وداعا لوطن يتلاشى...فالكل مجرمون!!!
    الأحد 1 مايو / أيار 2016 - 18:58
    أ. د. حسين حامد حسين
    فوضى سلوك السلطة التشريعية العراقية ولا شرعيتها ، مضافا اليها همجية وشراسة الادعياء من الجهلة من رؤساء الكتل ، مضافا الى ذلك ، اندحار الاحزاب العقائدية التقدمية وانهزام عقيدتها ، ثم تحول بعض الوطنيين الى مجموعات انتهازية قميئة وفاشلة ، انما هي صورة لحياة اكثر ايلاما في هذا الوطن الغالي والذي كتب له التشظي وعدم الاستقرار . فما يحدث ليس استثناءا يفوق التصورات فحسب ، حتى لو تمت مقارنته بفوضى وهمجية أكثر مجتمعات علم الانثروبولوجيا. ولكن، والغريب ان كل ذلك في العراق لا يعني سوى "تمدنا وتحضرا" ومحاولات "للدفاع" من اجل الشعب!  فهذه اخر تقليعات العلم الحديث المتعلق بالسلوك "العراقي" الخاص والطوعي لمن يريد ان يؤسس لنظرية في علم الاجتماع أوالانثروبولوجيا  ليثبت للعالم ، ان ماهو سائد في العراق اليوم ، هو "مسار" لخط جديد لعلم "خلق من العدم" بلا نظريات او فروض او استناد على أبحاث مستفيضة أواستنتاجات علمية رصينة ، ولكنه سلوكا شاذا للتأكيد على صواب ما "مطلوب اثباته" فقط ، طوعا أو كرها.
    ما يحدث في العراق اليوم ، يثبت بشكل لا يدع من شك ، ان العراقيين لا يستطيعون العيش إلا من خلال الفوضى . فالفوضى بالنسبة لهم هي وسيلة لنوع من لهووزينة وتفاخر فرضته عليهم انهياراتهم النفسية الى درجة ان اصبحت تلك الفوضى دعوة صامتة تتوارثها الاجيال ولا تحتاج الى مبررات من اجل انطلاق ذلك اللهو التخريبي .  وهي متنفسا لالام ذبيحة مكبوتة في الذات لا تزال تأن ولكنها لا تتعظ . وهي تحديا لكل الضعفاء والمغلوبين على أمرهم من قبل جبابرة متسلطون فوق الرقاب بفوضوية اعظم ودناءة وجهل عريض . وهي ايضا نوعا من حبور يمتزج مع قسوة الذات ليذكرهم بضعفهم المشين لزمن لا يزال رافضا ان يدعهم وشأنهم ليعيشوا بسلام . وهي اصطراعا مع معانات مع زمن قاسي ظنوه قد نأى بعيدا وولى ، ولكنهم وجدوه لا يزال ماسكا اياهم من تلابيبهم من قبل بعضا من اوفياء "المتشبهين" بالمقبور صدام ووارثيه. وهي ايضا عجزا مؤلما في الذات المنكسرة التي لا تستطيع تحقيق نصرها بأيديها أبدا . فهي تعيش على احلام من سيوفر لهم ذلك النصر من خلال جهة ما ، اي جهة ، مهما كان لون قسوته الجديدة . هؤلاء المنهزمون ، كمن وجد نفسه يوما امام حريق هائل في بيته ، واضرمت في جسده النار، فهو لن يجرأ ثانية بالاقتراب من النار .    
    أننا ننسى في ذل هواننا ، ان هذا العالم لا يعبئ كثيرا بوطن كالعراق، طالما بقي العراق لا يعبئ لنفسه. وعلاقة هذا العالم مع عراقنا تحددها مصالح الامن ضد داعش ومصير النفط وعدم وصول احزابا شيوعية أو راديكالية الى سدة الحكم ، مع هدف كبير هو الاصرار على توفير الحماية والامن "لرجالاتهم" في الداخل . فهم من يقودون "المسيرة" الظافرة هذه الايام ، ويرفعون الشعارات الوطنية بشكل "اعظم" بكثير حتى من اؤلئك العراقيين المعدمين ممن يفترشون الارض ويلتحفون السماء ويعيشون على الكفاف في حياتهم في بيوت الطين والصفيح ، ولكن ، على الرغم من الفقر والعوز ، فلن يمسن اعماقهم ، حتى شعرة واحدة من عشقهم الهائل لارضهم الطيبة المعطاء. فهذا العالم السعيد ، يتعامل مع السلطات العراقية الثلاث ، بنفس الطريقة الرسمية التي يتعامل بها مع كل دول العالم . فهو ينظر الى وجود الرئاسات الثلاث في العراق ، كمنجز "ديمقراطي" ، لكن هذا العالم يتغاضى عن كيفية مجيئ هذه الرئاسات ، أومن يهيمن عليها ، أو من يدير اهدافها وكيف يديرها. المهم ، ان يكون في العراق لافتة عريضة باسم الديمقراطية فقط ، فهذا هو المهم . ولذلك وجدنا بعض الدول تتعاطف مع وجود أمثال الطائفي المقال سليم الجبوري وامثاله الاخرين عندما كان الابطال من النواب يعتصمون بوجه هذا  الطاغية الصغير. ولكن الاسوأ لما يفكر به هذا العالم اليوم ، هو أيضا حينما يرى ويسمع كيف ان هذا الوطن العراقي يحلوا له التبرؤ يوما بعد يوم من حضارته الاولى التليدة في العالم، ليبرهن انه لا يجيد سوى تحطيم اصالة بعضه البعض ، والسماح في تسيد الجهلة والامين واللصوص فيه.     
    مرة اخرى ومن خلال بغداد "الفرات نيوز" يطفوا صوت السيد مقتدى الصدر ،اليوم السبت، على سطح الاحداث ، عائدا بعد ليلة من احلام ، ربما كوابيس ، لا تصلح كخيارات للعراقيين ، يعود الى اسطوانته المشروخة التي اصبحت تثير القيئ في النفوس فيتحدث، عن "ثورة شعبية تطيح بالفساد والمفسدين، مطالبا كتلة الاحرار النيابية الى" ايقاف عملها السياسي الا ما كان لتاسيس تيار عابر للمحاصصة فقط" .
    ووبلا مبالات ، يؤكد السيد مقتدى الصدر في مؤتمر صحفي حضره مراسل وكالة {الفرات نيوز} اليوم، على" المفسدين الذين تلاعبوا بقوت الشعب ولقمة عيشه فهم يردون ان يطفؤ نور الاصلاح بافواههم والشعب يأبى الا ان يتم نوره ولو كره الحزبيون فن الشعب هم الغالبون "، مبينا انه" ومنذ ان بدا نور الاصلاح وبصيصه بالتوقد جمعوا امرهم ذات بينهم وكل حزب بما لديهم فرحون ذلك الحزب الذي يريد فرض هيمنته وسطوته من خلال المحاصصة الحزبية والسياسية ليكملوا نهبهم وسرقاتهم كما عهدهم الشعب".".
    أليس حري بمقتدى الصدر وشريكه عمار الحكيم التزام السكوت من الان فصاعدا، لكونهما أسباب البلوى العراقية وكل معاناتها بعد كل هذا الهرج والمرج والضحك على ذقون شعبنا . الم يكتفيا بالذي حصل ، من وعودهما ، ثم التبرأ من تلك الوعود ، ثم تتبعها وعودا اخرى ، ولكن في النهاية ، (كذاك الذي فسر الماء بعد الجهد بالماء) . فهما المسيئان الرئيسيان الى افشال كل اهداف الاصلاحات الجذرية من اجل مصالحهما . فحري بهما ان يلتزما الصمت، والانصراف الى العبادة واستغفار الرب الكريم الرحيم "انه كان توابا" ....
    فلوا تابعنا ما يجري في التيار الصدري أو المجلس الاعلى ، فسوف لن يكون من الصعب معرفة "تفاني" الجماهير تحت قيادتهما ، ولكن ذلك التفاني ، لا نعتقده يمثل "الصدق والاخلاص" فعلا . والسبب باعتقادنا ، ان اتباع السيد مقتدى على سبيل المثال ، هم خليط من مجموعات كان لها انتماءات عميقة مع النظام البعثي الساقط . واليوم ، وجدوا في الانتهازية وسيلة من اجل المصالح والاستعداد الدائم لنشر الفوضى وتحقيق هدف الانفلات الامني طالما كان بالامكان توفير لهم حماية من اتنماءاتهم الماضية مع البعث. وبمعنى أدق ، ان أيا من الكوادر في تيار الاحرار على سبيل المثال ، وهو ينطبق هو الاخر على المجلس الاعلى ، أيا من الكوادر ينتظر ارتكاب زميله "زلة" ليسقط ويزاح ويأخذ الاخر مكانه. فعندما يجرأ قيام احدهم بالاعتراض على اي قرار لمقتدى فان ذلك يعني ، انها فرصة للاخرين من اجل "المبالغة" في تصوير المحبة والولاء والطاعة للسيد مقتدى ولكن ذلك  في حقيقته  كذب ورياء فحسب . ذلك ان الاطاحة بذلك المعترض يعني سقوطه الفوري وبدون رحمة من قبل مقتدى ومن الجميع ، ليصبح لقمة سائغة من خلال التشهير به والافتراء عليه واظهار عيوبه . من جانب أخر، انها فرصة الاخر الذي سيحل محله ، للتعلم من العبر ، فضلا حصوله على القرب من مقتدى بشكل اكبر .
    هذه الفلسفة المتسمة بالبدائية والدكتاتورية نجحت في "تسيد اعلام" واسع لمقتدى لاثبات هيمنته المطلقة على التيار. ولكن خطورتها تتمثل في ان سقوط الاخرين الواحد بع الاخر من الركب الصدري ، يعني حدوث انتفاخات وتكتلات جديدة تبدأ بالتأثير على البعض من ضعيفي الوجود في التيار، أو من تلقى عقوبة اوردعا صارما ، حيث ينتهز ذلك في خروجه على طاعة مقتدى ، كما حصل في انشقاقات عصائب الحق وغيرهم.
    من جانب اخر، ان من بين مشاكلنا العراقية العجيبة أن نسمع استغاثات من البعض "العلماني والثوري" ...!!! فتحت عنوان (نشطاء شيوعيون ومدنيون: التيار الصدري "ابتلعنا" وألغى وجودنا ) ، يعترف بعض الناشطون الشيوعيون ، بأن التيار الصدري "ابتلع"صوت التيار المدني في التظاهرات والاعتصامات التي شهدتها محافظات العراق من أجل التغيير"
    وهو أمر كان يجب ان لا يتم الاعتراف به بسبب ان ذلك يعزز من مكانة التيارات الباغية المهيمنة على مقادير المجتمع ، وأيضا ، يضعف الولاء للشيوعي  المنتمي.
    فقد اعترفت الناشطة الشيوعية "هند كريم" وقالت في تدوينة على "فيسبوك" تابعتها "المسلة"، أن (جميع وسائل الإعلام بما فيها موقع الحزب الشيوعي العراقي نقلت خبراً مفاده، ان "مناصري ومؤيدي التيار الصدري يُلبّون دعوة قائدهم للتظاهر والاعتصام، في اعتراف واضح على "ذوبان انصار الحزب الشيوعي والتيار المدني في التيارات الإسلامية في التظاهرات "انصار الحزب الشيوعي والتيار المدني في التيارات الإسلامية في التظاهرات) .
    وجوابنا للاخت الفاضلة هند كريم ، مع اعتزازنا برأيها ، يمكن أن نوجزه بقول الشاعر:
    وعاجز الرأي مضياع لفرصته     حتى اذا فاته أمرا عاتب القدرا.
    فمشكلة الحزب الشيوعي العراقي رغم وطنيته ، هي مشكلة مخضرمة وشائعة تتعلق بفساد قيادات الحزب نفسه . فقيادات الحزب اثبتت انها اكثر سوءا من قيادات الكتل الاسلامية وحتى العلمانية ، مع بعض الفوارق البسيطة. فان كان من بين لحزب الشيوعي من يهمه فعلا الحزب ، فلماذا لا تبادر القواعد الى الدعوة لمؤتمر عام واعادة انتخاب قيادات جديدة؟ هل هذا شيئ صعب او مستحيل؟ ، فالتشكي والندم لم يصلح حال في يوم من الايام ....
    حماك الله يا عراقنا السامق...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media