القتال في طوزخرماتو - فرملة لعملية التغيير
    الأربعاء 27 أبريل / نيسان 2016 - 21:34
    إحسان جواد كاظم
    اسفر المتحاصصون مرة اخرى عن وجوههم البشعة من خلال الاقتتال الدائر على اساس قومي استحواذي بغيض في مدينة طوزخرماتو/ كركوك.
    فالطرفان المتقاتلان البيشمركة الكردية والحشد التركماني يطمحان الى بسط النفوذ على هذه المنطقة. الاكراد يعتبرونها جزءاً من اقليم كردستان فيما يرفض تركمان المنطقة الهيمنة الكردية ويعتبرونها منطقة تركمانية تاريخياً ويرفضون تكريدها.
    المشكلة ليست وليدة اليوم, فالنزاعات حولها مستمرة منذ فترة ليست بالقصيرة وخصوصاً بعد انكفاء السيطرة الحكومية عام 2014 عن اراض واسعة في البلاد وسيطرة ارهابيي داعش عليها, ثم التمدد الكردي في كركوك, ومحاولات فرض واقع جديد على سكانها من التركمان والعرب. ولكن جرى تأجيل الصراع حولها بسبب تهديدات داعش الجدية لمصائر الجميع.
    غذى اوار الصراع بروز الحشد التركماني كقوة مسلحة ثانية في المنطقة, بعد عملية تحريرالمدينة من برائن عصابات داعش في تشرين اول/2014, مما اقلق القيادات الكردية وعزز مخاوفها من احتمالات انفلات خيوط السيطرة من بين اصابعها.
    مما يجدر ذكره ان الطرفين حليفان في نظام المحاصصة السائد, وهما يتمتعان بكل امتيازات التقاسم الفئوي للمغانم.
    ورغم الخسائر البشرية التي تعرض لها السكان المدنيين في المنطقة نتيجة القتال على مراكز النفوذ, ورغم ما يشكله الاقتتال من تشتيت للجهود في مواجهة ارهاب الدولة الاسلامية داعش, لاسيما وان  مجاميعها متجحفلة على مرمى حجر من منطقة القتال, ومن تعقيد للاوضاع, فأنه لم توجه لطرفي القتال اية ادانة على فعلهما المشين هذا, بينما درج حلفائهما من احزاب السلطة على كيل الاتهامات للمتظاهرين السلميين الداعين للتغيير ومعاقبة الفاسدين, بأشغال القوات الامنية عن قتال داعش بسبب تظاهراتهم المشروعة.
    ان افتعال الصراعات والازمات التي دأب عليها المتحاصصون تلازم دائماً مع تصاعد الأحتجاجات الشعبية ضدهم. وخصوصاً عندما بدأ الحراك الشعبي يمتد من الشارع الى مؤسسات الدولة وحتى الى مؤسسة البرلمان التي تشهد حراكاً واعداَ.
     والقتال الدائر في طوزخرماتو, مثال لأحدى صراعاتهم التي تدفع بأتجاه حرف الانظار عن المخاض الجاري للخروج من نفق المحاصصة والفساد المظلم, وفرملة عملية التغيير.
    وبينما اشار بعض المحللين الى وجود اصابع خارجية خفية تحرك صنائعها المحلية  لسد الطريق امام استقرار البلاد, فأننا نتسائل, ما لهذا التدخل الخارجي ينجح في اشعال اقتتالهم بينما يفشل من ان يوحدهم باتجاه قتال داعش في اطار التحالف الدولي ضدها ؟ أليست هي مفارقة ينبغي ايجاد التفسيرات المناسبة لها ؟
    لقد اظهرت الجهات المتقاتلة من خلال ممارساتها على الارض, بالعزل العنصري للأحياء والقصف العشوائي لمساكن المواطنين واختطاف بعضهم الاخر, بأنها مجرد ميليشيات منفلتة, همها الاول بسط نفوذها ولا تهمها معاناة السكان المحليين واستقرار وضعهم الامني.
    ان ذلك يستدعي تدخل الجيش كقوة دستورية ضامنة للسلام الاهلي واعادة الاستقرار للمنطقة وعدم الاكتفاء بمبادرات المصالحة وتبويس اللحى, فهي لم تكن يوماً ضماناً ثابتاً لأستتاب القانون.
    تؤكد الاحداث الجارية في البلاد ضرورة نبذ نهج المحاصصة وسياسة تقسيم الكعكة, فأضافة الى ان ذلك سيضع البلاد على جادة بناء دولة مواطنة مستقرة موحدة فأنه يقطع دابر التدخلات الاجنبية في الواقع العراقي وقدرتها على تحريك اتباعها الداخليين من المتحاصصين طائفيا وعرقياً.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media