أمــالي السيد العراق الى رب العزّة
    الأربعاء 11 يناير / كانون الثاني 2017 - 21:20
    مهدي المالكي
    بإسمك الله أبدأ حتى هَمسي مع نفسي ..

    اليك اللهم أشكو ضعف حيلتي وضيق صدري من تساؤلات أهلي " أي من يسكن على ترابي" عن مدى صبري وحدود تحمّلي!! فأنا لم أكن أكثر من جزء صغير من الارض التي مددتها وبسطتها وأرسيت عليها جبالك وأودعت فيها شيئا من سرّك!! أنا العراق.. ياسيدي  رب العزة!!

    انا يا إلهي تلك البقعة التي شرفتها بإنزال عبدك آدم في جنتك "عدن" التي أنشاتها في القرنة عند تلاقي نهريك الكريمين دجلة وفرات! والتي لم يبقى منها اليوم سوى شجرة مهجورة عند دار إستراحة القرنة. محاطة بالسكراب والازبال و"قواطي" من ماركات مختلفة!!

    أنا ياسيدي مَن وشمتَ على ظهري أور ونفّر وبابل وآشور وأربيل ونينوى؟؟ وعلى إمتداد هذا الوشم المقدس ظهر أنبياؤك الأكرمون، وتركوا في ذاكرة الانسانية المعاصرة بصمات الوجود الانساني ونتاجاته في الفن والكتابة والمعرفة والزهد والموعظة والخشوع!

    أنا العراق ياسيدي ... من مدينة أور، من على ظهري بدأ دابّتك "الحمار العراقي" رحلته  ليحمل أبو انبياؤك " سيدنا إبراهيم الخليل (ع)" وعائلته ليتجه صوب مكة ويبني بأمرك هناك بيتك العتيق المكرّم! وعلى ظهري يارب العزّة .. ظهر نوحا، ويونس، وشعيبا، وصالح، وأيوب!

    رب الجود والجبروت .. أتشرّف ايضا على غيري من الاوطان أن خليفة نبيّك الكريم (علي بن ابي طالب (ع) لجأ عندي بما تبقى من دينك الحنيف "الاسلام" بعد ان تفاقمت مؤآمرات الاعراب على خاتم أنبياؤك!! فإختار الكوفة  معسكرا ومسجدا بديل! ألم يكن ذلك بهداية منك ومباركة منك ايضا لتربتي؟ التي تزهو وتتشرف اليوم بوجود أضرحة أل بيت نبيك العظيم صلاتك عليهم جميعا. أنا يا سيدي أزداد زهوا وعزة  بوجود ضريح "علي بن ابي طالب (ع)"  أصدق عبادك إيمانا بك. أنا يامولاي وربي لازلت أشعر بأن جنتك  لازالت موجودة على ظهري مادمتُ أحتضن ضريح سيد شباب الجنة " الحسين بن على (ع)"؟ وما بالك بالاكرمين من حججك على عبادك المتوزعين كالياقوت على صدور مُدِني؟

    سيدي الأكرم المؤمن المهيمن العزيز.. لم يسجل التاريخ أن أحدا من أنبياؤك عاش عيشة مترفة! فالجميع قاسوا من العذاب بما قررته حكمتك عليهم! لكني أستغرب أن أغلب انبياؤك.. ربما جميعهم لم يرَ ما رأيت!! او مارأى من عاش على أرضي!! ولم يعانوا أيضا ما عانيته شخصيا!! أو ما عاناه عبادك العاديين من العراقيين ؟؟ فهل أنا في حساباتك "أحد انبياؤك الاكرمين"؟؟؟ وهل أن العراقيين يشملهم هذا التكريم الالهي السّري؟ ام أن العراقيين كلهم -أقصد من سكن أرضي- هم نسل نبيك الكريم " ايوب"؟؟او نسخا منسوخة منه. أرجوك سيدي أن تتحمّل تشتتّي وتساؤلاتي الساذجة ؟ فأنا لم أشك يوما بربوبيتك ولا أحدا من سكاني"العراقيين" توقف يوما عن التسبيح بحمدك! حتى مَن شذّ منهم!! وتبنّى الشيوعية فكان يبحث فيها عنك!! في أديان الارض بعد ان مل من دينك الذي حوله المستفيدون ووعاظ السلاطين الى تعاويذ وأدعية للعيش الكسول، فوجدوك متجسّدا لهم في الشيوعية ولامعا في مباديء العمل والتفاني في محاربة الفقر والمساواة والعدالة والاجتماعية والانسانية ؟؟

    ربي الجبار القاهر الودود...  بإسمك تعوّدت ان ابدأ كل يوما منذ بديء الخليقة بذكرك، لكني اتفاجأ يوميا برؤية منظر الدم بشري من اولادي العراقيين، وموت رخيص لبقية كائناتي الحية الاخرى ! وكل يوما أنا مهدد بالهَجر !! غادرني ناسي، الطيور التي طالما حلقت بسمائي، حتى النخيل سيدي الخالق  لم يعد يقوى على البقاء فمنه من مات قهرا او حرقا ومنه من ينتظر!! وحين تلتفت اليّ اشيائي مُعاتبة ومتساءلة        ... أقول لهم صبرا!! في ثنائية صعبة ربما ترقى لان تتشابه مع المحادثة التي حصلت بين عبديك الصالحين موسى والخضر عليهما السلام!! لم يعُد يتحمّلني أحدا من أهلي وسكاني ولا يتحمل تصبيري لهم؟ لانك سبحانك كتبت لهم عمرا محددا وناسي -العراقيون- يحبون الحياة والإبتكار والتطور وخدمة الآخرين تسبيحا بحمدك؟؟

    أيها المعبود الأوحد أعِنّي في حيرتي وقلّة حيلتي من رؤية مشاهد الموت بالمجان لشباب بعمر الورود ممَن عجَنتَ بقدرتك أرواحهم بترابي حتى إرتضوا بفطرتهم السليمة ان يفتدوني بانفسهم كقرابينا تقرّباهم اليك؟؟ لذا أن تربتي يامولاي هي الاخرى ورغم تفاخرها بهذا الكم والنوع من هؤلاء الشباب صارت تستحي ان تحتضن جثامينهم الطاهرة؟

     ربي القادر القدير ان موت كهذا الذي يحصل عندي انا العراق ربما وأنت العالم قد يهدد الانسان الذي تفاخرت بخلقك له أمام ملائكتك الكرام؟ بالانقراض ؟؟ الأطفال اليتامى، النساء الأرامل، الشيخوخة المهملة شيئا مخيفا لم أعد أتحمّله !! لذا ياسيدي المهيمن المجيد الرحمن الرحيم الواسع العليم القهار الستار الرزاق المؤمن لم أعد اتحمّل مسؤليتي كوطن لعبادك العراقيين؟ نعم سيدي ومولاي أعترف لك وبوضوح، فانا  العراق أعرف قدر نفسي ولاأشبه "شواذي" السلطة والحكومة والبرلمان والقضاء الفاشلين الجبناء الفاسدين بكل المقاييس، العابثين بأمني وثرواتي وبشري؟  و "والمزامطين" بالاصلاح الفاشل؟ وهنا بالتحديد إسمحلي بأن أسالك اللهم هل أنا وطنا من بقية الأوطان على كوكب الأرض أم أنني إحدى مواقع جهنّمك المستعرة  بـ " الناس والحجارة " والتي كلما إمتلأت تقول هل من مزيد؟؟ ثم اذا كنتُ-اي "جهنّما" فلماذا وقودي فقط من العراقيين المساكين؟؟

    نعم اللهم رب العزة لم أعد أتحمل مسؤوليتي كوطن يولد عليه الناس ليهاجروا ثم يئنّوا في مهاجرهم للعودة لأحضاني؟؟ إخسفني ياربي القادر القدير وألحِقني للمساحات المائية على كوكب الأرض؟ قبل ان يحقق السفهاء من ساسة الاكراد والتحالف الوطني وجرابيع الاخوان المسلمين والاعراب والدواعش الصهاينة حلمهم في تقسيمي؟؟ ووزع اللهم من فضلك سكاني "العراقيين" على أوطان ربما يجدون فيها خبزا غير مخلوط بالخرافة والذل؟ أو يرون دينك في تصرفات بشرا آخرين غير مُعمّمين؟  لانهم لايحتاجوا للعمامة كي يخفوا تحتها حبوب الفياغرا والمخدرات ويشرعنون للقتل والنهب والطائفية وتقسيم الاوطان؟ أو ربما يجد العراقيين لو وزّعتهم سيدي ظلا ممدودا يتمددون تحته ليحلموا بنعيم الخالق الجبار

    "الهي وسيدي ومولاي لأي الأمور أشكو ولِما منها أضجّ وابكي"** من الدكتاتورية البغيضة، أم من الديمقراطية الفارغة أم من أحزاب الاسلام السياسي وطائفيتهم المقيتة، أم من إثنيّة الاكراد الشوفينية؟؟

    "إلهي وسيدي ومولاي فأسألك بالقدرة التي قدّرتها أن تهِبُ لي"** نظاما ديمقراطيا مركزيا، او دكتاتورا شريفا ينصر القانون ويحفظ هيبته وينزل كالسيف على رقاب الفاسدين والحرامية من اولاد البيوتات العتيقة وأصحاب سماحات الجهل والتخلف والتآمر؟ دكتاتورا يا الهي يحترم كرامة الانسان ويساوي بين العراقيين، ويحرق لو تطلب الامر بالكيمياوي أعدائي- انا العراق وأعداء العراقيين من الشوفينيين والفاسدين والمرخّصين لدماء وكرامة عبادك العراقيين.  

    وآخرَ دعواي"اللهم مَن أرادني بسوء من البعثية والمعمّمين الشاذين ووالاكراد والدواعش فأرده، ومن كادني مثل أمريكا وإسرائيل ودول الجوار فكِده، وأجعل اللهم نصيبي مثل بقية الأوطان من الامن والامان والكهرباء والتعليم والصحة نصيبا عندك! او إنسفني!!!  وجد لي بجودك، وأعطف عليّ بمجدك، وأحفظني برحمتك"**، وان الحمد لله رب العالمين 


    ** إقتباس من دعاء كميل


    مهدي المالكي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media