المرجعية العليا تحث على تطبيق العدالة مع الجميع وتنتقد ترك كبار السراق
    الجمعة 26 أغسطس / آب 2016 - 12:49
    [[article_title_text]]
    كربلاء المقدسة (الفرات نيوز) - حثت المرجعية الدينية العليا، اليوم الجمعة، على تطبيق العدل مع الجميع ، منتقدة انزال العقوبات الشديدة لصغار السراق والمختلسين وترك الكبار منهم يسرحون وينهبون كيفما يحلو لهم .
    وقال ممثل المرجعية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي، خلال خطبة صلاة الجمعة التي أقيمت اليوم في الصحن الحسيني المقدس حضرها مراسل وكالة {الفرات نيوز}، انه" روي عن رسول الله {صلى الله عليه وآله وسلم} {انما اهلك الذين قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق الضعيف اقاموا عليه الحد}، مبينا ان" هذه الرواية تتحدث عن واقع الامم السابقة التي كانت تفرق في تطبيق القانون الذي يراد من خلاله تحقيق العدالة بين الناس حتى يأخذ كل ذي حق حقه ويعاقب الشخص الذي ينحرف عن خط العدل ويتخلف عن القانون مهما كان موقعه وصفته في المجتمع".

    واضاف ان" هذه الامم قد بادت واندثرت حينما كان الشريف فوق القانون ويقصد به هنا الشخص الذي يتميز في المجتمع بموقع اجتماعي او ديني او عشائري او اقتصادي او سياسي، فحينما يعيش الناس الطبقية الاجتماعية فيميزون بين من يسمون بأصحاب الطبقات الرفيعة وبين اصحاب الطبقات الدنيا، فكان اولئك اذا سرق فيهم هذا الشريف سواء كانت سرقته من الاموال العامة او كانت سرقته تتصل بالناس من حوله من الضعفاء الذين قد يأكل اموالهم بالباطل مستغلا موقعه فاذا ذهب هذا الضعيف ليشكو أمره الى الجهات المسؤولة لم يعبأوا به او وجدوا له مخرجا وتركوا هذا السارق او المختلس ولم يعاقبوه وجعلوه فوق القانون عندهم".

    وتابع قائلا" اما اذا سرق الضعيف وربما قد سرق ليأكل او ليلبس او ليشتري دواء لنفسه او لعائلته او ليعتاش بها ، طبعاً لا نبرر السرقة مهما كانت دواعيها ولكن الغرض انها قد لا تكون لمحض الجشع والرغبة في الاستحواذ على مزيد من الاموال".

    واوضح " فاذا سرق الضعيف فان كل قوة القانون تتوجه اليه ويطبق عليه بحذافيره فهؤلاء الذين بيدهم تطبيق القانون او يجلسون في مواقع القضاء ومواقع السلطة والحكم يراعون هذا الشريف او يخشون سطوته او يخشون ، في ايامنا حزبه او جماعته المسلحة ولكنهم لا يراعون هذا الضعيف ولا يخشونه لأنه لا سطوة له فيطبقون عليه القانون ويعاقبونه".

    وتطرق الشيخ الكربلائي الى حديث للامام علي {عليه السلام} حول الكفر والظلم بالقول ان" هذا ما يجعل المجتمعات تفقد قوامها وتوازنها وعندما يتعاظم فإنه سيؤدي الى تدمير المجتمع بتفشي الجريمة وانتهاك القانون ومن ثمّ شيوع الفوضى والاضطراب والدمار".

    وزاد" لقد اراد النبي {صلى الله عليه وآله وسلم} ان يؤكد ان خط العدل يجب ان لا يعرف ضعيفاً او قوياً ولا شريفاً او حقيراً، وفي ايامنا هذه يجب ان لا يعرف حزبياً ولا غير حزبي ولا منتميا لجماعة مسلحة ولا غير منتمي اليها ولا محسوباً على تيار او حزب سياسي ولا غير محسوب عليهما، وهذا ما اكده القرآن الكريم عندما دعا المؤمنين الى ان يتحركوا بالعدل حتى ضد الاقربين".

    واكمل قائلا ان" امير المؤمنين {عليه السلام} يريد ان يبين ان الحق والعدل يجب ان لا يفرق فيه بين الناس ولا يميز حتى ابناء الحاكم والمنسوبين اليه بل هم اولى من غيرهم بتطبيق القانون عليهم، وعلى ضوء ذلك فإن المطلوب منا ان نعيش هذا المبدأ الاسلامي القانوني من تطبيق العدل مع الجميع لأن في ذلك حماية للمجتمع والدولة معاً – ولكي نتمكن ان نصنع مجتمعاً عادلاً ودولة عادلة- ونلاحظ ان الكثير منا قد يطلبون العدل من الاخرين ويلعنون الظالمين ولكنهم لا يعدلون مع الاخرين من ابناء مجتمعهم ولا مع زوجاتهم واولادهم واشدهم خطرا الحكام فيه عدم عدلهم مع رعيتهم".

    واشار الشيخ الكربلائي الى ان" في المجتمعات التي سبقتكم كان الحكام والذين بيدهم السلطة السياسية والاجتماعية او القضائية او المالية، والذين كانت بيدهم حقوق الناس في قضاياهم المتصلة بأرزاقهم وبسائر امور حياتهم والتي من المفترض ان يؤديها هؤلاء الحاكمون اليهم دون أي مقابل بل هي واجبهم كانوا يمنعون الناس حقهم مما يضطرهم الى ان يدفعوا الرشوة للحصول عليها او يجاروا الحاكم في سياسته او يخدمونه ولو بالانتماء الى حزبه وجماعته حتى يستحصلوا حقوقهم".

    واكد انه" من امثلة ذلك في زماننا ما اصبح امراً ثابتاً في معظم الدوائر الحكومية من انه لا تعيين في الوظائف الا بدفع المال فمن يريد التعيين فيها وهو حقه بموجب القانون لا يجد بداً من ان يدفع مبلغاً بمئات الالاف او بالملايين حتى يتعين، وهذا انموذج من منع الحاكم الناس حقوقهم فيضطرون الى شرائها بالرشا، أي فساد هذا؟ ان يشتروا الحق الذي هو حقهم الذي فرضه القانون لهم.. ان يشتروه بالمال".

    وبين الشيخ الكربلائي انه" اصبح هذا الطريق أي الحصول على الحق بالرشوة او الانتماء السياسي وغيره هو الطريق الذي لا محيد عنه للفقراء والبسطاء من الناس الذين لا ينتمون لخط احزاب السلطة واصحابها وليسوا من المقربين لهم سياسيا او عشائريا او مناطقيا او غير ذلك، لافتا الى ان" ما نلاحظه في ايامنا هذه من استشراء الفساد والتواطؤ على الغض والسكوت عما يمارسه من ذلك اصحاب الجاه والسلطة وانزال العقوبات الشديدة لصغار السراق والمختلسين وترك الكبار منهم يسرحون وينهبون كيفما يحلو لهم".
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media