السلطان التركي وأحلامه العثمانية في سوريا
    الأثنين 27 يونيو / حزيران 2016 - 19:30
    أحمد صلاح
    منذ بداية النزاع في سوريا دعمت تركيا جميع الأطراف المتحاربة ابتداءً من مقاتلين المعارضة السورية حتى الجماعات المتطرفة بالغرض الوحيد رحيل بشار الأسد من السلطة بأي ثمن. لكن أنها لم تنجح في تحقيقه خلال السنوات الخمس الأخيرة للمواجهات العنيفة. وخسر الجيش السوري عشرات الآلاف جندي قتلى بل مستعد لإظهار حزمه في استرجاع الأراضي المحتلة تحت سيطرته وتحرير الوطن من مقاتلين مختلف الجماعات المتطرفة مثل "جبهة النصرة" و"أحرار الشام" التي تغطي نفسها بالمعارضة السورية وكذلك من إرهابيي "داعش".
    حاليا ركزت القوات الحكومية السورية جهودها عموما على العملية الهجومية في محافظة الرفة بغرض تحريرها من الارهابيين في أسرع وقت ممكن. وتشرح العجلة بأن إقامة السيطرة على مدينة الرقة ليست لديها الأهمية العسكرية فقط فحس بل السياسية. تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية استباق الجيش السوري واستئثار بانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
    فيصبح من الواضح أن يعتبر تحرير معقلين الإرهابيين الرئيسيين في سوريا والعراق هاماً جداً حتى نهاية فترة الرئاسة باراك أوباما لأنه إلا في هذه الحالة هو سيسجل اسمه في التأريخ باعتبار المنتصر على تنظيم "داعش". ونظرا لذلك وفقا لوكالة "فرانس برس" يتقدم الائتلاف "قوات سوريا الدمقراطية" نحو مدينة الرقة من الشمال منذ أواخر شهر مايو بدعم الجنود الامريكيين. (http://goo.gl/DIHNQ1)
    في نفس الوقت تقصف تركيا بالمدفعية مواقع الأكراد في شمال سوريا الذين شاركوا في عملية تحرير مدينة منبج التي تقع على خط إمدادات السلاح إلى الرقة. وفي الواقع الأكراد السوريون ليس مهتمة كثيرا باقتحام مدينة الرقة السنية لأن ستصبح المهمة الرئيسية بعد تحرير منبج فهي إقامة السيطرة الكاملة على الحدود التركية السورية وتوحيد المقاطعات الكردية الثلاثة الجزيرة وكوباني وعفرين. وهذا تطور الأحداث لم يدخل في خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعتقد الأكراد ارهابيين ويرفض علاقته مع تنظيم "داعش" بكل وسيلة.
    لكن تتمسك الولايات المتحدة براي آخر وتدعم الأكراد. بالإضافة إلى ذلك دعا وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر الطرفين إلى اتخاذ جميع التدابير لإغلاق الحدود التركية السورية من أجل قطع خطوط امداد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي. (http://goo.gl/Vn5t7h)
    هذه الخطوات لم ترضي تركيا شريك الولايات المتحدة في إطار حلف شمال الأطلسي التي لديها المصالح الخاصة بها في سوريا. بحسب شهود العيان في محافظة حلب زادت أنقرة تدفق الأسلحة والذخائر عبر حدودها مع سوريا إلى مدينة أعزاز التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية. لاحقا يمكن سقوطها في قبضة مسلحي الجماعات المتطرفة "جبهة النصرة" أو "أحرار الشام" التي تبيع الأسلحة المستلمة للإرهابيين من "داعش".
    تجبر تركيا القوات الحكومية السورية على إجراء الأعمال الحربية على عدة جبهات في آن واحد بطريقة مواصلة الدعم المستمر إلى مختلف الجماعات المسلحة في سوريا. إضافةً إلى تنظيم "داعش" أنها لا تزال تعارض فصائل المعارضة المختلفة التي رفضت الانضمام إلى اتفاق وقف إطلاق النار والجماعات المتطرفة. على سبيل مثال في شمال غرب البلاد بدأت "جبهة النصرة" بمساعدة المخابرات التركية هجوم واسع النطاق على مواقع للجيش السوري جنوب غرب مدينة حلب. وفقا لنشطاء المحليين عسكريون أتراك يشاركون في صفوف المسلحين.
     وهذا يثبت أن أربكت تركيا في النزاع السوري عميق جداً. وترسل أنقرة السلاح ليست إلى فصائل المعارضة السورية المعتدلة فقط فحس بل إلى الجماعات المتطرفة. من الواضح أن سيواصل تركيا تقديم الدعم إليها في المستقبل. فليس سراً أن يعتبر المتطرفون حلفاءً لأردوغان في مكافحة نظام بشار الأسد و الاكراد السوريين.
    بالإضافة إلى ذلك الرئيس التركي مقتنع تماماً بأن بشار الأسد يجب أن يرحل ويأتوا إلى سلطة في سوريا الأشخاص تحت إشراف من أنقرة. ويواصل أردوغان أن يحلم عن إحياء الإمبراطورية العثمانية ويعتقد أن الجزء الكبير من الأراضي السورية يجب تسيطر عليه تركيا حتى حلب. لكن لم توافق السوريين والأكراد مع الأمريكيون على هذه الخطط.
    على ما يبدو السلطة التركية لم تتخلى طوعا عن دعم المعارضة السورية و المتطرفين. علاوة على ذلك إذا تصبح مواقع جيش الأسد والأكراد السوريين أقوى فيكون التدخل التركي في النزاع السوري أكثر نشاطا. بالإضافة إلى ذلك لا ينبغي استبعادها المشاركة المباشرة من قبل القوات البرية التركية تحت حجة مكافحة الدولة الإسلامية. في 4 يونيو/حزيران ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" عن استعادة أنقرة للتدخل العسكري في شمال سوريا بغرض منع إقامة كيان كردي. (http://goo.gl/NpkSAQ)
    إذاً يجب الأكراد السوريين أن يخيفون الاستفزازات المحتملة من قبل تركيا التي تواصل تقديم الدعم إلى مسلحين المعارضة السورية والجماعات المتطرفة بالغرض الوحيد إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. وكذلك هي لم تهتم بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يحارب به الأكراد والجيش السوري ناجحا.

    أحمد صلاح
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media