المرجعية المباركة ودورها المرتقب
    الخميس 19 مايو / أيار 2016 - 11:19
    جعفر الخالدي
    لست هنا في معرض الحديث عن المرجعية المباركة في النجف ودورها المشهود في اطفاء فتيل الفتنة الطائفية التي كان يراد لها ان تحرق الاخضر واليابس ودورها المعروف في الحفاظ على وحدة الصف بين جميع فئات الشعب العراقي بمختلف قومياته واديانه ومذاهبه لانها هي الاب الروحي للجميع، وهذا ما لا يختلف عليه اثنان وقد اشاد العدو قبل الصديق بهذا الدور الثابت والمسؤول من المرجعية . وليس خافيا على احد ايضا دورها البارز في العملية السياسية ومنذ الايام الاولى من عام 2003 حين دعت الى كتابة الدستور واصرت على اجراء الانتخابات التشريعية وانتخاب حكومة تمثل الشعب ونقل السلطة من قوات الاحتلال الى الحكومة الجديدة . وقد قدمت المرجعية برنامجا زمنيا واضحا لكل تلك الفعاليات وطالبت قوات الاحتلال باحترامه والالتزام به وكانت قوات الاحتلال تهاب المرجعية وتحرص على تنفيذ كل طلباتها وان كانت غير راغبة في الكثير منها وكاتب هذه السطور كان شاهدا على بعض ماكان يدور عام 2003 و2004. وكانت قوات الاحتلال تحاول اقناع المرجعية بالعدول عن بعض هذه المطالبات او تاجيلها مثل كتابة الدستور او اجراء الانتخابات المبكرة او نقل السلطات وامور اخرى , الا ان المرجعية كانت تصر على مطالبيها وتتمسك بها.
     لقد كانت قوات الاحتلال تبدي استيائها، ولو بخفية، من تدخل المرجعية في العملية السياسية وضغوطاتها المستمرة عليها ولكنها كانت مرغمة في الانصياع الى مطاليب المرجعية لانها كانت تدرك حجم قوتها وتاثيرها على الشارع العراقي . وقد وافقت قوات الاحتلال مكرهة وعلى مضض على برنامج  المرجعية  وتمت كتابة الدستور والتصويت عليه وتشكيل الحكومة المؤقتة واجراء الانتخابات الاولى ونقل السلطات اليها. وقد استمرت المرجعية في متابعة المشهد السياسي وسير العملية السياسية من خلال متابعتها المباشرة لممثليها او من خلال لقاءاتها مع رؤساء الحكومات المتعاقبة وكانت تبدي ملاحظاتها وارشاداتها وتوجيهاتها العامة ولا تتوانى في تشخيص اخطاء الحكومة ومطالباتها بتصحيح المسارات على مدى الحكومات الثلاث وقد وصل الامر الى مقاطعتها جميع المسؤولين في السلطات الثلاث ورفض  استقبال رئيس الحكومة نوري الماكي ووزراءه بسبب اخفاقاتها وسوء ادارتها وفشلها التام في تقديم الخدمات للشعب ومكافحة الفساد وعدم الاستماع الى توجيهات المرجعية المتكررة.
     وخلال السنتين الماضيتين كانت خطب الجمعة لا تخلو من توجيهات المرجعية  ومطالباتها بالاصلاحات الجذرية والضرب بيد من حديد على ايدي الفاسدين وتقديمهم للقضاء بل ووصل الامر الى توبيخ المسؤولين في الحكومة خلال خطب الجمعة على لسان ممثلي المرجعية  السيد احمد الصافي والشيخ مهدي الكربلائي بسبب عدم اكتراث الحكومة ومسؤوليها بتوجيهات المرجعية  والاستجابة لمطاليب الجماهير التي خرجت بمظاهرات يومية واسبوعية وعلى مدى اكثر من عام تاييدا للمرجعية ومطالباتها الاصلاحية .
     فالمرجعية المباركة كانت ولازالت في قلب الحدث ولم تغب عنه منذ اليوم الاول . واليوم والعراق يمر باصعب مرحلة في حياته منذ تاسيس الدولة العراقية حيث يواجه اخطر مخطط لتقسيمه وانهائه كدولة , ينبغي على جميع المخلصين وفي مقدمتهم المرجعية المباركة ان تاخذ دورها الحقيقي في وضع النقاط على الحروف وطرح خطة انقاذ حقيقية للبلاد . فماعاد الوقت يسع الى لغة التلميحات او التوجيهات والارشادات او حتى المطالبات من سلطة فاشلة ومسؤولين فاشلين . فكيف تتوقع المرجعية المباركة من اشخاص استولوا على السلطة بالخداع والمكر والكذب واوصلوا البلاد الى حافة الهاوية واصبحت الدولة شبه فاشلة ولم يكترثوا بمعاناة شعبهم الذي ضاع بين مهجر ونازح داخل وطنه ومهاجر خارج ارضه ومحروم وجائع يعيش مستقبلا مجهولا . فهل سينتظر الشعب من هؤلاء الجهلة والفاشلين ان يفيقوا من نومهم  اكثر مما انتظر؟. وكم سينتظر الشعب من هؤلاء الفاشلين وماذا سينتظر منهم وما الجديد في جعبة هؤلاء فقد "تمخض الجبل او الجمل فولد فارا".
     ان المرجعية المباركة لم تغب ومنذ عام 2003 عن المشهد السياسي وكان دورها فاعلا وبارزا في رسم العملية السياسية والتفاعل معها فلا ينبغي الانكفاء جانبا خصوصا في هذه الفترة العصيبة والخطرة والتي تتطلب تدخلا فاعلا وعاجلا غير اجل لانقاذ البلاد والعباد من الانهيار. نامل من المرجعية المباركة  ان تكمل الطريق التي بدأته وتتحمل مسؤوليتها وهي تتابع عن كثب مايحدث في الساحة السياسية فالبرلمان منقسم الى ثلاث اقسام ثلث يريد الاصلاح الجذري وثلث يقاطع الجلسات وثلث يلفظ انفاسة الاخيرة في غرفة الانعاش واما الحكومة فالحمد لله اصبح لدينا حكومتين تجتمع في غرفة واحدة فيها وزراء مستقيلين ومقالين وفيها وزاء جدد لم يوافق عليهم البرلمان ولم يؤدوا اليمين الدستوري في مخالفة دستورية وما اكثرها عند من يدعي انه مع الدستور. نامل من المرجعية المباركة ان تطرح فورا " برنامج الانقاذ الوطني " والذي نقترح ان يشمل مايلي:
    1-  حكومة انقاذ وطني من شخصيات وطنية نزيهة وكفوءة لم تشترك اطلاقا بالعملية السياسية طيلة  الفترة الماضية لتقود الى انتخابات برلمانية مبكرة في اقرب فرصة ممكنة .
    2- تطالب الجميع بالحفاظ على الدولة وممتلكاتها ومؤسساتها الحالية وعدم المساس بها.
    3-  تطلب من حكومة العبادي  ان تستمر بعملها بصفة حكومة تصريف اعمال لثلاثة اشهر فقط .
    4- تدعو البرلمان الحالي الى الانعقاد فورا وحل اشكالياته اصوليا  ضمن سقف زمني واضح  وقصير لكي يعود ويمارس اعمالة باسرع وقت ممكن.
    5- تدعو ابناء الشعب كافة دعم القوات العراقية والامنية بكل صنوفها واسنادها بكل السبل والوسائل في معركتها بمواجهة الارهاب الداعشي والاستعداد التام في الدفاع عن البلاد وتوجيه طاقاته الى جانب القوات المسلحة في معركتها المقدسة ضد الارهاب.
    ليس امام المرجعية المباركة من خيار الا ان ترمي بكل ثقلها في عملية انقاذ للبلاد والعباد من الحريق والغريق بعد ان افسدته الايادي الفاشلة التي اوصلته الى هذه النهاية المروعة التي لم يكن ينتظرها او يتوقعها احد. فالشعب يتنظر من ينقذه من هذه الماساة الخطيرة وخير ملاذ هي المرجعية المباركة لانها الاب والام لهذا الشعب.
    إنها مناشدة مخلصة من عراقي وطني، وهي تعبر، دون شك، عن ما يجول في اذهان العراقيين الشرفاء الذين ينتظرون من المرجعية المباركة خطوة تقلب الامور على رؤوس الفاسدين والفاشلين قبل فوات الاوان، ليعود العراق يتنفس ويعيش شعبة بكرامة وعزة نفس. 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media