الطائفيون ..لماذا تناءوا عن عبد الكريم قاسم؟
    الأربعاء 13 يوليو / تموز 2016 - 09:50
    د. قاسم حسين صالح
    حينما مرت ذكرى انقلاب 8 شباط 1963 الدموي من غير ان يحيي الطائفيون،سلطة واحزابا،ذكرى استشهاد عبد الكريم قاسم وكأن ذاك اليوم كان عاديا لم يقتل فيه الاف العراقيين ولم يسجن فيه مئات الالاف ولم نخسر فيه فرصة ان يعيش العراقيون برخاء واستقرار..باعادة تقويمها والتقاط العبرة منها.

    المنافي للقيم والاخلاق،ان الطائفيين يحيون ذكرى مناسبات تستمر 180 يوما في السنة ولا يحيون ذكرى يوما واحدا استشهد فيه قائد ما اجل شعبه..فلماذا؟! انك لو وجهت هذا السؤال الى اي عراقي غير طائفي لأجابك بسطر يغني عن مقال:(لأن نزاهته وسمو اخلاقه وخدمته لشعبه..تفضح فسادهم وانحطاط اخلاقهم وما سببوه للناس من بؤس وفواجع) واسباب نأيهم عنه، ان عبد الكريم قاسم كان انموذج الحاكم القدوة من حيث نزاهته.فالرجل كان يعيش براتبه ولا يملك رصيدا في البنك،ولهذا لم يجرؤ في زمانه وزير او وكيله او مدير عام على اختلاس او قبول رشوة او التحايل على مقاولة.وما كان اهله او اقرباؤه يحظون بامتيازات،فشقيقه الأصغر كان نائب ضابط في الجيش العراقي،وبقي بتلك الرتبة طيلة مدة حكم أخيه عبد الكريم قاسم. وما كان للرجل قصر او بيت لرئيس الجمهورية،بل كان ينام على سرير عادي بغرفة في وزارة الدفاع. ولقد منحه العراقيون لقب(ابو الفقراء)..لأنه بنى مدينة الثورة لساكني الصرائف في منطقة الشاكرية،ومدنا اخرى في البصرة واكثر من 400 مدينة جديدة وعشرات المشاريع الاروائية. ولهذا فهم يخشون احياء ذكراه لأن الناس ستعقد مقارنة بينه وبينهم..تخزيهم. فمعظم الذين جاءوا بعد التغيير كانوا لا يملكون ثمن تذكرة الطائرة،وصاروا يسكنون الآن في قصور مرفهة ويتقاضون رواتب خيالية،وعزلوا انفسهم لوجستيا بمنطقة مساحتها 10كم مربع محاطة بالكونكريت وبنقاط حراسة مشددة سرقت احلام العراقيين وجلبت لهم الفواجــع اليوميــة،وأوصلتهم الى اقسى حالات الجزع والأسى..ولهذا فهم ينأون عنه..لأن المقارنة ستفضي بالناس الى احتقارهم. وهم فعلوا من القبائح ما يجعلهم صغارا امام فضائل عبد الكريم قاسم.. اقبحها أن الفساد في زمنه كان عارا فيما صيره الطائفيون شطارة،واصبح العراق في زمنهم افسد دولة في المنطقة، حتى بلغ المنهوب من قبل وزراء ومسوؤلين كبار ما يعادل ميزانيات اربع دول عربية مجتمعة!،وراحوا ينعمون بها في عواصم العالم دون مساءلة.وصار رئيس الجمهورية ورئيس الوزرارء والوزراء يعينون ابناءهم وبناتهم مستشارين لديهم..لا ليقدموا خبرة هم اصلا لا يمتلكوها،بل ليحصل من هو في العشرين من عمره على راتب يعادل اضعاف راتب استاذ جامعي..دكتور وبروفيسور..بلغ الستين!،فيما كان  قاسم يعتمد معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة،ومبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في اغلب اختياراته..مثال ذلك:ابراهيم كبة (اقتصاد)،محمد حديد (مالية) فيصل السامر(ارشاد)هديب الحاج حمود (زراعة) ناجي طالب(شؤون اجتماعية)...نزيهة الدليمي(بلديات)..وهي اول وزيرة في تاريخ العراق.واختياره عقلا اكاديميا عبقريا لرئاسة جامعة بغداد التي تاسست في زمنه هو الصابئي المندائي الدكتور عبد الجبار عبد الله،برغم معارضة كثيرين،فيما اعتمد الطائفيون مبدأ الانتماء الى الحزب والطائفة في المواقع المهمة بالدولة وان كان لا يمتلك كفاءة ولا خبرة ولا نزاهة. وكان العراق في زمانه..دولة،فيما صار بزمن الطائفيين دويلات،بل ان كل وزارة في الحكومة هي دويلة لهذا المكون السياسي او ذاك.وكان عبد الكريم محبّا للعراق ومنتميا له فقط،ولهذا كانت المواطنة ،بوصفها قيمة اخلاقية، شائعة في زمنه بين العراقيين،فيما انهارت بزمن الطائفيين،وصار الناس يعلون الانتماء الى الطائفة والقومية والعشيرة على الانتماء للوطن..وتلك اهم وأخطر قيمة اخلاقية خسرها العراقيون..ولهذا فان الطائفيين يكرهون عبد الكريم قاسم،لأن احياء ذكراه توحّد الناس ضدهم. وتبقى حقيقة..أن عبد الكريم قاسم برغم مرور نصف قرن فانه باق في قلوب العراقيين الذين نسجوا عنه الاساطير،فيما الطائفيون لن يبقى لهم ذكر،واغلب الظن ان العراقيين سيلعنون معظمهم  بعد مماتهم.
                         
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media