تلمسان مدينة الفنّ و التّاريخ (جوهرة المغرب)
    الأربعاء 11 يناير / كانون الثاني 2017 - 21:46
    نوميديا جرّوفي
    شاعرة ،مترجمة، باحثة و ناقدة عراقية
    تلمسان بفضل لطافة مناخها و غناء أرضها و كثرة عُيونها تُعدّ من المدن الجزائريّة الأكثر جلبا للسّواح.
    خُضورة بساتين سهلها محفوظة الصّيف كلّه، نظرا لموقعها الجميل و جدارة مناظرها الملائمة للجولات المنعشة، و كثرة آثارها التاريخيّة و شماخة أطلالها – بقايا مجدها القديم – يُناسبها حقّا اسم (جوهرة المغرب).
    شاهد أهلها غزوات متعدّدة لكونها توجد على الطّريق بين الشّرق و الغرب.

    الرّومان:

    من بين هؤلاء الغزاة، الرّومان الذين مكثوا فيها قرونا، كانت توجد بتلمسان المسماة (بوماريا) جاليّة من الرّومان و حاميّة من الفرسان لحراسة الطريق الرئيسي.
    في القرن السابع ميلادي، شاهدت تلمسان المسمّاة (أغادير) الفاتحين المسلمين بقيادة ابي مهاجر دينار، ثمّ بقيادة عقبة بن نافع.
    في القرن الثامن اتّخذ أهاليها مذهب الخوارج مذهبا لهم، و جعلوا رئيسهم أبو قرة من أغادير عاصمة لهم.

    الإدريسيّون:

    في سنة 770 م دخل السلطان إدريس الأول أغادير، و بنى بها مسجدا    - مكانه تُشير إليه المئذنة الحالية – و تمركز الإسلام في الناحية ابتداء من ذلك التاريخ، ثمّ عهد إدريس حكم أغادير إلى أخيه سليمان (المدفون بعين الحوت) و ظلّت هذه المدرسة في القرن التاسع كلّه قاعدة تابعة للإدريسيين بفاس.
    ربطها الفاطميّون بالقيروان بعدما كانت تابعة للأمويّين بقرطوبة.

    المرابطون:

    في سنة 1079 م غزا يوسف بن تاشفين الملك البربريّ الراكشي أغادير، ثمّ شيّد مدينة جديدة في موقع معسكره سمّاها (تقرات)
    في سنة 1136 أتمم ابنه علي بناء الجامع الكبير كما بنى بجانبه القصر الكبير و أقام به.

    الموحّدون:

    خلفاء المرابطون و رئيسهم ابن تومرت ملكوا تلمسان من تاريخ 1144 م إلى 1236 م، حاصر عبد المومن بن علي تاشفين خليفة و ابن علي بن تاشفين في 1143 م و لكن لم يتوصّل إلى أخذ تلمسان و اتجه إلى وهرانن فلحقه تاشفين و توفّي.
    دخل عبد المومن وهران ثمّ رجع إلى تلمسان، فأخذها.
    أحاط أبو عمران الموحّدي تلمسان الجديدة بسور، و لا تزال باب القرمادين قائمة من أهمّ بقاياه، و لم يترك الموحّدون من الآثارات إلاّ الإصلاح           و التّرميم للجامع الكبير و تأسيس مقام سيدي أبي مدين المتوفّي بعين تاقبالت في تاريخ 1197 م.

    الزّيانيّون:

    في تاريخ 1236 م قضى يغمراسن بن زيّان، الملك البربري من بني عبد الواد – زناتة – على ملك الموحّدين و أسّس مملكة تلمسان.
    و أثناء استعراض كتائب الجنود أمام باب القرمادين سنة 1254 م  وقع عليه اعتداء من طرف الميليشيا المسيحيّة، و هو الذي بنى مئذنتي الجامع الكبير و جامع أغادير سنة 1236 م ، و أسّس المشور لمقرّ إقامته.
    ( حكم ابنه أبو سعيد عثمان من 1285 م إلى 1303 تحت اسم عثمان الأوّل، و هو الذي بنى مسجد سيدي بلحسن – المتحف حاليّا – سنة 1296 م ، و توفّي سنة 1303 أثناء حصار المرينيّين لتلمسان، وكان شُجاعا و مُخلصا، خلفه في الحكم انه أبو زيّان الذي واجه مدّة 4 سنوات من الحصار الرّهيب ).

    المرينيّون:

    عربٌ رُحّل، قدماء، حاصروا تلمسان 7 مرّات بعدما قضوا على العرش المُوحّدي بالمغرب الأقصى، و في سنة 1299 م بدأ الحصار الدّامي الذي عزل تلمسان عن العالم مدّة 8 سنوات (1299 – 1307) و شُيّد أثناء الحصار مدينة المنصورة المفتخرة بمسجدها ،قصرها، مخازنها، حدائقها، حمّاماتها و ديارها.
    أغتيل السّلطان أبو يوسف من طرف أحد مواليه ففكّ المرينيّون الحصار      و رجعوا إلى المغرب، فهدّم التّلمسانيّون المدينة الجديدة – منصورة – انتقاما لما عانوه من هموم الحصار الطّويل.
    في ذلك التاريخ، اشتهر بتلمسان عالمان هما الأخوان أولاد الإمام ، بنى لهما أبو حمو الأوّل، حفيد يغمراسن مدرسة و مسجدا و دارين للسّكن، كما بنى مسجدا داخل المشور.
    خلّفه ابنه أبو تاشفين في الملك من تاريخ 1318 إلى 1337 م و هو سلطان فنّان، استطاع أن يجعل من تلمسان إحدى أروع المناطق في المغرب العربي، و هو مؤسّس المدرسة التاشفينيّة قرب الجامع الكبير التي هدّمها الفرنسيّون سنة 1873 م و بنى في مكانها دار البلديّة، كما شيّد الحوض الكبير ، و قصر المشور.
    و قد تكلّم علماء مشهورون و مؤرّخون مثل ابن خلدون و الحسن بن محمّد الوزان (ليون لافريكان) عن ترف القصر و الحفلات الرائعة و الاستقبالات التي تُقام في قصر الملك بالمشور.

    الفترة المرينيّة:

    حاصر المرينيّون تلمسان للمرّة السابعة فسقطت في يد السّلطان أبو الحسن ( السلطان الأكحل) 1335 إلى 1337 م، حيث جُرح أبو تاشفين     و سُجن ثمّ قُتل.
    بنى أبو الحسن مسجد سيدي أي مدين سنة 1339 م و مدرسة ابن خلدون و قصرا بجانبه سنة 1344 م كما شيّد قصر المنصورة، و دامت فترة المرينيّين الأولى 11 سنة و انتهت سنة 1348 م.
    إسترجع أمير بني عبد الواد المدينة غير أنّه بعد 4 سنوات سقطت من جديد في يد أبي عنان ابن أبي الحسن المريني، و بنى بها مسجد سيدي الحلوي.
    هذا الحكم الأخير لم يدم سوى سبع سنوات.
    بني عبد الواد الزّيانيّون:

    إسترجع أبو حمّو موسى الثاني مدينة تلمسان، و أحيا بها ملك أجداده      و دام عرشه من 1359 م إلى 1389 م. و في ذلك العهد عرف المشور شهرة جديدة . و في سنة 1363 م بنى المدرسة اليعقوبيّة و بجانبها مسجدا أُطلق عليه بعدها اسم مسجد سيدي إبراهيم.
    تُوفيّ أبو حمّو الثاني في نفس السنة التي أخرجه فيها ابنه من تلمسان.
    حاصر أبو فارس سلطان تونس تلمسان سنة 132 م ، غير أنّه عدل عن تخطيطه بسبب رؤية منام مزعج فقفل راجعا إلى تونس.
    في عهد أبي زيّان الذي حكم أواخر القرن الرابع عشر، شهد المشور عدّة اجتماعات للماء في مختلف العلوم.
    أُرغم السّلطان سعيد على التّخلّي عن الملك و عن القصر بسبب خيانته لبيت المال سنة 1422 م.
    حكم السّلطا أبو العبّاس ما بين 1431 م و 1461 م ، فبنى أسوارا جديد تدعيما و دفاعا عن المشور.
    حلّ الإسبان شمال إفريقيا و احتلّوا المرسى الكبير سنة 1505 م ثمّ وهران في 1505 م، بعدها تمّ لهم احتلال الأندلس.
    في تلمسان انتزع السّلطان أبو حمو الثالث العرش من حفيده أبو زيّان      و سجنه، ثمّ أعلن ولاءه للإسبان و استولى على المدينة،فلهذا استنجد الأهالي بالأخوين عرّوج و خير الدّين الذين كانا قد حرّرا مدينة الجزائر.
    دخل عرّوج تلمسان و أهاليها تعُمّهم البهجة فأطلق سراح أبي زيان و طرد أبي حمو، حيث لقيت تلمسان غارتين إسبانيتين في 1535 م و 1543 م تمكّن عروج من الهروب من تلمسان و لكن لحق و قُتل في معركة عند قرية المالح حسب الرواية المشهورة، ففي بني زناس بالحدود المغربية و هذا أصحّ، كونه طلب النّجدة من المغرب و اتّجاهه نحو المالح التي كانت في يد الإسبان.
    دخلت تلمسان فيحكم الأتراك العثمانيّين على يد صالح ، الذي أتى عليها باب سفير سنة 1555 م ( قبره بمعصرة الفيتور أمام سيدي بوجمعة بتلمسان).
    بقي الأتراك بتلمسان مدّة تزيد عن ثلاثة قرون، و لكن لم يتركوا من الآثارات إلاّ بناء مسجد سيد اليدون.
    و في القرن 18 م الباي محمد بن عثمان، شيّد ثلاث حنفيّات خارج المشور، و ترميم سيدي أبي مدين و مسجد سيدي إبراهيم المصمودي.
    احتلّ الفرنسيّون تلمسان للمرّة الأولى في 3 يناير 1836 م بقيادة الماريشال كلوزيل، ثمّ غادرها بعد شهر مُخلّفا بالمشور القبطان كفينباك.
    بايع القبائل الأمير عبد القادر سلطانا عليهم ، فأعلن الجهاد ضدّ الفرنسيّين و هزم الجينرال تريزيل هزيمة شنعاء. و في تارخ 10 مارس 1837 م  وقعت بين الأمير عبد القادر و الجنرال بيجو معاهدة صلح تافنة، فكانت تلمسان من نصيب الأمير.
    انتصر الأمير عبد القادر في معركة سيدي إبراهيم بالسواحلية، قرب الغزوات. و في سنة 1845 م اتّجه إلى المغرب فأُخرج منه و سلّم نفسه للفرنسيّين سنة 1847 م.
    فظلّت تلمسان منذ ذلك التاريخ تحت سيطرة الإحتلال الفرنسي إلى فجر الإستقلال سنة 1962 م.

    بعض الآثارات التاريخيّة:

    الجامع الكبير: 530 هـ/1136 م ( الدولة المرابطية)
    سيدي إبراهيم المصمودي: 765 هـ/1364 م ( بني زيان)
    سيدي أبي مدين: 739 هـ/1339 م ( بني مرين)
    سيدي الحلوي: 754 هـ/1354 م ( بني مرين)
    مسجد سيدي البنا: 8 هـ/15 م ( بني زيان)
    مسجد سيدي اليدون: 11 هـ/18 م ( في عهد الأتراك)
    مسجد سيدي مرزوق: 8 هـ/ 15 م ( بني زيان)
    مسجد الشيخ السنوسي: 996 هـ/1486 م ( بني زيان)
    مسجد أولاد الإمام: 710 هـ/1307 م ( بني زيان)
    مسجد المشور: 717 هـ/1317 م ( بني زيان)
    سيدي أحمد بلحسن: 696 هـ/1297 م ( بني زيان)
    مسجد سيدي لحسن: 850 هـ/1453 م ( بني زيان)
    منصورة:  698 هـ/1299 م ( بني مرين)
     
     
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]







    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media