حل النزاعات بالتسامح وتقديم التنازلات
    الجمعة 20 يناير / كانون الثاني 2017 - 14:36
    عباس الكتبي
    المجتمع الذي يستمر به العنف والصراع الدموي،لا يمكنه الخلاص الاّ بجلوس الاطراف المتنازعة من كبار القوم الى الحوار،والتفاهم بلغة العقل والحكمة.
    الحوار يتطلب تسامح، وتنازلات كبيرة عن الرغبات من كل الأطراف،فتجارب الحياة مليئة بالتنازل عن بعض الأمور، فالأب يتنازل رغبة وإرضاءً لولده الطفل، وأحياناً يتنازل الانسان للحيوان بغية السيطرة عليه،فعن الامام علي عليه السلام:(من لانت عريكته وجبت محبته).
    يحكى:(أن مشكلةً حدثت بين فريقين من الناس,فاجتمعوا في بيت أحد الوجهاء للتفاوض من أجل حلِّها، وإيجاد صيغة ترضي الطرفين لفضّ النزاع القائم بينهما.
    وأثناء النقاش حمي الجدال واشتد بين رجلين منهما,فقال أحدهما منتهِراً للآخـر:اسكت يا حمار!.
    ونظر الرجل إلى صاحب البيت وقال له: هل سمعت ما قاله ذلك الرجل؟
    قال:نعم،سمعت.
    فقال له:أنت الآن معقود العمامة، تشهد بما سمعت ورأيت،وقال لجماعته قوموا بنا،فعادوا إلى ديارهم وقد أخذ الغضب منهم كل مأخذ.
    وبعث الرجل وجماعته أناساً لأقارب ذلك الرجل وأبلغوهم بأنهم مطرودون لهم طَرْد الرجال للرجال,وفي هذه الحالة يكون أي شخص يخرج من الطرف الآخر معرضاً للاعتداء عليه،من أي واحد من أقارب الرجل الغاضب،وتوسّط الوجهاء لحلّ القضية ورفعوها إلى القضاء العشائري،فحكم قاضيهم بأن يخرج ذلك الرجل ويقف أمام جمع الحضور وينهق مقلداً صوت الحمار ثلاث مرات، ويكرر ذلك في ثلاثة بيوت من بيوت الوجهاء حتى يتعلم درساً يكون عبرة له ولغيره،ولا يصِف بعدها رجلاً كريماً وجيهاً بتلك الصفة التي حَقَّرته أمام الناس،واعترض الرجل على هذا الحكم، وقال حتى لو فَنِيَ الطرفان فلن أفعل ما طلبوه مني،فإنّ ذلك من شأنه الإهانة والتحقير ليس أكثر،ولكن أهله وأقاربه ضغطوا عليه وقالوا له:إذا لم تفعل ذلك فقد يسقط ضحايا بين الفريقين،والأَوْلَى ومن أجل حقن الدماء،أن ترضى بالحكم، فانصاع الرجل للأمر كارهاً,وقد نهقَ بالفعل ثلاث مرات وفي ثلاثة بيوت مختلفة من بيوت وجهاء تلك المنطقة رضي الطرف الآخر وانفضّ بذلك الخلاف القائم بينهما وانتهت تلك المشكلة التي كادت تتفاقم وتصل إلى عواقب وخيمة).
    شيء جميل ان يبادر التحالف الوطني الشيعي،الدعوة الى تسوية وطنية تنهي المشاكل والصراع في هذا البلد، ليتعايش ويتعاشر العراقيين فيما بينهم في أمن وأمان ووئام، وليست هي تسوية بقدر ما هو تسامح أبداه التحالف الوطني، وهو في موقف القوي.
    التسامح أو التسوية،ليس ضعف وحضوع وخنوع،بل هو تفهم،وتقبل الآخر،وعفو وصفح،وأنتصار على الأنانية، والعصبية،والطائفية،فعن أمير المؤمنين عليه السلام:(من الكرم احتمال جنايات الإخوان).
    على كل العقلاء الذين يريدون تصفير الأزمات،احتمال وتقبل بعضهم لبعض، وإبداء المرونة بالحوار،والتنازلات المتبادلة،لينهوا المشاكل والآلآم التي تسببوا بها في هذا البلد الجريح.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media