القبائل العربية وتطور العراق
    الأربعاء 28 سبتمبر / أيلول 2016 - 17:48
    د. عصمت موجد الشعلان
    دراسة تاريخية تبين تطور الملكية الزراعية وسلوك شيوخ القبائل والنزاعات القبلية.
    العهد العثماني (1701-1918 )  
    لا تتوفر احصائيات دقيقة عن عدد سكان العراق  في العهد  العثماني  سوى احصائية  في  منتصف  القرن  التاسع عشر واحصائية سنة 1905، ففي الأحصائية الاولى ذكر بأن نسبة تعداد قبائل البدو الرحل 35%  وسكان الريف الذين يمتهنون الزراعة والرعي 41% واقل من ثلث مليون عدد سكان المدن من مجموع  السكان البالغ  حوالي مليون ونصف، اما في الاحصائية الثانية سنة 1905 انخفضت نسبة البدو الى 17% وارتفعت نسبة سكان الريف الى 59% وسكان المدن الى 24%.
    القبائل البدوية تسكن الخيام، متنقلة وراء العشب و الماء، تمتهن  تربية الأبل والماشية  والغزو  والنهب  والسلب وقطع الطرق  و أخذ  الأتاوات ، يتنازع  البدو على العشب  و الماء  بحد السيف  ولا تجد في البادية  من  يدعو الى العدالة والمساواة بين القبائل، ينهبون  ويهبون و يحللون كما  يشاؤون ،لا يتميز شيخ  القبيلة عن  افرادها  سوى بالاعداد الكبيرة  من الماشية و الأبل التي  يملكها،  كما  يمتاز الشيخ  وافراد  قبيلته  بالشجاعة  والكرم  والصدق والصراحة والنخوة ولا يحبون الرياء والمراوغة ،   يردون الامانة والدين  ولا يقسمون بالله  كذبا ، صلاة  البدوي وصيامه لا يمنعانه من القتل في سبيل العشب والماء ولا يتميز الشيخ  بمسكنه  ومأكله وملبسه عن  افراد القبيلة.
    ذكرنا سابقا بأن نسبة القبائل التي استوطنت وامتهنت الزراعة 41% عام 1867 وارتفعت النسبة الى59% عام 1905  في اراضي تملك  رقبتها  الدولة اي السلطان و الولاة يتصرفون فيها  كما يشاؤون، و قد  جرت  محاولات لتطبيق قانون الاراضي  العثماني  لعام 1858 منها محاولات مدحت  باشا (1872-1869) منح  و باع الأراضي الأميرية الى سكنة الارياف وسجلها باسماء الأفراد على شرط دفع الضرائب، يهدف الوالي من ذلك توطين القبائل وتنمية الزراعة وجباية الضرائب،نجح الولاة  من بعده  في تسجيل قسم  من الأراضي  الزراعية  بأسماء   التجار ورؤساء القبائل الذين يسكنون المدن وبأسماء الضباط والموظفين بينما احجم الغالبية من افراد العشائر وشيوخهم من تسجيل الاراضي باسمائهم خوفا من تجنيدهم في العسكرية او من دفع الضرائب الفاحشة او ليس لديهم المال الكافي لدفع قيمة الأرض، فبقى  الكثير من القبائل يفلح  افرادها اراضي الديرة  المتحركة الحدود  بشكل  مشاعي ويقتسمون  الحاصل على عدد الأسهم لكل فرد من القبيلة  سهم واحد والشيخ له سهمان سهمه  و سهم المضيف، قبيلة تغزو قبيلة اخرى فتستولي القبيلة القوية على اراضي القبيلة الضعيفة  لذا حدود الديرة متحركة او تجبر هذه القبيلة على دفع الخوة  كما تقوم القبيلة القوية بحماية القبيلة الصغيرة و الضعيفة مقابل الخوة و التي تبلغ 50% من الحاصل.
    كان هدف حكومة الوالي جمع  الضرائب و السيطرة على القبائل المتمردة  الممتنعة عن  دفع  الضرائب   بارسال العساكر لتأديبها او الاستعانة ببعض العشائر لتأديب العشائر المتمردة واجبارها على دفع الضرائب، فيقوم الوالي باعطاء الاموال و الهدايا و النياشين لرؤساء القبائل المتعاونة اوتعيين الشيوخ بوظائف و مناصب حكومية  كتعين ناصر باشا  السعدون  رئيس عشائر المنتفك  قائمقاما  للناصرية و تعيين  محروث الهذال قائمقاما  للرزازة و نال منصب الباشوية شيخ وادي بن شفلح شيخ زبيد  وجعله الوالي حاكما يمثلها في الفرات الاوسط وحصل على رتبة الباشوية فرحان بن صفوك شيخ شمر جربة وقامت الحكومه بتجهيز  الحملات لتأديب العشائر المتمردة والممتنعة عن دفع الضرائب، ففي سنة 1701 ميلادية قاد الوالي مصطفى باشا حملة  ضد شيخ الخزاعل سلمان  بن عباس وطارد الوالي محمد نامق باشا زعماء بني حسن و الخزاعل المننتفضن، بالاضافة  الى حملات  الحكومة  تقاتلت العشائر فيما بينها ففي 1896 هجمت عشائر الخزاعل وال شبل على عشيرة البوسلطان ونزاع  خفاجه  و اليسار ومعارك بين الحميدات وآل شبل و بين الظوالم و البوحسان و بين قبائل ال شبل والغزلان و بين الخزاعل و آل فتله وبين آل فتله وبني حسن وبين شمر والجليمة.
    القبائل البدوية التي استقرت في العهد العثماني  ظلت متمسكه بالعصبية القبلية والثأر والفخر و ممارسة الغزو  و السلب  و فطع الطرق و الشجاعة،  اما  التمسك  بالخصال الحميدة  كالصدق  و الصراحة  يعتمد  ذلك  على موقع الاستيطان وبعده عن المدن، فأذا  كان قريبا من القصبات اي المدن فقد القسم الكبير منهم  صفات الصدق والامانة والصراحة و اذا كانت  الديار  بعيدة عن المدن احتفظ  ابناء  القبيلة بالصفات  الحميدة،  اما  شيوخ القبائل  فقسم  قليل  استوطن المدينة لفترات طويلة او قصيرة في العهد العثماني فتطبعوا بطباع اهل المدن و انغمسوا بالملذات والفواحش و وهنت العلاقة بين الشيخ وقبيلته، فكلما زاد ارتباط الشيخ بموظفي الحكومة زاد فساده و تميزه عن افراد قبيلته في المسكن والملبس والمأكل، ففي بداية الاستيطان سكنت القبائل في الخيم ومن ثم تحولت مساكنهم الى صرائف مبنية  من  سعف النخيل  و البواري اي الحصران و اما  مسكن الشيخ فيكون  واسع  الباحة  متعدد الحجرات لتعدد الزوجات ومواد بنائه من الطين وجذوع النخل والحصران (البواري)، و اما  ملبسه تحول تدريجيا  من نسيج  الصوف كالعباءة و الزبون  فقط الى الانسجة  القطنية، و بقت القبيلة متماسكة  نوعما، فافراد  القبيلة يتبعون و يطيعون الشيوخ بلا قيد او شرط وبقى الشيوخ  رمزا للوحدة والقوة والتكافل الاحتماعي، ويستثمر افراد القبيلة الارض بشكل جماعي مساهمين.
    الاحتلال والانتداب البريطاني (1918-1933)
    احتلت بريطانيا بغداد سنة 1917 ميلادي وجميع اراضي العراق 1918، والمحتلون على علم ودراية بطبيعة المجتمع العراقي من خلال السفراء والقناصل  والمستشرقين وشركاتها التي بلغ عددها 16 شوكة ومنها شركة الهند الشرقية البريطانية والتي سميت لاحقا شركة بيت لينج للتجارة مع الهند.
     كلف المحتلون هنري  دوبس بوضع نظام خاص بالقصايا الحقوقية والجزائيةللعشائر فصدر 1916 نظام دعاوي العشائرالمدنية والجزائية قبل احتلال بغداد وكان الهدف من ذلك تركيز السلطة الادارية بيدالحكام السياسين اولا وشيوخ القبائل ثانيا وبموجب هذا القانون تعامل المحتل مع قضاياالعشائر وفق ما هو سائد بينها من الاعراف والعادات والتي كانت تحل بموجبها كثيرمن حوادث القتل  والزنى والاعتداء واتلاف المحاصيل الزراعيةوكانت هذه المشاكل تحسم بالفصل او الحشم، يشمل هذا القانون 21 مادة، صادق عليه القائد العام لقوات الاحتلال بيرس لاكتي 12 شباط 1916 ونشر في 21 شباط واصبح نافذ المفعول، خول هذا القانون الحكام السياسين تشكيل مجالس قبلية  او هيئة تحكيمية تتألف من شيوخ او محكمين عشائرين  تنظر في قضايا النزاع وفق الاعراف العشائرية، واستعان الحكام السياسيون بالشيوخ والساده في تحقيق الصلح بين العشائر او احالت النزاعات الى مجتهد ديني ليقوم بحلها  مثل كاظم اليزدي في النجف، كما اسست الادارة البريطانية مجالس ادارية في مراكز الالوية من رؤساء العشائر تنظرفي مشاكل وشؤون القبائل، شكلت مجالس من الشيوخ في العمارة والناصرية والحلة وسوق الشيوخ وقلعة صالح و سامراء وفي الكوت تشكل مجلس قبلي اجتمع 24 تموز للنطر في عائدية احد المقاطعات الزراعية بين قبيلة المياح وقبيلة الصريفين وفي سامراء قام المجلس القبلي بحل المشاكل بين البوعجيل والبوعلي في 16 تشرين الثاني1918، ومنحت الادارة البريطانية مكافأت لاعضاء المجالس القبلية لقاءخدماتهم 300 روبية للشيوخ عداي الجريان وهزاع المحميد وسماوي الجلوب وسلمان العكيد.
    نسجت ادارة الاحتلال البريطاني علاقات ودية مع شيوخ العشائر من خلال المجالس القبلية ومن خلال تعينهم في وظائف ادارية ومن خلال المس بيل  التي انظمت الى هيئة سكرتارية رئيس الحكام السياسين برسي كوكس بصفة ظابط سياسي مساعد، فالمس بيل خبيرة بتاريخ العشائر وانسابها والعلاقات بينها وكانت تزود برسي كوكس مع كل شيخ قبيلة يود زيارة كوكس ورقة تبين فيها قبيلته وومنطقته وماضيه وحاضره والغرض من المقابلة، فكان يترددعليها كثيرا من شيوخ القبائل كفهد الهذال شيخ مشايخ عنزه وعلي السليمان شيخ الدليم وحسن السهيل شيخ بني تميم، ولها اصدقاء من وجهاء  بغداد في الفحامة والجادرية والعطيفية.
    اغلب شيوخ القبائل سنة 1920 اميون لا يعرفون القراءة والكتابة ولا زالت الثقافة البدوية متحكمة فيهم، لا يعرفون شيئا عن مبادئ الحرية والاستقلال والوطن فوطنه ديرته ولا ينظر ابعد من حدود ديرته او يتطلع لديرة القبيلة المجاورة لضمها ، فالمحرك والموجه لشيوخ القبائل رجال الدين في النجف وكربلاء والكاظمية ودعوتهم اياهم للمشاركة بثورة العشرين وعلى رأسهم محمد تقي الشيرازي صاحب الفتوى الشهيرة( المطالبة  بالحقوق واجبة على العراقيين ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية اذا امتنع الانجليز من قبول مطالبهم )، اما مشاركة قبيلة الظوالم في الرميثة في 30 حزيران جاء بسبب توقيف الشيخ شعلان ابوالجون في السراي الحكومي في الرميثه بسبب كلامه الحاد مع الضابط الانجليزي الذي اراد ارساله مخفورا الى الديوانية، فحرره من التوقيف ابن عمه غثيث واما مشاركة ضاري في الثورة يوم 12آب كان بسبب اهانة شيخ ضاري من قبل الضابط الانجليزي ليجمن وذلك لقيام احد افراد قبيلته بالسرقة طالبا من شيخ ضاري تسليمه، فأوعزالى ابنه سليمان بأن يطلق النار على لجمن  فقتله سليمان وقتل خدامه ونهب المخفر، فهناك فارق زمني اثنا عشر يوم بين حادثة الشيخ شعلان والشيخ ضاري والحادثتين لم يخطط لهما ونما جاءا في سياق النقمة على المحتلين الانجليز، كما  هناك  بعض المشايخ كمشايخ الكوت والعمارة لم يشاركوا من البداية في ثورة العشرين ولكنهم سايروها لاحقا. بالا ضافة  الى  رجال الدين وشيوخ العشائر شارك في التورة عن قناعة واصرار على استقلال العراق بعض ملاك الاراضي الزراعية و بعض الشخصيات الاجتماعية والمثقفين والموطفين والشريفين اتباع الشريف حسين والد الامير فيصل.
    فبعد خسائر الانجليز في الارواح والاموال وبعد مشاورات وزارة المستعمرات مع الحاكم السياسي العام والحكام السياسين في العراق وافق الانجليز على اعطاء العراقيين استقلال شكلي وذلك بتنصيب حاكم من خارج البلاد من غير العراقيين، ففي هذه الحالة يكون الحاكم ضعيفا امام قوة العشائر ومعتمدا على الانجليز في حمايته اي تطبيق السياسة الميكافيلية، عقد مؤتمر القاهرة في 12 آذار 1921 حضره 40 شخصية منهم شرشل وزير المستعمرات وبيرسي  كوكس المفوض السامي في العراق و ارنولد ولسن  و مس بيل و لورنس  العرب  و من العراق  حضره شخصيتان فقط  وزير  الدفاع  جعفر العسكري و وزير المالية  ساسون حسقيل  و ايضا حضره  الامير فيصل  فقرر المؤتمر تنصيب الامير فيصل بن الحسين ملكا على العراق.
     ارادت بريطانيا تكبيل العراق بمعاهدة 1922 الجائرة،  تتولى الادرة البريطانية بموجبها الشؤون الخارجية والعسكرية والسياسية والاقتصادية و يوضع العراق تحت الانتداب البريطاني، شكل عبدالرحمن النقيب وزارته الثانية التي وافقت على المعاهدة في 13 تشرين الاول 1922،وبعد 6 ايام صدرت الارادة الملكية تقضي بانتخاب مجلس تأسيسي للموافقة على المعاهدة، استقالة الحكومة وكلف الملك عبد المحسن السعدون بتشكيل الوزارة في 20 تشرين الثاني، فعلى اثر ذلك صدرت فتوى من علماءالدين تحرم المشاركة في انتخاب المجلس التأسيسي كما قدم حزب النهضة والحزب الوطني عريضة للملك يطلبون فيها حل مجلس الوزراء الموالي للانجليز ورفض المعاهدة، انحاز الملك فيصل لمعارضي المعاهدة فأستلم بيرسي كوكس الحكومة وقام بنفي العالم الديني مهدي الخالصي وولديه واثنين من عائلته الى ايران وتسفير بقية العلماء المحتجين ووضع آخرين تحت رقابة الشرطة واغلقت الصحف  المعارضة للاتفاقية وحلت الاحزاب.
    لم ينتفض رؤوساء العشائر لاسباب عديدة ومنها استمالة الادارة الانجليزية للشيوخ  بطرق متنوعة ومنها تخفيض بدلات الارض والماء والضريبة من 52% الى 30% وتعينهم في المجااس القبلية  وحكم القبيلة والديرة بموجب قانون دعاوي العشائر وروابط مس بيل القوية مع بعض رؤوساء العشائر الاقوياء لذلك كان موقفهم مضادا لموقف رجال الدين الرافض للوجود البريطاني، فبعد مؤتمر كربلاء كتب مشايخ القبائل مثل الشيخ عداي الجريان شيخ قبيلة البوسلطان ورشيد العنيزان شيخ عشيرة اليسار الطائية وعمران الزنبور شيخ بني عجيل وشمران الجلوب شيخ الفتلة في منطقة الهندية ومراد الخليل شيخ عشائر الجبور، كتبوا هؤلاء عريضة للملك يؤيدون بريطانيا وينددون بتدخل رجال الدين في السياسة كما اجتمع 40 شيخ مع الملك فيصل الاول واخبروه بانهم ساندوا قيادته لان بريطانيا وافقت عليه ويطلبون منه مواصلة دعمه لسياسات بريطانيا في المنطقة.
    كافأت بريطانيا من خلال الحكومة العراقية  رؤساء القبائل بالموافقة على قانون دعاوي العشائر سنة 1924  الذي هو نسخة من نظام  دعاوي العشائر المدنية والجزائية لسنة 1916 وكان الهدف من هذا القانون تركيز السلطات الادارية بيد شيوخ القبائل وحل قضايا القبائل وفق العادات و الاعراف السائدة آنذاك، كما  وجهت الحكومة العراقية دعوة الى  الخبير البريطاني  السير ارنست داوسن سنة 1929 لدراسة مشاكل ملكية الاراضي ووضع الحلول لها، فقدم تقريره سنة 1931 فقبلت الحكومة توصيات الخبير وشرعت قلنون تسوية حقوق الاراضي رقم 55 لسنة 1932، فقامت الحكومة  بمشورة رجال الانتداب البريطاني بتمليك الاراضي الى رجال الحكم وشيوخ القبائل ووجهاء المدن واثريائها، فتحول ابناء القبائل من مساهمين في الارض الى فلاحين يفلحون الارض الزراعية ولا يملكونها، وبذلك تمت معاقبة ابناء القبائل الذين كانوا وقودا لثورة العشرين والذين قدموا 9000 شهيد لثورة لم تحقق اهدافها بالاستقلال التام من المستعمر الانجليزي،لم يعلم ابناء القبائل بما جرى وهو تسجيل الاراضي بأسماء شيوخهم بسبب عدم علمهم بما جرى او لخوفهم  من بطش الشيخ، اتذكر موقف في اواسط الخمسينات من القرن الماضي جاء ضرير من ابناء القبيلة الى المضيف وطالب الشيخ بسهمه من حاصل الارض ، فأحرج الشيخ الذي قام باعطاء الضرير دينارين قائلا له دبر امورك بهذه الفلوس.
    العهد الملكي (1933-1958)
    بعد وفاة الملك فيصل الاول 1933 وتتويج غازي ملكا على العراق انقسمت النخبة الحاكمة من ضباط شريفيين ومن اصحاب الاراضي والاملاك الى قسمين يتنافسان على الحكم ، القسم الاول يتزعمه نوري السعيد وجميل المدفعي وجودت الايوبي وتدعمه بريظانيا والمحور الثاني او القسم الثاني يتزعمه حكمت سليمان ورشيد عالي الكيلاني وجعفر ابو التمن،لا يملك كلا القسمين قاعدة شعبيه فدفعا شيوخ القبائل للالتحاق بهم فالتحق  في المجموعة الاولى مرزوق شيخ قبائل العواد وعلوان شيخ بني حسن ورايح العطية شيخ الحميدات بينما التحق في صفوف الجماعة الثانية شعلان العطية شيخ الاكرع وعبدالواحد حاج سكر شيخ الفتلة وسماوي الجلوب شيخ العزة، ايد المعارضة اي المجموعة الثانية ثلاثة في مجلس الاعيان السيد محسن ابو طبيخ والسيد علوان الياسري والشيخ سماوي الجلوب وشجعها بعض علماء الدين في النجف،هناك اسباب اخرى لقيام المعارضة   منها حذف اسماء عدد من الشيوخ من قائمة المرشحين لمجلس النواب وتحجيم الشيعة وابعادهم من المناصب الحكومية، تقدمت المعارضة بمذكرة الى الملك غازي تطالبه بحل الوزارة والمجلس النيابي ، تمردت القبائل في الديوانية فقدم علي جودت الايوبي استقالته في 23-2-1935 فطلب الملك من جميل الدفعي تاليفها في 4-3-1935 بعد رفض ياسين الهاشمي لشروط الملك في تاليف الوزارة، ولكن وزارة المدفعي لم تدوم طويلا دامت فقط 11 يوم،  لاستمرار الاضطرابات العشائرية، كلف الملك غازي ياسين الهاشمي بتأليف الوزارة في 17-3-1935.
    قامت المعارضة بالتوقيع على ميثاق اطلق عليه ميثاق الشعب يحتوي على 12 مطلبا وارسلته الى العلامة محمد كاشف ال غطاء الذي قام  بدوره ارساله الى الملك غازي ورئيس الوزراء ياسين الهنشمي لتنفيذ المطالب،وعلى اثر اعتقال وكيل المرجع الديني ابو الحسن الاصهاني في الرميثه واسقاط الجنسية عنه وتسفيره خارج العراق اندلعت ثورة الرميثة في7 مايس 1935 حيث طالب الثوار بعودة وكيل المرجع وتنفيذ المطالب التي وردت في ميثاق الشعب، حاولت الحكومة تهدئة الاوضاع من خلال وزير الداخلية رشيد عالي الكيلاني وبعض شيوخ العشائر ولكنها اخفقت ، فقامت الحكومة بحشد القوات اطلق عليها قوة الفرات بقيادة امير اللواء بكر صدقي الذي انذر الثوار بالاستسلام فلم ينصاعوا، فقضى الجيش على الثورة ودخل الرميثة في 17 مايس 1935 كما قضى الجيش على ثورة سوق الشيوخ وبعد اكثر من عام بقليل قامت قوات الجيش باوامر من ياسين الهاشمي بالقضاء على ثورة الاكرع في الدغارة التي اندلعت في 6 حزيران 1936، استعمل الجيش القسوة ضد الشيوخ وقبائلهم التي قامت بالثورة فحرق المضايف وبيوت ابناء القبيلة ومصادرة الماشية وحرق المزارع.
    عندما ألف نوري السعيد الوزارة في 3 آب 1954 قام بحل الاحزاب التي اجيزت 1946 وهي حزب الاحرار والاستقلال والوطني الديمقراطي والاتحاد الوطني والشعب، وقام ايضا بحل المجلس النيابي بسبب فوز 11 نائبا من جبهة الاتحاد الوطني المعارضة من اصل 135 نائبا، اعاد الانتخابات في 12 ايلول ففاز 121 نائبا بالتزكية واجاز حزبين هما حزب الاتحاد الدستوري بزعامة نوري السعيد وحزب الامة الاشتراكي بزعامة صالح جبر، كانت المنافسة قوية بين نوري السعيد وصالح جبر على كسب شيوخ القبائل الى صفوفهم، فلما كان نوري السعيد رئيسا للوزراء ارسل برقية الى متصرف الديوانية باسماء رؤساء القبائل الذين يجب فوزهم بالتزكية، فطلب المتصرف من احد الشيوخ المترشحين المنتمين الى حزب صالح جبر سحب ترشيحه للبرلمان  واذا لم يفعل ذلك سوف يعتقل في الصباح الباكر، سافر رئيس القبيلة ليلا الى بغداد وفي صبيحة اليوم التالي قابل  نوري السعيد فقدم الطاعة له فأرسل الباشا برقية للمتصرف يعلمه فيها بالموافقة على ترشيح الشيح المذكور ففاز بالزكية لاحقا، ارتفعت نسبة الشيوخ والاغوات في البرلمان من 19.3% سنة 1925 الى35.9% سنة 1954.
    كان ابناء القبائل (الفلاحون ) يعيشون في قرى وفي عزلة تامة عن المدنية والخدمات بلا مدارس ولا مستوصفات ولا كهرباء وماء ولا طرق معبدة، يعيشون في صرائف من سعف النخيل وحصران البردي (البواري) بينما يسكن الشيخ  في بيت غرفه مبنية من بلوكات الطين اوالآجر من الكور بعد شواء بلوكات الطين والسقف من قضبان الحديد (الشيلمان)، امن القبيلة من صلاحيات رئيس القبيلة فهو المشرع والقاضي والمنفذ حسب قانون دعاوي العشائر لسنة 1924، لا وجود للشرطة في القرية، يستدعي الشيخ السارق بواسطة الوكيل اوالسركال الى المضيف فيقوم بالتحقيق معه فأذا انكر يقوم احد اتباعه بتعذيبه او يسجن  وقد يوضع في حفرة ومن ثم يوضع حوله نبات شوكي (الصريم) ويداس بالاقدام الى ان يعترف وتحل المنازاعات بين افراد القبيلة الواحدة او بين القبائل حسب السواني او العرف السائد آنذاك بالحشم او الدية.
    بالنظر لما يعانيه ابناء القبائل ( الفلاحين) من استغلال، انتفضوا ضد شيوخهم مطالبين بقسمة الحاصل مناصفة في الشامية 1954 وانتفاضة فلاحي قبيلة بني زيرج 1955 في الرميثة وبني عارض 1956 في الحمزة والرميثة.
    عهد الزعيم عبدالكريم قاسم ( 1958-1963)
    احدثت ثورة 14 تموز 1958 الرعب بين صفوف رؤساء القبائل وخاصة النواب منهم ففقدوا صوابهم لحين، صدر قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 بتاريخ 30 ايلول  فقلل من حجم ملكية الاراضي الزراعية وسلطة الشيوخ.ومن عيوب هذا القانون الحد الاعلى للملكية  عالي 1000 دونم في الاراضي السيحية و2000 دونم في الاراضي الديمية وحق الاختيار لمالك الارض ويقوم الفلاح بتعويض المالك عن ارضه، فتألفت الجمعيات الفلاحية بموجب قانون 78 لسنة 1958 بقيادة كاظم فرهود الكادر الشيوعي مما اثار رعب عبدالكريم قاسم والحزب الوطني الديمقراطي وقادته محمد حديد وهديب حاج حمود اعضاء الوزارة،فقامت الحكومة بأصدار قانون 139   لسنة 1959 فانتزعت اجازة الجمعيات الفلاحية من الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية وخولت الاجهزة الادارية المحلية صلاحية منحها لذا لم تجدد اجازات الجمعيات السابقة او تمنح اجازة لجمعية فلاحية  لا يوافق عليها عراك الزكم الذي نصبه عبد الكريم قاسم رئيسا للجمعيات الفلاخية الجديدة وهو منتميا للحزب الوطني الديمقراطي، ابتدأ هجزم بعض شيوخ العشائر واتباعهم وسراكيلهم على نشطاء الجمعيات الفلاحية من ابناء القبائل حيث قتل بعض رؤ ساء الجمعيات الفلاحية وعشرة فلاحين في الكوت من فلاحي امير ربيعة محمد الحبيب واغتيال صاحب ملا خصاف في العمارة وقتل 5 فلاحين من فلاحي محمد نصر الله في الناصرية ،وقدم الشيخ احمد عجيل الياور شيخ شمر  طلب الى عبدالكريم قاسم يطالبه بالغاء قانون الاصلاح الزراعي وهذا الشيخ اشترك لاحقا بحركة عبد الوهاب الشواف في 8 آذار 1959 وعلى اثر فشل الحركة هرب الى سوريا ومن ثم الى المانيا وعاد الى العراق في صيف 1963 بعد استلام الانقلابين الحكم ومقتل عبدالكريم قاسم في 8 شباط 1963.
    انقلاب حزب البعث الاول وعهد العارفين (1963-1968)
    قام بعض المرجعيات الدينية والبعض من الشيوخ بارسال التهاني الى الانقلابيين الى رئيس الجمهورية عبد السلام عارف ورئيس الوزراء احمد حسن البكريهنئونهم بنجاح الانقلاب،استمر حكم البعث الفاشي ثمانية اشهر وعشرة ايام فأنقلب عليهم عبد السلام عارف في 18 تشرين الثاني بعد المجازر التي ارتكبوها بحق خيرة المناضلين،استمر في عهده اي في عهد عبد السلام عارف توزيع الاراضي على الفلاحين وقام بتعين بعض ابناء الشيوخ رؤساء بلديات فمنهم من سرق المال العام بتقديم اسماء وهمية للعمال الذين يقومون بتعبيد شوارع المدينةاو للذين يعملون في مشاريع اخرى، اسقطت الطائرة المروحية التي تقل عبدالسلام عارف في البصرة بتاريخ 13 نيسان 1966.
    اجتمع مجلس الوزراء بتاريخ 16 نيسان 1966 لاختيار رئيس جمهورية وفي نفس الوقت تطوف شوارع بغداد مظاهرة قبيلة الجميلات مطالبة بتنصيب عبد الرحمن عارف رئيسا للجمهورية الذي كان يشغل منصب رئيس اركان الجيش فقرر مجلس الوزراء تنصيبه رئيسا بعد ان كانت المنافسة بين عبدالحمن عارف وعبدالعزيز العقيلي والدكتور عبدالرحمن البزاز، استمر توزيع سندات تمليك الاراضي على الفلاحين، حدث اغتيال رئيس لجنة استيلاء على اراضي الملاكين في الديوانية عام 1967، اتهم به حارس احد الشيوخ الذي حكم عليه بالسجن لمدة 20 عام.
    انقلاب حزب البعث الثاني وعهد صدام حسين (1968-2003)
    استلم الحكم للمرة الثانية حزب البعث العربي الاشتراكي 17-30 تموز 1968 وهم بأشد الحاجة الى كسب عطف الجماهير بعد جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب من اعدامات وتعذيب للشيوعيين والديمقراطيين ومحبي الزعيم عبدالكريم قاسم، فقاموا بأصدار قانون الاصلاح الزراعي رقم 117 لسنة 1970 الذي خفض الحد الاعلى للملكية الزراعية الى 1000-2000 دونم في الاراضي الديمية حسب خصوبة التربة ووقوعها شمال او جنوب خط سقوط الامطار والى 300-600 دونم حسب خصوبة التربة ونوع السقي بالواسطة او سيح وقاموا بتأسيس تعاونيات ونقابات زراعية وجمعيات فلاحية وبذلك تم فصل الفلاحين القبليين عن الشيوخ ولو الى حين كما تم تأميم النفط 1972 واعطاء الحكم الذاتي للكورد 1970 والغاء الالقاب.
    حدث انقلاب صدام حسين على رفاقه يوم 16 تموز 1979 عندما قدم احمد حسن البكر استقالته ورشح صدام حسين بديلا عنه فاصبح صدام رئيسا للجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة ورئيس القيادة القطرية ومجلس قيادة الثورة ومارس صدام العادات والمفردات القبلية في قاعة الخلد  22 تموز 1979 في اجتماع المؤتمر القطري  الاستثنائي الثامن عندما طالب علي حسن المجيد باعادة محاكمة  عبدالخالق السامرائي المسجون واعدامه بعد ذلك طالب احد الحاضرين باعدام كل من ورد اسمه في المؤامرة، مد شيخ القبيلة والحزب والدولة صدام يده الى شاربه وقال لك مني قبضة شارب، وامر 300 من كوادر الحزب من مختلف المحافظات باعدام 54 من قيادات الحزب حتى يضيع دمهم بين القبائل وارهاب بقية القيادين في الحزب.
    قام صدام بتدعيم نفوذه بتعيين افراد عشيرته البيجات واقاربه في مناصب حساسة في الاجهزة العسكرية والادارية الحكومية وقام بنقل افراد عائلته وقبيلته الى بغداد وجعل منهم حرس حمايته الخاص ووفر لهم مساكن خاصة في حي السلام والرضوانية والقصر الجمهوري،
     تم تجنيد بعض ابناء الشيوخ  وتصعيدهم كأعضاء في شعب وفرق وفروع حزب البعث العربي الاشتراكي فاصبح هؤلاء عين لصدام على ابناء القبائل يرصدون المعادين للنطام كما تم تعيين بعضهم مدراء نواحي وقائم مقامين همهم محاربة المعادين للنظام وتجنيد ابناء القبائل في الجيش الشعبي وارسالهم الى جبهات القتال وعين ابناء القبائل في المجالس النيابية، وانتقاما من الشيوخ الذين لم يشاركوا في قمع انتفاضة آذار 1991 شجع رجال الاعمال واغنياء ابناء العشائر تقديم طلب موقع من قبل 150 شخصا ليصبح شيخ قبيلة فينال المكافأت والعطايا من لدن القائد فظهرت طبقة جديدة من الشيوخ اطلق عليها العراقيون شيوخ التسعين تسبة الى تلك الحقبة وانشأ مكتب شؤون العشائر مرتبط برئاسة الجمهورية وسمح للمسؤلين مرة ثانية استخدام الالقاب، وشاع استعمال مفردة هدر الدم القبلية لكل من يعادي النظام اي معاداة صدام حسين ففي 23 شباط 1996 قامت عائلة المجيد بهدر دم كامل المجيد واولاده حسين وصدام وعبدالحكيم والهام كامل واولادها الخمسة للعلم كامل المجيد عم صدام حسين وقام بتجريف بيوت بعض العسكريين كبيت الفريق عمر الهزاع  اويرسل ابناء قبيلته ليقوموا باطلاق النار والهوسات امام بيت العسكري المتآمر.
    عهد الاحتلال الامريكي وداعش (2003-2016)
    تم حل الجيش وانزواء الشرطة فحدث فراغ امني وقضائي وتخبط المحتلين في السنتين الاوليتين من عمر الاحتلال مما  دفع ابناء القبائل الى الاحتماء بقبائلهم واستعمال اسماء القبائل القابا لهم فتضخمت القبائل واصبحت كيانات كبيرة جوفاء يبحث شيوخها عن المال والنفوذ والمراكز الادارية، وتلقب باسم القبيلة البعض من الديمقراطيين والشيوعيين والمدنيين كسبيل للتقية وخوفا من بطش الاعداء او نوع من الانتهازية كما قال ابو كاطع ( كالرخل لاهو طلي ولا هو صخل ) يحضرون الاجتماعات الحزبية صباحا ويقدمون الولاء للشيخ مساء او ينادون بحكم مدني ويتناسون النظام القبلي ولهولاء اقص لهم ما حصل في اجتماع شيوخ القبائل صيف تموز 1963 في فندق بابل نهاية جسر الملك فيصل انذاك في ساحة حافظ القاضي كنت حاضره ( سأل الشيخ احمد عجيل الياور احد الشيوخ هل خرج ابنك من التوقيف اجاب هذا الشيخ نعم خرج فسأله الشيخ احمد لماذا تم توقيفه فأجابه يقول وزير الداخلية حرذان التكريتي بأنه شيوعي فجاوبه الشيخ احمد لو كان ابني لقتلتو)، اذا كان شيخ القبيلة يقتل ابنه اذا كان شيوعيا فهل يدافع عنك يا ابن القبيلة اذا كنت شيوعيا او تنادي بحكم مدني؟ النقطة الاخرى التي يجب ذكرها تخلي ابن القبيلة عن شخصيته واسم العائلة ورهن حقوقه عند شيخ القبيلة الذي يسمسر بها من اجل مصالحه.
    حاول المحتلون الانجليز الاستعانه بشيوخ آل سعدون في البصرة فتصدى لهم من جاء معهم من العراقيين بسبب علاقة شيوخ آل سعدون بالنظام السابق، وقامت الادارة الامريكية باستقطاب عدد من شيوخ القبائل الساكنين في الخارج مثل الشيخ غازي مشعل عجيل الياور الذي اصبح عضوا في مجلس الحكم واول رئيس جمهورية وهو من قبيلة شمر، وفي سنة 2006 قامت قوات الاحتلال الامريكية بتأسيس مجلس صحوات الانبار بزعامة عبدالستار الريشاوي ابو ريشة لقتال تنظيم القاعدة الذي اغتيل 2007 وخلفه اخوه احمد ابو ريشة ووافق بريمر على تعين شيوخ العشائر في مجالس المحافظات بعد 2003 فمثلا في مجلس محافظة المثنى عين 12 من شيوخ القبائل المتكون من 40 عضوا، وقامت ادارة الاحتلال بالموافقة على تعيين بعض الشيوخ في مناصب ادارية كتعيين حازم الشعلان  محافظ في الديوانية ثم وزيرا للدفاع في حكومة اياد علاوي الذي اختلس اكثر من 800 مليون دولار وحكم عليه 7 سنوات سجن وتعيين عدنان الجنابي شيخ عشيرة الجنابيين وزير دولة كما عين شيوخا اخرين نواب للمحافظين والذين اتهموا ببيع سيارات الدولة واستلام بدلا عنها بحجة سرقتها وبيع الاسمدة التي طلب منهم توزيعها مجانا على الفلاحين،وقام الشيوخ بتعيين اقربائهم في قوة حماية المنشأت FPS اوموظفين في الدوائر التي يرئسونها.
    منذ بدء انتخابات المجالس النيابية في 2005  اختلفت افخاذ القبيلة على من يرشح للمجلس النيابي فتعدد المرشحين بدلا من ان يكون مرشح واحد لكل القبيلة والاسباب اما طمعا براتب وامتيازات المجلس او بسبب انضمامهم لكتل سياسية مختلفة، واختلف الاخوة واقارب الشيخ على زعامة القبيلة والترشيح للمجلس النيابي فتجد احد اخوة الشيخ موظفا حكوميا يذهب للسوق ويشتري عقال ويشماغ وعباءة ب 40 الف دينار عراقي ويعلن نفسه شيخا ويطالب بترشيحه للمجلس النيابي، والادهى من ذلك اذا لبس ابن الشيخ العمامة وهو من قيادات حزب اسلاموي فاصبح اخطر من الشيطان الذي يغريك على ارتكاب المحرمات ولكن ابن الشيخ هذا يسرق المال العام مال ابن القبيلة ويغريك بالعمامة والقبيلة بالتصويت له في انتخابات المجالس النيابية.
    استحدثت مؤسسات ولجان حكومية خاصة بالعشائر كمديرية شؤون العشائر في وزارة الداخلية ولجنة العشائر في مجلس النواب والغريب ترعى وزارة الداخلية جلسات تحكيمية بين العشائر المتنازعة داخل المديرية فهاذا العمل يكرس الاعراف والسواني العشائرية ويفرق بين المواطنين فمنهم يخضع لقانون العقوبات والبعض الاخر يخضع لقانون عشائري غير مكتوب،فلايجوز مثلا يحكم ابن المدينة بالسجن المؤبد او الاعدام لجريمة قتل ويحكم ابن القبيلة لنفس الجريمة بدفع فصل 12 مليون او 18 مليون دينار مع الحق العام،او تؤخذ مشية الى عائلة الضحية بعد اعطائهم الفرشة للقيام باطعام المشاية فاذا كان الفصل حسب السانية 50 مليون دينار تبدأ مساومات تنزيل المبلغ فاهل الضحية يطيحون 15 مليون للسادة و10 مليون للاجاويد في المشية و5 مليون للاعلاميين اذا كانوا حاضرين فيبقى 20 مليون الذي تستقطع منه مبلغ الفرشة فلا يستطيع اهل الضحية شراء فرس او جمل بالمبلغ المتبقي.
    فاق عدد النزاعات القبلية بعد سقوط صدام عدد النزاعات القبلية في العهد العثماني وعهد الانتداب الانجليزي والحكم الملكي مجتمعة، وعلى سبيل المثال وليس الحصر نزاع عشيرة بني مالك مع عشائر الجوابر والبوبخيت وبيت عوفي و السعد نزاع دام 8 سنوات ونزاع بين الغرة والجبور وبين خفاجة وبني تميم ونزاع بين البو عامر والسادة المشياخة وبين البو عامر والخزرج ومصرع 6 اشخاص، النزاع بين عشيرتي الحلاف والكرامشة استعملت فيه الكاتوشا والهاونات ونزاع مسلح بين افراد من عشيرة البطوط والحمادنه في الكرمة وبين البوشبيب  والكعابة في القرنة وفي ناحية العدل التابعة لقضاء المجر في 2015 قتل 9 اشخاص واصابة 20 ومقتل جنديين وفي نفس السنة مقتل واصابة 6 اشخاص بنزاع عشائري في جسر ديالى القريبة من بغداد، احيانا يحدث نزاع بين عائلتين تنتميان الى نفس العشيرة عشيرة بني مالك بين حمولة حشيف وحمولة جباره ونزاع بين عشيرتي آل بدير في الديوانية وبني زريج في المثنى وبين آل بدير في الديوانية وقبيلة كريش في الكوت. ووصلت قوات الرد السريع الى قضاء قلعة صالح والكحلاء في العمارة يوم الجمعة 16-9-2016 للسيطرة على نزاع عشائري في الكحلاء فاعتدى اهالي قلعة صالح على قوات الرد السريع فاصيب 4 اشخاص بجروح متفاوتة.
    في القرن الثامن عشر تنازعت القبائل البدوية على الكلأ والماء وفي القرن الواحد والعشرين تنازعت القبائل على ابسط الاشياء دجاجة مثلا اوخصام بين طفلين من قبيلتين مختلفتين او على عائدية ارض زراعية او استغلال الهور او خصام بين عائلتين لاساب تافهة، واصبحت قوة القبيلة وسيلة للابتزاز والاستغلال وهذه بعض الحالات الذي تحول فيها الفصل الى اداة للابتزاز: سارق سطا على دار فشعر به اهل الدار فهرب فتبعه سكنة الدار فدهسه القطار فمات، الزم العرف العشائري صاحب الدار دفع 20 مليون دية، ونقل مصاب بطلق ناري الى صالة الطوارئ في مستشفى ابن النفيس في بغداد  فمات قام المرافقون بالاعتداء على الطبيب المسعف واجبر الطبيب على دفع الدية، واصبحت الدية وسيلة المحتالين فيقوم شخص برمي نفسه امام السيارة فيتوقف السائق ويأتي اصحابه مطالبين السائق بدفع دية وبعد مساومات يفع السائق مليوني دينار، ويتم ابتزاز اصحاب الدور والمحلات بالكتابة على دورهم ومحلاتهم مطلوب عشائريا واصبحت القبيلة اداة تهديد الموظفين والاطباء ومنتسبي قوى الامن وتهديد  المتظاهرين المطالبين بالاصلاح.
    من اسباب استفحال النزاعات القبلية ضعف الدولة وضعف فرض القوانين وارتباط القبيلة وشيخها برئيس الوزراء او برئيس مجلس النواب او بمسؤولين في مناصب عليا في الدولة ،فالسياسي يضرب على وتر القبيلة في حالة تعرضه لخطر او لتحقيق مكاسب خاصة وهذا ما شاهدناه من سليم الجبوري عندما تمت اقالته من رئاسة البرلمان ولجوء النائب حنان الفتلاوي في نزاعها مع الناطق الرسمي للحزب الاسلامي الاعلى ابو كلل، وقيام رئيس الوزراء انذاك نوري المالكي بزيارة عشيرة بني مالك 2013 ولقائه بشيخ العشيرة النائب الشيخ صباح المالكي وزياراته وهو نائب رئيس الجمهورية الى مضيف البونايل ومضيف الشبانه في الديوانية، وقام نوري المالكي بعمل لم يجرء عليه الحكام الذين سبقوه وهو تشكيل مجالس الاسناد 2007 من العشائر في المنطقة الوسطى والجنوبية وتم تخصيص ميزانية ضخمة لدعم هذه المجالس  فقد خصصت رئاسة مجلس الوزراء اواخر عام 2012 عشرة مليارات دينار من احتياطي الطوارئ لمنحها لاعضاء مجالس الاسناد ولمدة 6 اشهر، اعطيت الرواتب الى شيوخ القبائل ليقوم بتوزيعهاعلى الاعضاء( ودع البزون شحمة )،قام بالغاء هذه المجالس رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، ليس لمجالس الاسناد في المنطقة الوسطى والجنوبية اي دور في قتال الدواعش وانما كان الغرض من تشكيلها سياسي لاسناد المالكي في النتخابات النيابية وانتخابات مجالس المحافظات،كما حاول البعض من رجال الدين السيطرة على شيوخ القبائل من خلال فقه العشائر والفتوى بأن ليس لرئيس العشيرة ولاية شرعية لا عامة ولا خاصة إلا بأذن الحاكم الشرعي تخويلا بتصرفاته ويمكن لأبناء العشائر ان يرشحوا امام الحاكم الشرعي رئيسا لهم مؤمنا متفقها باحكام عمله فيستحصل من الحاكم الشرعي تخويلا بتصرفاته على ان يتقيد بتعاليم الدين والفقهاء وفتوى اخرى وهي لا يجوز الولاء لرئيس العشيرة اذا شرب الخمرة واخذ الرشوة والكذب وغيرها والغاية من هذه الفتاوي وضع شيوخ العشائر تحت عباءة رجال الدين.
    تفكيك العلاقات القبلية
    تتحمل وزارة الداخلية والدفاع المسؤولية الكبرى في حماية ارواح وممتلكات المواطنين من عصابات الجريمة المنظمة، لا تفرق بين مواطن وآخر بسبب الانتماء القبلي او المذهب او الدين، لذا يجب ان يكون منتسبي القوات الامنية على معرفة بحقوق الانسان وحقوق المواطنين ومحاسبة كل من يخرق هذه الحقوق التي وردت في الدستور والقوانين الوضعية، وعلى وزارة الداحلية الغاء مديرية شؤون القبائل فالوزارة تحمل معولا لتحفر فيه فبرها وتهدم فيه المؤسسات المدنية.
    على مجلس القضاء الاعلى والادعاء العام والمحامين عدم الاعتراف بنتائج الجلسات التحكيمية بين افراد القبيلة الواحدة او بين قبيلتين متنازعتين وملاحقة الجناة من أي قبيلة اوأي مذهب كانوا و العدل في تطبيق القوانين الجزائية والمدنية وقانون الاحوال الشخصية والقوانين الاخرى.
    يجب حل لجنة العشائر في مجلس النواب فمن واجبات هذا المجلس تشريع القوانين التي ترسخ المساوات بين المواطنين وتدفع عجلة التقدم للامام وليس فرملته بترسيخ المؤسسات القديمة.
    يتحمل ابن القبيلة المتعلم والكاتب والشاعر والفنان وخاصة الذين ينادون بالاصلاح و بنظام مدني مسؤولية تفكيك العلاقات القبلية وذلك برفض الممارسات والسواني والاعراف القبلية ومطالبون باشاعة ثقافة مدنية.
    سحب الاسلحة المرخصة وغير المرخصة من القبائل والملشيات وخاصة الاسلحة الثقيلة والمتوسطة وسبق وان استعمل سلاح الملشيات في النزاعات القبلية.
    تطوير الصناعة والزراعة والاستثمار في المجالات الاقتصادية المختلفة سيقضي على البطالة وحينئذ ليس هناك وقت كافي لابن القبيلة التفكير وممارسة العادات والاعراف القبلية.
    حتما ستختفي القبائل بمرور الزمن كاختفاء القبائل الجرمانية في اوربا فليس لها وظيفة تذكر في العراق سوى الاخلال بامن المواطن وشد عجلة التقدم للوراء.
    المراجع
     احمد عبد الحافظ فواز: التوظيف السياسي للقبيلة من الملكية الى ما بعد صدام.
    احمد نصير: الفصل العشائري يتحول الى أداة للأبتزاز وشيوخ للأيجار.
    جعفر الخياط: مذكرات المس بيل ، دار الثقافة الجديدة، ترجمة وتحقيق، 2003.
    حامد الحمداني: شهادة للتاريخ: انقلاب العقيد الشواف بالموصل والاحداث التي رافقته الحلقة الاولى، الحوار المتمدن،2014.
    د. حازم مجيد احمد: الصراع والتمرد العشائري واثره على الاقتصاد العراقي.
    حمدي فؤاد العاني: نشوء ملكية الارض الزراعية في العراق ومراحل تطورها، موقع الحزب الشيوعي العراقي.
    د. كاظم حبيب؛ ثورة العشرين 1920 في العراق، الحوار المتمدن،2010.
    كامل داود: الانتفاضات الفلاحية، مكتبة الثقافة الجديدة العدد 373  ،2015.
    كاظم فرهود: هل مازال الاصلاح الزراعي حي يرزق ام تتناهبه الحيتان .
    د. محمد حسين الزيدي: دور العشائر في الصراعات السياسية في العهد الملكي، الحلقة الاولى، جريدة الجريدة.
    محمد سلمان حسن:التطورالاقتصادي في العراق،1965.
    د. محمد صالح الزيادي: لمحات من الحياة السياسية في مدينة الديوانية حتى اواخر العشرين، دراسة تاريخية السيد محمد صادق الصدر: الفقه العشائري.
    عبدالعزيز فالح الحيص: القبيلة والديمقراطية، حالة العراق الملكي(1921 -1952)، موقع د. محمد موسى الشريف.
    عباس البغدادي: قراءة في مذكرات الخاتونه مس بيل عن العراق، ملاحق جريدة المدى اليومية ،2011.
    د. عبدالامير هادي العكام: موقف وزارة ياسين الهاشمي 17 آذار 1935 من مطالب الشيعة، مجلة كلية التربية-
    جامعة بغداد.
    د. عبدالخالق حسين: العشائر والدولة موقع الدكتور عبد الخالق.
    د. عمار يوسف العكيدي: قانون دعاوي العشائر...كيف فرضته بريطانيا على العراقيين، ملحق جريدة المدى، 2012.
    عمر الشمري: النزاعات العشائريةمن روافد الموت في العراق ، موقع كتابات،2016.
    د. علي الوردي: الاخلاق الضائع من المواد الخلقية.
    علاء الدين البياتي: انماط الحياة الاجتماعية في العراق، مجلة العلوم الاجتماعية، 1978.
    د. عصمت موجد الشعلان ( 1939-....).
    د. عصمت موجد الشعلان: هل كان عهد الملك فيصل الثاني عهدا زاهرا و ديمقراطيا، الحوار المتمدن، 2010.
    د. عصمت موجد الشعلان: شرعية ومعارضة تنصيب الامير فيصل بن الحسين ملكا على العراق، الحوار المتمدن،2010.
    فلاح امين الرهيمي: العراق قبل وبعد الحرب العالمية الاولى، مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي،2013.
    صباح علي الشاهر: يجوز للسيد ما لا يجوز لغيره.
    د. صالح محمد العابد: العراق في اواخر العهد العثماني 1872-1914، المنتدى العراقي.
    د. صالح ياسر: بعض قضايا الصراع بشأن المسألة الزراعية في العراق بعد اندلاع ثورة 14 تموز 1958.
    صفاء عبدالحميد:قانون العشائر بدلا من الدولة، العربي الجديد،2015.
    صلاح عمر العلي: شاهد على العصر، قناة الجزيرة ، 2003.
    راضي احمد الغالي: اجود الذخائر في فقه العشائر.
    شافي الوسعان: انتخبوا شيخ القبيلة، مجلة الشرق،2012.
    شامل عبدالقادر: مجزرة قاعة الخلد 1979، موقع الحقائق.
    تحسين الزركاني: مدينة الديوانية .
    تاريخ العراق: العراق تحت حكم الامبرادورية العثمانية، موقع عراقنا.
    تقرير رقم 33 المجموعة الدولية لمعالجة الازمات( الشرق الاوسط) العراق: هل تستطيع الحكومة المحلية انقاذ الحكومة المركزية،2004.
    تاريخ العراق المعاصر، الجامعة المسمنصرية، كلية الاداب قسم التاريخ.
    المدى: كيف طبقت بريطانيا قانون دعاوي العشائر عند احتلالها للعراق، 2016.
    28-9-2016
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media