ألتحالف الوطني ...والعداء الشيعي – الشيعي...!!
    الأحد 14 أغسطس / آب 2016 - 19:47
    أ. د. حسين حامد حسين
    لو طرحنا استفتاءا امام شعبنا عن تقييمه السياسي والديني لما يسمى بالتحالف الوطني لوجدنا ان اجابات الغالبية المطلقة ستكون مجرد لعنات وازدراءات وشتائم لهذا التحالف الصوري الكاذب  والذي لم يقدم لشعبنا سوى استمرارا لصراعات مخجلة لتلك الكتل المنضوية فيه مع بعضها البعض على حساب المبادئ الوطنية والقيم الدينية والنزاهة الاخلاقية لشعبنا ، فضلا عن مواقف سلوكها في الاستماتة لجني اعلى درجات الثراء والمواقع السلطوية ، وفضلا عن علاقاتها المشبوهة ببعض الكتل البعثية مع انسجام مع عدوانية مفرطة من قبل رئاسة الاقليم وانظمة الجواركالسعودية وقطر وتركيا ، ومواقفها لزعزعة الاستقرار والذي أفضى كل ذلك الى فقدان هذه القيادات الشيعية لثقة الجماهير بها.
    لقد أدركت الجماهير العراقية من خلال تجربتها الطويلة للاعوام السابقة منذ 2003 ، أن لامبالات هذه القيادات الشيعية بشعبنا ناجم عن ضعف قدرتها في تحمل مسؤولياتها التاريخية ، لذا كان استمرار نفورها من بعضها البعض أمرا من اجل اتاحت لها فرصة استقلاليتها عن كل مسؤولية رسمية تجمعها مع بعضها البعض، وهو ما جعل من تماهيها مع كتل سياسية بعثية ومعادية للعراق ما بعد 2003 ، هو النتيجة الحتمية لعزلتها عن الجماهير .
    ان لملمة الشعث وتوحيد الاهداف واعادة ترتيب الشتات المتشظي بين ألاهواء والاهداف السياسية الشيعية والتوحد قبل حصول كارثة ، هو بالضبط ما تحتاجه قيادات الكتل الشيعية السياسية العراقية في الوقت الحاضروبشكل ملح.
    أن تلك الكتل السياسية الشعية المنضوية في ما يسمى بالتحالف الوطني كانت قادرة فقط على تغليب مصالحها الشخصية والفئوية وبأقصى درجات الاستثناء على حساب هدف بناء العراق الجديد وتعزيز الديمقراطية وتوفير الاستقرار والامن ، ومن ثم ابقاءها على وجود شكلي في هيكل ديمقراطي ركيك ، كان بسبب نجاحها كنتيجة لبقاءها سليمة ومصانة وناجية من كل العقوبات والتبعات والمسائلات القانونية والادارية نتيجة لفسادها الكبير.
    فليس سرا أن الطائفة تعاني من احقاد وعدوانية ضد بعضها البعض ، ووقوفها مواقف مخزية امام كل من استطاع شق طريقه من الشيعة والوصول الى درجة من نجاح في الحياة ، حتى وان كان هذا الانسان يسعى الى تكريس نجاحه من اجل طائفته وشعبه. وألامس القريب يعطينا امثلة كثيرة عن هذا التوجه اللعين والتسقيط السياسي لبعضها البعض ، فكان ما شهدناه من موقف هذا التحالف الوطني ضد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ، يمثل أحط  الدرجات الاخلاقية في نقض العهد وعدم نصرة المذهب امام الله تعالى.  حيث راح "اخوته الابرار" الشيعة أنفسهم ، يحيكون ضده المؤامرات والدسائس من اجل اسقاطه ، حتى اسقطوه فعلا.
    أن بعض القيادات الشيعية التي قادة النضال الوطني وقدمت ألالاف من الشهداء الابرار والقادة والمفكرين العظام  والذين لا تجود الحياة اليوم بمثل ورعهم ونصرتهم للدين والدفاع عن العقيدة الاسلامية ونصرة الحق والعدالة ، نجد ان ما يسمى بالتحالف الوطني اليوم وقياداته الشيعية تمر بازمة تراجعات ليس عن نهجها الوطني فحسب ، بل تعطي امثلة صارخة في الاستمتاع في ممارسة الفساد وانحطاط الاخلاق الذاتية وانحسار قيمها الدينية ولجوئها بدلا عن ذلك الى مواقف سياسية لا تمثل حتى الحد الادنى من الكرامة الشيعية أوالدفاع عن قضايا شعبنا . فالتحالف الوطني يتهاوى في مواقفه الى مستويات تجعله متساوي مع كتل سياسية تقف ضد المشروع الوطني هي الاخرى ، فتقوم بدعمهما وتمارس تعميق الصراعات والدخول وتأليب تحالفات مشبوهة بقيادة رئاسة الاقليم وبعثيي "متحدون والوقوف مع مطالبهم غير الشرعية لخلط الاوراق والتمادي على حقوق شعبنا.
     ألتحالف الوطني يمثل اليوم عبئا كبيرا على الطائفة والمذهب الشيعي ، فهم "الاخوة الاعداء" ، الذين لا مشتركات سياسية تجمعهم "اللهم سوى انتمائهم المذهبي" . ومن خلال هذا الفهم الواضح ، فان هذه الكتل لم تبرهن على قدرتها كادوات للتغيير السياسي ولا الرد على تحديات اعداء شعبنا و لن تبني عراقا جديدا. فهذا الانتماء المذهبي ، قد برهن على عدم جدواه كمؤشر لقوة وحيوية المذهب ولا كأحد الركائز لصيانة اركانه أودوام استمرار العلاقة القائمة وعليه ، ما دام اعضاء هذا التحالف يسيرون وفق اهوائهم الشخصية ويسعون الى محاربة بعضهم البعض. وباعتقادنا ، ان من شأن الثورة السلمية للجماهير وحدها هي الحل الوحيد لاعادة الكرامة للمذهب الشيعي.
    فالكتل الشيعية أثبتت أنها تبحث عن مصالحها الذاتية فقط ، وتستغل طيبة الجماهير العراقية في التعاطف مع القاب عوائلها الدينية ، التي وجدت فيها هذه الكتل المعنية ، فرصها في العبث والاستهتار بقيم المذهب والإستئثار بالمصالح والمواقع الحكومية على حساب حياة الملايين من الفقراء الشيعة وقيادتها المنحرفة للمجتمع العراقي . حيث راحت كتل التحالف الوطني تستغل السير على نهج التأثير الحياتي المنغلق لحياة الجماهير الشيعية ، واستغلال عفوية تلك الجماهير البسيطة واستعدادها اللامحدود للتضحية من اجل تلك العمائم والجبب المفترية. فقد استغلت هذه القيادات الشيعية أيضا صمت شعبنا ، جاعلة منه مصدا وجدارا لحماية مصالحهم ، بدلا من أخذهم بيد الجماهير من شعبنا بغض النظر عن عقائدهم واديانهم نحو التكاتف والوحدة الوطنية ، وبالنتيجة ، فان التحالف الوطني هم المسؤولون عن تدمير الطائفة واشاعة روح التفرقة والعدوانية بين شعبنا.
    والتحالف الوطني لا يرغب حتى الان في الادراك ، ان شعبنا وتحت فقدان الاصالة والنزاهة والقيم الوطنية بين الكتل السياسية بشكل عام ، من أن أي منصب في الرئاسات الثلاث لم يعد يشرف أي انسان وطني ، بسبب ان تبؤ أي منصب في الدولة مهما كان كبيرا ومؤثرا، فليس فيه ما يشرف الذات العراقية التي تجد اليوم أن احقر وارذل واكثر الناس فسادا وخيانة وكرها للعراق ، هم ممن يتبؤا أعلى المراكز فيه ، حتى ليكاد المرء ليعجب ان في العراق حقا دولة ما؟؟!! ولا تزال الابهة الزائفة يعيش تحتها فساد وخيانات ولا اخلاقيات فظيعة.
    أم هل نسي شعبنا كيف أن هذه القيادات الشيعية التزمت الصمت في بداية تشكيل الحشد الشعبي بعد فتوى المرجعية. وعندما راحت اصوات الكتل البعثية تنادي باعادة الغاء قرارات دستورية غاية بالاهمية كاجتثاث البعث والمسائلة والعدالة وتجريم البعث وغيرها ، وجدنا اصواتا نشازا كرئاسة الجمهورية وغيرها ، تبدي التعاطف علنا مع مطالب البعثيين تلك ، وكما هي العادة دائما، صمتت اصوات الكتل الشيعية بالذات امام التصريحات الغريبة لرئاسة الجمهورية والتي طالما انحازت للبعثيين. 
    لا يزال كلا من المجلس الاعلى والتيار الصدري وبراثا وغيرهم، يراوحان في مكانهم ويستغلون تعاطف الجماهير من خلال خطاباتهما الرنانة ودعوات مقتدى الصدر الغامضة المتضاربة والمتناقضة ، حيث يعتقد ان العراق في "جيبه" . فكل أمجاد هذه الكتل كان قد اتضح أما في تهديد السيد مقتدى الصدرلمصالح الولايات المتحدة و"بملئ" الارض بجثث داعش، ولكن ، لم ينقطع عن الاساءة للسيد المالكي علنا وبلا تحفظات ، وكأن المالكي هو المسؤول عن اخفاقات مقتدى المتكررة مع نفسه؟؟؟!!!  بينما أن رئيس المجلس الاسلامي ، السيد عمار الحكيم ، كان قد سجل أسوأ نواياه من خلال فرضه السيد عادل عبد المهدي كوزير للنفط ، والذي اصبح عارا على الحكومة ، حتى استنفذ طاقاته وقدم استقالته بعد ان أساء كثيرا جدا للعراقين ، ولكنه ، احسن كثيراجدا لرئاسة الاقليم في سياسته النفطية وعلى حساب حقوق شعبنا!! فالسيدين عمار الحكيم ومقتدى الصدر بلعبتهما السياسة الفجة من خلال الابقاء على جهل الجماهير الشيعية ، ووقوفهم مؤازرين لعودة البعثيين الى الحكومة ، كانوا اسبابا مباشرة في ارباك وتقييد حكومة السيد نوري المالكي وما تحملته من جورهم اللاانساني واللاوطني في اشد الظروف دموية، بحيث كانا من بين السياسيين الاشد عداوة للحكومة المنتخبة تلك. هذه بعضا من نماذج اعضاء التحالف الوطني الذي أمعن في الاساءة للمذهب والجماهير العراقية بشكل عام !!   
      أن هذه "الشراكة" بين التحالف الوطني والتي لم يعرف عنها شعبنا سوى المواقف السلبية ، توضح لنا ما عملته أيديهم وعلى مدى اثنتى عشرة سنة من سوء استغفالهم لشعبنا في عرقلة بنائه والوقوف ضد ارادته واضاعة فرص حياته الكريمة، فكانت تلك ، هي شراكة البحث عن المصالح فقط . وكانت شراكة القرارات غير الامينة لمحاولة شق واضعاف المذهب والوقوف ضد قرارات المرجعية الدينية العليا والتضامن مع من لا يبالون في ان يكونوا أعدءا لشعبنا . وقوة هذه الشراكة تبدوا على أوجها من خلال انسجام التصريحات المغالية وممارسات الفساد والوقوف ضد ارادة الخيرين! 
    ان الادوار الكبرى التي كان يتطلع لها العراقيون في التحالف الوطني ، قد فشلت فشلا ذريعا في خلق التأثيرات المضادة لمجابهة الفساد ووقف الارهاب السني – البعثي ، واعطتنا أمثلا في خيبة الامال. 
    فالتحالف الوطني يفتقر الى امتلاك "كرزمة" الزعامة الحقيقية لقيادة شعبنا والى الحكمة والرأي السديد والشخصية المؤثرة لدى الشعب وخصوصا أمام القضايا الوطنية المصيرية . فالتحالف الوطني لم يستفد من خبرة وجوده السياسي منذ اكثر من اثنتي عشرة سنة ولا في القدرة على التضحية والتصرف بعقلانية في مواقف اشتداد الازمات السياسية والحفاظ على وجود وجدوى استمرارالتزامه بالمبادئ الوطنية بقوة وايمان ، ولا على الارث الديني .
    ان على السيد نوري المالكي ، ان يبحث عن تحالفات جديدة ودماء عراقية وطنية من شأنها ان تكون ألامل المرجو في بناء ديمقراطية العراق الجديد ووحدة شعبنا وبغض النظر عن الدين والمذهب والمعتقد والجنس، فالخيرون كثيرون ، وهم وحدهم ضمانة المستقبل .
    حماك الله يا عراقنا السامق ... 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media