متى يتحرك الضمير العالمي لنصرة الشعب العراقي
    الأثنين 23 مايو / أيار 2016 - 20:35
    يوسف ألو
    منذ تاسيس الدولة العراقية قبل قرن من الزمان تقريبا والشعب العراقي يعاني من شغف العيش والتهميش المستمر لمطالبه الخدمية والثقافية والسياسية أو في متطلبات الحياة العامة ولم يهدأ أو يستكين شعب العراق خلال قرن من الزمان من خلال الأحتجاجات والمظاهرات السلمية التي غالبا ما كانت تقمع من قبل السلطات المتنفذة آنذاك وحتى يومنا هذا وما حصل في 19 من هذا الشهر هو خير دليل على ذلك , وقد عرف شعب العراق سابقا أي منذ تأسيس الدولة العراقية وحتى أنقلاب 8 شباط الأسود بشعب الثورات والأنتفاضات , لم يكن يعرف شعبنا الطائفية ولا التسيس الديني وكانت كل تلاوين شعبنا تعيش بأخوة وتسامح بكافة أديانه وطوائفه المختلفة وما حصل لليهود في بداية الأربعينات من القرن المنصرم ( الفرهود ) كان بداية تمزيق النسيج العراقي المتناسق والمتكاتف أجتماعيا وثقافيا وحتى سياسيا حتى قامت ثورة 14 تموز الوطنية والتي حاول قادتها باذلين جهود حثيثة من أجل أسعاد الشعب العراقي وأسعاده والأرتقاء به الى مصاف الدول المتقدمة من خلال ما كان يمتلكه العراق من خيرات وثروات طبيعية كان يحسده عليها الأصدقاء قبل الأعداء الذين تكالبوا على الحكم الوطني للزعيم عبد الكريم قاسم وسخروا كل ما يملكون من أمكانيات وطاقات لأذلال شعبنا من خلال أغتيال الثورة الوطنية في 8 شباط الأسود على أيدي أعوانهم البعثيين القتلة الذين أرادوا السوء للوطن والأذلال لشعبه , منذ ذلك الحين لم يعد يسمع لشعب العراق أي حراك أو مظاهرات ولا أنتفاضات وأصبح يلملم جراحه كالمشلول الذي يبحث على من يرعاه ويعيله !! وأستمر الحال كذلك حتى مجيء البعث للسلطة مرة أخرى وبقطار أمريكي صرف في الـ 17 من تموز عام 1968 ليتربعوا على خيرات العراق وثرواته ويكرسوها لمصالحهم الشخصية وأهوائهم الخاصة ويتسلطوا على رقاب الشعب المسكين المجروح بالحديد والنار غير آبه أن يفعل شيء خوفا من ممارسات البعث الهمجية التي وقعت بعد أنقلاب شباط الأسود وحرصا منه على لقمة العيش التي كان يحصل عليها بصعوبة بالغة وبشق الأنفس , أستمر الحال كذلك حتى سقوط الطغاة والمتسلطين وصنمهم الذي صال وجال بشتى أساليب القمع ضد شعبه المسكين المجروح وتنفس شعبنا بعد 2003 الصعداء وأعتقد أن زمن الخير والتحرر والديمقراطية قد أتى وأن شمس الحرية قد بزغت ليبدأ عهدا جديدا خال من الخوف والترهيب والأعتقال والقتل الهمجي وأن زمن الجوع والفقر قد ولى دون رجعة الى مزبلة التأريخ مع الطغاة المجرمين غير عارف أن الذين أتوا على قطار أمريكي أيضا هم أبشع وأقسى ممن سبقوهم فبالأضافة لما كان يحصل لشعبنا سابقا أضيفت هموم أخرى هي المحاصصة الطائفية والعشائرية والأسلام السياسي الذي أباح نهب وسلب خيرات العراق تحت غطاء الدين ويافطته حيث بدأت رحلة العذاب من جديد وعلى مدى 13 عشر عاما لم يخلو منها يوما واحدا ألا وسقط عددا من أبناء شعبنا بين قتيل وجريح سواءا على يد القوات الأمنية أو الميليشيات الدينية المتنفذة أو على يد الأرهاب الذي وجد حاضنة مريحة له في ضل التناحر والتنافس بين الأحزاب الدينية الحاكمة وميليشياتها من جهة والحكومات الضعيفة والغير مؤهلة التي توالت على الحكم بسبب المحاصصة الطائفية والتي أثبتت فشلها في جميع النواحي وفي مقدمتها الخدمات العامة ورفاهية الشعب وحريته من جهة أخرى , بعد 13 عشر عاما لم يعد بمقدور شعبنا السكوت على ما يرتكب بحقه من جرائم ضد الأنسانية وسلب ونهب خيراته وثرواته في وضح النهار فأنتفض شعبنا من جديد ضد الطغاة الجدد وأستلهم همته وقوته من نفسه وبتشجيع من القوى المحبة للسلم والديمقراطية والتي ناضلت عقودا عديدة من أجل ذلك ألا أن أنتفاضته وللأسف جوبهت بالحديد والنار من جديد أيضا وعلى يد المدعين بالديمقراطية الجديدة فنكلوا بالشعب الذي أختارهم وجعلهم يتربعون على الكراسي ليقدموا له الخبز والحرية والأمان والأطمئنان وليرفعوا أسم العراق عاليا في المحافل الدولية ألا أن شعبنا قد أخطأ في حساباته مرة أخرى ( وهذا ما يعترف به السراق والحرامية أنفسهم ) .
    كل هذا الذي جرى ويجري لشعبنا الجريح ووطنا المسلوب يحدث أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان والجهات والمنظمات الداعمة للسلم والتضامن !! فأين هؤلاء مما يحدث لشعبنا ووطننا فالأرهاب يحاصر شعبنا من جهة ويستولي على مناطق تواجد الأقليات والطوائف ويهجرهم من بيوتهم ومدنهم ويصادر أموالهم وممتلكاتهم ويغتصب نسائهم ويقتل رجالهم وأطفالهم بأبشع الطرق المأساوية التي يندى لها جبين الأنسانية ليكمل المهمة من تربعوا على الكراسي المهزوزة وهم يسلبون وينهبون قوت الشعب اليومية كي يوصلوا شعبنا الى ألحضيض والفقر والحاجة الماسة للمساعدات الأنسانية التي كان يجب أن يقدمها شعب العراق للشعوب الفقيرة والمحتاجة بسبب الخيرات الوفيرة والثروات الكبيرة التي كان سوف يمتلكها لو كان من حكم العراق بعد سقوط الصنم أناس لهم ضمير أنساني وجاءوا لأسعاد شعبهم ورفاهيته لا للأنتقام منه مستغلين طيبته وحسن أخلاقه ودمثه .
    أين الأمم المتحدة وأين أمريكا وأوربا وغيرها من الدول والمنظمات التي تشجب وتستنكر على الورق والأعلام ويوميا يموت من شعبنا العشرات والمئات ولا أحدا يحرك ساكنا والكل يعلم جيدا بأن خيرات العراق وأمواله قد نهبت ممن يطلبون ويشحتون من البنك الدولي ومن الدول الكبرى لمساعد العراق وشعبه في الوقت الذي يمتلكون المليارات وهم من قاموا بغسيل الأموال وأستثمروها في بلدان أجنبية وليس في بلدهم !! أليس بمقدور المجتمع الدولي محاسية هؤلاء المجرمين وأسترجاع ثروات شعبنا كي لا نكون بحاجة البنك الدولي وأمريكا وأوربا وغيرها لا بل نحن من سيقرض العالم كله لو تم ذلك .
    فليصحوا ضمير العالم وينظر الى شعب العراق بالعطف وينقذه من محنته التي طالت ويبعد الأشرار عن طريقه كي يرى النور ويستعيد الأمل ويبدأ حياة جديدة أسوة بباقي شعوب العالم التي تحررت من نير الظلم والأستعباد الديني أو السياسي وليصحوا ضمير أولئك الذين تربعوا على الحكم بأختيار شعبهم أملا منه بأنقاذه من محنته وليكونوا وطنيين وأوفياء مرة واحدة في حياتهم كي يسجل أسمهم في تأريخ العراق وتذكر محاسنهم وأفعالهم ليبتعدوا من لعنة التاريخ ولعنة شعبهم كما حدث لأسلافهم المقبورين .
    تحية لشعب العراق الثائر ولثورته المجيدة
    المجد للشهداء الأبرار الذين سقطوا وهم يحاولون أنتزاع حقهم من الظالمين
    تحية للجيش والشرطة التي تقف الى جانب الشعب وهو ينتفض ضد الظلم
     تحية لكل من يعمل بجد وأخلاص ووطنية خالصة لدرء الظلم عن الوطن والشعب
    الخزي والعار لسراق المال العام وقتلة الشعب

         يوسف ألــو   22/5/2016
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media