بغداد وأنقرة تتفقان على تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي والمائي
    تركيا تتعهد بسحب قواتها من العراق بالتزامن مع تحرير الموصل
    الأحد 8 يناير / كانون الثاني 2017 - 03:46
    [[article_title_text]]
    بغداد: الصباح /آلاء الطائي (الصباح) - اكتسبت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمس السبت، أهمية كبيرة لكونها الاولى لمسؤول تركي رفيع منذ الازمة التي حدثت بين العراق وتركيا خلال العام 2015 إثر دخول القوات التركية لأطراف مدينة الموصل واتخاذ معسكر بعشيقة مقرا لها، فضلاً عن أنها تأتي في وقت اقتربت فيه القوات العسكرية العراقية من تحقيق نصر كاسح على عصابات «داعش» الإرهابية في معارك تحرير الموصل. وتوجت الزيارة، التي عدها مراقبون للشأن السياسي انتصاراً للدبلوماسية العراقية، باتفاق الحكومتين العراقية والتركية على عراقية معسكر بعشيقة وضرورة انسحاب القوات التركية وتحقيق الأمن والاستقرار المتبادل ومكافحة الإرهاب، وفي حين أكدا أن احترام السيادة الوطنية ووحدة أراضي البلدين يمثل أساس علاقتهما المشتركة، اتفقا على عدم السماح بتواجد أي منظمات إرهابية على أراضيهما وعدم القيام بأي نشاط يهدد أمنهما الوطني وتعزيز تعاونهما التجاري والاقتصادي والمائي.

    علاقات تاريخية وثقافية
    ونقل بيان رئاسي، تلقته «الصباح»، عن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم القول، خلال استقباله يلدريم والوفد المرافق: ان «المصالح المشتركة، والمدعومة بعلاقات تاريخية وثقافية بين العراق وتركيا، تتطلب العمل بوتيرة أسرع من أجل تجاوز ما حصل من توترات واختلافات بين البلدين»، مؤكداً بهذا الصدد أن «العلاقات تبقى، والتوترات تزول».
    معصوم الذي أضاف أن «قواتنا ماضية في عملها البطولي من أجل تحرير كل شبر من أرض العراق من دنس الارهاب وتخليص العالم من شروره»، لفت إلى أنه «من الضروري بعد الانتصار على داعش في العراق وفي سوريا أن تعمل دول المنطقة بشكل مشترك ومكثف ومخلص من أجل ازالة آثار التطرف والارهاب وبما يسمح بالانتقال إلى مراحل أكثر تطورا في العلاقات الإقليمية والاستقرار والتعاون في المنطقة»، مؤكداً أن «تعاوننا حاليا كشركاء في المنطقة من أجل تعزيز النصر ضد الارهاب سيعجل من فرص القضاء عليه».
    وأشار رئيس الجمهورية إلى أن «هذه الزيارة وما ستتبعها من زيارات بين المسؤولين في البلدين ينبغي أن تعمل على تطوير العمل المشترك في المجالات كافة «.
    من جهته، نقل يلدريم إلى معصوم تحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معبراً عن تقديره وسعادته بالنجاحات الكبيرة التي حققتها وتواصل تحقيقها قواتنا المسلحة في حربها البطولية ضد «داعش».
    وأكد يلدريم، بحسب البيان، أن «هذه الانتصارات مهمة في القضاء نهائيا على الارهاب في المنطقة وعلى تخليص العالم من شروره»، مؤكداً «حرص بلاده وحكومتها على العمل يدا بيد مع العراق للقضاء على الارهاب وللعمل على تطوير العلاقات والتعاون بين البلدين الجارين».
    وقدّم يلدريم شرحاً لما حققه الوفد من نجاح في زيارته إلى العراق وفي لقاءات الوزراء الترك مع نظرائهم العراقيين، وبما يمهد لمرحلة أكثر تطوراً في العمل المشترك والعلاقات التاريخية بين العراق وتركيا.
    وفي ختام اللقاء حمّل معصوم «رئيس الوزراء بن علي يلدريم تحياته إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتمنياته لتركيا بالمزيد من التقدم والسلام وللعلاقات بين البلدين الجارين المزيد من التفاهم والعمل المشترك واضطراد التطور».

    تعزيز التعاون المشترك
    في غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي في ختام المباحثات الرسمية بين وفدي البلدين وحضرته «الصباح»، عمق العلاقة بين بغداد وانقرة ورغبة البلدين بتعزيز التعاون المشترك واقامة علاقات متينة مبنية على اساس احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المصالح المشتركة في مجالات الامن والاعمار والاقتصاد والاستثمار وتوسيع التبادل التجاري.
    ولفت العبادي إلى ان المنطقة تمر اليوم بمرحلة حرجة تواجه فيها ارهاباً اعمى يهدد العراق والعالم اجمع ويتطلب من الجميع توحيد الجهود للقضاء على شروره، مشيرا إلى أننا في المراحل الاخيرة من حسم معركة القضاء على «داعش»، وان قواتنا البطلة تتقدم بسرعة كبيرة.
    وأضاف رئيس الحكومة أن تقدم قواتنا السريع تسبب بانهيار عصابات الظلام عسكريا ومعنويا، داعياً اهالي المناطق التي لم تحرر بعد في الموصل الى التهيؤ لاستقبال القوات  العراقية البطلة.
    وبشأن المباحثات مع الوفد التركي، أوضح العبادي أن الارهاب تصدر جدول مباحثاتنا ووجود «داعش» في سوريا وتم الاتفاق على تنسيق جهود البلديدن للقضاء على الارهاب في المنطقة، منوها بأن دستور العراق لا يسمح بتواجد الجماعات المسلحة في أراضيه ويمنع شن هجمات ونشاطات معادية ضد دول الجوار.
    وتابع ان مباحثات الوفدين تناولت التحديات الاقتصادية واعادة  الاستقرار واعمار المناطق المحررة وتوسيع حجم التبادل التجاري والاستثمار، مبيناً أن واحداً من أهداف الزيارة تمتين علاقات البلدين في الاصعدة كافة بما فيها الامني والاستخباري.

    التزام تركي بسحب قواته
    وبشأن وجود القوات التركية في بعشيقة، قال العبادي إنه تم الاتفاق على تضمين البيان الختامي مطالبة العراق بانسحاب القوات التركية من بعشيقة وفي المقابل اكد الطرف التركي التزامه بتنفيذ هذا الاطار واحترام السيادة العراقية والحفاظ على وحدة اراضيه.
    وذكر رئيس الوزراء أنه تم التباحث بشأن مدارس الكيان الموازي التي يدرس فيها عراقيون، مؤكداً ان العراق ابدى استعداده لمعالجة المشكلات في هذا الاطار وتحقيق مصالح البلدين.
    من جانبه ابدى رئيس الوزراء التركي ارتياحه للحفاوة التي لقيها في بغداد، لافتاً إلى البلدين الجارين تربطهما علاقات تاريخية عريقة.
    وخاطب يلدريم العبادي بالقول: إن تصريحكم بعدم السماح لحزب العمال الكردستاني بإلحاق الضرر بتركيا من الأراضي العراقية غاية في الأهمية بالنسبة لنا، وهو يظهر مدى قدرتنا على ما يمكننا فعله معا في مواجهة الإرهاب.
    وأكد أن تركيا ستستمر بالتعاون مع العراق من اجل رفاهية الشعب العراقي، اما بخصوص مكافحة الإرهاب فسنعمل بقوة من اجل دحر داعش في العراق وان يعيش العراقيون بأمان، مؤكدا أن سيادة العراق مهمة جداً بالنسبة لتركيا.
    وأضاف يلدريم ان البيشمركة والقوات التابعة للحكومة الاتحادية العراقية، ستتخذ الإجراءات اللازمة لطرد الإرهابيين من مدينة سنجار التي تشكل أكبر تهديد على تركيا، وسنواصل التعاون المشترك من أجل القضاء على جميع التهديدات القادمة من الأراضي العراقية تجاه تركيا.
    وجدد رئيس الحكومة التركية التأكيد على أن سيادة العراق وكذلك وحدة أراضيه أمر مهم جدا بالنسبة لنا، وتعهد بعدم السماح لأي مبادرة أو تحرك يضر بهذه السيادة، مبدياً اعجابه وشكره للانتصارات التي تحققها القوات العسكرية العراقية في حملتها للقضاء على «داعش».

    تصفية «داعش» ودرء خطرها
    وتابع يلدريم ان زيارته تعكس حرص تركيا على امن العراق، مبيناً أن بلاده ستسخر كل امكاناتها لتطوير العلاقة بين البلدين والتعاون مع العراق في الاستثمارات وفي ملف المياه والتوصل إلى توقيع اتفاقية بشأن التعليم.
    وبشأن تواجد القوات التركية في بعشيقة، ذكر رئيس الوزراء التركي أن هذا التواجد فرضته الحاجة لتصفية داعش ودرء خطرها، وأوضح أنه في اطار علاقة وصداقة البلدين يمكن حل هذه المشكلات، مشيراً إلى أنه وجه دعوة رسمية لرئيس الوزراء حيدر العبادي لزيارة تركيا في أقرب وقت ممكن.
    وردا على سؤال بشأن توقيتات انسحاب القوات التركية من بعشيقة، أكد يلدريم انه تم التباحث في المسألة مع الحكومة العراقية وأن القوات التركية قدمت دعما تدريبيا لاهالي الموصل من اجل مواجهة الارهاب الى جانب تقدم القوات العراقية، مبيناً أنه بمجرد حلول السلام والانتهاء من الإرهاب ستنسحب قواتنا من بعشيقة.
    ولفت يلدريم الى أن انسحاب مسلحي العمال الكردستاني من سنجار حصل بالتنسيق بين البيشمركة والجيش العراقي وسيتم تطهير المنطقة من المنظمات الارهابية والعمليات جارية بهذا الشأن، منوها بان تركيا تعلم ان هذه المنطقة تشكل اكبر تهديد لها و»لا بد من ازالة هذا التهديد».
    وعبر يلدريم عن أمله في عودة النشاط التجاري بين البلدين، مشيراً إلى أن حجم التبادل  بينهما كان في عام 2012 12 مليار دولار وانخفض حالياً الى 7 مليارات دولار لاسباب عدة على رأسها الارهاب وعدم الاستقرار في المنطقة ومشاكل ثانوية.

    مواجهة الأخطار المشتركة
    على صعيد ذي صلة، قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، خلال استقباله رئيس الوزراء التركي: إن «الوقت قد حان من اجل تقدم العلاقات العراقية التركية الى الأمام من اجل توحيد الرؤى والجهود لمواجهة الأخطار المشتركة وتطوير المصالح المشتركة»، مشيراً إلى أن زيارة يلدريم إلى بغداد «تأتي في ظرف حرج وحساس واستثنائي وظروف صعبة حيث تمر المنطقة والعالم بمنعطف تاريخي خطير».
    وعبر الجبوري عن أمله بان «تتكلل جهود العراق وتركيا بمزيد من التقارب ‏ونحن واثقون بأن هذا التواصل سيقطع الطريق على كل محاولات اضعاف العلاقات العراقية التركية وسيوثق هذه العلاقة ويدعمها»، لافتاً إلى ان «العراق وتركيا بحاجة ماسة الى بعضهما على جميع الاصعدة خاصة في الجانبين الأمني والاقتصادي».
    وبين رئيس البرلمان ان «البلدين يكتويان بنار الاٍرهاب وآثاره الخطيرة ففي الوقت الذي تستهدف فيه مدن العراق بالمفخخات والأعمال الإرهابية فإن مثيلاتها من المدن التركية تتلقى ذات الهجمات من الإرهابيين»، مشدداً على «ضرورة التكاتف العراقي التركي وتنحية جميع الخلافات جانبا وحلها بالحوار المستدام وتفكيكها ضمن الاطر الدبلوماسية والرسمية ونحن واثقون من حكمتنا وقدرتنا على تذويب هذه المشاكل وانهائها بسهولة وسلاسة».
    ونوه الجبوري بان «التقدم الذي تحرزه قواتنا البطلة على جبهات القتال ‏يؤكد بما لا يقبل الشك اننا قادرون على القضاء على الإرهاب بمساعدة جميع الأصدقاء».

    نص البيان المشترك في ختام المباحثات الرسمية بين العراق وتركيا

    ايمانا بالعلاقات التاريخية والدينية والثقافية وحسن الجوار بين البلدين وحرصا من الحكومة التركية والحكومة العراقية على تمتين وتعزيز اواصر العلاقة بين الشعبين الشقيقين، انعقد يوم السبت 7/1/2017 في بغداد الاجتماع الثالث للمجلس الاعلى للتعاون الستراتيجي بين البلدين.
    وقد بحث الطرفان الموضوعات الحيوية التي تهم البلدين وافاق التعاون في المجالات كافة وامكانية بناء وتطوير العلاقات الستراتيجية والسياسية والاقتصادية التي تحقق مصالح البلدين.
    في ادناه البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثالث للمجلس الاعلى للتعاون الستراتيجي:

    1 - اكد الطرفان تبنيهما تحقيق الامن والاستقرار المتبادل ومكافحة الارهاب سوية في اطار احترام سيادة ووحدة الاراضي الذي يمثل اساس العلاقات بين البلدين.
    2 - اكد الطرفان ان معسكر بعشيقة هو معسكر عراقي.
    3 - اكد الجانب العراقي موقفه الثابت تجاه معسكر بعشيقة وان يبدأ الجانب التركي بخطوات سحب قواته وان ينهي هذا الملف، واكد الجانب التركي التزامه بوحدة العراق واحترام سيادته .
    4 - اكد الطرفان اهمية رفع مستوى التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين وفي مجال اعمار المناطق المتضررة من الارهاب، وتفعيل الاتفاقات ومذكرات التفاهم الموقعة بين الطرفين.
    5 - اتفق الطرفان على زيادة التعاون في ادارة مياه نهري دجلة والفرات والمشاريع المائية المشتركة.
    6 - تشيد الحكومة التركيـــــــــة بالانتصارات التي حققتها القوات المسلحة والامنية العراقية ضمن عمليات تحرير نينوى والقضاء على عصابات داعش الارهابية.
    7 - اكد الطرفان عدم السماح بتواجد اي منظمات ارهابية على اراضيهما وعدم القيام بأي نشاط يهدد الامن القومي لكلا البلدين. واتفق الطرفان ان يعملا سوية في مجال مكافحة الارهاب وداعش مع التحالف الدولي.
    8 - اكد الطرفان ضرورة عمل قفزة شاملة في مجال الثقافة والسياحة لغرض تقوية الاواصر الثقافية والاجتماعية بين شعبي البلدين واتاحة الفرصة لتلاحم مواطني البلد.
    9 - اتفق الطرفان على ايجاد التفاهم في تحديد المصالح والتحديات المشتركة برؤية ستراتيجية والعمل سوية من اجل امن واستقرار المنطقة بالاضافة الى القضاء على جميع العوامل التي من شأنها ان تهدد امن واستقرار المنطقة ومن ضمنها الاستقطاب الطائفي والاثني.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media