الشباب وإدارة السلطة
    الخميس 18 أغسطس / آب 2016 - 21:21
    رضا الأنصاري
    للشباب دمٌ ثائر يتجدد، وروحٌ يخالطها العنفوان، تفيض بسواحلها الإرادة لمسك زمام السلطة بأكف الحداثة والتطور، ومحاكاة الشعوب والأمم، على إختلاف أقوامهم بلغة الإبداع، ولأن الشباب الشريحة التي تضفي الحيوية بالمجتمع، فهي الأداة التي تحركه وتسند الدولة بنفس الوقت! للسلطة دورها في مفاصل الحياة الحكومية منها والمجتمعية و الدينية، وصارت السياسة تتدخل في كل شيء يضمن وجود السلطة، ومنها ما أُستغل سلباً كما في العراق! ومنها أيجاباً كما في بعض دول العالم المستقرة، بمجتمعها وحكومتها.

    الإسلام سيس السياسة على إنها مسؤولية تدار بالكم لا بالفرد، أيماناً منه بأن التفرد بالسلطة يقود الى شبح الدكتاتورية، والتي بقت تدفع ثمنها شعوب المنطقة العربية، طوال عقود من السنين، الربيع العربي الذي عصف بتلك الدول، أتصف بأنه شبابي بأمتياز! بعث روح الأمل بإدارة السلطة في تلك البلدان بطابع شبابي! بغض النظر عن مساوئ الحكم والسياسة بين بلد وآخر ولعل من أهم أسباب تلك المساوئ،هو تصدير تلك الثورة الى أحضان بعض مرتزقة السياسة، والمصالح الشخصية.

    للفكر الشبابي خاصيته، التي يمتاز بها، وهي دعوته الى التجديد حتى على مستوى السياسة والحكم، حتى صار شعار الشباب في إدارة الدولة، مبني على "متغيرات السياسة"بما يتناسب مع مفهوم حداثة العالم، يذكر أن فرنسا عام (1968)م، شهدت أكبر حالة للتظاهر والعصيان المدني! وكانت تقوده الفئة الشبابية الطلابية بنسبة (95%) إنتهى بتحقيق الهدف،وحل الجمعية الوطنية! والإعلان عن عقد إنتخابات برلمانية! كذلك نرى الإنتفاضة الشعبانية في العراق عام (1991)م، تجدها ثورة شبابية! بدماء ثائرة وروح يفيضها العنفوان.

    السلطات في العراق، حالها حال دول العالم، هي معنية بتوفير متطلبات العيش للمواطن على إختلاف طبقاته، ولكن وللآسف، السلطة بالعراق تدار بتوربينات معاكسة! فبدلاً من أن توفر دخل كافٍ للفرد، راحت تستقطع من ذلك الدخل لصالحها! وبدلاً من أن توفر الخدمات والأمن للشعب، راحت توفرها لمقرات ومناطق الساسة! وبدلاً من أن توفر متطلبات العيش للمواطن بالمجان، راحت تفرض رسوم وضرائب على كل خدمة تقدمها للشعب بما يفوق دخله المحدود.

    الدور الشبابي بدى منزوي! في خضم تكالب بعض المكونات على السلطة،حتى القاعدة الشبابية التي تعنى تحت المكون، تفكر بعقل الفئوية الهَرِمْ! وتتحرك بين حواف كفيها! عندما يتكلم السياسي عن دور الشباب في إدارة السلطة وبناء الدولة،تجده يقدم شعاراته المعسولة كذباً بأحرف من ذهب! ولم نلمس وقفة جادة تدفع بذلك ألاتجاه!وحتى يقال الحق،لفت نظري كلام لرئيس المجلس الأعلى! وهو يدعوا الى تخفيض سن المشاركة في الإنتخابات! الى ما فوق 25 سنة بعد إن كان بما فوق 30 سنة.

    "عمار الحكيم" بهذه الدعوة فتح الأفق الأوسع للشباب، وأعطى زخما شبابي لبناء دولة عصرية، تنطلق من حداثة العصر ورؤى الأسلام الحقيقي، وهذا ما يبرهن عن وجود رؤية ناضجة في ذهن هذا الشخص! يمكن من خلالها، الإستفادة في إرجاع العملية السياسية في العراق الى أسسها الصحيحة، كما في باقي دول العالم، إلتزام الشباب من قبل العملية السياسية، وبناء الدولة، جاء من عدة معطيات نذكر منها:-

    • تفعيل دور الشباب في المجتمع، يضمن لنا حكومة فتية عاملة لكل زمن وجيل! وأشبه ما يكون بوجود فرق كرة القدم مثلاً، ففي حال فقدان المنتخب الوطني لياقته، هنالك فرق رديفة، كالأولمبي او الناشئة مثلا, والتي تضمن إستمرار وديمومة اللعبة في البلد.
    • للشباب طاقة جسمانية وروحية تتجدد! وقدرة على تحمل وإجتياز الصعاب! للوصول الى الهدف بالمغامرة.
    • للشباب صفة التخادم أكثر من غيرهم! في عملية إدارة الدولة والسلطات بالبلد.
    • دائماً ما تجد الروح الشبابية تحاكي المجتمعات المتطورة! بتجددها وتكيفها مع حداثة العصر.
    • الطموح عند الشباب الى الدور الريادي والقيادي، في المجتمع والحكومة، بشكل جماعي! يدفع بالعملية السياسية نحو الأستقرار والتفاهم بين الشركاء.

    وأخيراً، إذا ما أستطعنا تفعيل الدور الريادي للشباب،أستطعنا حينها أن نضمن إدارة صالحة للسلطة مع كل جيل وزمن، وإذا ما أراد الجيل الشبابي أن يرتب أثر على إدارة السلطات، عليه أولاً ان لا يقتل وقته بالتفكير في مناقشة حيثيات وجزيئات السياسات الماضية، ليس لدينا الوقت لإعادة شريط الأخطاء، ولكن هذا لا يعفينا من تشخيصها لضمان عدم تكرارها، ثانيا لابد من رسم خارطة للطريق، وتكسير قيود الماضي التي فرضتها السياسة الخاطئة، فأكلت وشربت من أجساد ودماء شبابنا تهوراً وتعنتاً وتخبطا.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media