المناظرة الرئاسية الأمريكية :ومصيرالأمريكيين والبشرية (ج1)
    الأثنين 26 سبتمبر / أيلول 2016 - 19:51
    د. الطيب بيتي العلوي
    مغربي مقيم بفرنسا / مستشار ثقافي سابق بمنظمة اليونسكو/ باحث انثروبيولوجي
    "يمكنك خداع بعض الناس في كل حين ،وبإمكانك خداع كل الناس أحيانا .ولكن لا يمكنك خداع كل الناس في كل حين"الرئيس الأمريكي المغتال:إبراهام لنكولون(1809 - 1865)
     ظلت أمريكادوما تبحث عن نفسها وعن قائدها منذ تأسيسها عام 1776،وبقيت تصارع نفسها ما بين ميراثها الديني المتمثل في عهدها التوراتي القديم الذي من أهم قيمه العليا"العزلة"،وبين عهدها الماسيحاني الذي من أهم قيمه العليا"التوسعية"أوالصراع ما بين"أرض الميعاد"و"الدولة الصليبية"...
     لم تستطع أمريكا طيلة تاريخها القصيرأن تحل تناقضاتها المصيرية (التاريخية) ما بين المثالية،والواقعانية البراغماتية ، وما بين طهرانية الأخلاق الماسيحانية،والقوة الغاشمة-كما وصفها المؤرخ الأمريكي الشهير"آرثر شليزنغر"أو كما لخصها "هنري كيسينغر"عند حديثه"عن الإزدواجية الأمريكية فوصف الصراع بأنه ما بين العزلة والعالمية، وبين المثالية الدينية والقوة السافرة "
    ويتخبط الأمريكيون اليوم في خضم بهرجة سيرك نهايات إنتخاباتهم-وهي من أغرب الإنتخابات الأمريكية المثيرة للتساؤلات-،واجه الأمريكيون فيها عقبات بصدد حسم الإختيار،(بإعتبارأن الأمريكيين"مستكبشون سياسيا"و يفضلون الإدمان على الأكل والشرب،ومشاهدة كرة السلة وكرة القدم الأمريكية ،بدل الخوض في معميات السياسة)
     
    وتنشؤصعوبة الإختيار،في التأرجح الأمريكي منذ أكثرمن قرنين ما بين:تناقضات "قيم "المثالية"(ويمثلها عادة الجناح الجمهوري المحافظ )،  وبين والتقدمية الإمبريالية" و"الرسالة الليبرالية لأمريكا"لما بعد الحرب الباردة،(التي يمثلها دوما الجناح  الديموقراطي بكل توجهاته )
    وتعني هذه التناقضات اليوم في مهرجان السيرك الإنتخابي الإمريكي الحالي: "إعادة تحديد مسارات العالم المستقبلية لتدورالبشرية من جديد في الفلك الأمريكي،والعودة إلى تحيين"الميثاق المقدس"الذي وضع أسسه التنظيرية "مذهب مونرو"- الصادرعام 1823  للرئيس الأمريكي الخامس الذي يعد في التراث السياسي الأمريكي بمثابة  " إنجيل  السياسة " الملهم لكل الرؤساء  اللاحقين،  حيث تم  الإستلهام  منه  لوضع وثيقة"جوهان جاليتونج"...Johan Galtug"للسياسة الخارجية للولايات المتحدة فيشكلها اللاهوتي في عهد " بيل كلينتون " -(المنشورة في"معهد النزاعات الشاملة والتعاون" في المقال رقم 4  من عام 1997) القائلة ب:"للولايات المتحدة تحالف مع الله، وللدول الأخرى تحالف مع الولايات المتحدة ،يتحدد  خلالهاعلاقات خضوع الأطراف للمركز من الدول الأوروبية والعالم، إلى الولايات المتحدة، ومن الولايات المتحدة إلى الله...،"..وهذه الوثيقة بمثابة اللاهوت اللانهائي الكامن في السياسة الدولية للولايات المتحدة لما بعد الحرب الباردة"

    وقد ضرب"المعلم أوباما"عصافير كثيرة بحجر واحد في خطابه في هيئة الأمم المتحدة في هذا الشهرمن سيبتمبرمن عام 2016 ،
    اولا:التأكيد من جهة على أن القرن الواحد والعشرون هو قرن أمريكي بإمتياز، كما كان كذلك القرن السابق(ولذا فقد تحدث " المعلم"إلى العالم وكأنه يخاطب"فلاحين عزبته")
    ثانيا:الدفع بمصارالإنتخابات نحومصالح أهداف"حزبه الديموقراطي" بالدفع بالأمريكيين-وخاصة السود واللاتين والمثليين والمتحولين جنسا الجدد-نحوالتصويت على" كلينتون" - 

    ثالثا:أعاد"المعلم أوباما"إلى الأذهان الأمريكية والعالمية،العزم الأمريكي على الإستمرار في نهج القيم"التوسعية"الأمريكية عبرالحروب"المقنعة الجديدة"(حيث يتميز الجمهوريين بالحروب  العنيفة بينما يتميز الديموقراطيون  بالحروب " الناعمة"  المتخابثة،  والنتائج واحدة )
    الحروب المقنعة القادمة  يروج لها الإعلام الأمريكي"الديموقراطي"  الخاضع "للمؤسسة الحاكمة" Establishement،
      الحروب"الحروب المقنعة الجديدة"مصطلح (جيو-ستراتيجي-عسكري)جديد،-(ا يحتاج الى مبحث مستقل-) ظهربحدة بعيد"الحملة الروسية الفاصلة على الدواعش والتجمعات "الإسلاموية الإرهابية"  في سوريا والعراق.
    كما تحتاج الحروب  المقنعة الجديدة " إلى ستراتيجية إعلامية قوية ومراوغة متخابثة ،ولكنها"معقلنة"وفاعلة ومؤثرة من أجل القبول"القسري لأراجيف مصداقية"الحملات العسكرية الإنسانية"،بحيث ما فتئ أوباما يذكرالأمريكيين بالتصويت لصالح"هيلاري كلنتون"معشوقة العرب والغرب،المعتلة  العقل والصحة ،وذات الملفات العفنة الأخلاقية والسياسية المسكوت عنها،والمحمية من طرف"المخابرات الأمريكية،مقابل"التشكيك"في الصلاحية الرياسية ل"الفاشي الجمهوري"دونالد ترامب"المنبوذ من حزبه ومن الديموقراطيين معا،والذي يشبهه الإعلام الأمريكي والغربي ب"موسوليني"والعميل لروسيا .والمنظور إليه إسرائيليا بعدم الثقة وبعيون الشبهة( وهذا جانب تفصيلي) –وذاك أمر سيبث في ناتيانهو عند إجتماعه بالمرشحين عشية المناظرة التي ستقرر مصير الأمريكيين والعالم بأسره !

    -الحزب الديموقراطي الأمريكي الحالي، يسعى عبر"كلينتون"إلى توسيع دائرة الهيمنة الأمريكية عن طريق"الإحتواء المزدوج"الذكي للقيم الحزبية (الديمقراطي والجمهوري)معا،من أجل التعجيل بتطبيق"حكومة العالم الجديدة"عن طريق المشاريع"التوسعية والحروب الشاملة،وتأكيد الدورالعالمي الأمريكي المثالي لنشرالديموقراطيات،وحماية الشعوب المضطهدة ضد حكامها الديكتاتوريين،ونشرالرخاء  في العالم ،وحماية "النساء والأطفال والمثليين" في الخارج،والتأكيد في الداخل على  قيم الحريات الزولوجية المشاعية ، بحماية حقوق الأقليات،وخاصة حقوق المثلييين"المضطهدين"والمتحولين الجدد–جنسيا- التي كانت أهم  حروب وإصلاحات أوباما الأولية في الداخل(كأول رئيس أمريكي مثلي وملون ولاديني)–كما نشرت ذلك مجلة "النيوز وييك " Newsweek بالخط العريض " the first gay president(أول رئيس مثلي)  في عددها الصادر في21 ماي من عام 2012 حيث شغل أوباما الأمريكيين "طيلة عام 2016بمعضلة المراحيض"للتوجهات الجنسية المختلفة (مراعاة للذكور المتحولين إلى إناث والإناث المتحولات إلى ذكور حيث إنشغل الأمريكيون في أحاديثهم وندواتهم ومسامرتهم  بهذا الموضوع  بدل الإنشغال  بالمشاكل الإقتصادية المزمنة والإقتتالات العرقية الداخلية ، وتنامي الجريمة المنظمة  بين الأحداث،وتفشي المخدرات،والعجز عن حل مشاكل ثلث الشعب الأمريكي من الذين لا يتلقون ولو دولارا واحدا في آخر الشهر .
    وأختتم هذا الجزإ الأول من موضوع " المناظرة الرئاسية الأمريكية :ومصيرالأمريكيين والبشرية " بالتذكير بما يلي"

     أنه من الناحية السياسية البحثة، أوبمنظورما يسمى ب"السياسة اللائقة" le politiquement correct فإنه يستحيل على " ترامب"أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة(وترامب أكذ بنفسه على أن الإنتخابات سيتم تزويرها لصالح "كلينتون –وليست أول مرة يتم فيها تزويرالإنتخابات في أمريكا ) وحتى إذا تم إنتخابه –بمعجزة-: فإما أن يرضخ " ترامب" لمطالب "المؤسسة الحاكمة " Establishement التي ناهضها وفضحها ،وخرج عن وصايتها وتحدى ضغوطها في حملته، وإما أن يرضخ  لشروط نتانياهو المذلة ، وتقديم ضمانات للكيان الصهيوني  أكثر من خصمه "هيلاري كلينتون"حيث أن المساعدات المالية " الأوبامية" لإسرائيل ضريت الرقم القياسي في  التاريخ السياسي الأمريكي (وصلت في عهد أوباما إلى38 ملياردولار كمساعدة في الميزانية الحربية(ناهيك عن المد المالي الإجباري السنوي المعروف الذي هو 3،5 مليار دولار سنويا )، أو سيتم إغتياله-
    للبحث صلة
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media