كيف يمكن ترشيد الإنفاق الحكومي
    الأربعاء 24 أغسطس / آب 2016 - 19:02
    د. عادل عامر
    إن الموازنة ذات الأساس الصفري تفي بالجزء الأكبر من متطلبات ترشيد الإنفاق العام بما يساهم في علاج عجز الموازنة العامة للدولة، وخاصة قاعدة إتباع مبدأ الأولويات ومبدأ تحليل العائد والتكلفة ومبدأ تعظيم دالة المصلحة الاجتماعية، و إقامة دراسات الجدوى من منظور اجتماعي شامل لكل المشروعات التي يراد الإنفاق عليها من قبل الدولة، وتوضيح المضار المترتبة على السفه في الإنفاق العام
    الموازنة العامة للدولة نجد أنها عبارة عن خطة مالية تقديرية مستقبلية لعام قادم من خلال إجازة السلطة التشريعية لها، والجدير بالذكر أن هذه الإجازة في الصرف لا تعني وجوب صرف كل ما خصص من خلال الموازنة من اعتمادات لوزارة من الوزارات أو هيئة من الهيئات، ولكنها تعني إمكانية إنفاق هذه الأموال حسب حاجة كل جهة وذلك ضمن الأنظمة والتعليمات المالية الموضحة لهذا الغرض
    كما يجب التأكيد على أن الأرقام التي ترد في الموازنة على أنها نفقات تعتبر الحد الأقصى المتوقع الذي يجب أن لا تتجاوزه الوزارات والمصالح الحكومية عند الصرف، كما أن الأرقام أو المبالغ التي ترد في الموازنة على أنها إيرادات تمثل الحد الأدنى المتوقع من الإيرادات والتي من الممكن أن تزيد حسب الأحوال الاقتصادية وحاجات البلاد.
     وتحاول الحكومات أن توازن بين إيراداتها ونفقاتها حتى تستطيع القيام بتنفيذ خططها التنموية، ولكن في بعض الأحيان لا يتحقق هذا التوازن بالشكل الذي تريده الحكومة، ويظهر ما يسمي بعجز الموازنة والذي يعني أن إيرادات الدولة لا تستطيع أن تلبي نفقاتها. وترشيد الإنفاق في معناه الاصطلاحي مشتق من كلمة الرشد الاقتصادي، والرشد الاقتصادي في مفهومه الإسلامي هو حسن التعامل مع الأموال كسباً وأنفاقاً، بمعني ترشيد الإنفاق العام وترشيد الإيرادات العامة.
    وبذلك عندما نعرف الرشد الاقتصادي في الإنفاق فهو حسن تصرف الحكومة في إنفاق الأموال، والرشد يضاده السفه، كما أنه يتنافى مع التبذير من جهة، والتقتير من جهة أخرى، بمعنى أن الزيادة أو النقص عن وضع الاعتدال هي عدم رشد أو سفه، كما يتضمن ترشيد الإنفاق إتباع مبدأ الأهميات النسبية والترتيب التفاضلي السليم، بحيث يقدم الأهم على المهم. أن "ترشيد الإنفاق يتضمن ضبط النفقات، وإحكام الرقابة عليها، والوصول بالتبذير والإسراف إلى الحد الأدنى، وتلافي النفقات غير الضرورية، وزيادة الكفاية الإنتاجية، ومحاولة الاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية والبشرية المتوفرة
    يجب  إلزام الجهات الحكومية بالتصرف في العقارات الإدارية غير المستغلة استغلالًا فعليًا نتيجة لتصفية النشاط أو نقله إلى مقار إدارية أخرى أو دمج الكيانات الإدارية، وذلك وفق أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 89 لسنة 1998 ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما. يجب المحافظة على الأصول المملوكة للدولة والاستفادة منها في الأغراض المخصصة لها، والعمل على إجراء الصيانة الدورية لها للحفاظ على كفاءتها الإنتاجية، وحصر وتحديث قاعدة بيانات الأصول العقارية المملوكة للجهة بكل دقة، التي تنحصر في الأراضي والمباني المملوكة أو المخصصة لها، وما تم التصرف فيه منها وأسلوب التصرف وقيمته والبيانات الكافية عن المتصرف إليهم، على أن تخطر وزارة المالية «الهيئة العامة للخدمات الحكومية» بصفة دورية بكافة ما يتم إثباته من بيانات بالجهات، لإثباتها بقاعدة البيانات المركزية المنشأة لديها. كما يحظر على كل الجهات إنشاء أي أجهزة أو هيئات أو صناديق أو حسابات خاصة، وشراء أجهزة مكتبية أو أثاثات أو تجهيزات حديثة فيما يجاوز الاعتمادات المدرجة في الموازنة وبمراعاة أحكام التأشيرات العامة. ويجب أن يمنع نهائيا  تركيب الخطوط التليفونية المصحوبة بخاصية الاتصال بالنداء الآلي أو التليفون المحمول أو الدولي إلا بموافقة الوزير المختص بالجهة، وللضرورة الحتمية بمقتضيات العمل فقط لا غير. ويحظر نشر التهاني أو التعازي في المناسبات المختلفة وكل ما من شأنه الإعلان عن الأشخاص المسئولين بالجهات المشار إليها في هذه المادة أو الجهات التابعة لها أو التي تشرف عليها أو تساهم فيها، سواءً كل ذلك في شكل إعلانات مدفوعة الأجر أو غيرها، وسواء كان ذلك في الصحف أو المجلات أو وسائل الإعلام الأخرى.
    مع ضرورة استخدام اللمبات الموفرة للطاقة في جميع التركيبات الجديدة، مع مراعاة المعايير الموضوعة من جانب وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في هذا الشأن، ووجوب ترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل تلك الجهات، من خلال إجراء أعمال الصيانة والكشف الدوري على وصلات الكهرباء والمياه بالمنشآت الحكومية، مع مراعاة شراء الأجهزة والمعدات الموفرة للطاقة وأن تكون صديقة للبيئة، والتعاون مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لتعميم تنفيذ مشروع إقامة محطات تعمل بالطاقة الشمسية على أسطح المباني الحكومية وربطها بالشبكة القومية.ويجب أن يسمح لمصانع تشغيل المعادن باستخدام أنابيب البوتاجاز التجارية، لحين توصيل الغاز الطبيعي، وذلك بإبرام تعاقدات مع الشركات المختصمة بوزارة البترول والثروة المعدنية، ويصدر من وزير التموين والتجارة الداخلية، ووزير البترول والثروة المعدنية القرار المنظمة لذلك.
    دور المواطن في ترشيد الإنفاق
    إن أهمية تنفيذ الإصلاح الاقتصادي عن طريق ترشيد الإنفاق العام ومعالجة الخلل الذي يعاني منه اقتصادنا الوطني، وإذا كانت الحكومة تصرح بين الحين والآخر بأن الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح لن تمس العيش الكريم للمواطنين، فحري بكل مواطن مخلص لوطنه مد يد العون للحكومة بهدف تحقيق أهداف الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي، فالمواطن الحق هو من سيكون دائماً عوناً لوطنه ويتفهم التدابير والإجراءات المهمة التي يجدر تنفيذها بهدف مواجهه انخفاض أسعار النفط والتقلبات المتواترة في الاقتصاد العالمي.
    لا يقتصر دور المواطن الحق على تكريس ثقافة ترشيد الإنفاق في المجتمع، بل يُعوِّل عليه أبناء وطنه في تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية التي يعاني منها العالم أجمع، فالخروج من قمقم التشاؤم المصطنع يبدأ بتوظيف طاقاتنا البشرية لخدمة وطن يستحق التفاؤل في حاضره ومستقبله، فالمواطن الحق لتحمل مسؤولياتهم الوطنية تجاه قضية ترشيد الإنفاق، وسيسعى كذلك لمكافحة النزعة الاستهلاكية السلبية في المجتمع وبخاصة تلك التي تتمثل في الإقبال المتواصل على شراء بعض المواد الكمالية غير الضرورية، فيعتنق المواطن الحق ثقافة الاستهلاك الذكي ويستعمل الموازنة الأسرية لأنه يدرك أن الإصلاحات الاقتصادية تتطلب ليس فقط مكافحة التأثير السلبي للنمط الاستهلاكي المتضخم وتبعاته على الإنفاق الحكومي وإعاقته للتنمية الاقتصادية
    ولكنه يدرك دوره الحيوي كعضو في المجتمع في ظل ما يمر به الاقتصاد العالمي من تقلبات مختلفة تشير إلى أن الترشيد في الإنفاق العام وإعادة هيكلة النظم الاقتصادية والمالية الوطنية تمثل بعض المصطلحات الأساسية في اقتصاد عالم اليوم، فلا يمكن تحقيق معالجة فعالة للاختلالات الاقتصادية ما لم يساهم المواطن الحق بشكل إيجابي في الترشيد ، إن مسؤولية توعية الشعب المصري بضرورة ترشيد الاستهلاك مسئولية مشتركة تقع على عاتق عدة أطراف منها الحكومات، والجامعات والمدارس، والجمعيات الأهلية والمدنية، إضافة إلى التربية في داخل الأسرة على ترشيد الاستهلاك والاتجاه نحو الادخار". لا يمثل فقط استغلال الموارد والثروات الوطنية بشكل غير قانوني لكنه يشير أيضا إلى أي نوع من الاستغلال مثل ممارسة المحسوبية والتمييز وفق العرق والمذهب والفئة الاجتماعية، وتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media