مع اقتراب موعد انطلاق عملية تحرير الموصل.. مصادر تكشف عن اجتماعات سرية بين الحشد الشعبي ودول غربية
    الأربعاء 24 أغسطس / آب 2016 - 06:34
    [[article_title_text]]
    برلين: جاسم محمد (الصباح الجديد) - تشهد العملية السياسة في العراق، الكثير من الجدل والمواجهات مابين الفرقاء الشركاء، والتي كثيرا ما تضرب بتداعياتها على الوضع الامني في العراق. وتتصاعد حدة الخلافات مابين الفرقاء السياسيين مع اقتراب معركة تحرير الموصل، والتي من المتوقع ان تكون نقطة فاصلة جديدة في تاريخ العراق السياسي، من شأنها ان تعيد رسم موازين القوى المحلية الفاعلة في المشهد العراقي.
    وذكرت مصادر مطلعة عن استضافة العاصمة اللبنانية، بيروت يوم الثامن من شهرأوغست 2016 لقاءات سرية خاصة وعلى مدى ثلاثة أيام، في احد فنادق بيروت، مابين وفود دبلوماسية غربية وممثّلين لمنظّمات غير حكومية، مقابل وفد من قياداتّ الحشد الشعبيّ العراقي .
    التقارير المسربة، كشفت بأن الجهة التي كانت وراء ترتيب هذا النوع من الاجتماعات السرية الخاصة، هي احدى المنظمات التابعة الى الامم المتحدة العاملة في العراق. وحسب المصادر فقد شاركت بعض من الدول الغربية في هذا الاجتماع ابرزها النروج، إسبانيا، هولّندا، كندا أوستراليا، إيطاليا وألمانيا وتغيبت كل من الولايات المتحدة وكذلك بريطانيا.
    الاجتماع يعد سابقة في تاريخ علاقات هذه الدول مع الجماعات المسلحة في العراق، وربما يعود سبب اختيارها العاصمة اللبنانية بيروت يعود الى التواجد الايراني وحزب الله وممثليات ميليشيات شيعية. التسريبات جاءت من قبل قيادات الحشد الشعبي، وعكس رغبات الاطراف الغربية التي حضرت الاجتماع وهي تبعث برسالة الى اطراف غربية واقليمية، بأن مجموعات الحشد الشعبي وعلى مستوى القيادة العامة او الميليشيات الشيعية، اصبح لها دور فاعل على الارض.
    تصريحات بعض اعضاء وفد الحشد الشعبي الذي رفض الكشف عن هويته ، بأن هذا الاجتماع كان قد اعد له الترتيبات والتحضيرات في اعقاب تحرير مدينة الفلوجة، ليمنح الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية، ورقة رابحة في الوضع السياسي والامني في العراق.

    الحشد الشعبي
    الحشد الشعبي في العراق، هو جماعات مسلحة، تنتمي إلى المكون الشيعي تشكلت بعد اطلاق المرجعية الدينية الشيعية العليا بالعراق فتوى «الجهاد الكفائي» في 13 يونيو 2014 لمواجهة تهديدات داعش. ويقدرعدد مقاتلي الحشد الشعبي، ب 140 الف مقاتل، ويضم الحشد جماعات سياسية مسلحة، ميليشيات منها:( منظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب اهل الحق وسرايا السلام ولواء الخراسان) وغيرها. والى جانب ذلك هناك اعداد التحقت بالحشد بنحو فردي غير منظمة سياسيًا، التحقت لتقاتل تنظيم داعش بعيداً عن الولاءات السياسية.
    وكشفت مصادر برلمانية عراقية ، تفاصيل اعداد مقاتلي الحشد الشعبي بضمنهم 30 ألفاً من أبناء المحافظات الغربية ، مشيراً الى أن وزارة المالية تصرف رواتب شهرية لـ 110 آلاف مقاتل يتم تقسيمها لتشمل 140 ألف مقاتل.
    ومع اقتراب انطلاق معركة تحرير الموصل، وتقدم وحدات من الجيش العراقي عبر القرى والنواحي القريبة من المدينة، يتصاعد الجدل في الأوساط السياسية والإعلامية حول ما إذا كانت هناك ضرورة لإشراك الحشد الشعبي في المعركة. واشار زعيم ائتلاف متحدون للإصلاح أسامة النجيفي أعرب، عن رفضه لإشراك الحشد في معركة الموصل. واعربت عدد من عشائر الموصل بأنها ترفض مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير الموصل، لكن برغم ذلك كانت الحكومة العراقية قد اعلنت عن مشاركة الحشد. ويتوقع بعض المراقبين المعنيين، مشاركة الحشد سوف تكون فقط في اطراف مدينة الموصل وليس الدخول الى مركز المدينة. في المقابل، رأى أسامة النجيفي، أن «دعم الحشد الوطني والعشائري وإسناده عامل مهم في كسب المعركة ذلك أنهم من أهل الموصل، اكثر من مشاركة الحشد الشعبي.
    ونقلا عن قيادات أمنية عراقية، فإن القوات العراقية المشتركة جهزت 45 ألفاً، وتشارك قوات البيشمركة الكردية بـ 10 آلاف، في حين سيشارك الحشد الشعبي بـ15 ألفاً من قواته، ويتم استكمال عديد القوات المشاركة في تحرير الموصل بـ10 آلاف مقاتل من عشائر نينوى والأقليات الموجودة فيها مثل التركمان والشبك وغيرهم.
    ويرى الخبير في شؤون الجماعات المتشددة هشام الهاشمي أن مشاركة الحشد في معركة تحرير الموصل تأتي تلبية لحاجة عسكرية لا يعرفها سوى أصحاب القرار على أرض المعركة، إذ أن معركة تحرير الموصل، حسب رأيه، تحتاج إلى عديد قوى يبلغ 80 ألف مقاتل. الحشد الشعبي كان له دور في دعم القوات العراقية النظامية بمحااربة داعش، لكن في الوقت نفسه كانت توجه له الكثير من الانتقادات في ممارسات وصفت من قبل هيومن رايتس بانها انتهاكات لحقوق الانسان. لكن قيادات الحشد الشعبي دافعت عن نفسها بالقول بان هذه الممارسات كانت فردية وغير عامة.

    الوضع القانوني للحشد الشعبي
    إن الوضع القانوني الى تشكيلات او كيان الحشد الشعبي، لم يزل غير واضح، وهذا مادفع عدداً من اعضاء البرلمان الى التعجيل بأصدار القانون الخاص في الحشد الشعبي. وفي هذا السياق اكدت لجنة الامن والدفاع النيابية خلال شهر اوغست 2016، ان صياغة مشروع القانون ستتم وفقاً لضوابط عمل المؤسسة العسكرية في وزارة الدفاع. وكشفت مصادر برلمانية عراقية، يوم 18 اوغست 2016 ، عن تقديم قانون الحشد الشعبي إلى هيئة الرئاسة، وانه سيتم قراءته قراءة أولى في الأسابيع المقبلة، واصفاً الحشد ب»القوة الوسطية» غير تابعة للجيش أو الشرطة.
    يذكر ان الحشد الشعبي جاء بناء على ما أقره مجلس النواب وصادق عليه رئيس الجمهورية إستناداً الى أحكام البند (أولاً) من المادة (61) والبند (ثالثاً) من المادة (73) من الدستور ليصدر قانون سنة 2015 ، لشرعنة الحشد الشعبي.
    واوضح وتوت، عضو اللجنة الامنية البرلمانية العراقية، انوزارة الدفاع هي الجهة التي ستتولى تسليح وتمويل تشكيلات الحشد الشعبي اسوة بجهاز مكافحة الارهاب، لانه مرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة بموجب الامر الديواني، مشيرا الى ان جميع الحقوق والامتيازات التي سترد في مسودة مشروع القانون ستكون اسوة مع اقرانهم في القوات المسلحة. وعد التحالف الوطني، يوم 19 اوغست 2016، أن تنفيذ أمر رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بهيكلة الحشد الشعبي بـ»حاجة الى قانون لتنفيذه، وكشف عن بدء قيادة الحشد بهيكلية ألويته استعداداً لسن مسودة قانونه ورفعها الى مجلس الوزراء، وفيما رجح أن يشرع القانون بعد عملية تحرير الموصل، الى جمع تواقيع نواب من كتل مختلفة للمباشرة بكتابة مسودة قانون الحشد الشعبي.

    قانوني الحرس الوطني
    عدّ اتحاد القوى السنية اقرار قانوني الحرس الوطني والعفو العام كفيلا بتحقيق التوافق الوطني ومنع تقسيم العراق على اساس طائفي وعرقي. حسب زعمه. وقال عضو المكتب السياسي لإتحاد القوى محمد الكربولي رئيس كتلة الحل النيابية «ان اقرار قانون المحكمة الاتحادية يعكس ايجابية الاجواء السياسية في البرلمان لتفعيل وتمرير القوانين المهمة وفي مقدمتها قانوني الحرس الوطني والعفو العام». وقد وافقت الحكومة العراقية على مشروع قانون تشكيل الحرس الوطني ليكون نواة لتحرير المدن العراقية المسيطر عليها من قبل تنظيم داعش، ويرتبط الحرس بالقائد العام للقوات المسلحة.
    ومن المقرر ان يبلغ تعداد قوات الحرس الوطني بحسب مشروع القانون (سبعون ألف) مقاتل سيتوزعون على المحافظات العراقية، بحسب النسب السكانية، بإستثناء إقليم كردستان. وسيكون لهذه القوات قائداً يختاره القائد العام للقوات المسلحة كما ستضمن هيكلية الحرس الوطني أمانة للسر ورئاسة للأركان.
    أما تحريك قوات الحرس الوطني خارج أي محافظة فهو من صلاحية رئيس الوزراء فقط ويكون للضرورات القصوى.

    النتائج
    • إن الدول الاوروبية والغربية، لديها قراءة حول مستقبل العراق مابعد داعش،تتركز بهيمنة الجماعات الشيعية المسلحة على المشهد الامني والسياسي في العراق، ولقاء هذه الدول بقيادات الحشد الشعبي، تأتي ضمن حرصها على ايجاد قنوات اتصال مع جميع الاطراف الحالية والمستقبلية الفاعلة في العملية السياسية.
    • إن اصدار قانون الحشد الشعبي ممكن ان يخضع للمساومة من قبل اطراف سياسية بموازاة قانون الحرس الوطني العراقي.
    • مايحصل في العراق الان، هو تشكيل جيش رديف الى الجيش العراقي، على غرار (الحرس الثوري الايراني) جماعات عسكرية مؤدلجة تخضع للتدريب وتمتلك الخبرات.
    • إن ظهور الجماعات المسلحة بشتى تسمياتها، ان كانت حشداً مناطقياً او حشداً شعبياً، والعشائر يعكس ضعف الحكومة. لكن هنالك حقيقة، بأن مؤسسة الدفاع في العراق انجزت بالفعل الكثير من الانجازات على الارض وتمكنت من استعادت قدراتها وسمعتها بعد تحرير مدن عراقية كانت تحت سيطرة تنظيم داعش واعادت الثقة بها ، وهذا مايدفع اطراف دولية الرهان على قوة الجيش العراقي في مواجهة ومحاربة تنظيم داعش.
    • مايجري في العراق الان تحديداً مؤسسات الامن والدفاع، بانها تتحرك بمسارات غير متساوية، في الوقت الذي تشهد فيه المؤسسة العسكرية تقدما وانجازات ملحوظة، فأن العملية السياسية في العراق تتراجع الى الوراء. اما تقييم اجهزة الاستخبارات العراقية فهي ايضاً لا تسير في مسارات متقاربة، فجهاز مكافحة الارهاب، احرز انجازات كبيرة في محاربة داعش، لكن لحد الان جهاز المخابرات الوطني والداخلية، لم يشهد لها دور بارز بتأمين المدن العراقية او الكشف عن تهديدات تتعلق بالامن القومي العراقي.
    • الحكومة العراقية تراهن الان على تقديم عمليات تحرير مدينة الموصل على الخلافات القائمة مابين الاطراف السياسية الفاعلة في العملية السياسية. الاطراف السياسية والحكومة العراقية مازالت تعيش هاجس الخلافات الواسعة مابعد تحرير مدينة الموصل. الخلافات ستكون مركبة: مابين الحكومة المركزية واقليم كردستان حول المناطق المتنازع عليها والمناطق التي سيتم تحريرها ومن جانب آخر خلافات بين المكونات السياسية.
    بات متوقعًا ان دور الحشد الشعبي وخاصة الميليشيات، سيكون له دور اوسع في الشأن الامني والسياسي في العراق، وذلك بأستنساخ تجربة حزب الله اللبناني و(الحرس الثوري الايراني ) في العراق، وهذا يعني ان اطرافاً سياسية جديدة سوف تدخل على الخط في الانتخابات العراقية العامة المقبلة.

    جاسم محمد - باحث في قضايا الارهاب والاستخبارات
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media