بوجود حيدر العبادي والرئاسات الاخرى سيبقى "الحرامية" مصانون ... فـ"ألتحقيق الاداري" هو وسيلة الحكومة للقضاء على الفساد...!!!
    الأثنين 9 يناير / كانون الثاني 2017 - 19:14
    أ. د. حسين حامد حسين
    عندما يصرح حيدر العبادي في يوم السبت ، السادس من كانون الثاني الجاري " إنه تم التوصل لاتفاق مع تركيا بشأن انسحاب القوات التركية من بعشيقة، إلا أن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ينفي ذلك الاتفاق " فذلك يعني اما احتمال ان من يتولى الترجمة للعبادي يفتقر الى الكفائة في اتقانه عمله وقد اوصل معلومة خاطئة له، أو أن العبادي كعادته ، يخادع ويكذب على نفسه وعلى العراقيين .
    النتيجة النهائية التي خلصنا اليها تجاه مستقبل الوطن العراقي ، اعتقادنا انه مجرد مجنونا من يظن ان عراقنا سيستنشق يوما ما نسائم الحرية والعدالة والمساوات طالما بقيت هذه الرئاسات الثلاثة بالذات تمثل مصالح احزابها وكتلها السياسية. فالتجربة الحمقاء المؤبونة لثلاثة عشر سنة التي مرت بنا لم تكن سوى مؤامرة كبرى من قبل الذين كتبوا هذا الدستور اللعين . وهم وان كانوا عراقيين اسميا، لكنهم بالتأكيد قد تم اختيارهم بعناية لتجردهم من الولاءات للعراق ونقمتهم عليه . فقد رضوا تبني الاهداف والتوصيات والتعليمات التي أملتها عليهم ادارة جورج دبليو بوش من اجل الانتقام من شعبنا لكي يصبح العهد الجديد وجها اخر اكثر قبحا وسوادا من نظام المقبور ، مع بعض تعديلات "المكياج" لتحسين صورة وطريقة التوجه في طرح شعارات الديمقراطية الاسمية لتسهيل اسلوب قبول الانزلاق في متاهات صراعات التعنصر والاقتتال الطائفي وتقاسم الثراء بين هذه الاحزاب والكتل وتوزيع ادوارالجريمة لكل المعنيين بوجوه التغيير الجديد.
    هؤلاء المجرمون الذين كتبوا الدستور كانوا يدركون حقيقة انهم وضعوا حاجزا منيعا بين هذه الاحزاب والكتل عن بقية شعبنا لكي يتعرض شعبنا وحده الى الدمار والموت اليومي بينما تبقى هذه الاحزاب والكتل المارقة مفروضة فرضا على الواقع الحياتي العراقي ، ومحمية بجيوش الحمايات ورعاية انظمة خارجية معروفة لها باع طويل في توجيه ادارة البلاد. فعلى الرغم من دخول هذه الاحزاب والكتل في انتخابات برلمانية ، لكن الاهداف التي رسمت للعملية السياسية برمتها من قبل من وضعوا هذا الدستور الشيطاني الملغوم بروحه وتوجهاته واهدافه ، كانت من اجل ان يصبح من شبه المستحيل اجراء التعديلات على بنوده ، فيبقى "الحجة الوطنية" الكبرى والمبرر لتدمير العراق .
    المرحلة الاولى بعد الاحتلال ، كان قد تمثل بذلك الاجتياح العراقي "الرسمي" من خلال عودة وجوها جديدة "شابة" تعلوا رؤوسهم العمائم ، كمنطلق في اضفاء صورة "القداسة" عليهم وعلى ادوارهم القادمة حيث تم الحرص على عدم تقديمهم للمجتمع العراقي "كسياسيين" بل كرجال دين . وكان المطلوب اثباته لفرضهم على المجتمع ، ثم لتسطع نجومهم كورثة لعوائلهم المعروفة بحضورهم الوطني في العهود المنصرمة. هذه الوجوه الشابة التي تم تعريفها بالمجتمع العراقي ، كانت تدرك  تماما ان الشعب العراقي يتسم ب"سهولة" الانصياع لهذه الوجوه الجديدة القادمة وخصوصا انها تعتمر العمائم، وما لذلك من تأثبر نفسي هائل على البسطاء من الناس. فضلا ان الاحزاب السياسية العراقية من الوطنيين المخضرمين كانوا قد استنفذوا جميع سلبياتهم وتراجعاتهم عن المبادئ فأنزوى كل منهم بعيدا عن الاحداث الجديدة والقديمة. ومع أن هؤلاء "قادتنا " الجدد لم يقرأوا عن السياسات سوى ربما ما كتبه أسلافهم من الفلاسفة الملتزمين دينيا ، ظل هؤلاء "الشباب" الجدد يتحفظون في مواجهات الناس ، وظلت ادوارهم تتسم بالتلقي من المحتل ، ويسهرون مع سيئ الصيت بريمر، يحدثونه بشغف عن كيفية طبخ "الفسنجون".
    وهكذا كانت اهداف المرحلة الاولى لوجود هؤلاء هوعملية "تثوير" حشود الطائفة الشيعية وتحفيزها وتصعيد شعاراتها الدينية لتسهيل "مهمة" هؤلاء القادمون باجندات اودعها لديهم من تولوا رعايتهم في المهجر، من اجل تنامي الشعورباهليتهم اكثر من سواهم من مراجع دينية اخرى لقيادة العراق.
    وهكذا توزعت الجماهير العراقية للانضواء تحت هذه القيادات الشيعية الجديدة لربط مصيرها باسيادها "ألكرماء". 
    أما المرحلة الثانية فقد تمثلت من خلال استثارة هذه الجماهير الساذجة الفقيرة الملتاعة لتعميق "الحزن العراقي" القديم – الجديد والمهيمن اساسا على الذات العراقية ، بدلا من الانفتاح على الحياة واعادة بناء العراق وتوفير تنوع حرية الفكر ومد العون للفقراء والمساكين وتأهيلهم اجتماعيا وسياسيا ونشر الوعي الصحي ونبذ العادات غير الصحية وفتح مراكز الامية للكبار ونشر المحبة والوئام مع الطوائف الاخرى والاديان واختيار الوسائل والطرق الحميدة من اجل التخفيف عن حياة هذا الحزن والسوداوية الجاثم على النفوس العراقية. فهذه القيادات الشعية هي المسؤولة اساسا عن كل مسار ابتعد عن التمدن والتحضر المفترض ان يكون رمزا للعراق وشعبه في عهده الجديد.
    ان التجربة الدينية التي يقودها التحالف الوطني من خلال مسيرة الدولة لم تكن تجربة تحضر او انماء بقدر ما كانت ولا تزال تجربة لخلق بؤرا للتخندق الطائفي حيث عمدت على حث نشر الجريمة المنظمة وارهاب الكتل السياسية الاخرى نتيجة اللامبالات بشعبنا، حيث لا نجد كثيرا من الفرق بين عهد "الديمقراطية" وعهد المقابر الجماعية سوى بالشعارات السياسية . فجميع الاحزاب والكتل تمتلك جيوشا من حمايات وميليشيات واسلحة ، والباب مفتوحا على مصراعيه لكل من يتسم بالدناءة وسقوط الاخلاق والاستعداد لوشمه بعار الخيانة الوطنية في جبهته ليدلوا بدلوه في تمزيق عراقنا. فمسألة قيم الشرف والفضيلة والتقوى اصبحت بالنسبة لهؤلاء ممن وللاسف بيدهم مقدراتنا ، مجرد مفردات نسبية لها مبرراتها في مجتمع خانع لا تجد فيه الرئاسات الثلاثة ضرورة سوى للبحث لها عن تبريرات للدفاع عن وجودهم الرسمي لا الدفاع عن شعبهم. لا بل ان هذه الرئاسات الثلاثة لا تتورع بين الحين والاخر من المبادرة بالوقوف علنا مع الفساد من خلال سن بعض الاحكام لقذف اباطيل وتبريرات جديدة وسط الاحداث الملتهبة لتبرر مساعي الفساد في تعميق هيمنته على المجتمع.
    رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي رفض الانصياع لمطالبة المرجعية الدينية العليا لضرب الفساد ، اتخذ منحى اخر على العكس من ذلك تماما، حيث "أمر" بجعل نظام "التحقيق الاداري" ، كوسيلة "ناجعة" من اجل معالجة الفساد والفاسدين. فالعبادي اصدر اوامره لاحالة الشخص المتهم بالفساد الى "لجنة تحقيقية"  حيث تمنح له فرصة "ذهبية" من خلال اخضاعه الى "تحقيق" اداري ضد اتهامه بسرقة ملايين الدولارات أو هدرها!! وفي هذه الحالة ، يستطيع هذا الفاسد المليونير هذا من "رشوة" اللجنة التحقيقية ، لتوجه له في النهاية عقوبة "التوبيخ" او "الانذار" ، ويتم غلق التحقيق وينتهي الموضوع.  فهذا النوع من اعمال الباطل هي "العبقرية" الشيطانية حينما يتبناها من لا يريد بالعراق خيرا، فهي لا توجه سوى من اجل الشر. ولا يتم مسائلة هذا الفاسد عن كيفية امتلاكه هذه الملايين وهو الذي كان "حافيا" قبل عدة سنوات. فالجهاز الاداري الذي يمارس التحقيق هو نفسه من يجب ان يحال الى القضاء لما يعانيه من نتانتة السمعة وسقوط الشرف الاخلاقي والمهني . والعبادي معروف عنه لا مبالاته في اطلاق الوعود وممارسة التسويفات السياسية فقط لا غير!!!
    الخلل الاعظم في مسار الحياة العراقية قد اتضح ومنذ زمن بعيد نتيجة وجود هذه الرئاسات الثلاث كاسباب لعلل وامراض الاجتماعية مزمنة بسبب انتماؤهم الى كتل واحزاب سياسية فاسدة ، ودفاعهم عن وجودهم الفاسد هذا وعدم ممارساتها في تطبيقات العدالة والمساوات والحزم والقوة والثبات على المبدأ والتي يتعارض كل ذلك مع وجودهم في "بحبوحة" من العيش ، بينما الجميع يعلم أنهم لم يكن لهم دورا على مسرح الحياة من قبل و"جاؤا على الحاضر" . فهم "العاجزون الخانعون " عن ممارسة مسؤلياتهم لضرب الفساد ، وعدم شعورهم "بالحيف" على شعبهم المقهور، ولا يمتلكون احساسا بالوطنية لانهم يمثلون احزابهم المنتفخة من هذا الفساد ، وهم مطمأنون على مصيرهم من غضبة شعب يكافح من اجل لقمة عيشه.  ألم تيأس المرجعية الدينية العليا من هؤلاء لاحجامهم عن التحرك وضرب رؤوس الفساد واركانه ؟ أليس تفاقم الفساد في الدولة والمجتمع مستمر بسبب صمت هذه الرئاسات الثلاثة وبقائهم في كراسيهم ، فالقضاء على الفساد يعني نهايتهم.
    في مصر ، قبل حوالي اسبوعين اثيرت فضيحة رشوة كبرى ضد نائب رئيس مجلس الدولة المصرية ، فجابهها الاعلام المصري بعاصفة مروعة من التنديد والادانة والتسقيط، وتمت محاصرة هذا الرجل الفاسد المرتشي ، الامر الذي لم يستطع المتهم من التخلص من جور جريمته سوى باللجوء الى الانتحار. في حين ، اننا نقرأ في اخبار الصحف العراقية دائما ، ان "حرامية" المال العام وبملايين الدولارات ممن يتم ادانتهم قضائيا ، نجد ان الجهات الحكومية تقوم "بالتستر" عليهم من خلال عدم كتابة "اسماؤهم الصريحة". حيث يكتبون احرف اسماؤهم الاولى فقط خوفا من "الاساءة لسمعتهم" كما يبدوا....( أكو طيحان حظ اكبر من هذا .... ) ؟؟!!
    حماك الله يا عراقنا السامق...

    1-9-2017 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media