لا يصح إلا الصحيح!!
    السبت 21 يناير / كانون الثاني 2017 - 17:04
    د. صادق السامرائي
    "وهلْ يصحُ في الأفهامِ شيئ...إذا احْتاجَ النهارُ إلى دليل"
    و"كلكمْ راعٍ ومسؤول عن رعيته"

    التأريخ العربي الإسلامي ثري بمبادئ وأسس الحكم الرشيد , وفيه منطلقات ومواد دستورية وشرعية , منبعثة من أعماق التجربة الإنسانية المتكررة والمتطورة والمتفاعلة مع زمنها.

    ومع ثراء الإرث الحضاري , ترانا وعلى مدى أكثر من قرن , نقف عاجزين عن الوصول إلى نظام سياسي معاصر , يحررنا من إستنزاف الطاقات والصراعات , ويجعلنا نجتهد في صناعة وجودنا الوطني والإنساني اللائق بنا.

    ولايزال ناعور الإخفاقات والتداعيات يدور , ولا يسكب إلا الأفكار السلبية والتفاعلات البدائية , المنقطعة عن واقعها وزمانها , ولا تعرف الكلام إلا بمفردات طالحة.

    ويتعجب كل إنسان , يتأمل وجودنا المتهالك , وضعفنا المتفاقم , وفشلنا المتراكم , فنحن كأمة ومجتمع , قد أخفقنا بالتجربة والبرهان في الوصول إلى عقد إجتماعي حضاري ننظم به سلوكنا , كأبناء في وطن وضمن نظام سياسي يوفر لنا جميعا , فرصة التفاعل اللازم لتحقيق مصالحنا الوطنية المشتركة.

    وأينما تولي وجهك فثمة , مأساة , وعجز , وأزمة , يستثمر فيها العاجزون عن الوصول إلى منطلقات وطنية مشتركة لبناء النظام السياسي المستقر المعزز بإضافات الأجيال المتعاقبة.

    ومن أهم أسباب هذا الفشل المزمن والمتقيح , هو غياب دور المفكرين والمثقفين , وإستحواذ غيرهم على مقاليد التأثير في مجتمعاتنا , التي أمضت أكثر من نصف القرن العشرين , تحت إمرة إنقلابات تنتج أفرادا مستبدين  , ومتحكمين بمصير البلاد والعباد.

    وبعد التجارب الديمقراطية التي حصلت , لا يزال المجتمع , في محنة العجز الحضاري , والفشل المتواصل والمعزز بالأزمات المتصاعدة , دون القدرة على الخروج من شرنقة الإنفعالية والفئوية والحزبية والفردية , والوصول إلى رؤية وطنية إنسانية جامعة ومحققة لطموحات أبناء المجتمع.

    ويبدو أن هذا المأزق سيتواصل على مدى عقود القرن الحادي والعشرين , إذ لا توجد بوادر تشير إلى تحولات نوعية في الرؤية والتصور والسلوك السياسي , وإنما الجميع يدور في الدائرة المفرغة التي عهدها القزن المنصرم , ويكرر نفس الأخطاء والممارسات , ويساهم في صناعة ذات الأحداث والتداعيات .

    وتلك مصيبة قاسية , وحفرة هلاك مروعة , لايمكن لأي مجتمع أن يتحقق , إذا بقي مقيدا في قاعها , والطامعين فيه , يسكبون عليه ما يجمعونه من الأفكار الآسنة المتعفنة ليزيدونه إختناقا وظلامية , حتى يفقد رؤيته , ويكون أعمى , تقوده قدرات مدربة تأخذه إلى حيث يُراد له أن يؤخذ وينتهي.

    ومن الغريب أن التساؤلات عندما تجد لها جوابا , تواجَه بمواقف لا يمكنها أن تحقق ما يجب أن يكون , لأن الحالة قد تحولت إلى صيرورة تدمير ذاتي وموضوعي , وأية خطوة إيجابية إنما تحسب على أنها ذات مردودات أخرى , وغايات خفية ذات أجندات مهولة المعايير.

    وفي هذا تقييد , وتحجيم , وأسر وإستعباد وإمتلاك , ومنع للقيام بأي فعل إيجابي مفيد.

    وهذه المجتمعات المرهونة بالأزمات , لابد لها أن تسعى إلى إنشاء مجالس شورى من المفكرين والعلماء والباحثين الذين عليهم أن يتصدوا للمعضلات , بوعي علمي ومهني وبحثي يستحضر جميع الإحتمالات والنتائج , ويقيّم التوضيات بتبصر ونزاهة وصدق وأمانة , وإلا فأن المأزق الذي تعيشه سيزداد إضظراما وإضطرابا وسلبية وخسرانا!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media