السياسة الامريكية الشرق أوسطية في رأي البروفيسور التشيكي "بافل بارشا"
    الخميس 18 أغسطس / آب 2016 - 21:42
    د. فوزي القريشي
    يرى بعض الكتاب والمعلقين السياسيين التشيك بأن ما يحدث الآن في الشرق الأوسط هو جزء من الحملة الغربية المعاصرة باتجاه الشرق لتحضيره وجعله ديمقراطيا يتبنى المفاهيم التي يدين بها الغرب. ويرون بأن تاريخ البشرية عرف الكثير من الحملات التي قامت بها أقوام مختلفة باتجاه أقوام أخرى لجعلها تتبنى مفاهيمها الحملات اليونانية والرومانية وحتى العربية على سبيل المثال، وجاء الدور الآن للغرب لتغير الشرق المتخلف. ومفهوم الغرب لدى المؤمنين بهذه النظرية لا يتضمن أوروبا وأمريكا فقط وإنما معها أيضا كل الدول التي تحضرت وأخذت تدين بالمفاهيم الغربية مثل اليابان وكوريا الجنوبية وحتى الهند وغيرها. ومفهوم الشرق يتضمن كل الدول الأخرى في الطرف المقابل، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تقود العالم الغربي كونها الدولة التي تعتبر قمة العالم في التكنولوجيا والعلوم الاجتماعية.
    فيما يرى بعض المتخصصين التشيك في شؤون الشرق الأوسط بان تقسيم العالم إلى شرق وغرب وجعل حدود فاصلة وهمية بينها هو أمر خطير سيؤدي إلى استمرار بؤر النزاعات الدولية واستفحالها، ويعتقدون بأن العراق أصبح اليوم الرسالة الموجهة من قبل الديمقراطية الليبرالية الدولية والمجال الحالي الواقعي للدفاع عن أمن ومصالح الولايات الأمريكية المتحدة. ويعتقد أستاذ العلوم السياسية، بافل بارشا، في جامعة تشارلز في براغ، بأن المأزق الحالي للحرب ضد الإرهاب ينبع من (التعريف) الواسع والمبهم لمفهوم العدو، فإضافة إلى منظمة القاعدة وداعش وغيرها، والدول غير الملتزمة ( كمحور الشر) وغيرها المحددة، أخذت الولايات المتحدة تعتبر (الشر) بمفهومه الواسع عدوا لها، الأمر الذي جعلها تعتبر، الخوف من الإرهاب، مفهوما مضادا للحرية، وأن اعتبار مفهوم (العدو) مطابقا للمفهوم الواسع (الشر)، جعلها لا تفرق بين الحرب الدفاعية والحملة الصليبية أو بين الشر أو العمل على هزم عدو محدد. ويؤكد بارشا بأنه إذا نظرنا إلى خلفية القرنين السابقين لتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية نجد أنه مر بالأحقاب التالية:
    الحقبة الأولى، فترة (الانعزال) والتي امتدت مابين حكم الرئيس جي. واشنطون و تي. جفرسون، والثانية الفترة (الدولية) فترة الانفتاح على العالم التي امتدت مابين حكم الرئيسين دبليو. ولسون و أف. آر. روزفلت والفترة الثالثة (الإمبريالية الأمريكية) فترة حكم ث. روزفلت وصولا إلى مرحلة (النيو كونزرفاتزم) الحالية التي انبثق منها التيار الجديد للمصالح المهيمنة (للنيو امبريالية) الأمريكية الممثلة بإدارة الرئيس بوش السابقة.
    إن النقاش مستمر بين هاتين النظريتين، إن على المستوى الأكاديمي أو بين التيارات السياسية المختلفة في كل أرجاء العالم. وأن الموضوع ليس منعزلا عن العولمة أو العالماتية.
    إن تاريخ السياسة الأمريكية يرجح كفة متبني النظرية الثانية. وبقدر تعلق الأمر بالشأن العراقي وما ستؤول إليه الأوضاع في العراق في المستقبل المنظور سيتعلق إلى حد كبير بمصداقية السياسة المعلنة للولايات المتحدة الأمريكية قبل الحرب وبعدها التي محصلتها النهائية ( عراق ديمقراطي نموذجيا ).
     هذا من جهة ومن الجهة الأخرى سيكون الشعب العراقي وقياداته وتياراته السياسية والقومية والعرقية والطائفية المختلفة المسئول الأول والأخير عما سيكون عليه عراق المستقبل؟
     
    الدكتور فوزي القريشي
    براغ – الجمهورية التشيكية
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media