كلام وسهام!!
    الأثنين 22 أغسطس / آب 2016 - 19:41
    د. صادق السامرائي
    للكلام زمانه وللسهام زمانها , ولا يمكنهما التواجد في وقت واحد , فوقت السهام للسهام ووقت الكلام للكلام!!
    وهذه قاعدة سلوكية معروفة منذ أن عرف البشر السهام وأجاد رميها والصيد والقتل بها!!
    والكلام يُقرن بالسهام , لأن التخاطب بالسهام يسبقه التخاطب بالكلام , ولا يمكن تحقيق الخطاب الكلامي في محتدم التخاطب السهامي!!
    ومما يثير العجب والحيرة أن العديد من الكراسي الفاعلة في بعض المجتمعات المنكوبة تتجاهل هذا القانون , وتختلط عليها الأمور , وتتشعب وتتعقد , لأنها تمزج ما بين الوقتين , ولا تفهم في قوانين الزمينين , فتراها تتكلم في وقت التخاطب بالسهام , وترمي بسهامها في وقت التخاطب بالكلام  , مما يتسبب في معضلة تفاعلية ذات نتائج خطيرة ومريرة.
    وتجدها فاشلة في حل المشاكل القائمة في بلدانها , وعاجزة عن إستثمار الطاقات وتطويرها , وتكون أسيرة ردود الأفعال والمشاركة في صناعة النكبات , وتنفيذ الأجندات , والخروج من دائرة الوطن والدخول في زنزانة الكرسي , الذي يمتلكها ويقدمها على أنها عدوة لما فيها وما حولها , فتحترق في مكانها وتؤول إلى عصف مأكول , ويبقى ناعور الكراسي يدور.
    والأمثلة الدامغة واضحة ومتكررة في العديد من مجتمعاتنا ,التي لا تجيد مهارات التعلم من تجاربها ومآسيها , وإنما تمعن بتكرار آليات أقسى من سابقاتها , لتوفر الأدوات التي تنفذها.
    فعندما تحصل مظاهرات أو إحتجاجات , يتطلب الأمر حوارات , وقدرات على إستخدام الكلام للوصول إلى الغاية والمرام , لكن الذي يحصل أن الكراسي تعمد إلى رمي السهام , فتدخل في متاهات تدميرية يتم الإستثمار فيها من قبل الطامعين فيها والوطن , وقد حصل ذلك في عدد من الدول المعروفة التي تتمحن في خيباتها وإنكساراتها , والتي أطلقت العنان للسهام وراحت تتمنى أن تجد فرصة للكلام , بعد أن تخبطت في إنفعالاتها وحالتها السلوكية العمياوية , وهي مصفدة ومذعنة لإرادة الآخرين الذين يعرفون من أين تؤكل الأكتاف , وتُمتَلك الشعوب والسلطات.
    وفي هذه الحيرة والمأزق لا بد من عقول قادرة على الخلاص من وحل المنزلق , وتعرف كيف تخرج من الهاوية , وتبحث عن المنافذ التي قد تكلف الكثير من التنازلات والتغيرات القاسية , لكي تعود الأمور إلى نصابها الوطني والإنساني , وإلا فأن وجودها سيكون شذرا مذرا , وبلدانها ستتناهبها أنياب ومخالب الوحوش الكاسرة التي تكالبت على وجودها , بعد أن أسقطت نفسها في مهاوي الضياع والخسران , لأنها أغفلت مستحقات الزمن الذي تفاعلت فيه , وأطلقت العنان لما فيها من النوازع والهفوات , التي أوهمتها بالقدرة على التمكن والنجاة!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media