"بُنيَ الإسلام على خمسٍ..."!!
    الأحد 26 يونيو / حزيران 2016 - 15:31
    د. صادق السامرائي
    أعمدة الإسلام خمسة واضحة ساطعة كالشمس في رابعة النهار , وهي الشهادة (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله) , والصلاة , والصيام , والزكاة , وحج البيت لمن إستطاع إليه سبيلا.

    وهذه الأعمدة الخمسة ترفع خيمته وتديم ظله وترعى أهله , أما أوتادها  فأنها متعددة ومتنوعة ومتنامية , لأنها تعبّر عن الحياة بكل مشا ربها ومدارسها ومذاهبها ورؤاها وتصوراتها , وثقافاتها ومعالم وجودها الإجتماعي والحضاري.

    ولا يمكن للأوتاد أن تقضي على الأعمدة وتُسقط خيمة المحبة والرحمة والإيمان.
    وبإزدياد عدد المسلمين فأن الخيمة الإسلامية بحاجة إلى أوتاد إضافية تحمل لون الثقافات وتفاعلاتها مع الحياة.
    ولا يمكن للأوتاد أن تتقاتل بل عليها أن تتكاتف وتتعاضد , وتتفاعل من أجل تحقيق الثبات والرسوخ في أرض الوجود ومسيرة البشرية الصاعدة نحو الحق.
    ومن يخلط بين الأعمدة والأوتاد يرتكب خطيئة ذات تداعيات مهلكة , فبين الأعمدة والأوتاد مسافات شاسعة من نسيج التفكير والإجتهاد والإمعان , والبحث والتحليل والتفسير والتأويل والبرهان والإثبات بالتدليل.

    هذا النسيج يعطي لخيمة الإسلام روعتها وجمالها وأطيافها  المتوافقة مع إيقاع الحياة ونبضات الزمن وإزدياد وعي البشر , لكي يعبّر الدين عن حقيقة كونه  لكل زمان ومكان , وبأنه مطلق الأبعاد والتصورات والبيان.

    فليس من الحكمة أن ندفن الدين في حفرة الوتد , وليس من الدين أن نكون أتباعا للوتد وحسب, وليس من العزة والكرامة أن يكون مصير خيمة الإسلام مرهونا بأحد أوتادها التي لا تحصى ولا تعد .

    فالأوتاد تنتمي إلى الأعمدة ووجودها ودورها مرهون بها , والأعمدة متواصلة بالتفاعل والشد مع الأوتاد القائمة والآتية في رحلة الأجيال.

    والأوتاد لها مصير واحد وهدف واحد ورؤية واحدة ذات ألوان زاهية مثل ألوان الحياة , التي ركن ديمومتها مباهج الإختلاف والتنوع والتضاد.

    فلا يمكن للخيمة أن تكون ذات قيمة بأعمدة بلا أوتاد أو العكس , وكلما إزداد عدد الأوتاد وقوة ثباتها في الأرض , كلما إزدادت قوة الخيمة ومتانتها وجمالها وعزتها , وقدرتها على أن تظل الأجيال تحت نعيمها وفكرها ومبادئها وقيمها وأخلاق مجتمعها المتفاعل بالعقل والروح والوجدان.

    فتأملوا الأعمدة ولا تتساقطوا في حفر الأوتاد , فما قيمة وتد أصابته آفات التضليل والمطامع ونوازع النفس الأمارة بالسوء والبغضاء , وعَمي الأبصار وطيش النهى وأباليس الهوى؟

    ومن حقائق البقاء والنماء , أننا نريد أوتادا أكثر لكي نديم قوة خيمة وجودنا ومصدر عزتنا وحضارتنا , وهويتنا وفعالية إنساننا وسناء رسالته وتطلعاته , وفيض أفكاره التي تصنع عز الحياة.
    نريد تنوعا وإختلافا لكي نبقى ونتواصل مع إيقاع الوجود الأرضي.
    نريد أفكارا ووعيا وتفهما لحقيقة دورنا ورسالة ديننا ومبادئ نبينا وآيات قرأننا الحكيم.
    نريد إختلافا يا أمة الإسلام , لا خلافا يرمي بنا في مهالك العصيان , ويقرّبنا من الفتن والضغائن والدسائس والشيطان.
    نريد إختلافا يصنع الوعي ويهزم الخداع والتبعية والتضليل والتجهيل , ويمنع عبادة الأوتاد والوثنية البشرية.
    نريد المحبة والرحمة والتسامح والعفو والغفران.
    نريد حياة حرة كريمة تحترم الإنسان.
    نريد مسلما يعرف رسالة الله وقيمة الإنسان.
    وتلك هي شريعة الرفعة والكرامة والأمان , وتبا لمصادر الفرقة والشرور والأحزان .
    فبعزة القادر البصير , ومنهل القرآن ونهجه المنير , وإنسانه الواعي المدرك الأمين ,  الإسلام بقوة وخير رغم يأس الخائرين والقانطين من رحمة الحي القيوم  الكبير.

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media