الرحلة المؤيدية الى الديار الاندلسية -1-
    الخميس 29 سبتمبر / أيلول 2016 - 10:23
    د. مؤيد عبد الستار
    جبل طارق
     الرحلة الى بلاد الاندلس جميل ان تبدأ من جبل طارق اذا كنت قادما اليها من البحر المتوسط ، ولكني ساذهب اليها من وسط اوربا ، لذلك سادخلها من بوابة ملقا / اسبانيا مخالفا قاعدة طارق بن زياد الذي احرق سفنه وقال البحر من ورائكم والعدو  امامكم ، في محاولة لشد عزيمة رجاله على القتال حتى النصر او الموت ، وان كانت هذه العبارة تنسب الى القائد الفارسي كياوس ايضا ، وربما نسبت الى اخرين ، لذلك سوف لن احرق سفني لاني اساسا لم اصل بسفينة وانما بسيارة .
    [[article_title_text]]
    توجهت الى البوابة - الحدود - سيرا على الاقدام ، لادخلها دون عناء ، فاجد امامي حركة دؤوبه تضج بالسيارات التي تنقل السياح الى معالم الجزيرة الشهيرة ، وهكذا بدأت رحلتي  في شبه الجزيرة الايبرية  التي تمد لسانها في البحر الابيض المتوسط ، كانها تتذوق مياهه لتختبر حلاوتها ، هذا اللسان الضيق تجلله صخرة كبيرة سميت جبلا لانها ترتفع نحو 400 مترا فوق سطح البحر . جبل جيري صخري ، يطل على ميناء فسيح يقابل القارة الافريقية التي تتضح سواحلها للسائح المطل على البحر من فوق قمته .
    قبل طارق بن زياد ، القائد المغربي الامازيري ، باكثر من الف عام وصل الى هذا الجبل الفينيقيون الذين كانوا اسياد البحر المتوسط ، والذين انشأوا العديد من الموانئ في تونس وسواحل البحر المتوسط منطلقين من لبنان .
    بعدهم احتل الرومان  شبه الجزيرة  والذين لاتزال اثارهم في بلاد الفندال موجودة حتى اليوم ، اما طارق بن زياد فقد وصل الى جبل طارق في القرن الاول الهجري ، حوالي 700 ميلادية ليمتد وجود العرب والمسلمين في بلاد الاندلس لبضعة قرون خلت .
    ظلت موانئ جبل طارق وشبه الجزيرة الايـبـيرية مناطق نفوذ وصراع بين هولندا واسبانيا وفرنسا وبريطانيا حتى استطاع امير البحر البريطاني الادميرال  نيلسون الانتصار على الاساطيل البحرية الاسبانية والفرنسية في اشهر معركة عرفت باسم الطرف الاغر ، علما ان اسمها الاسباني طرف الغار، ما معناه الطرف الغربي ، وهي السواحل الغربية من شبه الجزيرة القريبة من موانئ جبل طارق ، وكان الاسطول البريطاني لـنيلسون يرابط هناك .
    جرح نيلسون  في المعركة التي جرت في القرن التاسع عشر ، ومات بعد ان حقق النصر على الاسطول الاسباني والفرنسي الذي كان يقوده الاميرال بيير فيلنوف عام 1805 م، لذلك تجد تمثالا فخما لنيلسون وسط مقاطعة جبل طارق ، اضافة الى تمثاله الموجود في لندن ، ساحة الطرف الاغر .
    [[article_title_text]]
    من معالم جبل طارق النفق الذي فتحه الانجليز في الجبل ليكون مخبأ للمدافع التي حفروا لها نوافذ وكوى تطل على البحر لترمي السفن المعادية بنيرانها التي كانت تستخدم القذائف والبارود ، لذلك كانت الى جانب غرف المدافع صومعة كبيرة للبارود ، علما ان النفق حفر بالات بدائية وجهود بشرية عظيمة ، ليصبح اليوم عديم الفائدة الا للسياحة وكمتحف للحروب الماضية وقادتها الذين توزعت تماثيلهم داخل النفق .
    مسرح الكهف
    طور احد المهندسين الانجليز كهفا داخل جبل طارق الى مسرح كبير ومرقص يتألف من عدة مقصورات كبيرة رصفت بالكراسي بنسق هندسي .
    يتميز هذا المسرح بسقفه وجدرانه التي نحتتها الطبيعة كالحبال واغصان الاشجار التي تتدلى فوق راسك ومن حولك ، اضافة الى الانارة التي تتغير
    [[article_title_text]]
    في الكهف بين حين واخر لتضفي سماء زرقاء او خضراء اوحمراء .
    وضعت لوحة في صدر المسرح تبين زيارة ملكة بريطانيا لهذا المسرح / الكهف عام 1953 م .
    قردة جبل طارق
    أعالي جبل طارق تنتشر قبيلة من القردة تعيش كمجتمع اسري حميم ، تظهر عليها العواطف التي تشدها الى بعض ، تـتـنقل بين الاشجار القليلة والسيارات دون اكتراث بالسياح الذين جاءوا ليشاهدوا من قمة جبل طارق الساحل المقابل الذي تطل رؤوس مرتفعاته الافريقية على البحر المتوسط وتبدو كالظلال من خلال الضباب  والندى الذي يتصاعد من مياه البحر .
    على جانب من الجبل تقرأ لافتة تقول لاتطعم القردة ، وفي جانب اخر من الجبل شاهدت سلما حجريا يهبط الى الاسفل تتوزع على مدرجه بعض
    [[article_title_text]]
    القردة التي يبدو عليها انها في قيلولة او استراحة الظهيرة ، ولافتة تحذر من الاقتراب من السلم لان القردة قد تهاجمك بعنف .
    اخذت بعض القردة تتقافز فوق السيارات كانها تجرب لعبة جديدة ، وتهرب من كامرتي التي اتجهت عدستها  نحوها لتلتقط لها بعض الصور .
    بعد جولة يوم كامل في جبل الطارق ومشاهدة اسواقها التي تشكل شارعا طويلا يتجول فيه السياح ويشترون  ما يحلو لهم من البضائع البريطانية ، المعتدلة السعر بسبب التخفيض الضريبي الذي يميز اسواق جبل طارق ، فهي اشبه بميناء حر ، قفلت عائدا الى الجانب الاسباني  من جبل طارق .
    ايلول  2016   . للحديث صلة

    muayed@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media