البرلمان ...بؤرة الارهاب والفساد ..يستبيح حرمة شهداؤنا ..!!!
    السبت 27 أغسطس / آب 2016 - 20:53
    أ. د. حسين حامد حسين
    في عهد النظام البعثي الفاشي ، كان اعضاء البرلمان ، بيادق شطرنج وأصناما بلا كرامة ورجولة يتم ترشيحهم تباعا من قبل حزب البعث في المحافظات العراقية من اجل تكريمهم ببعض الامتيازات على الصعيد الشخصي ، ولكن اختيارهم كان تحت شروط يجب توفرها ومواصفات يكون فيها عضو البرلمان هذا هو "الاشد" في الانتهازية والذلة والتفاهة وسقوط الكرامة من اجل التفاني في خدمة "القائد" الذي لا يضاهى في المحن والذي انهى بطولاته في حفرة حقيرة درءا للموت.
    وقبل سقوط النظام البعثي ، كانت أحزابا قليلة جدا قد التزمت بقيم النضال البطولي من اجل العراق ومثلت اعلى درجات الشراسة في التضحيات الوطنية وبشكل فاعل، ولكن البقية من "ابطال" الكتل البرلمانية مع رئاسات البرلمان التي توالت سواءا في عهد المشهاني الذي لم يكن يستطيع التفاهم مع اعضاء البرلمان سوى من خلال البذائة في الكلام ، ليجيء من بعده لرئاسة البرلمان البعثي اسامة النجيفي والذي لا ولاء له في الدنيا مع اخيه الخائن اثيل ، سوى الولاء لاوردغان وتركيا وتقسيم العراق ، والذي استجمع كل احقاد انتماءه الى نظام المقبور للوقوف ضد جميع الاهداف المرسومة لحكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وافشالها بدوافع أحقاده. ثم ليأتي من بعد ذلك سليم الجبوري "الطائفي" المنافق والمتهم بالفساد والمتوقع اقالته قريبا ان شاء الله ، حيث ازدهر الفساد والمحسوبيات واللصوصية في هذه الحقب الثلاثة المظلمة من حياة شعبنا. فإذن ، هؤلاء هم "الفطاحل" الذين مثلوا المؤسسة التشريعية فخانوا الامانة واستغلوا "الاجواء" الفاسدة التي خلقتها أجنداتهم فتحول البرلمان من خلال مأربهم السوداء الى بؤر ارهابية ومستنقع لفساد ضاربا في اطنابه.
    أما اعضاء البرلمان الحاليين والذين من قبلهم ، فأنهم جاؤا "على الحاضر" كما يقول المثل العراقي .  إذ لم يكونوا في اغترابهم سوى اسماءا عاش بعضها تحت القاب عوائلهم مكرمون في كنف انظمة وفرت لهم أحسن ما يمكن ان تقدمه من اجل ضمان "علاقاتها" معهم في المستقبل. وما نجده من ولاءات هذه الايام والاستقواء بتلك الانظمة سوى انها نتائج لهيمنة تلك الانظمة على القرار العراقي في كافة وجوهه. وشاهدنا كيف ان هذه الكتل المعنية بتلك العلاقات "مصانة" من كل اساءة حتى وان اقامت الدنيا من اجل مصالحها الشخصية، فعلاقاتها الوثيقة مع تلك الانظمة لا انفصام لها. وسيظل العراق عاجزا عن كل اصلاحات حقيقية طالما بقيت تلك الكتل تستعدي على حقوق الاخرين ، فتبقى بعيدة عن كل حساب.  والنتيجة، ان هذا النوع من فوضى "اختيارات" الولاءات على حساب الوطنية، فضلا عن عدم مبالات الاكثرية المطلقة من هؤلاء اللصوص والقتلة والارهابيين والذين لم يكن لهم في الحقيقة أي اهداف وطنية سوى التربع على قمة الحكم . هؤلاء خلقوا من اجل امتيازاتهم واهدافهم الشخصية ، صراعات مع بعضهم البعض من اجل الهاء الشعب بتلك المشاكل لتكون حججا في رفضهم تحمل مسؤولياتهم الوطنية التي يفترض ان انتخابهم كان من اجل ذلك. كما وان الظروف العراقية التي كانت دائما قادرة على خلق الفاسد والاستهتار والسير وراء الخائن ، فأن هذه الكتل اصبحت في البرلمان رموزا "للبطولات الوطنية" لكنهم يغرقون في الفساد وجرائم الارهاب حتى رؤوسهم.
    هؤلاء "الابطال" لم يكونوا قد "تصدوا" لنظام الطاغية ، سوى من خلال "مؤتمراتهم" في الخارج والاذاعات التي تديرها تلك الدول الحاضنة لهم والتي كانت تعيش في عداوات كبرى مع صدام ونظامه. لمن تلك الكتل لم تبدي انسجاما مع بعضها البعض ، بل كانت صراعاتهم دليلا على الحرص على "غنائم" المستقبل، فكانوا يتراشقون مع بعضهم البعض بشكل عدواني لئيم ، الامر الذي كنا نتسائل انذاك عن ماهية العراق الذي سيكون هؤلاء فيه هم المسؤولون؟
    وتماما وكما توقعنا ، ان هذه الكتل البرلمانية الان ومن قبلهم ، تعطينا محصلة من ان الانسان العراقي لا يقيم لهم وزنا ولا ينظر اليهم باحترام، ولم يشعر ان هؤلاء يمثلون المؤسسة التشريعية التي هي المسؤولة عن تشريع جميع القوانين العراقية للمجتمع العراقي. فقد خانت هذه الكتل امانتها من اجل حقوق الناخب وما يستحقه من وفاء لتحقيق اهداف حياته ورفع الحيف عنه والارتقاء بمستوى معيشته.  بل أن وجود هذه الكتل لم تكن للعراقي سوى انها مجموعات من سماسرة ومقاولين متحاسدون فيما بينهم على تقاسم الصفقات ، ويشعرون بالزهو والفخر عندما يمارسون اللصوصية بخسة وسوء السمعة ولعنات شعبنا عليهم. فهذه الكتل الرخيصة ، يكفيها خزيا انها تقف امام شعبنا بهذ الذلة ، ولكنها حينما تتحدث عن نفسها ، فلا يسمع منها سوى الكذب والدجل والرياء. فهذا حالها الذي لم يكن ولن يكون احسن حالا من ذلك أبدا.
    ولكن الذي لم نفهمه بالضبط هو كيف تم تمرير قانون العفو العام من قبل هذه الكتل المجرمة على الرغم من وجود الكتلة الاكبر للتحالف الوطني ودولة القانون بالذات التي ندرك مقدار سعيها ضد النظام البعثي الداعشي ؟ فالذي أدركناه من الاحداث الماضية ، ان انسحاب التحالف الوطني وكتلة دولة القانون في اخر جلسة سبقت التصويت ، كان قد حتم على عدم استكمال النصاب القانوني وارجأ التصويت على القانون انذاك؟ فكيف حدث ان تم تمرير ذلك القانون العار؟ واين أمست الاصوات الوطنية التي كانت تعلن رفضها القاطع وتدعي ان قانون العفو العام هو خيانة للوفاء الذي تزعم السلطات الثلاثة محاربته. فهل كانت هناك توافقات ومساومات كما هي الاحوال دائما؟ وهل ان التحالف الوطني أضافا عارا اخرا على وجوده البائس الضئيل المرفوض من قبل شعبنا والذي أصبح من خلاله ، ان لا فرق كبير عن اهدافه واهداف إتلاف القوى ومتحدون بالذات؟
    أن هذه الكتل البرلمانية المجرمة ، ظهرت بكل طاقاتها بالامس عندما سنحت لها فرصة احياء الارهاب والارهابيين تحت حجة المصالحة السياسية ، موهمين انفسهم ، ان هذه المصالحة المزعومة ، يعلمها شعبنا انها اخر ما تفكر به هذه الكتل البعثية الداعشية . ولنا في التجارب الماضية دروسا لم نستفد منها. فقد رأينا كيف أن هذه كتل الائتلاف الوطني قد التفت على حكومة المالكي المنتخبة وازاحتها وأحلت بديلا عنها حكومة لا يهمها سوى البقاء ، مهما كانت نوع البذاءة التي تؤمر بها ، فكانت النتيجة ما رأيناه في يوم أمس من التصويت "المطلق" لصالح الارهاب والارهابيين من قتلة العراقيين الابرياء من شعبنا ليزيد في الواقع العراقي يأسا وفي هيمنة سلطات ثلاثة أكثر خزيا من البعث نفسه .
    لقد برهن التصويت ليوم امس على قانون العفو العام على كونه من اكبر الاندحارات الوطنية للعراق الجديد منذ 2003 ، كما وأثبت أن النجاحات في هدر دماء ألاف الابرياء من الضحايا العراقيين ، انما هي نجاح لهذه الكتل في تمرير قانون العفو العام سيئ الصيت !!
    بكل أسف وألم ، لا فخر لنا اليوم ان نصل الى حقيقة طالما حاولنا طردها عن اذهاننا ، وهي أن عراقنا العظيم هذا لم يعد وطن الخيرين الذي نتمنى ان نقضي فيه البقية الباقية من حياتنا ، وكما عرفناه دائما ، عراق لا يضاهيه وطن في الوجود ، والذي ضحينا من اجله باغلى ما يملكه الانسان بأهله وعائلته. عراقنا لم يعد سوى مكانا سيئ للعيش ولا يصلح سوى للفوضى وتحديات حياة ووجود الوطنيين. ففي عراقنا اليوم لم يعد يستطيع الانسان الحر النزيه ان يحيا به مطمئنا على سلامته وعائلته أويطمح في تربية عائلته بالشكل الذي يشعره بالاطمئنان على سلامته وسلامة عائلته وضمان مستقبلهم . 
     وا أسفا عليك ايها الوطن الكريم الذي عشقناك عشقا أبديا ، ان تسامحنا وتعذرنا اذا ما رأيناك وحيدا تعصف بك رياح الاغتراب . ومع كل الذي حصل ويحصل ، فاننا لا نيأس من رحمة الله العلي القدير ومن وفاء الخيرين من شعبنا ، وسنظل ندعوا لك كما نحن دائما دعاؤنا المستمر: 
    حماك الله يا عراقنا السامق.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media