المعقوقون وذوو الاحتياجات الخاصة هم الفئة المنسية في مخيمات النازحين
    السبت 27 أغسطس / آب 2016 - 20:49
    سعد بابير
    مقدمة

    من لم يزر مخيمات النازحين بمحافظ دهوك (شمال العراق ) لا يعرف حجم المعانات الذي يعيشه ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة الذين يواجهون صعوبة  كبيرة في التنقل وقضاء احتياجاتهم اليومية وسط اهمال كبير من قبل منظمات المجتمع المدني وغياب واضح لدور المؤسسات الحكومية المعنية للاهتمام بهذه الفئة التي تعاني من التهميش .

    مثال حي

    قبل بضعة ايام  كنت برفقة بعض الزملاء , زرنا شخص يدعى (نواف يوسف كرنوص ) البالغ من العمر 27 عاما ,  وهو احد الناجين من قبضة تنظيم ما يسمى بـ(الدولة الاسلامية) , يسكن في مخيم شاريا (اطراف محافظة دهوك )  , كان لديه مشاكل لا تعد ولا تحصى , وبنبرة تكسوا عليها حزن قال نواف " اعاني من مشاكل كثيرة وكما ترون لدي اعاقة في القدمين ولا استطيع السير واني نجوت من بطش تنظيم داعش بعد بقائي عدة اشهر رهن الاختطاف ورغم انني كنت معوقا الا انني كنت اتعرض الى الضرب المبرح من قبل عناصر داعش كل يوم " مضيفا " في احدى المرات عناصر داعش قاموا برمي من المركبة التي كانت تسير بسرعة فوقعت على الارض واصبح الدم يجري من مختلف اجزاء جسمي وسط الم قاسي " .

    استمر في الحديث " بعد نجاتي من قبضة داعش كنت اتأمل خيرا وكنت اود الذهاب الى الخارج لكن لم يتم شمولي ببرنامج نقل الناجين والناجيات الى الخارج رغم مراجعتي للقائمين على البرنامج عدة مرات وتقديم مستمسكاتي ومعلوماتي لهم  ويبدو امه الاولية كانت للنساء لا اعلم ,  وها انتم ترون حالتي ومعاناتي ارجوا منكم ان تفعلوا شيئا بمساعدتي وارسالي الى الخارج باي طريقة لكي اتماثل للشفاء  " .

    وعن معانته مع الحياة اليومية بين  ,نواف , انه " يواجه صعوبات كبيرة في التنقل على مقعد مدولب لكون المرافق الصحية مشتركة بين عدة خيم و بعيدة عنه ويستهلك الكثير من الوقت لقضاء حاجته ".

    ختم حديثه بالقول " اني اعاني من مشاكل نفسية وصحية واشتري الادوية بثمن باهض وليس لدي دخل شهري او مصدر معيشي يمكن من خلاله تدبير اموري ودفع عجلة حياتي نحو الامام  ". 

    دور منظمات المجتمع المدني للارتقاء بواقع المعقوين

    في الوقت الذي يمر فيه الحكومة بضائقة مالية كبيرة واعترافها بعدم القدرة على تحسين الواقع المعيشي للنازحين بمختلف فئاتهم , يمكن لمنظمات المجتمع المدني ان تلعب دورا فعالا في هذا المجال وان تساهم في دعم المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة من خلال اطلاق برنامج المنح الصغيرة لتوظيف المعوقين , والمساهمة في فتح محلات صغيرة لهم , وفتح ورشات يتم من خلالها تعليمهم الحرف والمهن اليدوية ممن لم يفقدو اياديهم نتيجة العوق , وكذلك العمل على اقامة مشاريع تسهل حركة تنقلهم كتوزيع المقاعد المتحركة او انشاء مرافق صحية خاصة بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة .

    امور كثيرة يمكن لمنظمات المجتمع المدني العمل عليه لتحسين ظروف هذه الفئة في مخيمات النازحين  لكن هناك تلكؤ كبير من قبل هذه المنظمات وليس هناك مشاريع حقيقية او خطط مستقبلية لخروج هذه الفئة من الواقع المظلم الذي يعيشونه .

    حقوق المعوقين وذوو الاحتياجات الخاصة في الدستور العراقي

    قانون رعاية  ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة رقم (38)  لعام 2013والذي اقره مجلس النواب العراقي وصادق عليه رئيس الجمهورية بالاستناد الى احكام البند (اولا) من المادة (61) والبند (ثالثا) من المادة (73)  يمنح كافة الحقوق للمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة لكن لم يتم تطبيقها او تفعيلها بالشكل المطلوب لحد الان  , حيث ان هذا القانون يلزم وزارة الصحة باجراء ما يلي كاحد حقوق هذه الفئة المهمشة  :-
     
    أ‌- تقديم الخدمات الوقائية والعلاجية بما فيها الارشاد الوراثي الوقائي واجراء الفحوصات والتحليلات المختبرية المختلفة للكشف المبكر عن الامراض واتخاذ التحصينات اللازمة .
    ب‌- وضع وتنفيذ البرامج الوقائية والتثقيف الصحي بما فيها إجراء المسوحات المختبرية والميدانية للكشف المبكر عن الاعاقات .
    ج- تقديم خدمات التأهيل الطبي والنفسي والخدمات العلاجية بمستوياتها المختلفة .
    د- تقديم الرعاية الصحية الاولية للمرأة المعاقة أو التي تحتاج الى رعاية خاصة خلال فترة الحمل والولادة وما بعدها .
    هـ- منح التأمين الصحي مجاناً لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة .
    و- تسجيل الاطفال الذين يولدون وهم أكثر عرضة للاصابة بالاعاقة ومتابعة حالاتهم .
    ز- التنسيق مع الجهات ذوات العلاقة لتوفير المتطلبات الحياتية والاجتماعية التي تسهل زج المعوق بالمجتمع بصورة طبيعية وفاعلة .
    ح- التأهيل المجتمعي لذوي الاعاقة من خلال توصيف المشاريع الفردية والمشتركة بما يتلاءم وحالتهم الصحية وتقديم المشورة الفنية للجهات المعنية بتقديم واعداد السكن لهم .
    ط- السعي الى تأمين تكاليف العلاج داخل العراق وخارجه بما فيها اجراء العمليات الجراحية وأية متطلبات أخرى.
    ل- تحديد نسبة العجز من قبل لجنة طبية مختصة حسب التعليمات الصادرة من قبل وزارة الصحة والخاصة بتحديد درجة العجز في 16/11/1998 ويحدد على ضوئها فئات ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة المشمولين بأحكام هذا القانون.

    رغم ان هذا القانون تضع النقاط المذكورة اعلاه كاحد الواجبات التي تقع على عاثق وزارة الصحة الا ان الوزارة ( الاقليم , المركز )  فشلت في تحقيق اغلب النقاط التي تخص حقوق ئوي الاحتياجات الخاصة .

    قانون رعاية المعوقين لم تقتصر بوزارة الصحة بل شملت وزارة التربية ايضا ووضعت النقاط التالية كمهام ينبغي ان يتم مراعاتها وتنفيذها من قبل الوزارة:-

     ا- تأمين التعليم الابتدائي والثانوي بأنواعه لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة حسب قدراتهم وبرامج التربية الخاصة والدمج التربوي الشامل والتعليم الموازي.
    ب‌- الاشراف على المؤسسات التعلمية التي تعنى بتربية وتعليم ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة .
     ج- إعداد المناهج التربوية والتعليمية التي تتناسب واستعداد لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة.
     د- تحديد وتوفير التجهيزات الاساسية التي تساعد ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة على التعليم والتدريب مجاناً .
     هـ- توفير الملاكات التعليمية والفنية المؤهلة للتعامل مع التلاميذ والطلبة ومنحها المخصصات المهنية المطلوبة ومن مرحلة الطفولة المبكرة .

    الاعاقة لا تقف عند حد معين بل انها تشمل مختلف الاعمار لذلك كان ينبغي ان  يؤخذ بنظر الاعتبار الطلبة الجامعيين ومن هم في سلك التعليم العالي والقانون لم تقتصر في ذلك بل منح اهتمام كبير بهذه الفئة كما هو ملاحظ ادناه :-

    أ‌- توفير فرص التعليم لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة حسب قدراتهم وامكانياتهم .
    ب‌- اعداد ملاكات تعليمية متخصصة فنية مؤهلة للعمل مع مختلف فئات ذوي الاعاقة و الاحتياجات الخاصة .
    ج‌- تخصيص مقعد دراسي واحد في كل اختصاص للقبول في الدراسات العليا لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة.

    وزارة العمل والشؤون الاجتماعية احد مهامها الرئيسية هو تأمين مصدر معيشي وضمان اجتماعي لفئة المعوقين لذلك كان من الضروري ان يتم بيان حقوقهم في القانون الذي يلزم الوزارة وطبقا للنقاط التالية :-

    أ‌- التدريب المهني المناسب لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة وتطوير قدراتهم وفقاً لحاجات سوق العمل وتدريب المدرسين العاملين في هذا المجال.
    ب‌- توفير فرص متكافئة في مجال العمل والتوظيف وفق مؤهلات ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة .
    ج- الزام دوائر الدولة والقطاع العام والمختلط وتشجيع القطاع الخاص بتشغيل ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة وفق نسب معينة مع مراعاة  نوع الاعاقة والعمل .
     د- توفير أنواع معينة من الاعمال تتناسب مع نوع ودرجة العوق للموظف الذي يصاب بالعوق أثناء الخدمة أو من جرائها إذا كان قادراً على الاستمرار بالخدمة بعد الاصابة وتأهيله للقيام بهذه الاعمال الجديدة.
    هـ -  تقديم معونات شهرية لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة من غير القادرين على العمل وفقاً للقانون.
    و-  تدريب أسر ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة على كيفية التعامل السليم معهم والعناية بهم ورعايتهم بصورة لاتمس كرامتهم وانسانيتهم .
    ز-  دمج الطفل ذو الاعاقة ورعايته التأهيلية داخل أسرته، وفي حالة تعذر ذلك تقدم له الرعاية البديلة .
    ح-  الاشراف على جميع المؤسسات والمراكز التي تعنى بتأهيل ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة ورعايتهم وإعانتهم ومنح التراخيص لها .
    ط-  اصدار التعليمات والضوابط اللازمة لتلبية المتطلبات ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة في تصاميم الابنية والمرافق العامة وتكون ملزمة لدوائر الدولة كافة والقطاع العام والمختلط والتعاوني والخاص والجهات ذوات العلاقة .

    يعتبر التنقل احد اهم المشاكل التي تواجه العوقين وذوي الاحتياجات الخاصة  لذلك تم وضع معالجات لهذه المشكلة وتم تكفل وزارة النقل بتنفيذه وهذه المعالجات مبينة في النقاط ادناه .

    أ- تهيئة وسائل النقل العام لتحقيق تنقل ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة ومرافقيهم بأمن وسلامة مجاناً.
    ب- إلزام الشركات السياحية بتأمين واسطة نقل واحدة في الاقل بمواصفات خاصة تكفل لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة استخدامها والانتقال بها بيسر وسهولة.
    ج-  تخفيض أسعار تذاكر السفر الجوي لذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة بمقدار(50%) خمسين من المئة ولمرتين في السنة الواحدة

    حيث ان بنود هذا القانون وضع بعض المهام الاخرى لكل من وزارة الاعمار والاسكان , وزارة التخطيط  وغيرهم للعمل على تسهيل امور هذه الفئة التي تعاني من تهميش كبير .

    في نصوص هذا القانون بنود مهمة وحلول جذرية لمكشلة المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة لكن ليس هناك وزارة تهتم بالمسؤوليات التي وضعت امامها فيما يخص الاهتمام بهذه الفئة ويعتبر المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين نزحوا من ديارهم الى مخيمات في اقليم كوردستان  من اكثر الفئات التي تعاني من المشاكل سواء كانت مشاكل مادية او نفسية او اجتماعية او اقتصادية .

    مقترحات للحكومة ولمنظمات المجتمع المدني

    فيما يلي بعض المقترحات للحكومة والمنظمات المجتمع المدني لعلى وعسى ان تساهم بتخفيف الام هذه الفئة وتضمد جراحاتهم قليلا :-

    1-      اجراء مسح كامل لعدد المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة في مخيمات النازحين بمحافظة دهوك

    2-      تحديد نسبة عوق الشخص ومدى قابليته على الانخراط  في الاعمال اليومية

    3-      اقامة مشاريع صغيرة للمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة كمساعدتهم في فتح كشكات ومحلات صغيرة

    4-      اطلاق برنامج لتوظيف المعوقين في المنظمات وادارة المخيمات  بواقع شخصين او ثلاثة في كل منظمة او ادارة مخيم

    5-      البدء بفتح ورشات عمل لتعليم المعوقين الحرف والمهن اليدوية

    6-      الضغط على وزارة العمل وشؤون الاجتماعية بتخصيص راتب شهري لكل شخص يعاني من الاعاقة

    7-      ارسال الحالات القابلة للشفاء الى الخارج لغرض معالجتها

    8-      اقامة انشطة رياضية وسفرات ترفيهية للاطفال الذين يعانون من العوق

    9-      تشجيع الاطفال على الاختلاط مع الاخرين والمساهمة في تعليمهم القراءة والكتابة والرسم

    10-   جلسات نفسية من قبل مختصين للمعوقين الذين لديهم حالات نفسية وعقد في الاندماج مع المجتمع

    ملاحظة : بعض المعلومات عن قانون ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة منقولة من المكتبة القانونية العراقية للحكم المحلي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media