التسويه السياسية السنيه
    الأحد 8 يناير / كانون الثاني 2017 - 23:56
    جابر الشلال الجبوري
    التسوية، كلمة خطيرة طرفاها الرئيسيان ظلمه ،  والمتضرّرون ألاساسيون يتمثّلون بالشعوب الفقيرة والمحرومة، حيث لو قرأنا التأريخ جيداً لوجدنا أن الظالم والمتسلط والقاتل إذا مااعترف بجرمه وظلمه فإنه هو من يبادر إلى طرح مشاريع التسوية، وخير مثال على ذلك ماحدث في جنوب أفريقيا عندما قررت الأقلية البيضاء، الاعتراف باحتلالها للبلد وبطشها بأبناء الشعب وتطبيقها لمبدأ التمييز العنصري بحق السكان الأصليين – السود - لذلك ذهبوا إلى القائد الزنجي (مانديلا) وعقدوا معه اتفاقاً تأريخياً كبيراً بعد أن اعترفوا بذنبهم،  فتحققت بذلك، التسوية الوطنية في جنوب أفريقيا.
     أمّا عن تسوياتنا الوطنية التي أصبحت بالجملة دون خجل ودون درايه موضوعيه ،  ومخاطر ذلك على من يثقف بها ويدافع عنها، فأني أريد هنا أن أعرج على بعض التسويات التي تم تطبيقها في زمن حكم البعثيين وهو حكم (سُني) بامتياز بكل معنى الكلمة وهذه حقيقة لايتجاهلها إلا منافق وكذاب ومستفيد من الفرص المتاحة، وإلا لماذا لايعترف (السُنة) بأنهم قد أخطأوا وقدموا حكاماً خونة مجرمين متسلطين دكتاتوريين باعوا البلد وبدّدوا ثرواته ودمروا جيشَه من خلال حروب خاسرة أحرقت الاخضر واليابس ومن خلال مساندة رجال الدين (السُنة) لكل حاكم ظالم ودكتاتوري؟
     لماذا لايقدّم (السُنة) مشروع تسوية ويعترفوا بأن تسويتهم كانت في السابق (مقابر جماعية) للشيعة و (كيمياوي) للأكراد، مقابل الكمّ الهائل من التسويات التي قدمها الشيعة لحد الآن؟ وكم قرار صدر بالعفو العام عن الارهابيين؟ وكم وثيقة شرف وقعت بين الاطراف المتخاصمة؟ والنتيجة كانت كثرة المفخخات والقتل على الهوية وتبديد ثروات والفاعل معروف وشريك أساسي في العملية السياسية، وكلنا يتذكر جريمة سجن أبو غريب التي كان بطلها المجرم المقبور قصي صدام حسين عندما أمر بقتل ألفَي سجين بسبب كثرة النزلاء في السجن وعدم استيعاب المكان وأمر بتصفيتهم جميعا فكانت تسوية غريبة راح ضحيّتها الأبرياء المساكين، بينما التسوية يجب أن تكون مع كل من يؤمن بالوطن من خلال احترام مواطنيه ولا يعاديهم، وليفعل كل مابوسعه ضدّ الحكومة السلبية وبالطرق الحضارية وليس ضد الوطن، وعليه فالتسوية يجب أن تكون مع شرفاء (السُنة) وما أكثرهم، التسويه يجب أن تستبعد من عملها كل الخونة الذين تركوا أهلهم وهربوا إلى الخارج وأخذوا يدافعون عن الإرهابيين من جحورهم هناك، التسوية يجب أن تكون مع أبناء شهداء أهل السُنة الذين أعدموا في زمن المقبور صدام، التسويه يجب أن تكون مع مَن قاتل البعثيين الدواعش في ناحية العلم والشرقاط وحديثه والضلوعية، ألتسويه يجب أن تكون مع الشيخ الكبيسي والصميدعي وخالد الملا وحميد الهايس ومشعان الجبوري واللويزي وغيرهم كثير من شرفاء أهل السُنة الذين يحبون الوطن ويختلفون مع الحكومة.
      أتركوا الخونة وابعدوهم عن أيّة تسوية، أتركوا كل من ترك أهله النازحين وهرب إلى الخارج، أتركوا البعثيين من تسوياتكم وفتشوا عن الوطنيين الذين يحبون العراق، لايمكن لأي إنسان منصف أن يقبل بتسوية مع القتلة والبعثيين، لايمكن أن تنجح التسوية مع السياسيين المشبوهين (السُنة) الحاليين لأنهم خانوا ناخبيهم وسرقوا أموال النازحين وأموال محافظاتهم، لايمكن أن تنجح التسوية إذا لم يظهر سياسي (سُني) شجاع وشريف يعترف بما اقترفه الحكام (السُنة) بجرائم فضيعه بحق كل العراقيين والعراق، ولايمكن أن ترى النور أيّة تسوية إذا لم يتبرّأ أهل  (السُنة) من البعث، لايمكن لأيّة تسوية أن تنجح إذا لم يفكر ويؤمن أي  (سُني) بأن السُنة أقلية في العراق، وأن العراق بلد السُني والشيعي والكردي والعربي والمسيحي والمسلم، وبأن العراق بلد فيه أقليات وأديان أخرى لها الحق بالعيش فيه بكل حرية وكرامة وأمان، لايمكن أن تنجح أيّة تسوية إذا لم يتجرد كل سياسي سني عراقي من أنانيته ودكتاتوريته ويؤمن بالديمقراطية وما تفرزه صناديق الاقتراع، فالتسوية كلمة خطيرة، تكون جميلة ومحببة للجميع إذا ما اعترف المذنب بذنبه والمجرم بجرمه وينال جزاءَه العادل جرّاء ما أقترفه، ضمن القوانين والأعراف والأوامر السماوية التي تحرّم التسوية مع القاتل والمجرم حتى يتم التفاهم مع أهل المجني عليه، السماء والأرض ترفض التسوية التي يكون فيها ظالم ومظلوم على درجة متساوية، التسوية يجب أن تأخذ الحق من الظالم لتعطيه للمظلوم بشروط يتفق عليها الطرفان، التسوية تقضي بتعهد الظالم بعدم تكرار ظلمه بعد أن ينال جزاءَه على مستوى العشيرة فكيف بمن خان الوطن ،  وإنّ أيّة تسوية بين المتخاصمين لن تنال النجاح إذا لم يعترف المذنب بذنبه ويؤدي ماعليه من واجب تجاه المظلوم. أتمنى لكل من يسير في مشروع التسوية أن يفكر جيداً بأن التسوية ليست مع الغرباء والمنتفعين والمجرمين، بل مع الوطنيين الشرفاء الذين لديهم الاستعداد بالدفاع عن الوطن وأهله، فاذا أردنا للتسوية أن تنجح فلنفتش عن الأحرار الذين يتبرأون من جرائم البعث والدواعش ولديهم القدرة على السير في طريق بناء العراق الحر الديمقراطي المتعدّد، وها نحن بانتظار أن يقدم شرفاء (السُنة) تسويتهم الوطنية التي تستبعد مشاركة البعثيين، إذ بدون أن يقدم السُنة تسويتهم بهذا الإطار الوطني فلا يمكن أن تنجح أيّة تسوية، ومع الأسف الشديد فمن يقدم التسويه هذه الأيام لايقل ظلما على من يتلقاها فالاثنان ظلمه وعليهم الاعتراف ،  قال تعالى (ويمكرون ويمكر اللهُ واللهُ خيرُ الماكرين).

    جابر الشلال الجبوري
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media