لا توجد عقبة في الواقع
    الأحد 22 مايو / أيار 2016 - 20:16
    بنيحيى علي عزاوي
    ناقد مسرحي مغربي الدراماتورج
    كل إنسان ولد في هذه الحياة الدنيوية إلا وارتكب أخطاء ويتعلم الكثير من سلبيات وإيجابيات الحياة التي هي أخذ وعطاء ممن له صلة وجدانية معهم في الأسرة والمجتمع،... العقد الأول من عمر الإنسان يستوعب أفكارا من لدن الأسرة والمدرسة وأصدقائه والكثير منها يصدّقها ببراءة الطفولة الزاهية ،أفكار مختلطة متشعبة الفهم والمفاهيم  في  الكائن الواقعي المؤشر بالحظ والنصيب، والممكن المثالي  المرقوم في ناصية بني الإنسان قبل ولادته في هذه الدنيا الدانية بزرع الخير وحصاد الأعمال المباركة في الدار الآخرة التي هي ملاذ البشر ومرجعهم إليها إما جنة جنان تجري من تحتها أنهار الكوثر البديع أو نار جهنم من مسد للضالين الذين أخطئوا سبيل الحق المبين.... والعقد الثاني من عمر الإنسان يكون مندفعا منفعلا متفاعلا في كل مستجد يظنه مستنير، يعشق بسرعة ويغضب برهة ثم يغامر مع أقرانه باحثا عن حقيقة مكانته في الحياة،... وأما العقد الثالث، فإن حالف الإنسان الحظ يبني أسرة ويختار منهجه إن كان من النخب الواعية فيشقى ويتعب من أجل الوصول إلى سلطة المجد، وفي هذا المسار إن كان عاطفيا أكثر اللزوم يؤدي ضريبة المبادئ المثالية التي تشبع بها في عقده الأول،مستحما بأخطاءه المتشعبة التي هي الخيط الرفيع ما بين عقل الإرادة والعقل الواجد بالتمام، والعقل الباطن إن وظفه المرء بحسبان يكون مناعة لكل المتاريس بسلطان، وأما إن لم يع تاريخه يجد نفسه مجبرا على تكرار الماضي ولا علاقة لقدر العزيز الرحمن،... وأما العقد الرابع والخامس والسادس من عمر الفنان، فهو حلم الحليم المستبصر في كل شئ نافيا من قاموسه عنصر"الإحباط" مسلحا بعنصر التفاؤل بمواجهة عنصر "الفشل" الذي كان بمثابة عقبة في عقله الواجد منذ عقود من الزمان،لذا من الواجب الأوجب على الفنان أن يكون مؤمنا بقواه الداخلية التي ستسانده بمقامة ومحو كل أفكار الخوف والاكتئاب القديمة التي ورثها من العقود السالفة الذكر، الثقة في النفس هي مهماز التبصر في النجاح والسعادة المثلى.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media