"تبا" لديمقراطية خلقت... قلة من وطنيين ... واكثرية مطلقة من خونة أنذال...!!!
    الأثنين 4 يوليو / تموز 2016 - 19:33
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    عندما نستعرض اليوم مواقف وممارسات قيادات الكتل السياسية ، سنية وشيعية وكردية ، قد نجد ربما ما نسبته 99% من مواقف خياناتها ومن الدجل السياسي والتعمية والتجهيل والمصالح الخاصة على حساب العدالة وحقوق شعبنا. فهذه الكتل التي اغتصبت الحياة العراقية وعبثت في الدين والوطنية والولاء لهذا الوطن الجليل ، وسحقت القيم العراقية النبيلة الشائعة بين العراقيين والمعروفة لدى الشعوب العربية ، وداست باقدامها على الموروث الاجتماعي المتميز بثراءه الاخلاقي بشكل خاص ، فجعلت من سمعة العراق والانسان العراقي في الخارج وبنظر العالم ، حالة استثنائية فريدة في البؤس الانساني وبشاعة استغلال السياسيين العراقيين له وللوطن ، وكمثل سيئ في خيانة السياسيين لوطنهم ودعمهم للارهاب وتسهيل احتلال داعش للعراق.
    ففي الوقت الذي لا تزال تجري انهارا من الدماء العراقية الطاهرة من اجل القضاء على الارهاب في العراق، نجد في بعض القوانين العراقية النافذة ما يؤكد على دعم هذا الارهاب وبصيغ والوان شتى ما أنزل الله بها من سلطان . وقد يستطيع المثل الاتي الذي أوردته وزارة العدل ان يفصح عما نقوله هنا. فقد ذكر مصدر لوكالة كل العراق [أين] عن وزارة العدل اليوم الأثنين 04 يوليو / تموز 2016 : أن "تأخير تنفيذ حكم الاعدام بحق الارهابيين لا يتحمل مسؤوليته رئيس الجمهورية بسبب تأخير المرسوم الجمهوري، بل يتحمله القانون بسبب السماح للمدان باعادة المحاكمة حتى لو كان صدر له مرسوم جمهوري بالاعدام، وفي بعض الاحيان يتم إنزاله من حبل المشنقة اذا كانت لديه أوليات غير مكتملة في اضبارته"."
    وبين المصدر ان "لجنة التنفيذ المكونة من قاضي ومدعي عام وممثل عن وزارة الداخلية وعن الطب العدلي و وزارة العدل ترفض التنفيذ اذا لم تكتمل أوليات المدان"....(انتهى) ...
    فيا لديمقراطية عراقية سقيمة ومتخلفه في نصوصها وتطبيقاتها ، لكننا نجدها تتطاول على أعظم دولتين ترعيان الديمقراطية في العالم ، هما الولايات المتحدة والهند ... حيث تخلو قوانينهما من هكذا "لواص وطيحان حظ" عراقي....!
    فلقد ساهم الابقاء على هذه النصوص والاجراءات "الديمقراطية الخارقة والاستثنائية" في دفاعها عن الارهاب والارهابيين في المزيد من قتل اهلنا . وتفجيرات الكرادة  يوم أمس وحدها ، قد محت من الوجود عمارات كاملة مع عوائل بجميع أفرادها. ومن بعيد ، ونحن صيام ، ولم يكن بوسعنا سوى ان نذرف الدموع ونتضرع الى الله العلي القدير ان ينتقم من كل ظالم خسيس سواءا في السلطات الثلاث او بين الكتل السياسية جميعا، وساهم في قتل اهلنا الابرياء ومحوهم من الوجود مع عوائلهم في هذا الشهر الكريم المبارك. فمع كل هذا الذي يجري ، لا نزال نجد "جدلا" لاستمرار هذه الخيانة التي لا مثيل لها حتى بين من اكثر من كان عدوا لله ورسوله ، في خلق تلك "المعوقات" التي تساهم في تعطيل تنفيذ حكم الاعدام بالارهابي والمجرم للابقاء على حياته "الغالية" مقارنة بحياة الابرياء من اهلنا العراقيين.  فالارهابي لا يزال يقبع في سجنه "معززا مكرما" عسى ان تسنح له فرص الهرب ، وحيث "منحت" كثيرا من تلك الفرص للكثيرين منهم ، ولا يزال عار هروبهم على الحكومات العراقية ليس بعيدا عن الذاكرة العراقية....!!   
    ومثلا اخر نضربه عسى ان يتقي "أولي الالباب"!!  ويتعلق باداء الاعلام العراقي السلبي في مساهماته في استدعاء العالم للوقوف ضد الاوضاع العراقية وعدم احترام السيادة العراقية . فمن خلال افتقار الاعلام العراقي في خطه العام الى شجاعة القرار الوطني وخضوعه في السير في خط "المحسوبيات" والتعاطفات مع بعض الكتل ، والمجاملات للبعض الاخر منها ، وخلو اهدافه من مصادر الخلق والابداع العلمي والفني والمهني ، فضلا عن اختناق صوته الذي لا يتجاوز الحدود العراقية ، قد ساهم هذا الاعلام في تشويه الكثير من الحقائق امام العالم وعما كان يجري في العراق من مؤامرات الكتل السياسية السنية والشيعية والكردية جميعا والمتهمة بعلاقاتها مع انظمة السعودية وتركيا وقطر بالذات والتي كانت ولا تزال تساهم ومنذ 2003 ، في خداع العالم عن حقيقة ما كان يدور في العراق من احداث سياسية .
    فخلال بدايات التحشيد لتواجد داعش في المحافظات التي تقطنها اكثرية سنية ، ومن خلال ما سمي " باعتصامات وساحات "الذل والمهانة " ، ونجاحهم في خلق وتكريس البؤر الارهابية وانشاء مصانع الاسلحة وتكديسها في الانبار واستمرارهم بارسال السيارات المفخخة بحرية لقتل العراقيين في بغداد والمحافظات الاخرى، كان الاعلام العراقي الرسمي "الخجول" من جهة ، يعيش هزيمته في عدم قدرته على فضح اهداف زيارات اسامة النجيفي واياد علاوي ومقتدى الصدر وعمار الحكيم وغيرهم الى تركيا والسعودية وقطر، وما  كانت تحمله تلك الزيارات من معاني لاواصر العلاقات الوطيدة نكاية بالعراق وشعبنا ، ودعمها لهم والمبالغة لتشويه صورة الواقع العراقي وسمعة الحكومة التي ساعدت هي الاخرى من جانبها في عدم المبادرة فورا بغلق ساحات الارهاب والقاء القبض على الارهابيين امثال رافع العيساوي وغيره والقضاء على الفتنة الطائفية فورا ، "وليكن ما يكن" . بل سمحت الحكومة لتلك الاعتصامات اأن تعيش اعيادها على حساب الكذب والدجل في رفع شعارات "تهميش" السنة ، الامر الذي نجحت تلك الاعتصامات في استدعاء سخط العالم في الاعتقاد ان هناك محافظات عراقية "ثائرة" نتيجة "للتهميش والقمع" ، وتطالب بالانفصال، بينما الحكومات العراقية تقف ضد ارادة تلك المحافظات!!
    كما وكان السماح لاستهتار رؤساء هذه الكتل السياسية في علاقاتهم الوطيدة مع انظمة السعودية وتركيا وقطر بالذات ، قد ساهم في وقوف هذه الكتل السياسية جهارا مع مطالب عودة البعثيين لتمارس ضغوطا عاتية في وجوب أخذ البعثيين "السنة" دورهم السياسي من جديد، الامر الذي تعاملت معه الحكومات العراقية بخنوع مهين في "اعادة النظر" بقوانين كانت قد تم تدوينها في الدستور لحظر عودة البعثيين كحضر وتجريم البعث والمسائلة والعدالة وغيرها ، ولكن الذي حصل أن هذه الحكومات تجرأت على الالتفاف على الدستور لتقف ضد ارادة شعبنا من خلال " تخريجات" مناسبة لتغيير فحوى تلك الصيغ الدستورية وجعلها قابلة للجدل السياسي ، حتلى أصبح الدستور العراقي اليوم "صنوا" لحقبة المقبور صدام عندما كان يردد "نستطيع شطب الدستور بجرة قلم". وهكذا وجدنا تكاتفا متينا من قبل السلطات الثلاث لولوج التخريجات وابرام صفقات المصالح بين هذه الكتل السياسية لكي مقبولة ومنسجمة من اجل رضا السنة – البعثيين لأعادة وجودهم وكيانهم السياسي .  
    فهل لنا أن نعجب عندما نسمع هذه الايام من "تلميحات" حول امكانية "العفو" عن جرائم الارهابي طارق الهاشمي والارهابي رافع العيساوي ، والذي يعني ان حكومة العبادي ورئاسة البرلمان والكتل ذات العلاقة يحاولون هذه المرة "جهارا" ، اعادة "أمجاد البعث" لتحدي شهداء المقابر الجماعية وشهداء سبايكر وشهداء المفخخات التي لم تجف دمائهم بعد؟؟!!  وبمعنى اخر ، اننا وبعد ان وجدنا أن حقوق شعبنا تغتصب وتضرب عرض الحائط من قبل حكومة العبادي ورئاسة البرلمان من خلال الالتفاف على الاصلاحات التي يطالب بها شعبنا وطمرهما لأي تطلع للقضاء على الفساد والمحاصصات ، لم نجد في المقابل ، سوى سعيا للحكومة والبرلمان هذه المرة لاعادة مجرمين ارهابيين الى الساحة السياسية والعفو عن جرائمهما بعد صدور قرارات حكم الاعدام ضدهما!!  
    فماذا يعني كل ذلك؟ ان ذلك لا يعني باعتقادنا ، سوى ، وكما يبدوا جليا، ان هذه السلطات الثلاثة تعتبر اصدار العفو عن المجرمين الارهابيين طارق الهاشمي ورافع العيساوي هي مسألة (أكثر أخلاقية) وأكثر وطنية وانسانية من احترام    الدماء الدماء العراقية التي اهريقت من قبل هذين المجرمين؟؟!!
    فإذا كان الحال العراقي اليوم بهذا المستوى من الخيانة الوطنية والاسفاف واللااخلاقيات ، فهل لنا ان نتوقع أن العراقيين  سوف يقفون مكتوفوا الايدي امام قضايا مصيرية كهذه؟؟...لا أعتقد ذلك...!
     أن تجربة 2003 في الديمقراطية الفاشلة التي ساهمت بنسف القيم العراقية وهدم مرتكزات العراق الوطنية من خلال تعطيل دفاعات العراقي عن نفسه ووطنه تحت مسميات "الديمقراطية" وتداعياتها الاجرامية الكبرى ضد بناء العراق الحر الديمقراطي الحقيقي ، وفرض كتلا سياسية على المسرح السياسي وهدر الكفاءات العراقية وتعطيل قدراتها في الداخل ، وإلابقاء على الكفاءات المليونية بعيدا في الشتات ، هي مؤامرة كبرى لتسييد هذا الخليط البائس من نماذج الخونة والأميين والمجرمين والتي نجدها اليوم "قيادات للعراق" وتسلطها على رقاب الناس ، جاعلة من نفسها أوصياءا على الشعب العراقي ، ومانحة نفسها سلطات التصرف والعبث بالقيم الدينية والوطنية والسياسية والاجتماعية بلا اعتبار او احترام لسلطة او قانون او دستور، ويجب اسقاطهم سياسيا .
    فهناك صراعات مؤجلة ، باعتقادنا ستتفجر كمحصلة نهائية من اجل وضع الامور في نصابها بعد التحرير والقضاء على داعش ، وستفرض نفسها كفيصل بين قوى الخير والشر . بين ألاحرار الميامين الذي يطالبون بالعدالة لشعبنا لكي يعيش حرا سعيدا مع اجياله الحاضرة واللاحقة والذي لا يمكن ان يتم إلا في ازاحة طغم الكتل السياسية الحاكمة من شيعية وسنية وكردية بقيادة مسعود برزاني والقضاء على هيمنتها على اوكسجين رئة العراق .
    لقد تم تجاهل سخط الاكثرية العراقية المطلقة على هذه القيادات السياسية من خلال التظاهرات التي خرجت لادانة  واستنكار ورفض صريح ضد ممارسات توريث الفساد وسلبية الاهداف والنوايا الشريرة التي تتبناها قيادات هذه الكتل ازاء مصالحها وصفقاتها التجارية فيما بينها ، ولكن ، للباطل جولة ، وللحق جولات.  
    حماك الله يا عراقنا السامق...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media