتمال وجود سلف لها في الادب السومري هي قصة الطوفان كما ترجمت من احدى الواح نيبور من قبل ارنو بويبل في عام 1914. ولو ان بعض الاسطر كانت مفقودة، لاكن الاسطر المقروءة أعطت دليلا قويا على انها أقدم قصة للطوفان وجدت لحد الآن.

    هذه التفاصيل تتكلم عن زيوسودرا، متقي، ملك يخاف ربه، الذي امره الآلهة ان يبني سفينة عملاقة لينقذ نفسه، ومن المفترض آخرين، والسبب "هو طوفان سوف يكتسح مراكز العبادة، ليقضي على جذور الإنسانية...انه قرار الآلهة." انقطاع طويل في النصوص منعنا من معرفة أي اجراء سيتخذ بالضبط، حتى أصبحت هذه السطور مقروءة:

    كل العواصف الرياحية، متناهية في القوة، هجمت كواحد،

    في نفس الوقت، الطوفان يكتسح كل مراكز العبادة.

    فيما بعد، لسبع أيام وسبع ليالي،

    الطوفان اكتسح الأرض،

    والسفينة العملاقة تتمايل فوق المياه العظيمة بسبب العواصف الرياحية،

    آتو (ابن أله) ظهر للعيان، وسلط الأضواء على السماء والأرض،

    زيوسودرا فتح شباكا على السفينة العملاقة،

    البطل آتو سلط اشعته على السفينة العملاقة.

    زيوسودرا، الملك،

    سجد امام آتو،

    الملك يقتل ثورا، وينحر شاة.

    كما تقترح تلك الترجمة، الاساطير السومرية تحتوي على أجزاء مثيرة من المعلومات التي تم اعادتها في الانجيل، وفي بعض الحالات تم تحقيقها علميا. ولاكن من نفس الترجمة يتضح ان الاساطير السومرية كانت ادبا-على الأقل كما ترجمت من قبل بروفسور كريمر.

    في قصة أيوب، على سبيل المثال، ترجمة كريمر كانت غنية وإيقاعية:

    كلمات الصالح...ألهه تقبلها.

    الكلمات التي اعترف بها الرجل بخشوع اسرت الأله.

    وألهه رفع يده عن الكلمة الشريرة...التي تقهر القلب.

    شيطان المرض الشامل، الذي فرش جناحيه، ازاحه بعيدا.

    المصير الشرير الذي فرض عليه وفقا لعقوبته،

    تخلى عنها

    وحول معاناة الرجل الى سرور

    عين له جنيا عطوفا كمراقب وحارس

    أعطاه ...ملائكة ذو مسحة كريمة.

    وهذا كان الا مثالا واحدا. كتابات دكتور كريمر العديدة والمتنوعة عن السومريين كانت قصص ومقالات واقوال مأثورة مليئة بالإيقاع والمغزى-كثير منها مناسب اليوم كما كان قبل 5000 عاما مضت:

    امرأة قلقة في منزلها

    يضيف صداعا للألم.

    من يملك كثيرا من الفضة ربما يكون سعيدا،

    من يملك كثيرا من الشعير ربما يكون سعيدا،

    ولاكن الذي لا يملك شيئا بالمرة يستطيع النوم.

    الصداقة تدوم ليوم،

     القرابة تصمد للأبد.

    يوجد أيضا في ترجمات دكتور كريمر مقاطع قصيرة تخص الحياة اليومية التي تبين كيف كان السومري العادي يفكر ويعلل، كيف كان يشق طريقه في خضم الأسئلة الكبيرة التي يطرحها العنصر البشري خلال الازمان، أو مواجهة المعضلات اليومية النموذجية. الحل الذي اتبعه طالب مدرسة لحل مشكلة قديمة تبدو انها حديثة:

    قرأت لوحتي، أكلت غدائي، حضرت لوحتي الجديدة، كتبتها، أكملتها.

    لاكن المعلم يقول: " كتابتك اليدوية غير مقنعة" وجلده. هذا الطالب اقترح في بيته على والديه بأن يدعوا المعلم الى تناول الطعام. عمل الوالدان ما طلبه الابن، وقدما هدية الى المعلم. متأثرا بهذا الكرم، قال المعلم:

    أيها الشاب، بسبب أنك لم تهمل كلمتي، ولم تتخلى عنها، سوف تصل قمة فن الخط، سوف تحقق ذلك كاملا...لقد أديت الفعاليات المدرسية جيدا، لقد أصبحت رجل علم.

    هذه المقطوعة، على ما يبدو، كانت قصة شعبية، 21 نسخة في مختلف حالات الحفض وجدت في مختلف المجموعات عندما دكتور كريمر وجد الأجزاء المفقودة من الترجمة المجزئة وأكملها. ترجمة أخرى التي تضرب على وتر حساس حول تمرد اميركا ضد الضرائب العالية والحكومة المكلفة جاءت في لوحة من لكش (LAGASH)، مدينة من 4500 عاما مضت. لقد سطرت الإساءات للأدارة الفاسدة:

    ...مفتش رجال القوارب يحتجز القوارب. مفتش المواشي يحتجز المواشي الكبيرة، يحتجز المواشي الصغيرة. مفتش صيد الأسماك يحتجز الأسماك.

    الكاتب، في ترجمة كريمر، يستمر ساردا الآتي: عندما تجلب شاة للقصر لجز صوفها المالك يدفع خمسة شيكل إذا كان الصوف ابيضا. عندما يطلق رجل زوجته، ال "ايشاكو" (الحاكم المحلي) يستلم خمسة شيكل والوزير يستلم خمسة أخرى. والأكثر من هذا، ان ثور الآلهة يحرث الواح البصل العائدة لل "ايشاكو،" وهذا يعني ان محتويات المعبد تستغل لمنفعة الحاكم، وال "ايشاكو" قد زرع بصله وخياره "في أحسن حقول الآلهة."

    ومن بعد " كان جباة الضرائب،" كما لاحظ المؤرخ. حتى بعد الموت، الموظفون يستوفون كميات من شعير الرجل، الخبز، البيرة، وحتى اثاث. الأحوال كانت على اسوء ما يكون في لكش حتى، وأخيرا، رجل فاضل-اسمه اوروكاجينا-جاء للحكم، نزيه، حاكم يخاف الآلهة والذي رمى الإدارات الفاسدة، صحح الأخطاء، أنهي المعاملة غير العادلة للفقراء، وخلص المدينة من اللصوص، المرابين والقتلة.

    حتى هذه الحسابات الحية بالكاد تخدش السطح، عدد صغير نسبيا من الألواح السومرية تمت دراستها بالتفصيل. ولاكن كثيرا مما عرف عن سومر يعود الى عمل صومائيل كريمر. كما بين بروفسوران في متحف الجامعة في فيلادلفيا، اللذان يكتبان قاموسا للغة السومرية، " انه-أي دكتور كريمر-أعاد تركيب الأدب السومري بالكامل. ونحن سنبني عليه.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media