القارئ ....The Reader..(2)
    الجمعة 29 أبريل / نيسان 2016 - 19:31
    هاتف بشبوش
    في يوم عيد ميلاد( مايكل) وفي إحتفال المدرسة والطلاب بهذه المناسبة ، يغادر مايكل الإحتفال ويذهب سريعا الى حبيبته ، لكنها كانت في حالٍ حزين ، تناكفوا مع بعضهم ، تصفعه هي ، يتألم فيقول لها , أنا جئتكِ وتركت أصدقائي المحتفلين بيوم ميلادي، فبدلا من ذلك تقومين بصفعي ومناكفتي ، لماذا أنا الذي ينفذ دائما ، لماذا أنا الذي يسمع دائما صاغراً ومطيعاً ، فتقول له مثل لهجة الأم الآمرة الناهية ، هو كذلك الحال يجب أن تستمر عليه  . بعد هنيهة تعد له الحمّام ، وتخلع ملابسه ، تغسله من مفرق رأسه وصدره ومرورا بعضوه بالصابون والشامبو وبقطعة قماش خشنة بكفها ، حتى أصبح ذهبيا ناصعا ، كما طفولتنا الناصعة أيام زمان ونحن خارجون من طشت الغسيل الذي تعدهُ لنا إمهاتنا . بينما تجففُ له جسده بالمنشفة كانت في أقصى غايات الحزن وكأن شيئاً ما سوف يحصل في علاقتهما. تضاجعه هذه المرة بطريقة أخرى، يتعريان ، تقوم بالجلوس على خرطومه الصبياني ، يخترقها بقوة عظيمة ، حتى تبكي ولانعرف لماذا تبكي ، من النشوة العارمة ، من السعادة حين تفوق العقل ، من عضوه الذي دخل فيها كالأسفين ، من رائحة الطفولة التي فوقها تهتز بضاضة ونعومة ، فتبين فيما بعد ، إن هذه المضاجعة هي الأخيرة ، إن هذا اللقاء ، هو اللقاء الأخير والى الأبد ، إن هذه اللحظات الضاحكة الباسمة الملتهبة جمرا ونارا من اللذةِ والتأوه سوف تستحيل الى رماد القهر ، الى ذكريات تعذب الطرفين ، الى قصة حبٍ فريدة لايمكن لها أن تنسى على مر تأريخهما ، بل إنها سوف تؤرّخ ويتناولها الأجيال جيلاً بعد جيل ، وبالفعل ها نحنُ في القرن الواحد والعشرين نشهد على هذه القصة الحزينة والمفجعة بكل تفاصيلها ، هذه اللحظات الجنسية والحب الصارخ سوف تجعل من هذا الطفل في يوم ما إنسانا كاملاً يحملُ من الإنسانية الفياضة التي لايمتلكها فتىَ شجاعا مثله . ينتهي الحب والشوط الجنسي ويسحب خرطومه من جوفها الذي لايزال دافئاً ، ويظل فوقها قليلاً بينما هي في غاية الأسئ ورأسها الى السقف ، وكأنها تناغي شيئاً مبهما لانعرفه . بينما هو فوقها تطلبُ منه أن يغتسل مرة أخرى ويذهب الى أصدقائه وحفل ميلاده  .
    يذهب وفي الشارع تدور الكاميرة حيث الطفل نشيطا قوياً سعيدأ وكأنه فرّغ كل سموم أطفال هذا الكون من خصيتيه ، وكأنه خلع كل أحزان أطفال العالم البائسين ، أنه خارج من بيتٍ كله عطف أمومي و حب وجنس لايوصف، بل الجنس اللذيذ بشكله الآخر الذي نراه مبهراً ساحرا . ينطلق في الشارع ويشق الأسفلت بساقيه سريعا حتى يصل الى حفل ميلاده ويرمي نفسه في حوض السباحةِ مع الأصدقاء النزقين .
    في اليوم التالي جاء الى شقتها بسعادةٍ غامرةٍ  للقائها المعتاد ، وبشبق بادٍ على محياه وهو يطوي الدرب فرحا غامراً ، وبإنتعاظٍ منتظرٍ بعد حينٍ من الوقت ، يدخل شقتها فلم يرَ غير الذكرى السابحة في هواء شقتها وغير التأوه الجنسي الذي تركته هنا وهناك وذابت كالثلج ، غير الزوايا التي عرف بها الحب والجنس سيان ،غير يديها الحانيتين وهي تغسل له جسده الأبيض الجميل ، غير الحزن الأبدي الذي سيبقى في وصاله مادام حياً ، لقد رحلتْ والى الأبد . حزمت أمتعتها وخرجت من البيت ، فتبين فيما بعد إنها متهمة في قضيةِ قتلٍ لليهود أيام الحرب العالمية الثانية  1943، حيث كانت تعمل حارسة في أحد  سجون النازية ( سجن شفيتز) .
    يفترقان لفترة طويلةٍ ، ثم تنقلنا الكاميرا حيث هو في كلية القانون 1956 وقد نبت عوده وشاب وأصبح مدخناً شرهاً، وفي الحلقات التدريسية لممارسة  مهنة المحاماة ، يأخذوهم الى أحد المحاكمات الخاصة ، فتبين أن هذه المحاكمة لستةِ نساءٍ ألمانيات كنّ حارسات في عام 1943 في (سجن  شفيتز)وتسببن في قتل 300 إمرأة يهودية حرقاً ، وأثناء مناداة القاضي باسمائهن يسمع بإسم ( هانا شميت) فكانت هي إحدى المتهمات في هذه القضية ، فعرف حينها لماذا تركته وغادرت ذلك اليوم الأخير وأوصته أن يعتني بنفسه ،  وكانت هذه آخر كلماتها اليه بعد المضاجعة الأخيرة الممتعة التي لاتفارقه أبدا , والتي لايزال طعمها في الروح والجسد وفي قوة الإنتصاب .
    بعد أكثر من عشرين عام الدولة الألمانية تريد أن تحاكم نساء على جريمة إرتكبت في ذلك الوقت ، وقد إكتشفت هذه القضية عن طريق إمرأة كاتبة يهودية كانت محتجزة في 1943 مع امها حينما كانت طفلة ونجت هي وامها بأعجوبة . وفي المحكمة تتعرف الكاتبة على النساء الست الحارسات في سجن ( شفيتز) ، ومن ضمنهن ( هانا شميت) . القضية هذه يدور محورها حول الحارسات الستةِ حيث كانت كل واحدة منهن تقوم بإختيار عشرة نساء كيف ما إتفق وإرسالهن من السجن الفرعي الى السجن الرئيسي ( شفيتز) لغرض إعدامهن ، ولغرض تخفيف الزخم الحاصل من كثرة المساجين في السجن الفرعي هذا ،  ويتم إرسالهن على هيئة طوابير تسمى طوابير الموت ، وهكذا بين فترة واخرى يتم إرسال النساء اليهوديات الى الإعدام عن طريق الحارسات .
    يتم الحكم عليها( هانا شميدت) بالمؤبد ، بينما بقية الحارسات باربعة سنين ، وذلك لخجلها أن تقول أنني أميةُّ ، حينما وجه لها القاضي تهمة كتابة التقرير بخصوص النساء اليهوديات والحريق الناشب في السجن والذي ماتت فيه السجينات دون إخراجهنّ منه وهو يحترق ، مما أدى الى قتل ثلاثمئة سجينة يهودية عدا أم وطفلتها التي كبرت وكتبت هذه الرواية المروّعة ، تحملت الموضوع برمته على كاهلها ، أنه الكبرياء أحيانا الذي يؤدي بالمرء الى هذه التهلكة  .
    مايكل يذرف دموع القهر أثناء إصدار الحكم وهو العارف بأنها لاتقرأ ولاتكتب ، كلمة منه بحقها لأنقذها من ذلك. فلم محير يجعلنا نقف مع الجلاد مثلما حصل في رواية مجنون سونيا لديستويفسكي والشاب الذي قتل العجوز في سبيل المال  . ولذلك كنت أنا صاحب المقال أتعاطف مع ( كيت ) وأريد أن يطلق صراحها رغم ماحصل من جرم بحقها ، لأن الذنب هو نتيجة الجهل الحاصل عندها ولذلك الراواية جعلت بطلة القصة لاتقرأ ولاتكتب ، إشارة إلى أن الجهل هو الذي أدى بهذه المرأة أن ترتكب هذه الجرائم . تنتهي هي في السجن بينما مايكل يتزوج ويرزق بطفلة جميلة ثم ينفصل عن زوجته لعدم حصول التوافق العاطفي بينهما ، والمرض النفسي الذي أصابه ، وحبه الكبير الى ( هانا شميت) الذي لايستطيع نسيانه حتى مماته ( ماالحب الاّ للحبيب الأولِ) . وهي في السجن يقوم بأرسال كاسيتات لها مسجلة بقرائته لأجمل الروايات العالمية ، وهناك في السجن تتعلم القراءة والكتابة عن طريق هذه الكاسيتات والروايات التي يبعثها اليها ، وتتعلم كيف ترسل له الرسائل . حتى أكملت العشرين عام وصدر أمر إطلاق صراحها . مأمور السجن يبعث اليه بكونه الوحيد الذي تعرفه ، يأتي اليها قبل يوم من إطلاق سراحها ، فتراه بعد كل هذه الفرقة القسرية الطويلة ، وتقول له بحزن عميق ، لقد كبرت يافتى ، هو يبدو على محياه يحملُ كل أحزان العالم ، تسأله وهي في هذا العمر الذي تجاوز الستين : ألم أعد أنفع أن تقرأ لي ونتبادل الحب والجنس كما أيامنا الخوالي ؟ يهز رأسه حزناً بدموع حسيرة ، لكنه يقول لها ، لقد جهزتُ لك منزلا بسيطا تستطيعين أن تكملي بقية حياتك فيه . يغادرها على أمل اللقاء بها غدا وهي مطلق سراحها . في الليلة ماقبل إطلاق سراحها ، وضعت الكتب التي كانت تقرؤها تحت أرجلها ووضعت حبل المشنقة على رقبتها ، وكأن هذه الكتب والأشرطة لم تعد تنفعها بشئ ، هي الوسيط بين موتها وحياتها ، وتركل الكتب بأرجلها لتبقى معلقة في الحبل . صباحا جاء لزيارتها ليجد غرفتها في السجن خالية من حبيبة العمر الجميلة الناصعة والأم الحنون ، يبكي بحرقة الأطفال ولايدري أن يبكي على أم حنون أم على حبيبة ، أم على جنسٍ لذيذٍ لم يذقه طيلة حياته حتى مع زوجته التي طلّقها فيما بعد وظلّ وحيداً هيّاما بذكرى (هانا شميت) . لم يبق منها شئ سوى وصيتها له ، وهي علبة معدنية صغيرة ، كانت تجمع فيها مالها طيلة هذه السنوات ، توصيه فيها أن يعطيها الى السجينة الناجية الوحيدة مع الأعتذار منها . يذهب الى اليهودية الناجية الوحيدة هذه ويخبرها بالموضوع ، ترفض أن تأخذ المال ، بل أخذت العلبة المعدنية منه كذكرى ، ويطلب منها الأذن في إقامة جمعية خيرية يهودية لمحو الأمية ، بهذا المال ،  وبأسم ( هانا شميت ) وتوافق على ذلك . في نهاية الفلم يظهر هو وإبنته أمام شاهدة قبرها ليخبرها بحقيقة هذه المرأة الحنونة العظيمة ، حبه الأول والأخير ومعلمته في كيفية إختيار الأوضاع الجنسية التي ظلّت تسري في بدنه حتى مشواره الأخير ، لكنّ مخالب القدر جعلها ضحية النازية ومجرميها .

    هــاتف بشبوش/عراق/دنمارك

    1. القارئ..... The Reader(1)...... - هاتف بشبوش
      22/04/2016 - 22:13 مقالات
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media