مجموعة الشعب الأفريقي العبراني الإسرائيلي الأورشليمي
    الأحد 21 أغسطس / آب 2016 - 18:17
    د. جعفر هادي حسن
    كان من حق هذه المجموعة أن لا تكون الأخيرة في التسلسل التاريخي للمجموعات التي ذكرتها في دراسة سابقة،لكني رأيت أن يكون الحديث عنها في آخر هذه المجموعات لأسباب .فهي اليوم أصبحت أشهرها وأعرفها، بخاصة بعد المشاكل التي كانت لها مع إسرائيل بعد هجرتها إليها. والشيئ الآخر أن لها خططا ورؤى بانشاء دولة عالمية، وهي اليوم أخذت تحقق شيئا بسيطا ،نسبة إلى فكرة الدولة العالمية،ذات العنوان العريض التي يعملون على تحقيقه، كما سيرى القارئ.كما أن مؤسسها بن عامي يتميز عن غيره بثقافة واسعة، وأفكار جديدة وضعها في مجموعة من كتبه صدرت تباعا على مدى العقود الماضية. وسأتطرق هنا بالتفصيل الى نشأة هذه المجموعة ورحلة أتباعها الى إسرائيل، التي اقتضت استقرارهم مرحليآ في دولة أفريقية (ليبيريا) في غرب أفريقيا لبضع سنوات، ثم أتناول كيفية تعامل الاسرائيليين معهم، وما أبدوه من مواقف سلبية نحوهم ورفض لهم. كما سأشير إلى تناقضاتهم الآيديولوجية مع الدولة الصهيونية وكذلك إلى معتقادتهم وبعض تقاليدهم.  وأيضا إلى خططهم في إنشاء نظام عالمي جديد يصفونه  بأنه يعتمد على أفكار أنبياء العهد القديم، وتكون أساسه دولة عالمية تبدأ من إسرائيل .وسأشير إليهم باسم العبرانيين الإسرائيليين.
    نشأت هذه المجموعة في شيكاغو في الستينيات من القرن الماضي، حين كانت شيكاغو في تلك الفترة مركزاً لعدد من المجموعات اليهودية من الأفارقة الأمريكيين، وقد أنشأها لويس براينت الذي عرف فيما بعد باسمه اليهودي شليخ بن يهودا، وزميل له يدعى بن كارتر، الذي عرف في ما بعد باسمه اليهودي بن عامي(ابن شعبي)  وفي فترة متأخرة أضاف إلى اسمه "بن يسرائيل" ،وسنستعمل في هذه الدراسة الإسم "بن عامي". وقد اطلق اسم Abeta Hebrew Culturel Centre على المركز، الذي ضم نشاطهما. وكان هذان الشخصان يؤكدان على الأصل العبراني للشعب الأسود، وقد التف حولهما عدد من الأفارقة الأمريكيين وأخذوا بغيرون أسمائهم إلى أسماء يهودية، وقالوا عن أسمائهم الأصلية " إنها أسماء أعطيت من السادة إلى العبيد، ونحن الآن لسنا عبيداً وأن سيدنا هو رب إسرائيل وحده .
     وأخذوا يمارسون بعض الطقوس اليهودية مثل الإلتزام بفريضة السبت، ومثل أكل الطعام الطاهر يهوديا (الكشروت) . وأخذ بن عامي يعلن أنهم من أحفاد بني إسرائيل، الذين تحدث عنهم الكتاب المقدس وأنهم يرجعون في أصولهم إلى أولئك.وفي عام 1965 صرح بن عامي عن إسرائيل أنها "أرض تراثنا،ولذلك علينا أن نرجع إليها الآن" ولذلك قرروا أن يهاجروا إلى إسرائيل،(التي هي في رأيهم جزء من أفريقيا) التي أسموها الأرض الموعودة، ، وهم ينتقدون الصهيونية لأنها حركة هجرة مادية، مجردة من العنصر الروحي ،الذي هو  عنصر مهم في حركتهم وخطتهم كما يقولون، وعنصر مهم في بناء دولتهم المستقبلية كما سنرى.
    رؤيا بن عامي حول ذهابهم إلى إسرائيل وتوقفهم في ليبريا
    يقول بن عامي- أو يدعي- أنه أوحي له في أحد أيام عام 1966 في شهر أكتوبر-تشرين الأول في يوم الكفور، وهو مستلق على فراشه أن ينشئ مملكة ياه (مملكة الله) ،وخاطبني الله (وهو هنا لايستعمل "ياه")، لابد أن ترجع إلى إسرائيل لتنشئ مملكتي على الأرض، ولابد أن تذهب أنت وجماعتك عن طريق غرب أفريقيا وتبقى هناك ثلاث سنوات ونصف، حيث ستحقق ما جاء في نبوة حزقيال، ولابد أن تغادر الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1967، وبعد أن ينتهي الوقت المحدد في أفريقيا ،لابد أن تذهب إلى الأرض المقدسة، وأن تكون في إسرائيل في يوم الكفور في العام 1970 لتحقق الأسبوع الأخيرمن نبوة النبي دانيال، وتنشئ مملكة الله التي ستكون في كل عظمتها في العام 1977    وهؤلاء يعتبرون خروجهم من الولايات المتحدة هو خروج من الأسر والعبودية بعد أربعمئة سنة.(كما بنو إسرائيل في مصر طبقا لأدبياتهم).
    وعبّر بن عامي عن هدفهم الذي يخططون لتحقيقه،وهو أن يخلقوا نظاما جديدا،لسكان العالم وقال عن ذلك: "إنّ هؤلاء(أتباعه) قد نذروا أنفسهم لإنشاء نظام جديد للعالم، ووضع منهاج أخلاقي صالح يتميز بالعدل والحب كي يتبعه الناس، ولذلك فإن هذه الجماعة ثورية بهذا المعنى" ( ). وقد عللوا ذهابهم إلى ليبيريا أولاً بأنهم يريدون أن يقتفوا أثر الخروج (خروج بني إسرائيل من مصر). وقالوا فيما بعد، بأن ذهابهم إلى ليبريا كان ضروريا لهم ، ليقووا أنفسهم معنوياً وروحياً لبعض الوقت في  "الصحراء "، وليبيريا هي المكان الذي يحقق ذلك.
    وقال بن عامي بعد ذلك: « إنّ ليبيريا لم تعتبر أبداً الهدف النهائي من الرحلة، ومنذ البداية كان القصد منها التحضير للرجوع إلى إسرائيل" » . وقال كذلك إنه وجماعته سافروا إليها، كما سافر أجدادهم وطافوا في الصحراء بعد محنتهم في مصر، وكان الهدف الرئيس من الرحلة هو تمكين العبرانيين السود من تطهير أنفسهم بعد فترة الأسر في الولايات المتحدة الأمريكية ، " ففي ليبيريا نتمكن أن ننزع عن أنفسنا لباس العبودية ". وهم اعتبروا السكن فيها مؤقتاً تطهيراً لأنفسهم من العفن الذي أصابهم عندما كانوا في الولايات المتحدة الأمريكية كما قال.
    وسكن عدد قليل منهم في العاصمة منروفيا، أما الغالبية فسكنت بعيداً عن العاصمة، حيث أعطوا أرضاً من قبل بعض السكان، وأعطوا بعض المال من الدولة، وأخذوا يفلحون الأرض ويزرعونها. وقد لاقوا صعوبة كبيرة في حياتهم هذه، إذ لم يكونوا يعرفون الزراعة وليس لهم عهد بها، كما أن الأرض التي استعمروها كانت تعج بالحشرات والأفاعي، إضافة إلى أنهم واجهوا تهماً من بعض الناس والمسؤولين هناك، ثم ازداد الضغط عليهم بعد أن رفضلوا التجنس والاندماج في المجتمع. وقال شليخ بن يهودا عن ذلك: « لقد أرادونا أن نندمج في المجتمع الليبيري، وأرادونا أن نصبح مواطنين ليبيريين ونتجنس بالجنسية الليبيرية ». ويقولون إن هذا لا يتفق مع هدفهم ومعتقدهم، لإن هدف هجرتهم هو الذهاب إلى إسرائيل، وإن جنسيتهم هي العبرانية الإسرائيلية وإنّ وطنهم هو إسرائيل( ) كما قالوا.
    وذكروا بأنّ رفضهم التجنس قد سبّب لهم أمراً بالطرد من البلاد، ولولا تدخل رئيس الدولة توبمان لكانوأ طردوا فعلاً، والحقيقة أن بعض المسؤولين، كان يخشى أن تكون هجرة هؤلاء بداية لهجرة كبيرة من السود في أمريكا إلى ليبيريا، تؤثر في تركيبة المجتمع.( )
    وكانت مدة بقائهم في ليبريا حوالي ثلاث سنوات، ومن ليبيريا أرسلوا أحدهم للاطلاع على أوضاع الناس في إسرائيل، فتعلم العبرية وعاش في إحدى القبوصيم (المستوطنات).  ثم غادرت أول دفعة منهم إلى إسرائيل في العام 1969م. وأخبر هؤلاء موظفي الهجرة في مطار بن غوريون، بأنهم يهود جاؤوا إلى إسرائيل طبقاً لقانون العودة، وأن لهم الحق في الحصول على الجنسية الإسرائيلية، ولم يقبل الإسرائيليون كلامهم هذا ،ولكنهم ادخلوا إلى إسرائيل بشكل مؤقت فاسكنوا في « ديمونة » و"عرد » (في صحراء النقب) ،وفي " مصفاة رامون "، وبعضهم في أريحا في الضفة الغربية( ).
    ومن المشاكل الصعبة التي واجهوها هو عدم اعتراف رئاسة الحاخامية في إسرائيل بيهوديتهم، وطلبت منهم التهود على الطريقة الأرثودكسية حتى يعترف بهم يهوداً. ولكن هؤلاء رفضوا بإصرار شديد واعتبروا ذلك إهانة لهم، معتبرين أنفسهم بأنهم كانوا دائماً يدينيون باليهودية. كذلك لم يسمح لهم بالعمل في إسرائيل، لأنهم مقيمون غير شرعيين. وكانت علاقتهم في بداية الأمر مع الحكومة لا بأس بها، ولكن أقوالهم عن أنفسهم وعن يهود إسرائيل أخذت تؤثر على هذه العلاقة وتزيد من تأزمها. فهم لم يتوقفوا عن القول بأنهم الشعب العبراني الأصلي، وعن اليهود في إسرائيل « بأنهم أوروبيون متهودون يقلدون طرق الإسرائيليين القدماء، وليس هناك علاقة بينهم وبين الإسرائيليين الذين جاء ذكرهم في التوراة، والذين هم من الجنس الأسود، ولذلك فهم ليسوا الورثة الحقيقيين لهذه الأرض، وإنما هم مدعون لذلك ». وهم في الكثير من المناسبات كانوا يتحدون اليهود الإسرائيليين، في ما إذا كانوا يتمكنون من أن يصلوا بنسبهم إلى إبراهيم أو إسحق أو يعقوب. حتى أن زعيمهم بن عامي اعتبر أن هؤلاء لا يتمكنون من أن يصلوا بنسبهم إلى أبعد من عصر هرتزل( ).
    وكان هذا الكلام يثير كثيراً حفيظة اليهود وغضبهم، سكاناً وحكومة، ولذلك دعا بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي إلى التحقيق للتأكد من أنه ليس هناك أيد أجنبية عدوة لإسرائيل، تساند هؤلاء وتعمل معهم. وكانت الحكومة قامت بالتحقيق في هذا الأمر قبل طلب هؤلاء، وقد وجدت بأنه ليس هناك دليل على وجود أيد أجنبية تحرضهم على ما يقومون به.
    مطالبة مئير كهانا بطردهم من إسرائيل
    وكان من أشد المحاربين لهم وأكثرهم كرهاً لهم في إسرائيل، مانير كهانا الذي أسس حزب « كاخ"  وهو حزب عنصري،كما هو معروف، (وهو كان من المطالبين بإخراج الفلسطينيين وطردهم من أرضهم). وكان كهانا يخطب في مؤيديه وفي الاجتماعات العامة، ويقول عنهم بأنهم ليسوا يهوداً، ويجب أن يطردوا من إسرائيل. وكان يعبر عن اقتناعه بأن العبرانيين السود، هم أناس كذابون ومزيفون وهم كارهون لليهود، ولا يحبونهم. وأنهم أناس مجانين وخطرين، وأنهم هاجروا لاعتقادهم بأن اليهود يمكن الاعتماد عليهم في مساعدتهم. وقال في إحدى خطبه: « إنّ هؤلاء سيثيرون مشاكل داخلية لإسرائيل، بالاتفاق مع اليهود الشرقيين، الذين هم غير راضين عن وضعهم في إسرائيل، وبالاتفاق مع النمور السود ومع اليساريين ».
    محاولات التخلص منهم ورد  المجموعة على ذلك
     وذكرت تقارير بأن الحكومة الإسرائيلية برئاسة غولدا مائير، كانت قد وافقت العام 1971 على طردهم على دفعات، كما قررت عدم اعطائهم أية رخصة للعمل، ووضع العراقيل أمام محاولاتهم لاستملاك  مساكن أو استئجارها( ).
    وقررت الحكومة كذلك أن لا يسمح لأحد منهم أن يأتي إلى إسرائيل ، وقد طبّق هذا القرار على مجموعة منهم مكونة من واحد وعشرين شخصاً، وصلوا إلى مطار بن غوريون في تشرين الأول (أكتوبر) العام 1971، حيث رفضت السلطات المسؤولة إدخالهم، وارجعوا إلى البلاد التي جاءوا منها. وعلى أثر ذلك، عقد بن عامي مؤتمراً صحافياً، انتقد فيه معاملة إسرائيل لهم فيما يتعلق بالعمل والسكن. وقال في مؤتمره بأن سياسة إسرائيل لا تختلف عن تلك التي تركوها في الولايات المتحدة الأمريكية.وقد قارن الإسرائيليين بالنازيين،وكرر انتقاده لليهود،الذين يهتمون بجمع الأموال كما قال.  كما وزعوا منشوراً ذكروا فيه عدداً من جوانب معاناتهم كانعدام العناية الطبية، وعدم المساواة في المعاملة مع بقية المهاجرين في السكن، إذ يعطى هؤلاء شققاً مؤثثة ومساعدة مالية.
    كما احتجوا على التفرقة ضدهم في التعليم، وكذلك على عدم حصول المواليد الجدد على شهادات ميلاد وعدم تطبيق قانون العودة عليهم.
    كما أظهر بعضهم احتجاجهم في أحد المخازن الكبيرة، فملأوا عربات المخزن بالبضاعة ولم يدفعوا المبلغ المطلوب وأصروا على ذلك، ولكن بعد وصول الشرطة تركوا المكان بهدوء دون أخذ البضاعة. وقالوا إنهم قاموا بهذا العمل من أجل أن يثيروا الإنتباه إلى معاناتهم ومشاكلهم، ولهذا السبب دعوا الصحف والتلفزيون لتسجيل الحدث. ثم قاموا بعد ذلك باحتلال شقق خالية ومحجوزة للمهاجرين الجدد، ولكنهم أيضاً تركوها بعد وصول الشرطة( ).
    وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1973 م، كتب بن عامي رسالة إلى السكرتير العام للأمم المتحدة ، قال فيها إنّ اليهود الأوروبيين ليسوا العبرانيين الذين وعدت لهم هذه الأرض بالرؤيا النبوية، وإنّ العبرانيين الإسرائيليين هم أصحاب الحق في هذه الأرض التي صادرها الصهاينة. ودعا العالم إلى الاعتراف بالحق القومي للعبرانيين الإسرائيليين كشعب في أرضهم. كما بعثوا كذلك برسالة إلى مؤتمر الدول الأفريقية، يؤكدون فيها بأن سكان فلسطين القدماء هم أجداد العبرانيين الإسرائيليين وليسوا أجداد يهود إسرائيل. وفي بداية العام 1973م رفضت وزارة الداخلية طلب عائلة من ثمانية أشخاص لتمديد فيزا سياحية، كانوا حصلوا عليها، وطلب منهم مغادرة البلاد، لأن قانون العودة لا ينطبق عليهم. فقدموا طلباً إلى المحكمة العليا لإلغاء أمر الطرد، وقالوا في طلبهم بأنهم أحفاد إبراهيم، وأنهم يطبقون شريعة التوراة، ولكن المحكمة رفضت ادعاءهم، وقال القاضي إنّ مَن يأتي لزيارة البلد، ليس له الحق بالإقامة الدائمة، وكل الأقطار تمارس حقها في منع الأجانب ، وأنها تطرد الأشخاص من غير السكان، الذين يعتبر وجودهم غير مرغوب فيه، بل إن بعض الأقطار لا تعطي حتى سبباً لقرار الدخول أو الإقامة. وأضاف بالنسبة إلى قانون العودة اليهودي، فإن اليهودي قد عرف في قانون صدر العام 1970م " بأنه هو الذي ولد لأم يهودية، أو الذي تحول إلى اليهودية( الأرثودكسية) ولا يعتنق ديناً آخر ". وقال القاضي بأن هذا القانون لا يمكن أن ينطبق على العبرانيين الإسرائيليين ، لأنهم لا يؤمنون بالدين اليهودي الذي يعتنقه اليهود منذ قرون طويلة. وقال رئيس المحكمة، بأنه لا يمكن إثبات الأصل العبري لهؤلاء اليهود السود. رافضاً أن تكون أمهات السود يهوديات لأن ذلك لم يثبت. وقال أيضاً بأن هؤلاء كانوا معزولين عن اليهود دينياً وثقافيا، ولا يمكن أن ينطبق عليهم قانون العودة. ولكنه ذكر في قراره أيضاً، بأنه يمكن لوزير الداخلية أن يعيد النظر في قرار عدم تمديد الفيزا لهم، وأن يكون ذلك على أساس أنهم موجودون في البلد.
    ووزع العبرانيون الاسرائيليون في السنة نفسها منشوراً قالوا فيه إن حقوقهم قد انتهكت في إسرائيل، وذكروا فيه أيضاً أن شخصاً منهم كان قد سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومنع من دخول إسرائيل بعد أن سجن، ورفض المسؤولون السماح له بالاتصال بزوجته وأطفاله في مدينة " عرد "، ومع أن ابنه وابنته قد ولدا في إسرائيل ، لكنهما لم يمنحا وثيقة ولادة، ولم يسمح لهما بالتسجيل في المدرسة. وذكروا كذلك أن من انتهاكات حقوقهم، هو رفض منحهم رخصة عمل، وعدم توفير سكن مناسب لهم، إذ يزدحم أكثر من عشرين شخصاً في مكان صغير، وأنهم  يعيشون في أسوأ حالة في إسرائيل ، بل إنهم وضعوا في مكان معزول عن العالم الخارجي، ويعيشون في حالة خوف وحصار . كما أنه لم يسمح لهم بالانضمام إلى معاهد تعليم اللغة العبرية، لأنهم اعتبروا مهاجرين غير قانونيين .
    وهم اعتبروا إسرائيل من أكثر الدول عنصرية باضطهادها للأمريكان من اليهود السود. واتصلوا بالمنظمة العالمية لحقوق الإنسان. وبعد أن درست المنظمة ادعاء العبرانيين الإسرائيليين قررت مبدئياً ،أنه ليس هناك دليل، بأن الأمريكيين من اليهود السود المهاجرين، قد بذلوا جهداً من أجل الالتزام بقانون الجنسية الإسرائيلي.
    ولم يتركوا الأمر عند هذا الحد فاتصلوا بمنظمة الدول الأفريقية وجامعة الدول العربية لعرض شكواهم، ولكنهم لم يحصلوا على نتيجة. وفي هذه الأثتاء دعوا السود الآخرين من الولايات المتحدة الأمريكية وأفريقيا للقدوم إلى مدينة القدس من أجل تدارس شؤونهم. مشبهين أنفسهم بداوود الذي تحدى جالوت الذي يتمثل بالآخرين. وأدانوا كذلك علماء الآثار وعلماء الأجناس والمؤرخين، لأنهم – كما قالوا – قد بذلوا كل جهدهم لتغطية مؤامراتهم الشيطانية لغش العالم وخداعه، واعتبروا أنّ أكبر مؤامرة قام بها البشر هي إنشاء وطن قومي لليهود، قائلين بأن هذه المؤامرة هي ضد العبرانيين وضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية، ودعوا كذلك الأمريكيين السود إلى مقاطعة التجار اليهود، الذين يساندون إسرائيل إلى أن تسمح الحكومة للعبرانيين الإسرائيليين بالدخول إلى إسرائيل والخروج منها بحرية.
    دعوة إلى مقاطعة منتوجات إسرائيل
     ودعا أحدهم، في مقابلة مع صحيفة يصدرها السود في نيويورك، إلى مقاطعة إسرائيل ومقاطعة منتوجاتها، وطُلب من السياح أن يقاطعوها( ). كما اتهم أحد مندوبيهم إسرائيل بالعنصرية والتفرقة ضدهم وعدم منحهم موافقة عمل أو إقامة .وكانت هذه الحملة قد ساندها الأفارقة الأمريكان ،وكان من هؤلاء لويس فرخان زعيم أمة الإسلام ،وكان نشيطا في هذا الخصوص في الولايات المتحدة الأمريكية، يحرض الآخرين على تأييد قضيتهم ،وهو لم يكتف بذلك بل ذهب إلى إسرائيل يلتقيهم، وعبر لهم عن مشاعر التأييد .وقد صرح وقتها أن أمة الإسلام والعبرانيين الإسرائيليين يشتركون في المعتقد، وقال إن الله اختارهم ليكونوا حجر الأساس لحكومة عالمية جديدة".وقد اتهمهم اليهود بالعداء للسامية والعنصرية.
    وكانت وسائل الإعلام الاسرائيلية تنشر في هذه الأثناء أخبار هذه الجماعة، وتتحدث عن مشاكلهم، كما أن التلفزيون الإسرائيلي عرض فيلماً وثائقيا عنهم. وكان بعض اليهود الفلاشا في إسرائيل في هذه الفترة يروجون لقضيتهم والمطالبة بهجرة أبناء جلدتهم من أثيوبيا، واعتقدوا بأن قضية  هؤلاء قد جلبت انتباه الجمهور الإسرائيلي، وشغلت الناس عن قضيتهم، لذلك قاموا بحملة ضدهم والدعوة إلى طردهم من إسرائيل. وقد ذكرنا سابقاً بأن الحكومة لم تسمح لهؤلاء بالقيام بأي عمل، لأن وجودهم لم يكن بإقامة قانونية، ولذلك أخذوا يقومون ببعض الأعمال بشكل غير قانوني، كبيع مواد الزينة والبضائع الجلدية التي يصنعونها، إضافة إلى العمل في البناء، إذ كانت تدفع لهم أجورا أقل بكثير مما يدفع للإسرائيليين،حيث استغل وضعهم غير القانوني، ولكنها كانت أكثر من أجور العرب كما يقولون. وفي الوقت نفسه كانوا يعانون من أزمة سكن ، إذ أن المساكن التي اضطرت الحكومة لتوفيرها لهم لم تكن كافية، لقلتها من جهة، وبسبب نسبة الولادة العالية بينهم من جهة أخرى، إضافة إلى دخول بعض أتباع هذه الجماعة إلى إسرائيل بحجة السياحة أو غيرها عن طريق الأردن، أو المطارات حيث كان بعضهم يدعي بأنه جاء لزيارة القدس، لأنه مسيحي متدين، وكان هؤلاء ينضمّون إليهم. ولما كان من الصعب على موظفي الحكومة التفريق بين أتباع هذه الفرقة والسياح الحقيقيين، فقد كانت سلطات الحدود تخضع كل أفريقي أمريكي، إلى تحقيقات طويلة. ونتيجة لذلك منعت إسرائيل العام 1979م حوالي أربعة عشر شخصاً منهم من الدخول إليها. وفي العام 1980م منعت خمسة وعشرين شخصاً منهم، وكان عدد من الأفارقة الأمريكيين قد سافروا إلى إسرانيل بصحبة قسيس في هذا العام ، وعند وصولهم إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، حجزت جوازاتهم وأئزعوا ملابسهم، وفتشوا وحجزوا في المطار حتى صباح اليوم التالي، حين أمروا أن يأخذوا طائرة متوجهة إلى لندن  ثم منعت في العام 1981م واحداً وثلاثين من الدخول إذ شكت السلطات في هؤلاء بأنهم من هذه الفرقة. وكان من الذين حققت معهم سلطات المطار الممثل، المعروف لوغوست، الذي مثل في الفيلم المعروف (الجذور Roots)، وقال بأنه اقتيد خارج قاعة الجوازات أكثر من ست مرات، بل وصوب المسدس إلى رأسه. كما عومل مايكل هوكس، وهو أفريقي أمريكي، وأحد المسؤولين في الحزب الديمقراطي، معاملة سيئة عند وصوله إلى المطار.وفي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي قام أحد مسؤوليهم الذي يصفونه بالسفير الدولي بحملة ضد إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية ،واتهم إسرائيل بأنها تمارس العنصرية ضدهم ولاتمنحهم حق المواطنة ،وترفض إعطاءهم رخص عمل ،أو تمنحهم المعونة الإجتماعية . ويبدو أن هذه المعاملة مستمرة إلى اليوم في مطارات إسرائيل مع السود،يهود وغير يهود.وآخر حالة حدثت هي ماذكرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية في عددها بتاريخ 9/1/2015 عن مايكل توتي وهو أمريكي يهودي أسود، يدَرس اللغة العبرية في إحدى مدارس الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أوقف في مطار بن غوريون في كانون الثاني من السنة المذكورة،-مع أنه كان مدعوا إلى إسرائيل- وخلال وقوفه في "الطابور" فصل عن الأخرين. ويقول إنه كان هناك معه طابور من السود والعرب والمسلمين فقط.وقد سئل أسئلة كثيرة تتعلق بحياته وعقيدته.وعند وصوله إلى الولايات المتحدة لم يجد حقيبته قد وصلت.وقال أنا أعلم أن هناك من الناس من يواجهون حالات أكثر مما واجهت، ومنها السجن وقد كنت في الواقع خائفا ومنزعجا ومعتدى علي. وقد ذكرني هذا الموقف بأن بعض الناس لايؤمنون باني يهودي ابدا.
    لجنة للنظر في أمرهم
    وكانت الحكومة الإسرائيلية قد عينت في العام 1978 لجنة برئاسة أحد أعضاء الكنيست من مسؤولي الحزب الديني القومي، وفي العام 1980 قدمت اللجنة تقريرها إلى وزير الداخلية.
    وتضمن التقرير توصيات عديدة لحل مشكلتهم، إذ طلب من الحكومة أن تمنحهم إقامة قانونية ليسكنوا في « إسرائيل » على أن يستثنى منهم الأشخاص الذين يقومون بأعمال ضد اليهود ويهددون الأمن أو الصحة العامة. واقترح التقرير كذلك أن تسكن هذه الجماعة في قرية خاصة بها تشبه المستوطنات التي أقامها اليهود في الضفة الغربية ، وأن يكون مكان هذه المستوطنة قرب بئر السبع، وفي مقابل هذا يتعهد هؤلاء بأن لا يزيد عددهم بهجرة أعضاء آخرين. ووصف المشرف على التقرير هذه التوصيات بأنها إنسانية ومتفقة مع الأخلاق، وطلب الإسراع في تطبيقها.
    وكانت للمجموعة مشاكل مع الناس أيضا، فقد منعوا من السكن في شقق استأجروها في « ديمونة »، حيث وضع حولها السكان سياجاً من حديد لمنعهم من دخولها. وفي مدينة « عرد » أنشأ السكان لجنة هدفها السعي إلى طرد هذه المجموعة من إسرائيل. وقد تظاهر المئات من الإسرائيليين للمطالبة بإبعادهم إلى الخارج، وقالوا عنهم أنهم يسكنون في تجمعات مزدحمة وسيئة، وهي خطر على الصحة العامة، كما أنهم يحدثون ضجيجاً( ).
    لكن في بداية التسعينيات وافقت الحكومة الإسرائيلية على منح المجموعة إقامة قانونية،وأصبحت حرية التنقل أسهل لهم في إسرائيل بعد منحهم الإقامة القانونية، كما قل نقدهم للدولة أو تلاشى، ولكن المؤسسة الدينية ظلت لم تعترف بيهوديتهم ومازالت لاتعترف بها.
    إنشاؤهم لجنة عليا تعنى بشؤونهم
    وخلال وجودهم ازداد عددهم ، وأصبحت لهم مؤسسات وجمعيات ومدارس، كما أنشأوا لأنفسهم لجنة عليا تدير شؤونهم، مكونة من اثني عشر ناسي (أمير). وهؤلاء يرمزون إلى قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة التي ذكرت في التوراة. ويرأس هذه اللجنة بن عامي نفسه، وهو الذي يختار هؤلاء الأعضاء ويعيّنهم. وتهتم هذه اللجنة بشؤونهم، ولابد للقرارات التي تتخذ أن تكون بالإجماع.
    ولما كانت هذه المجموعة تعتبر نفسها شعباً سيحكم العالم في المستقبل(!!)، فإن كل واحد من الأعضاء أعطي مهمة وزارة في الدولة المأمولة. فهناك وزير للتربية، وآخر للخارجية وللنقل وللموسيقى والإعلام وهكذا. ولا تحتج الجماعة على عدم وجود ديمقراطية في تعيين اللجنة، لأن أعضائها يعتقدون بأن بن عامي يختارهم بوحي وعناية من الله، مع أن اللجنة في الواقع مثلت إرادة بن عامي ورغبته.
    من معتقداتهم وممارستهم الدينية
    ومن معتقداتهم أنهم يعترفون بالتوراة بمعناها الخاص، أي بالكتب الخمسة الأولى فقط، ولا يعترفون بغيرها، وسنتحدث لاحقا عن رأيهم بالتوراة واهميتها لهم. فهم لا يعترفون بالتلمود ولا بالأدبيات الشفوية الأخرى التي يقدسها اليهود الأرثودكس . وهم في هذا مثل اليهود القرّائين واليهود السامريين وفرق يهودية أخرى.وعلى هذا فهم يختلفون اختلافا أساسيا عن اليهودية المعروفة بين الناس.ومن المعروف أن اليهودية الأرثودكسية ، التي بيدها الحل والعقد في دولة إسرائيل ،تكفر كل فرقة يهودية لاتعترف بالتلمود .ولأنهم لايعترفون بالتلمود، فإننا لا نرى اسشهادا لهم به أومايسمى بالأدبيات الشفوية،.ومما يختلفون به عن اليهود أنهم يجيزون تعدد الزوجات ويعتبرونه شريعة توراتية، وهم يطبقون ذلك عملياً في إسرائيل دون أخذ موافقة المحاكم الإسرائيلية( ).وتعدد الزوجات كان لفترة طويلة مباحا بين اليهود،وهناك أمثلة في التوراة لتعدد الزوجات،ولكن اليهود اليوم لايمارسونه إلا في حالات نادرة وبين اليهود الشرقيين خاصة. وذكر بعض الباحثين بأن العبرانيين الإسرائيليين يجيزون الزواج من سبع نساء، إذا كان الشخص متمكناً مالياً من ذلك( )، وهناك اختلاف كبير بينهم وبين اليهود الآخرين من حيث عدم أعترافهم بأعياد ومناسبات دينية مهمة مثل « السكوت » (المظال) و¬« الشفعوت » (الأسابيع)، بل حتى الفصح ويوم الكفور، وهم يبررون ذلك بأن هذه ليست إلا ذكريات تاريخية ولا تعني لهم شيئاً، وليست لها أهمية كما يهتم بها اليهود الآخرون ويحتفلون بها ،وهذا الإختلاف اختلاف مهم أيضا،فأكثر الأعياد هي مقدسة عند اليهود، وليس فقط مناسبات للإحتفال. وهم يعتبرون أنفسهم متمسكين جداً بالدين وكل اجتماعاتهم واحتفالاتهم تبدأ بالصلاة. وهم مثل بقية اليهود في أنهم يختنون أولادهم.
    أما بالنسبة إلى يوم السبت، فهو عندهم يوم مهم، ويعتبرونه يوم راحة تامة من العمل،حيث لا يقومون بأي عمل يعتبرونه مخالفاً لأحكامه، ويتوقفون فيه حتى عن التمارين الرياضية، ويبقون خلال هذا اليوم في بيوتهم إلى أن يخرجوا إلى الصلاة في الكنيس. كما أنهم يصومون من غروب يوم الجمعة إلى غروب يوم السبت، وأي عمل فيه عدا الصلاة يعتبر خرقاً لحرمة السبت وقدسيته. وصلاتهم في هذا اليوم تبدأ في الثانية أو الثالثة بعد الظهر وتستمر حوالي تسعين دقيقة، ولا يقوم بأدائها شخص معين، بل كل واحد منهم يمكنه أن يكوق إماماً، ومن حق مَن يُطلب منه إمامة الصلاة أن يرفضها، كما أنه ليس هناك ضغط على الأعضاء في حضور الصلاة، التي ليس لإمامها عندهم ميزة تشريفية، كما عند بقية اليهود الآخرين، وإذا أراد أحد منهم أن يؤم الآخرين، فإنه يخبرهم بذلك قبل فترة. وتبدو الصلاة للناظر غير رسمية، وهي تبدأ باللغة العبرية، يقرؤها الإمام وأحياناً تقاطع الصلاة العبرية الأناشيد الإنكليزية، وهم يلبسون عادة لباساً أبيض أثناء الصلاة. وفي النهاية يجلس المصلون ويعلن عن الموضوع، الذي يتحدث به الإمام، وغالباً ما يكون هناك شخص آخر يساعده بقراءة مقاطع مختارة من التوراة، فيفسرها الإمام ويعلق عليها ويشرحها ويربطها بالأمور اليومية، وكثيراً ما تسمع أثناء ذلك كلمة آمين أو كلمة « كن » (نعم بالعبرية).
    وعندما تنتهي الصلاة تعطى الفرصة للحاضرين ليعبروا عن أنفسهم، ويعلقوا على خطبة ذلك اليوم. ومن المتعارف بينهم أن يقوم واحد منهم ويغني أغنية مناسبة تتعلق بتجربة الجماعة، وربما ينضم الرجال والأطفال ليغنوا سوية، ويصاحب الأغنية العزف على آلة موسيقية.
    وهذا القسم من العبادة يكون ايذاناً بانتهاء الصلاة، وهم يختمون أعمالهم العادية ليوم السبت بقواءة « الشمع» (شمع يسرائيل)، (اسمع يا إسرائيل أنا الرب إلهك ...). وهذا مقطع مهم في الصلوات اليهودية.
    وهم يقرأونها والأيدي مرفوعة إلى الأعلى باتجاه القدس. ويذهبون بعد الصلاة إلى بيوتهم لأكل وجبة طعام. وكثيراً ما يحتفلون في يوم السبت ليلاً، وفي هذا الاحتفال يجمعون مبلغاً من المال ويأخذون مبلغاً بسيطاً عن الطعام والشراب يخصص لمدرستهم، وهم لا يشربون خمراً بل نبيذاً، على أن يكون بحدود معقولة، كما يقولون.
    ويختلفون عن اليهود الآخرين في أنه ليس عندهم حاخامون، ولا يحتفلون بالبار مصفاه (عندما يبلغ الذكر الثالثة عشرة) ولا بالبات مصفاه (عندما تبلغ البنت الثانية عشرة). وكلهم أو أكثرهم نباتيون ويقولون إنهم ليسوا ملزمين بما يلتزم به اليهود الآخرون في قضية الطعام، إذ أن المهم هو الالتزام بروح الفرائض حتى لو كانت غير مكتوبة، ويؤكدون « نحن نلتزم بلا تسرق ولا تزني، حتى لو لم تكن مكتوبة .

    إيمانهم بنبوة عيسى
    قبل الحديث عن معتقدهم بعيسى، أود أن أذكر بأنهم يعتقدون بأن عيسى كان أفريقيا ذا بشرة سوداء اللون، ولم يكن ذا لون أبيض كما يرى المسيحيون .وفكرة أن عيسى كان لونه أسود هي فكرة سائدة بين الأفارقة الأمريكان منذ أكثر من مئة سنة،وهم قد كتبوا عنها كتبا يستدلون بها على ذلك ،وأحد أهم الكتب في عصرنا الحاضر كتاب نشره ألبرت كليغ عام 1968 بعنوان The Black Messiah حيث وصف عيسى بأنه زعيم ملون قاد شعبا ملونا، وكافح ضد حكم البيض وكان يريد أن يساعد الإسرائيليين السود الذين هم اليهود الأصلاء، والذين اختلطوا مع الأفارقة الذين كان منهم المصريون والكنعانيون والكلدانيين الذين خرج منهم أبراهام.  واعتقادهم بلون عيسى يختلف عن اعتقاد االمسيحيين البيض  ( أو الكثير منهم ) .كما أنهم يعتقدون بنبوة عيسى وهذا يختلف عن بقية اليهود الآخرين إذ أن هؤلاء بصورة عامة – عدا اليهود اليسوعيين منهم –يرفضون عيسى ويعتبرونه خارجاً عن اليهودية. والكثير من هؤلاء اليهود لا يكتفي بهذا، بل إنه يحتقره ويذكره بسوء بل وكذلك السيدة مريم. كما أن التلمود ينظر إلى عيسى وأمه السيدة مريم نظرة دونية، بينما يعتبره العبرانيون الإسرائيليون عامة نبياً من أنبياء الله، جاء لإصلاح بني إسرائيل وهداية الضالين منهم إلى الطريق الصحيح، وهذه هي مهمة الأنبياء الذين سبقوه، والذين جاءوا لتعليم الناس شريعة التوراة كما يقولون. وفي رأيهم أن عيسى كان ملتزماً بالشعائر اليهودية وتطبيقها، كالتزامه بالاحتفال بالفصح وطقوس يوم السبت وشعائره، كما جاء في انجيل لوقا (16/4): "وأتى الناصرة حيث نشأ ، ودخل المجمع يوم السبت على عادته، وقام ليقرأ".ثم يقولون إن عيسى لم يدّعِ أنه خلق الكون، بل كان يقول إن الله هو الذي خلق الكون، كما أنه لم يقل عن نفسه، إنه هو الذي يخلّصنا وينقذنا من ذنوبنا. وهم يرون بأن فكرة التخليص من الذنوب معتمدة على أفكار الأديان والمعتقدات القديمة. وأن مسيحية اليوم هي ليست تلك التي جاء بها عيسى، بل هي مسيحية بولس الذي شجّع الناس على الأخذ بها وممارستها. ويرون أن بولس شرّع ديناً حول المسيح وترك دين المسيح، وأن ما قام به إنّما هو عمل سياسي. ويقولون كذلك بأن بعض المعتقدات المسيحية الحالية ترجع إلى أصول يونانية ومصرية ورومانية( ).وإيمان العبرانيين الإسرائيليين بنبوة عيسى، يخرجهم عن اليهودية في نظر اليهود الآخرين، وبخاصة الأرثودكس منهم الذين يؤمنون بما جاء في التلمود، إضافة إلى التوراة. كما أن رأي العبرانيين الإسرائيليين في عيسى يتفق مع رأي إحدى الفرق اليهودية المعاصرة ،التي أطلقت عليها أنا "اليهود اليسوعيين"، وهم الذين يسمون بالإنكليزية (Messainic Jews) وهؤلاء هم يهود، ولكنهم أيضاً يؤمنون بعيسى كنبي ومخلص للبشر سيظهر مرة أخرى. وعددهم اليوم في ازدياد مستمر، وكثير منهم من يهود روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق (كتبت عنهم دراسة مطولة).
    وكما ذكرت أعلاه أن عيسى كما يرى هؤلاء، كان أفريقي اللون، وأن تعاليمه الحقيقية اختفت ولم يعد لها وجود، بعد وقت قصير من عصره. ويقولون إن تلاميذه حاولوا الإبقاء عليها، ولكن الانقسامات والحيرة أصابت هؤلاء بعده.والكنيسة المسيحية ،التي ظهرت ليس لها علاقة بتعاليم عيسى، وهي كنيسة أنشأها الأوروبيون بهدف السيطرة على العامة من الناس، وهي ليس لها علاقة بكنيسة الخلاص الأصلية، وقد انتقل مركز الكنيسة من القدس إلى روما وإنكلترا( ). وهذه المسيحية التي وصلت من أوروبا كما يقول،بن عامي، حرّفت تعاليم المسيح الناصري. إن قوة عيسى كانت في عقيدته بالأنبياء والشريعة، وعندما نفهم الشريعة بوضوح، نفهم ماذا أراد الله للمسيح الأفريقي. ويقولون بأن عيسى لم يكن ليناً كما صورته الأدبيات الأوروبية . فقد كانت عنده القدرة على أخذ القرار، وكذلك القدرة على العمل ،التي اتفقت مع رؤيته وعظمته. كما أن رسالته القوية كان لها تأثير على الذين كانوا من حوله. وكانت رسالته بضرورة تنفيذ إرادة الله بشكل كامل وبدون مساومة. وإن نضال عيسى، كان من أجل نظام جديد، حيث يعيش كل الناس فيه بسلام وعدل وصدق ورحمة. فعيسى كان ثورياً قويا وكان يفهم الواقع، ولم يكن رقيقا عاطفيا بطبيعته كما صوره المسيحيون الغربيون في أدبياتهم، وهو كان يناضل بعقلية الجندي المحارب ضد الأعداء من الرومان المرعبين والأدوميين، وأعداء بني اسرائيل ( ).بل كل أنبياء الكتاب المقدس كانوا هكذا. والمسيحيون الذين استعبدوا الأفارقة هم الذين حرفوا تعاليم عيسى.
    رأيهم في هيلاسيلاسي
    من المعروف أن هيلاسي لاسي يعتبر نفسه من أحفاد قبيلة يهودا، ولذلك أعطي صفة "أسد يهودا" ،وبن عامي أيضا يعتبر نفسه من أحفاد قبيلة يهودا. وهو يرى أن عرش النبي داوود (الدنيوي)، قد حفظ بنسل منليك الأول،من سليمان وبلقيس ملكة سبأ(التي يسمونها مكيدا)، التي كانت قد زارته في مملكته، حيث وردت هذه القصة في التوراة،وهم يذكرون كما يذكر الفلاشا، أنها ولدت له ولدا اسمه (منليك)،ووصفوه بالأول(اعتمادا على كبرى نغست تاريخ أثيوبيا الوطني) . ويقول هؤلاء أنه بعد أن أقام في أثيوبيا، وأصبح غلاما رجع إلى أبيه ليدرس.ويذكرون أن منليك أزعجه وضع والده بزواجه من نساء كثيرات، فأحتال هو وزملاؤه وسرق صندوق العهد،(بمباركة الكهنة)، وجلبه إلى أثيوبيا.ولايعرف أحد أين يوجد هذا الصندوق اليوم، ويقول البعض إنه في أكسوم.وينظر العبرانيون إلى هيلاسي نظرة تبجيل وتعظيم، وأنه الزعيم الذي مسح بالدهن المقدس الذي يمسح به الكهنة  ملوك اليهود عندما يملكون. و كان هو الحافظ لعرش داوود (الدنيوي)،وهذا العرش قد انتقل بعد رحيل منليك، واستمر يرثه أحفاده من الملوك والملكات، حتى وصل إلى هيلاسي لاسي ،ثم استلمه بن عامي.أما عرش داوود الروحي فقد وصل إلى بن عامي مباشرة من يشوع (عيسى) دون واسطة.
    التوراة كتاب تاريخهم
    يرى العبرانيون الإسرائيليون أن التوراة معصومة من الخطأ،(وهو رأي الأرثودكس الحريديم)، وأنها كتاب أصيل وهي وثيقة روحية تاريخية ، كتبها أجدادهم الأفارقة، وبسبب عدم إطاعتهم للرب ،وبسبب مخالفة أحكامه تركهم الرب وأصبح الأوربيون هم المسيطرون لفترة من الزمن،وخلال هذه الفترة عانى الأفارقة العقاب والعبودية وظلوا مضطهدين، ووصلوا في حياتهم إلى الحضيض ،ولكن في الوقت الحاضر رجعت لهم روح يعقوب،وهي تتحدى الروح الأوربية. والتوراة من وجهة نظرهم ، هي كتاب تاريخهم ،وهو تاريخ يوضح العلاقة بين الرب والبشرية،وهذه التوراة هي المصدر الرئيس للتاريخ ،وهي ليست كتابا حول الدين، وإنما هي تاريخ البشرية. وهم أعادوا ترتيب هذا التاريخ وقسموه إلى سبع مراحل(والثامنة مرحلة بن عامي) ، اختبر بها الرب الإنسان. وهي تبدأ منذ آدم،وفي المرحلة السادسة كان ظهور عيسى الذي يسمونه المسيح العبراني، الذي هو  في رأيهم لم يأت بالمسيحية المعروفة، كما ذكرنا فهذه في اعتقادهم ليست دين عيسى، بل هي غريبة عليه، وهي في حقيقتها يونانية-رومانية  بينما رفض عيسى هاتين .وبعد اختفاء عيسى فإن عرش الملك داوود المادي قد ورثه نسل منليك الأول، أما النسل الروحي فقد اختار له الرب بعد ألفي سنة، بن عامي بن إسرائيل.ويشير هؤلاء إلى الفترة مابين اختفاء عيسى وظهور بن عامي بأنها "فترة الجوع للحقيقة".وطبقا لهؤلاء فإن "ياه" قد جاء بابن عامي بالمرحلة السابعة،ثم أضافوا إلى ذلك مرحلة ثامنة وهي مرحلة تحقيق ماسموه عهد بن عامي ،وهذه هي المرحلة الأخيرة من تاريخ العالم وتسمى عندهم " المملكة وكمال التاريخ" - ولابد من الإشارة هنا إلى أن تقسيم العالم إلى هذه المراحل التي تسمى بالإنجليزية Despensations (أي المراحل)هي ليست من إختراعهم، وإنما كانوا قد أخذوها-دون أن يذكروا ذلك على مايبدو- من شخصية دينية اسمه جون نلسون داربي،وهو انكليزي من أصل ايرلندي، وكان قد عاش ومات في القرن الناسع عشر،وكان هو الذي ابتدع نظرية المراحل السبع التي مر ويمر بها العالم.وهي تسمى بالإنجليزية Dispenstionalism (المرحلية) ومن شروط ظهور عيسى(الثاني)(إضافة إلى شروط أخرى)،كما يقول داربي أن يُجمع اليهود في فلسطين،وأكثر المسيحيين اليوم الذين يؤمنون بهذه النظرية هم مسيحيون صهيونيون،يصل عددهم إلى عشرات الملايين في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها ،وهم يساعدون على جمع اليهود في فلسطين ،كي يكون مقدمة لظهور عيسى طبقا لما ذكره داربي.
    والتوراة بالنسبة للعبرانيين الإسرائيليين، وسيلة لايستغنى عنها ،ويجب أن تدرس من قبل العبرانيين الإسرائيليين ، في ضوء الحقيقة القديمة ،وليس في ضوء التحريف المعاصر. من جانب آخر هم يرفضون التفسير الذي يقوم به الغربيون ويعتبرونه محرفا لحقاق التوراة، ،وهم يذكرون مثالا مهما على ذلك، كتفسيرهم لقصة حام بن نوح في سفر التكوين الذي قيل أنه كان أسود.وطبقا للمسيحيين فإن نوحا لعن حام، وبسببه تغير لونه إلى أسود، بعد اللعن، ولذلك فإن نسله الملعون هم السود .ويقول العبرانيون الإسرائيليون إن مايقوله هؤلاء هو كذب وافتراء، استمر لقرون طويلة.وهم يستشهدون بنص التوراة الذي لايذكر مايقوله المفسرون الغربيون. والنص هو التالي "وكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك ساما وحاما ويافث، وحام هو أبو كنعان....وتستمر القصة على الشكل التالي فقال (نوح) ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته .. مبارك الرب اله سام وليكن كنعان عبدا لهم .وليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدا لهم (تكوين 9ـــ/ 18-27) (العبارة الأخيرة مكررة في النص) .ويقولون إن اللعن والعبودية كانت لكنعان، وليس لحام كما هو واضح من النص.وكان غير العبرانيين الإسرائيليين من الأفارقة الأمريكان، قد انتبهوا إلى هذه النقطة المهمة، ومنهم جيمس وليم تسالرلس بنغتون، الذي نشر كتابا مهما عام 1841 يناقش فيه بقوة قضية علاقة اللون الأسود والجنس، ويرفض أن يكون للون الأسود والعبودية علاقة بالكتاب المقدس من قريب أو بعيد، وأن الملعون لم يكن حاما وإنما كان كنعان،كما هو في النص التوراتي، وهو في الكتاب يدحض بأدلة مقنعة التفوق الذي يدعيه البيض، وأن السود يبقون يخدمونهم إلى الأبد بل ويهزأ به.وهو استدل على دور أحفاد حام في الحضارة الإنسانية،ويقول لولا حضارة مصر لم يكن للحضارة الغربية الحديثة وجود. 
    ويرى العبرانيون أن تفسيرهم للتوراة هو التفسير الحقيقي، وهم قاموا بذلك وأضافوا مراجع تثبت- في رأيهم- أن التوراة كتابهم وقدكتبه أجدادهم وليس غيرهم.وقد زودوا الكتاب برسومات لأحداث التوراة بالطريقة التي يرونها صحيحة .ويؤكد بن عامي على ذلك بقوله، إن تفسير التوراة العبرية من قبل الأوربيين شيئ، ولكن تفسير التوراة نفسها من قبل العلماء الأفارقة العبرانيين شيئ آخر.إن التفسير الحالي لنصوص التوراة هو تفسير تحت تأثير غربي قوي، وهو منحاز وعنصري وسبب هذا هو طبيعة التحيز لدى العالم الغربي، ضد كل ماهو أصله أفريقي.والآن وبعد ألفي سنة من الشتات فإن الأفريقيين العبرانيين، قد رجعوا إلى أورشليم في شمال شرق أفريقيا(هم يعتبرون إسرائيل جزءا من أفريقيا) وأخذوا يفسرون كلمة رب إسرائيل بشكل صحيح ،"رب أجدادنا أبراهام واسحاق ويعقوب"، وأن الأفارقة العبرانيين في أورشليم يقدمون تفسيرا وفهما لحكمة الرب ،يتحدى التفسير الأوربي للتوراة.وبالتفسير الحقيقي للكتاب المقدس ونبوءاته فإن فترة الخلاص بدأت تعمل.  واليهود الأفارقة الأمريكان بصورة عامة  والذين ذكرناهم أيضا يعتبرون التوراة كتاب تاريخهم.
    العبرانيون الإسرائيليون والفلسطينيون
    وكما ذكرنا أعلاه عن نظرتهم إلى الكتاب المقدس ككتاب تاريخي، فإنهم يؤمنون بماجاء في الكتاب المقدس عن ابراهيم واسحق واسماعيل.فإسماعيل ولد من زوجة إبراهيم هاجر التي كانت طبقا للكتاب المقدس خادمة سارة المصرية،وسارة هي أم أسحق الذي ورث النبوة  من إبراهيم ومايتصل بها من تقديس.وهم يؤمنون ايضا أن إسماعيل الذين يصفونه بالحامي –السامي،كان قد ذكر عنه في التوراة أنه سيكون أبا لشعب عظيم .وما يذكرونه جاء عنه في سفر التكوين 17/-21-20 "وأما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه ،وهأنذا أباركه وأنميه وأكثره جدا جدا ،ويلد اثني عشر رئيسا ،واجعله أمة عظيمة،غير أن عهدي أقيمه مع إسحق...."
    وعلى الرغم من أنهم يتبنون التاريخ الذي جاء في التوراة عن إسماعيل،كجزء من اعتمادهم عليه ككتاب تاريخي، وأنه أبو الشعب العربي في معتقدهم، إلا أنهم يتبنون الفكرة الصهيونية عن فلسطينيي الوقت الحاضر، فهم يقولون إننا نشك في  أن سكان فلسطين الحاليين هم من نسل إسماعيل، وأنهم من العرب.ويقولون إن دراستنا وتجربتنا أكدتا لنا ،أن سكان هذه الأرض (من الفلسطينيين) هم ليسوا السكان الأصليين لهذه الأرض، وأن الغالبية الذين يطلق عليهم عرب في هذه المنطقة (فلسطين ومايحيط بها) من قبل المؤرخين،هم من أحفاد الصليبيين ونسلهم. ويضيفون إلى ذلك أن هناك فلسطينيين من السود يعيشون في هذه الأرض هم في الواقع من نسل إسماعيل الذي كان لونه أسود.ومن هؤلاء  مجموعة يطلقون عليهم البدو المخفيين ، الذين يسكنون بلدة رهط (التي يقدر عدد سكانها اليوم بحدود ستين ألفا وهي أكبر البلدات السبع، التي خصصتها إسرائيل لسكنى البدو)،وبليدة شالوم سغف( التي يقدر عدد سكانها بحدود ثمانية آلاف وهي أيضا من البلدات السبع).وهم كونوا علاقة جيدة جدا مع سكان هاتين المنطقتين ،ويأخذون زوارهم إليهما بين فترة وأخرى،على أنهما جزء من تاريخهما. ولكن من المعروف أن هاتين البلدتين تسكنهما الكثير من القبائل العربية التي لاتنتمي إلى الجنس الأسود، وإن كان هناك بينهم مجموعة من السود.ومن الأفكار التي تتفق مع الأيدلوجية الصهيونية، هو مساندة الإحتلال الإسرائيلي وتأييده له.ويقول بن عامي إن هذا من منطلق ديني،وهو بهذا يتفق مع أفكار الصهيونية اليهودية الدينية مثل أفكار المستوطنين ،الذين يعتقدون أن الضفة الغربية هي جزء من إسرائيل الكبرى.

    مملكة ياه (الله)- النظام العالمي الجديد
    يطمح العبرانيون الإسرائيليون أن ينشئوا مملكة ياه(مملكة الله ) (وهم ،على مايبدويفضلون استعمال "ياه" الذي هو مختصر من يهوه عندما يشيرون إلى الرب بصورة عامة  وليس هنا فقط).وقد ورد الإسم بهذه الصيغة في الكتب الخمسة الأولى حوالي خمسين مرة، وهو أيضا ذكر في غير الكتب الخمسة الأولى- في المزامير مثلا- . والمملكة التي تطمح هذه الجماعة لإنشائها هي تلك التي وردت في سفر دانيال 42-44 ونصها "وفي أيام هؤلاء الملوك يقيم إلاه السماء مملكة لاتنقص للأبد وملكه لايترك لشعب آخر، وستسقط وتفنى جميع تلك الممالك وهي تثبت للأبد".
    ويقول هرمئل بن شليخ أحد المسؤوين في الجماعة " إن العبرانيين الإسرائيليين يفهمون معنى المملكة على أنها نظام عالمي جديد،يحكمه رجال تحت سلطة الرب،وهي مجتمع من وضع "ياه"، وهي تحتوي على أناس أسسها عوائل "ياه" حيث يبجل الأطفال الوالدين ويحترموهما، والمرأة تحترم الرجل الذي خلق على صورة الله ( وهم يشيرون بهذا إلى ماورد في سفر التكوين 1-27 "فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وأنثى خلقهم". وهناك قيادة من اثني عشر أميرا وعدد من الوزراء (يسمونهم الوزراء الإلهيين مثل وزير الإعلام ووزير الخارجية).وهذه المملكة كما يخططون لها، بذرتها اليوم "قرية السلام" في ديمونة-في إسرائيل..ويقولون إن القرية ليست هي مملكة "ياه" ،لأن مملكة الرب هي أكبر بكثير من قرية السلام ،ولكن الذي حدث ، أن هذه القرية هي أول كيان فيه نموذج كامل (لمملكة ياه).  ويقولون إن خلق مستوطنة في إسرائيل ،هو نتيجة حركة العودة إلى أرض الأجداد،( أي أفريقيا وهم يعتبرون إسرائيل جزء منها كما ذكرت) وهي تعبير عن مفهوم مملكة "ياه"، وكما قال بعض الباحثين، إنه بانشاء المستوطنة فإن العبرانيين الإسرائيليين قد أنشأوا جنتهم على الأرض. ويقولون إنه في أكثر الأوقات يتكلم الناس في هذا العالم عن مملكة الله، وأنها جنة في عالم خارج عالمنا هذا ،حيث تنعدم المشاكل، التي كانت تعذب الناس وتزول بشكل سحري .والشيئ الآخر أن هذا الحظ لايناله الإنسان إلا بعد الموت 
    ولكن في أرض إسرائيل نظرتنا مختلفة حيث تكلم أنبياء الكتاب المقدس فيها بخاصة أشعيا ودانيال عن مملكة حقيقية تقوم في هذه الأرض،في الوقت الذي تسيطر فيه الدول الكبرى على العالم ،وهذه المملكة ستكون بدايتها صغيرة وغير معروفة ،ولكنها في النهاية ستكبر ولايمكن لأي أحد أن يدمرها  وهذا يعني للناس بصورة عامة أن هناك مجموعة من الناس في هذه الأرض، خصصوا أنفسهم لتحقيق هذه النبوة ،من أجل أن تتحقق الكلمة التي أوحى بها الاه إسرائيل المقدس، وهذه المملكة هي لتأكيد أن إسرائيل تحقق هدف الأنبياء، ولتكون نورا للناس ليروا فائدة العيش طبقا لأوامر الإله .
    وقرية السلام اليوم تضمها مساحة ليست كبيرة، بنيت فيها وحدات سكنية متزاحمة،يقتحم بعضها بطن البعض الآخر، وهي تضيق بهم كلما تقدم الزمن،حيث قدر عددهم اليوم أكثر من ثلاثة آلاف شخص وكل سنة يزداد هذا العدد. وفي السنين الأخيرة، قدم هؤلإء طلباً إلى الدولة لتخصيص أرض لهم يبنوا عليها مستوطنات خاصة بهم وقد وافقت الحكومة الإسرائيلية على إنشاء مستوطنة جديدة لهم على الحدود المصرية. وهي بالإضافة إلى البيوت التي تحتويها، فإنهم قاموا بتأسيس عدد من المراكز لتبية حاجاتهم الإجتماعية والصحية وغيرهما. فهناك وحدة خاصة للولادة ،وهم يسمونها "بيت الحياة" وأنشأوا مدرسة أسموها بيت سفر أحباه "مدرسة الأخوة" وهي تجمع بين مناهجهم ومناهج الحكومة الإسرائيلية، وهي تدرس اللغتين الإنجليزية والعبرية، وعندهم مدرسة أخرى يسمونها مدرسة الأنبياء.ولم تذكر في الأدبيات التي اطلعت عليها، طبيعة عمل هذه المدرسة،ولكن من الممكن أن يكون عملها مثل عمل اليشيفاه اليهودية،أي خاصة بالدراسات الدينية دون غيرها.كما أنهم أخذوا يقومون بعمل بعض الملابس والحلي وأثاث البيوت، وعندهم كذلك وكالة للرحلات الترفيهية وبستان لزراعة الخضر بدون مواد كيمياوية .ومن يزور المستوطنة-البلدة تواجهه لافتة عند مدخلها كتب عليها مرحبا في قرية السلام.
    التوسع في مملكتهم إلى خارج إسرائيل
    مملكة ياه بالنسبة إلى هؤلاء لاتقتصر على إسرائيل، بل تتجاوزها إلى خارجها، ولما كانوا يطمحون إلى العودة إلى أفريقيا، فمن الطبيعي أن يكون خيارهم في أفريقيا للمرحلة الثانية من المملكة، التي ينوون إنشاءها.وقرروا أن يكون التوسع في غانا. وكانت غانا في السابق من أوائل الدول التي اسر منها عددا كبيرا من مواطنيها واستعبدوا منها وكانت مركزا رئيسا لتجارة الأفارقة.وكان على ساحلها مايقارب من الخمسين موقعا لتجميع الأفارقة قبل أخذهم إلى العالم الجديد وأماكن أخرى، حيث قام الأسبان والبرتغاليون والهولنديون في القرن الخامس عشر والسادس عشربأستعبادهم وأخذهم إلى أوربا. وكان الإنجليز قد انضموا إلى هذه البلدان في القرن السابع عشر. وكان من يأسروهم من الرجال والنساء والأطفال يوضعون في أماكن مزدحمة وغير صحية، بل وقذرة في الميناء، وكانوا يربطون بعضهم ببعض بسلاسل، بل كانوا يعذبون وتساء معاملتهم وكانت رحلتهم في السفن تستمر فترة طويلة عبر المحيط الإطلنطي، حيث يكدسون بالمئات في السفينة الواحدة، وكانوا يباعون في الأمريكتين وجزائر البحر الكاريبي.وكانت هناك بوابة في غانا يمر بها هؤلاء عند أخذهم تسمى بوابة اللاعودة. وقد أبدل اسم هذه البوابة منذ فترة  إلى "بوابة العودة". ويقوم الأفارقة اليوم الذين يأتون إلى غانا من كل مكان-خصوصا من أسر من أجدادهم- بالدخول إلى البلد من خلال هذه البوابة،تحقيقا لحريتهم. 
     وذهب بن عامي مع وفد من أتباعه إلى غانا لمناقشة إمكانية إنشاء مجمعات لهم في هذا البلد، فرحبت الدولة بهم وفسحت المجال لهم، ومنحتهم أراضي لإنشاء مستوطنات هناك.وكانت غانا منذ استقلالها،ترحب بقدوم شتات الأفارقة إليها، وكان كوامي نكروما –أول رئيس لها بعد الإستقلال- قد دعاهم إلى القدوم إلى غانا، حيث كان كما ذكر عنه يؤمن بأفكار غارفي التي تدعو إلى الأفريقانية ، واستمر هذا الترحيب بهم حتى العصر الحاضر.فغانا اليوم تعدهم بالهجرة إليها والعمل فيها والإستثمار في مشاريعها.
    ومنذ عقود وهم يقومون بإنشاء المزارع التي تقتصر على الزراعة غير الكيمياوية، ويحفرون الآبار لسقايتها،ويشغلون أبناء البلد فيها.وهم بالإضافة إلى المزارع فقد أنشأوامخازن لبيع منتوجهم من هذه المزارع،كما أنشأوا أيضا مطاعم تقدم الطعام النباتي، والتي يمنع فيها التدخين وشرب الخمر.كذلك أنشأوا قرية نموذجية فيها عشرات الوحدات، ويسمونها مجمع القرية الروحية وقد خصصت للراحة والإعتكاف والتأمل لمن يرغب من الناس من غانا ومن خارجها ص61.كما أنهم قاموا بزراعة جزيرة لاتبعد عن الساحل كثيرا وأسموها جزيرة عدن. ويذهب الناس لزيارة هذه الجزيرة في مراكب خصصها لزيارة الناس لها.وهم قد أقاموا مركزا صحيا كبيرا على مساحة واسعة من الأرض أسموه مجمع الصحة الروحية ويضم المجمع أربع بنايات ،اثنان منها للعلاج الطبيعي،وهو يشمل العلاج الجسماني والنفسي،وفي هذا المجمع قاعة للمحاضرات والمؤتمرات الدورية التي يعقدونها.وهناك مكان خاص للعبادة بخاصة في يوم السبت،حيث ينضم إليهم أناس من غير فرقتهم في أداء الطقوس.
    وفي عام 1999 ذهب وفد من رجال أعمالهم للإستثمار في هذه الدولة في مجال الإنصالات والسياحة والزراعة، وقابل نائب رئيس الجمهورية، وقد أكد لهم رئيس الجمهورية ضمان الدولة بتحقيق مشاريعهم، وتسهيل أعمالهم 
    وعدا عن غانا فإن لهم بعض المراكز والمؤسسات في كينيا، وفي جنوب أفريقيا أيضا،وكذلك في بريطانيا وفي جزر البحر الكاريبي.ففي لندن لهم مدرسة للأطفال خاصة بهم، وكذلك مطعم للطعام النباتي معروف. ولهم فصول يدرسون فيها واجبات السبت.ويعتبر إنشاء مملكة "ياه" كمرحلة للخروج من بابل والتحرر منها، والذهاب إلى أفريقيا- (جنة)عدن . ويساعد العبرانيون الإسرائيليون بعض القبائل الأفريقية ،التي تدعي الأصل اليهودي، مثل قبيلة الإغبو النيجيرية التي لهم علاقة وطيدة بهم
    وهم يرون أن عاصمة هذه الدولة الموعودة هي أورشليم، وليس قرية السلام في ديمونه .وهم يعللون ذلك بقولهم إننا نرجع في أصلنا إلى قبيلة يهودا وهي كانت المملكة التي كانت في جنوب فلسطين وكانت عاصمتها أورشليم،وهم يقولون إن لهم علاقة خاصة بأورشليم،ولذلك وضعوها جزءا من اسمهم.
    رفضهم للديمقراطية
    ونظامهم في هذه المملكة يرفض الديمقراطية الليبرالية جملة وتفصيلا، ويقول بن عامي، إن الإنسان في ورطة ،في هذه المرحلة من التاريخ،وأن العالم في فوضى والإنسان محصور ,ومقيد بشكل كامل، وأصبح ضحية للعالم الذي خلقه ،ومقطوع الصلة بالله ،وإن هدفي هو أن أقضي على الليبرالية الديمقراطية ،التي فرضت باستمرار، وأقضي علي المادية والعبودية وتدمير الإنسان والنبات والحيوان..وهم ينظرون إلى الديمقراطية على أنها من عمل الشيطان، وينتقد بن عامي فلسفة الحرية الخاطئة ،التي هي أساس النظام الإجتماعي،المنفصل عن الله. وإن العناصر الإجتماعية التقافية ،هي التي تكون النظام الذي هو ضد نظام "ياه".وهو يذكر عددا من أمراض المجتمع التي أنتجها النظام غير الإلهي مثل المخدرات والمثلية ويجعل من هذه أكل لحم الحيوان.والغريب أنه يعد من هذه الأمراض الزواج بزوجة واحدة.monogamy 
    المرأة في المجتمع العبراني الإسرائيلي
    مجتمع العبرانيين الإسرائيليين هو مجتمع ذكوري،تعامل المرأة فيه من الدرجة الثانية،وهم متأثرون بما ورد في سفر التكوين عن خلق حواء من الرجل، فهي ثانية له ودونه في المرتبة، وهي تمثل خطورة في انوثتها على الرجل، كما أن للرجل القيمومة والسيطرة الكاملة على المرأة،على المستوى السياسي وغيره. كما أن المرأة لايمكن أن تقود أي عمل ديني كالصلاة وغيرها.
    وهم يمارسون تعدد الزوجات ، وهي ممارسة ذكرت في سفر التكوين، وتوجد كما هو معروف في التقاليد الأفريقية.وهم يمارسونه منذ أن كانوا في ليبريا، وليس كل نسائهم يوافقن على هذا التقليد،حتى أن بعضهن انتفضن عليه عندما كانت الجماعة في ليبريا،حيث احتجت بعض النساء على هذه الممارسة .وذكر بأن النسبة بينهم في تعدد الزوجات تبلغ 37% (في عام 2008) . والمرأة  تصبح نجسة أثناء فترة دورتها الشهرية،وهم في هذه الحالة مثل اليهود عامة.فهي تتوقف عن الطبخ ويحرم عليها الإتصال الجنسي بزوجها أومسه ، أو المشاركة في عمل ديني.  والرجال لا يصافحون النساء ولا يدخل الرجل منهم بيت الآخر إذا كانت زوجته لوحدها( ).
    من تقاليدهم وعاداتهم
    للعبرانيين الإسرائيليين تقاليد وعادات ابتدعوها ويمارسونها ،ونحن نذكر هنا بعضها. فمن تقاليدهم أن المرأة إذا كانت في حالة الطمث، فإنها تشد على باب غرفتها خيطاً أحمر فلا يسمح للزوج، أن يلمسها طيلة أيام الطمث. وهم يفصلون بين الرجال والنساء، بخاصة في الصلاة. ويقول أحدهم عن هذا: « إن هذه الطريقة تؤكد على الاحترام بين الجنسين، كما أن الرجل عندما لا يجلس إلى جانب المرأة في العبادة، ليس لأنه ممنوع من ذلك، ولكن هذا يأتي ذاتياً، إذ ليس هناك قانون سوى خوف الله وضمير الإنسان نفسه، ولكن هذا لا يعني بأننا لا نصطحب النساء في رحلة أو إلى مطعم في يوم السبت ( ). وهم يحيون بعضهم بعضاً بالعناق، الذي يرونه أكثر دفئاً وحرارة وصدقية « إذ أن المعانقة فيها الكثير من دلائل الأخوة والتواضع، وتعبر عن الشعور الداخلي للإنسان، بينما التحية الأمريكية تتسم بالبرودة والتجنب والابتعاد عن الآخر »( ). كما أن الأطفال يحنون رؤوسهم قليلاً، عندما يجتازهم شخص أكبر منهم »( ).
    ويحاول الإسرائيليون العبرانيون أن يتخلوا عما يسموه لباس العبودية – الغربي ،ويلبسون لباسا يتسم بالطابع الأفريقي،ولباسهم هو لباس خاص ،يختلفون فيه عن بقية اليهود ويتميزون به عنهم. وغالباً ما تكون ألوان لباسهم زاهية وصارخة في ألوانها،كما هي مواصفات اللباس الأفريقي. والرجال عادة يلبسون قميصاً طويلاً فوق "بنطال" ملون. وأحياناً يكون طول القميص إلى ما تحت الركبتين فيشبه الثوب. والنساء والرجال جميعاً يغطون رؤوسهم دائماً. فالرجال يلبسون قبعة صغيرة مستديرة وأحياناً عمامة، أو غطاء من الصوف أو القطن، حيث يصل إلى الاذنين، ويصل أحياناً إلى الرقبة فيغطيها. وتلبس النساء على رؤوسهنّ غطاء يشبه العمامة أو قبعة مخروطة، وتكون أكمام ثياب النساء طويلة وتزرّ الثياب عند الرقبة،تأكيدا للحشمة. وهم يقولون أنهم يتخذون هذا اللباس ليفرقهم عن الناس الآخرين وليميزهم كشعب، وليس لذلك علاقة بالشعائر أو الطقوس الدينية، فليس هناك لباس خاص بالشعائر والعبادة.
    وقال زعيمهم: « إنه لمهم جداً لنا أن يفرق الناس في هذا البلد (إسرائيل) بين الأمريكان السود (من غير العبرانيين الإسرائيليين ) وبين العبرانيين الإسرائيليين، وإذا كان لباسنا مثل لباس أي أسود آخر، فإننا سنضيع بين هؤلاء ولا يفرق الناس بيننا وبينهم. وإنه لمهم لنا أن يعرف الناس في هذا البلد مَن هم أصحاب البلد الحقيقيين، وإذا عرفونا فإنهم سوف لا يخطئون بالقول لنا والنظر إلينا والتعامل معنا، ولذلك فإننا متشددون في مسألة اللباس، إذ أننا في مرحلة رجوعنا إلى جذورنا، وإلى تراثنا وإلى أمتنا. ونحن الآن ننشئ الأعراف والعادات التي هي ممكنة لنا ». ويقولوق إن لباسهم وطريقة تحيتهم، هي ممثلة لهويتهم ومحاولة منهم للقضاء على ما عندهم من تراث أجنبي( ).
    بن عامي: زعيمهم الروحي
    لقد ذكرنا في بداية الحديث عن هذه الجماعة ،ان بن عامي هو الذي أنشأ هذ الجماعة،وظل يقودها لعقود، حتى وفاته عام 2014 ولم يتمكن أحد من هذه الجماعة  من منافسته ،أو إضعاف زعامته،على الرغم من أزمات القيادة التي مرت بها الجماعة. .ومن جانب آخر فإن الجماعة  تنظر إلى بن عامي على أنه القدوة والزعيم الروحي لها، كما تعتبره مفكراً ومنظراً. ويعتقد أتباعه  فيه أكثر من ذلك، فهو المخلص لهم وللآخرين، وأنّ مهمته هي مهمة إلهية. وتقول إحدى أدبياتهم عن بداية مهمته، أنه كان قد أبصر رؤيا ،حين كشف له جبرائيل، بأن الوقت حان لأحفاد الإسرائيليين القدماء من الأفارقة الأمريكيين ،أن يرجعوا إلى الأرض الموعودة وانشاء مملكة الله. وأن النص الذي ورد في سفر دانيال 12/4 والذي جاء فيه " أما أنت يا دانيال فأخف الكلام واختم السفر إلى وقت النهاية.."  والذي أشير إليه في سفر الرؤيا 5/5 بالنص التالي " فقال لي واحد من الشيوخ لاتبك ،هو ذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهودا وأصل داوود ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة" لأن هذا السفر المختوم يحمل رسالة الرب "ياه" ،وأن بن عامي كما يقول هؤلاء، هو الذي فتح هذا السفر المختوم .بانشاء مملكة "ياه" .ويقول بن عامي عن هذا أي بعد أن فتح السفر المختوم ،والذي يسميه سفر الحياة " إنه في هذا اليوم وفي هذا الوقت ،(وقت) إنشاء  مملكة الرب أنا أجلس على عرش داوود ،وأنا الذي فتحت الكتاب الذي أشير إليه في سفر الرؤيا 5/5  .وبن عامي يرفض أن يكون هيلاسيلاسي هو الذي فتح أختام السفر، كما يرى "الراستا" ويقول  عن هذا إن واجبه كان أن يحتفظ بالعرش،عرش إسرائيل إلى أن تتحول الأمور إلى الأرض المقدسة. 
    ويطلق على ابن عامي أيضا "إبن أفريقيا"،وقد استعملت هذه العبارة في أغنية،تكرر دائما.ويطلقون عليه كذلك "الكاهن  ويشار إليه أيضا من قبلهم ب"أبَا" وهي تعني أب ولكن ليس بالعبرية ، كما يرى بعض الباحثين،بل هي أرامية استعملت كثيرا في العهد الجديد،  من قبل عيسى اليسوع، إشارة إلى الإله. وقد أبقت الترجمة العربية (التي بحوزتي) على الكلمة كما هي ،ربما لأسباب ثيولوجية.وهو يقول عن نفسه بأنه هو الذي فتح الكتاب الذي جاء عنه في سفر الرؤيا 5/5 " لاتبك، ها قد غلب الأسد من سبط يهودا ،ذرية داوود فسيفتح الكتاب ويفض أختامه السبعة"  ويقول بن عامي عن نفسه، أنا أميز في نفسي أصلي الروحي والجسمي، بأنني أرجع إلى يهودا وداوود بالذات (وهذه إحدى شروط المسيح المخلص اليهودي عند اليهود عامة ،وهو أن يكون من نسل داوود) .وقد سئل عام 2000 كيف يعرف أن أصوله ترجع إلى داوود ،كان جوابه أن الإنسان يميز بعمله " وهو بهذا يعني أن قيادته لمجموعة من السود الأفريقيين وتكوين كميونات لهم يؤهله أن يكون هو المسيح .ويدعي بن عامي بأنه هو نفسه شخص مميز عن الآخرين، بل إنه  المخلص للناس، ويقول: "إن شخصاً من نسل داوود سيظهر في آخر الأيام ويكون مسؤولاً عن إقامة الدولة وتنظيمها، وهذه الدولة هي التي تسمى مملكة "ياه"، وإنني أنا هو الذي سينشئ هذه المملكة في أورشليم. ودوري نحو الشعب هو إنشاء مملكة الرب، حيث سأكون أنا المسؤول هنا في إسرائيل وفي العالم، وأكون طريقاً للناس الذين يبحثون عن الصلاح، لأنني أنا الحقيقة وأنا النور وأنا الباب!!!، وستكون هداية الناس عن طريقي ... والذين يريدون أن يتأكدوا من ذلك عليهم أن يبحثوا في الكتاب (المقدس) بعقل مفتوح، كما أن أبي (الرب) سيكشف لهم ذلك ». ويعتقد بن عامي أنه كان قد تقمص شخصيات مختلفة في السابق( (
    وآراء بن عامي وأفكاره في نظر أتباعه لا يرقى إليها الشك ولا تجانب الحقيقة، فهم يؤمنون بها ويؤكدون عليها، بل إن غيرهم من الأفارقة الأمريكيين، يستشهدون بآرائه ويعتمدون عليها. ولابن عامي عدد من الكتب تضم أراءه.وهنا في هذه الدراسة اقتبسنا من بعضها ،واستشهدنا بها، لأنها مصادر رئيسة لأفكار هذه المجموعة. وهو في كتبه يؤكد على عراقة الشعب الأسود وحضارته ودوره في الحضارة الإنسانية. كما يطغى على آرائه الروح القومي الشديد بل المتطرف، وهو في هذا مثل ماركوس غارفي. كذلك يحاول زرع الثقة في أبناء جلدته، ويؤكد لهم أنهم كانوا في السابق آصحاب حضارة عظيمة وتاريخ مجيد.
    فهو يرى "بأن حضارة الأفارقة كانت قبل قدوم الأوروبيين أفضل بكثير من حضارتهم، كتلك التي كانت في سونغالي ومالي ومصر.ويقول كان هناك مهندسون ومعماريون وعلماء فلك وغيرهم، قاموا يالعجائب التي حيرت الأوروبيين، وان النظام التربوي في غرب أفريقيا وشمالها كان يخرج العباقرة، إذ كان ذكاء الطلاب أكثر بكثير من طلاب اليوم، بل وكان بعض الأساتذة في عمر الشباب".
    ويقول أيضاً " إن الأفارقة كانوا الشعب الذي اختاره الله أن يقود العالم، ويخرجه من غياهب الجهل، ولكن هذا الشعب ضلّ الطريق ،واختار أن ينضّم إلى العالم المنحرف. فالأفارقة كشعب لم يتمكنوا من جمع شملهم، لأن اللعنة كانت عليهم وان الرب قد عاقبهم، حيث جعلهم الغرباء ضعفاء وحمقى، والأفارقة الأمريكيون ليسوا مكروهين فقط من قبل الآخرين، ولكنهم أيضاً خارج الطريق القويم الذي وضعه لهم الرب، وهم راضون بالوضع الذي هم فيه، لأنهم رضوا لأنفسهم يأن يكونوا ضحية اليد الشيطانية لمضطهديهم( ).
    اتهام بن عامي لليهود بالتآمر ضدهم
    ويؤمن بن عامي بنظرية المؤامرة. فهو في الوقت الذي يسخر فيه من القول بأن الشعب الأسود ليس كفوءاً بطبيعته، يعزو تخلف الأفارقة الأمريكان، بل والأفارقة بصورة عامة إلى مؤامرة، وهو يقول: "إن هذه المؤامرة كانت لتدمير معرفتنا وتاريخنا الزاهر، وكذلك لتدمير طريقنا إلى الرب. وقد نجحت هذه المؤامرة ،لأننا راضون بالوضع الذي نحن عليه، وهو وضع يرثى له، ويسمح للمتآمرين أن يبقوا مسيطرين علينا، ونجحت المؤامرة أيضاً لأننا عصينا الرب »( ).
    ويقول: « بأن المتآمرين الرئيسين هم الذين يسمون أنفسهم يهوداً، والذين سرقوا هوية الشعب الأسود، وتعاون معهم بقية العالم على ذلك، إذ ساعدهم على طمس حقيقة هوية العبرانيين الإسرائيليين وأرادوهم أن يؤمنوا بأنهم يهود، ولكن هذه الخدعة قد انكشفت »( ).
    ويقول أيضاً – ومثله آخرون من السود – إن هذه المؤامرة جعلت الأسود سلبياً في نظر العالم، حيث اعتبر كل جيد أبيض وكل شيء شرير أسود. وإذا كان اليوم صعباً، فإنه يقال له يوم أسود، وإذا قام الإنسان بعمل ابتزازي سمي (Blackmail) إلى غير ذلك. ولما كان الأسود سلبياً كان نتيجة ذلك أن يعطي للرب (عيسى) لوناً غير أسود، أي اللون الأبيض، وقد قام الأوروبيون بذلك من أجل أن يسيطروا، إذ لابد من « تغيير الرب » حتى يتفق ذلك مع أطماعهم. ولذلك أصبح عيسى ربهم ليس أسود بل أبيض، وجاء من خلفية بيضاء وتركيبة بيضاء ،حتى يكون الغرب هو المسيطر تماماً على العالم الأسود. ويقول هؤلاء البيض لأبناء جلدتهم إن الرب الذي نجعلكم تعبدونه، هو أبيض ويجب أن تطيعوا الرجل الأبيض لأن الرب جاء من بيننا (البيض). ولذلك نرى العالم يخضع لعيسى الأشقر، ذي العينين الزرقاوين من أجل تأكيد فكرة اللون الأبيض، وهذا تزييف للحقائق التاريخية( ).
    وهو يقول إن بعث أبناء الله الأفارقة العبرانيين الإسرائيليين قد تحقق في هذا العالم، الذي لا يعترف بهم، لأن طريقتهم في الخلاص وتحقيق الحرية ليست الطريقة المقبولة، فهم ليسوا أصدقاء أمير هذا العالم (الشيطان)( ). ويعتقد أيضاً بأنه حقق ما يسميه بـ« الوعد الإلهي ونبوءات العهد القديم »، بهجرته هو وأتباعه إلى فلسطين بعد أن كانوا في الشتات( ). كما يرى أن مملكة الله قد ظهرت في دولة  "إسرائيل » ولكنها لم تكتمل بعد لأنها تنتظر أن يتحقق مجدها، وهي تعاني الآن من العنف، ولكنها تتجه نحو المجد الذي سيتحقق في أورشليم، حيث ستكون المملكة في منتهى عظمتها وجلالها وعندها سيعترف العالم بالعبرانيين الإسرائيليين ويسلمون لهم قيادة العالم وحكمه( ). واليوم يقدر عدد هؤلاء بستة آلاف أو أكثر قليلا في داخل إسرائيل وخارجها.
    . ولابد أن نذكر هنا بأن المؤسسة الدينية في  إسرائيل  ما زالت لا تعترف بهؤلاء يهوداً، ولا تسمح بدفن موتاهم في مقابر اليهود. وعندما قتل أحدهم في الانتفاضة الفلسطينية الثانية لم تسمح المؤسسة المذكورة بدفنه في مقبرة يهودية، فدفن خارجها( ).
    العودة إلى أفريقيا والتعويض
    العودة إلى أفريقيا
    وقبل أن ننهي هذه الدراسة لابد من الحديث عن فكرة العودة إلى أفريقيا التي أشار إليها بن عامي، وهي ليست من إبداع بن عامي، بل  لها تاريخ طويل بين الأفارقة الأمريكيين.
    فمنذ الثمانينات من القرن الماضي كان بن عامي يدعو إلى العودة إلى أفريقيا ، ولكن بعض الباحثين يرى بأن بن عامي، كان منذ بداية حركته يدعو إلى العودة إلى أفريقيا ،أي في الستينات من القرن الماضي، وكان يقول بأن الوقت قد حان للرجوع إلى أفريقيا.  ،ورأى بأن من الأفضل للأفارقة هو الهجرة إلى الأرض الأم "افريقيا". ويرى بأن عودتهم هو شيئ  مبرر أخلاقيا. ثم يقول دعني أوضح أولا، إن فكرتنا لاتعني السيطرة على أفريقيا، ولكن كأمريكان أفارقة لنا الحق في العودة إلى أرض أجدادنا.ودعونا ندرس التاريخ، إننا لم نغادر أفريقيا اختيارا،وكذلك لم نختر أمريكا كموطن لنا، لذلك يكون من حقنا القانوني أن نختار بين أمريكا وأفريقيا،لأننا لم نختر أن نترك أفريقيا ولم نختر أن نأتي إلى أمريكا، ولذلك فإنه من حقنا أن نصر على أن كل من له يد في هذا الأمر، أن يحترم هذا القرار،فبعد أربعمئة سنة دعونا نفكر بهذا الأمر.   ويقول أيضا، أن من يبقى في البلد، فإنه يبقى عبدا،سوى أنه يلبس قميصا أبيض ويأخذ شيكا (أجرة لعمله) ويملك بيتا وسيارة ولكنه يبقى عبدا .وكان ردهم في حينها على حلم مارتن لوثر كنج ،أن حلمهم يتحقق خارج بابل( الولايات المتحدة الأمريكية).وأن هذا الحلم كما يقولون ليس فنتازيا رومانسية، يقوم بها أناس قصيرو النظر (كما يتهمون من أبناء جلدتهم وغيرهم)، أو أنها فكرة مدفوعة بعاطفة، بل إنها بديل حقيقي لأناس جديون فيما يقولون، ويشعرون أنه بعد أربعمئة سنة(في الولايات المتحدة الأمريكية) من محاولة التكيف مع المجتمع الأمريكي، لم يكن هناك لهم قبول أبدا،ولذلك يجب أن يكون هناك طريق آخر، ورؤية أخرى فيها أمل وازدهار.وقد اتهمت هذه الجماعة بأن تبنيها للعودة إلى أفريقيا ،إنما هو إنهزامية من الواقع.  ويرد بن عامي على هذه التهمة بقوله، إنه إلى أن يفهم الأفارقة الأمريكان، أن الخروج من الولايات المتحدة الأمريكية، هو ليس هروبا من النضال، فإن سوء الفهم سيستمر.إنه فقط عندما يفهم هذا التحرك على أنه قبول للتحدي من أجل بناء مستقبل، وعالم جديد عندها سيقدر الأفارقة هذه الروح  . وتؤكد هذه المجموعة، بخاصة بن عامي على التهيئة الروحية قبل العودة الجسمانية،ومنها تبني الهوية الأفريقية (نفسيا) لأي أفريقي يريد العودة إلى أفريقيا والتحول إليها سواء أكان من هذه المجموعة أم غيرها.
    .قبل أن يتبنى السلوك الحياتي للإسرائيليين العبرانيين، مثل الطعام النباتي وعدم شرب الخمر واللباس المميز إلى غير ذلك،
    تعويضهم عن  استعبادهم
    يرى بن عامي إن على الولايات المتحدة واجب بمساعدة من يرغب العودة إلى أفريقيا، ويقول إذا اخترنا بحريتنا العودة إلى أفريقيا، فلابد للولايات المتحدة أن تحترم هذا القرار، وتساعدنا بالتعويض المالي من أجل السكن في أرض أجدادنا . ويقول مسؤول آخر منهم، إن نضالي هو من أجل كرامتي الإنسانية ،ومن أجل حقي في الرجوع إلى موطني والتعويض عن الظلم الذي لحق بأجدادي، وهذا التعويض سيكون الأساس لإعادة بناء حضارتنا المشتتة التي كانت ضحية للإرهاب.  واعتبروا هجرتهم إلى إسرائيل هو عودة إلى أفريقيا ،إذ هي في نظرهم جزء من أفريقيا كما ذكرنا .
    وعلى الرغم من مطالبتهم المتكررة، لكنهم لم يحصلوا على مساعدة من الحكومات الأمريكية المتعاقبة ،إلا في السنين الأخيرة وبضغط من الزعماء السود، حيث قامت الولايات المتحدة باعطائهم مساعدة مالية بسيطة لمدرستهم في إسرائيل، ومنحة من الكونغرس الأمريكي بمليون دولار لمستوطنتهم  الجديدة، التي ذكرناها سابقا.التي وافقت إسرائيل على إنشائها ،بعد وعود كثيرة وفترة طويلة.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media