إصرار الحكيم على طرح المشاريع الإصلاحية
    الخميس 18 أغسطس / آب 2016 - 21:42
    عمار العامري
       العراق؛ البلد الوحيد الذي عانى الويلات على مدى عمقه التاريخي, ما جعل أبنائه يشعرون بالظلم الناجم نتيجة تعاقب الفترات المظلمة, والموجات الدموية عليهم, وكان جلها على يد التدخلات الخارجية أو العمالة لها, لذا نجد إن القادة المصلحين يقدمون انضج الرؤى الإصلاحية لإنقاذه, لكنها تواجه بالرفض. 
       لذا فأن ثورة كربلاء؛ كانت وما زالت نبراس في طريق إصلاح العقيدة والوطن, وبناء الذات الإنسانية, بعدما سعى الأمويون لتدمير الحرث والنسل, ولكن في خضم التحديات التي عاشتها المنطقة عامة والعراق خاصة, بعد وفاة الرسول "ص" بات الصراع في أوجه بين طرفيه, حيث أعلن الإمام الحسين "ع" ثورة متكاملة للإصلاح والتغيير, مجرداً نفسه من التهم التي يحاول الآخرين إلصاقها فيه, وموضحاً الهدف الأخر لنهضته؛ وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
       وبنفس الوقت إصر الأمويين ومن اتبعهم على المضيء قدماً نحو الهيمنة على مقاليد الحكم, بمحاولات مسخ عقول الناس, وغسل أدمغتهم بوسائل الدعاية والإعلام المظلل, فأقنعوا الشاميين والعراقيين بأن الحسين "ع" خارجاً عن الدين, وانه طالباً للحكم, وأن الخلاف بين آل هاشم وال بني أمية أسرياً دنيوياً, وليس كما يدعي الهاشميون انه عقائدي, مما أثنى عزيمة الآلاف ممن راسلوا الإمام الحسين "ع" للقدوم لبيعته, ثم انقلبوا عليه بعد مراسلته, فاصطفوا ضده.
       وعلى نفس الشاكلة ما حدث معه الحكيم شهيد المحراب, حينما أعلنه نهضته ضد مفاسد النظام المقبور, وطرحه مشروع التغيير والإصلاح منذ اليوم الأول لدخوله العراق, وأعلن رؤيا متكاملة لبناء الدولة, واختيار نظامها السياسي والإداري, والذي يتلاءم والتنوع ألاثني والقومي والسياسي في العراق, واستثمار قدراتها البشرية والطبيعية, ولم تتوقف تلك المسيرة الإصلاحية رغم رحيل الحكيمين الباقر والعزيز, فأن استمرار عمار الحكيم بقراءته الاستشرافية لأوضاع البلاد, جعله صاحب المبادرة والأطروحة الناضجة لإصلاح.
       فرغم عرقلة المشاريع الإصلاحية التي طرحها تياره, وتعثر مبادراته التي تسهم بتطوير البلاد, إلا إن الحكيم مستمر بتبني الخطط إستراتيجية للنهوض بالوطن, فبعد مرحلة إكمال تحرير الموصل, يسعى الحكيم لإقناع الشركاء بقبول رؤيته الجديدة, لعلمه بأن من وقف الضد المشاريع السابقة قادر على قلب المعادلة, ليخلق حالة من الرفض لها, فأن طلاب السلطة لا روق لهم مشاريع الإصلاح العراق, فبنائه يسحب البساط ممن يستغل بساطة الناس, ويحاول تشويه صورة الأخر.
       لذا فأن الحكيم يؤكد في إستراتيجيته الجديدة على إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية, وتطوير قدراتها الاستخبارية والقتالية, ومواجهة رد فعل العدو نتيجة هزائمه في العراق, وتفكيك الشبكات الإرهابية بتوجيه ضربات استباقية لها, ثم المضي نحو دعم المشروع السياسي من خلال "الكتلة العابرة" المؤلفة من القوى الوطنية للمكونات, والتي ترعى مشروع وطنياً يدعم الحكومة, وينهض بمؤسسات الدولة كافة, خاصة في أعمار المدن التي دمرها الإرهاب, وإعادة النازحين والمهجرين, وتوفير الخدمات اللازمة للعراقيين.
       كما يرى الحكيم؛ إن ما بعد داعش هناك ضرورة للتعايش السلمي, ومواجهة خطر استفحال حال الثأر, والثأر المتبادل بين الإطراف التي ساندت الحكومة والقوى الأمنية وبين من وقف مع العصابات التكفيرية, الأمر الذي يعرض اللحمة الوطنية للمخاطر, ويهدد استقرار البلد, كما لابد من مواجهة الوجه الأخر للإرهاب, المتمثل بالفساد, وضربه بيد من حديد, وذلك بنشاء محكمة خاصة لمحاكمة المفسدين, وملاحقة أموال العراق التي تم تهريبها للخارج, ومعاقبة كل المتورطين بذلك.
       ويبقى كل إصلاح لا يتضافر إلا بالجهود الحكومية والجماهيرية كافة, لأن ثورة الإمام الحسين "ع" لم تنجح لولا وجود تضحيات جسيمة, وإلا فأن الحكام أرادوا وآدها في رحمها, حشدوا الجموع ضدها, لذا فأن الإصرار والإرادة القوية التي يتمتع الحكيم فيها, ستجعله قادراً لتقديم التضحيات من اجل تحقيق رؤيته وتطبيق إستراتيجيته.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media