المشتركات الوطنية نقطة للانطلاق
    الأثنين 9 أكتوبر / تشرين الأول 2017 - 06:04
    ياسر سمير اللامي
    إن صفة التنوع داخل المجتمعات البشرية تعد صفة إيجابية، تمتاز بها كافة التجمعات في العالم، فلا توجد دولة متوحدة التنوع المكوناتي والدين واللغة، كون إن لكل مجموعة بشرية أعراف وتقاليد ومبادئ وثوابت تختلف بها عن المجاميع البشرية الأخرى. 
    وإذا سلمنا بقاعدة الشعب المختار، فسوف ننزلق لسلم الحروب، والقتل، والدمار، والكراهية، ليس لشي بل للسعي نحو محو وجود أي أثر للمجتمع المختلف بتكوينه أو بدينه عن الشعب المختار.
    وهذة القاعدة تؤمن بنظرية الفوقية والاستعلاء على كافة شعوب العالم، واعتبار أفراد شعوب العالم مجرد عبيد يتوجب عليهم الطاعة فقط، ولايجوز لهم الخروج عما قرر الشعب المختار من ضوابط. 
     إن الإختلاف مابين فئات الناس، يصبح نقمة إذا ما تزمت من يؤمنون بآرائهم، وحاولوا أن يفرضوها على الجميع، وابتعدوا عن البحث عن إيجاد المشترك بينهم.
    ولعل من أبرز القواعد التي يبتنى عليها أساس العمل المجتمعي، والتي لاقت استحسانا واعجابا من جميع فئات العالم بمختلف مشاربهم، ما روي عن أمير الكلام علي بن أبي طالب صلوات الله عليه (الناس صنفان: أما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق)، إن هذة القاعدة توضح أن هناك نوعين من التعامل مع الآخرين، فمن أتفق مع مانؤمن به فلا توجد أي إشكالية في التعامل معه، أما إذا كان الأخر مختلف عنا فالتعامل معه يكون على وفق المعاملة الإنسانية بعيدا عن ما يعتقده الأخر من عقائد، فالميزان الذي تستند عليه المعاملة هو ميزان الأخلاق الإنسانية.
    إن سمة الإختلاف في المجتمع محموده، كونها تزود أبناء الشعب بمعلومات واقعية وميدانية عن أعراف وتقاليد الأخرين، نتيجة لعيش تلك المجتمعات مع بعضها، لا بل تعطينا نمؤذج رائع للعلاقه الإنسانية وتؤشر لنا على مستوى تفكير الشعب العالي المنفتح على الأخر دون حساسية.
    غير إن سمه الخلاف منبوذه مجتمعية، كونها تنم عن تعصب وكراهية وتفرد في الرأي وتقوقع حول النفس وغلق صفحة الانفتاح على الأخر، ونتيجة لذلك سيكون الانعزال التام عن العالم صفة ملتسقة بذلك المجتمع.
    إن التنوع المكوناتي والديني الذي تتميز به المجتمعات هو علامة على قوة ذلك المجتمع واندكاكه ببعضه وانسجامة، ومن تلك المجتمعات الشعب العراقي، الذي تفوق على غيره من الشعوب في جمع طيف كبير من المجتمعات البشرية، لذا نجد العراق يحوي العربي، والكردي، واليزيدي، والصابئي، والمسيحي، والشبكي، والتركماني، وغير ذلك من التقسيمات الاخرى المرتبطة بتلك الفروع الاصلية.
    ونتيجة لما مر به العراق من أزمات وحروب أنتجت كم كبير من الردود الفعلية الغير منظبطه مابين تلك          الأطياف، يصبح السعي نحو إيجاد المشترك ضرورة مهمة في الوقت الحالي. 
    ومن بين أهم المشتركات التي أصبحت تمثل أرضية خصبة للانطلاق نحو رؤية سياسية، وإجتماعية، وثقافية، واقتصادية للنهوض بالعراق وتحقيق استقراره ورفاهية شعبة، هو محاربة الإرهاب المتمثل بداعش، ومن بعدها الوحدة أمام تقسيم العراق .
    وتايجة لذلك نجد أن الإرهاب والوحدة، هما المشتركان الذي يعول عليهما للنهوض بالواقع العراقي وتصحيح ما انحرف في السنوات الغابرة، وبتفحص تلك المشتركات نجد إنها تتحد في إبراز خاصية مهمة توحد المجتمع وتوجه بوصلته نحو هدف واحد، وهذة الخاصية تتمثل بعنوان واضح المعالم يعني حفظ الوطن.
    وذلك يعني أن الوطن هو العنوان الأبرز للجميع، وما بعده يعتبر عناوين ثانوية يمكن الإختلاف بها ، ولكن        الإختلاف في الأصل وهو الوطن ينذر بأن الأخر قد عزم على الفراق دون رجعه، فكما حلل الله تعالى الزواج أحل  الطلاق، وذلك الأمر ينطبق على من أراد أن ينفك من عنوان العراق.
    إن المجتمع مدعو بكافة توجهاته القومية والدينية والمذهبية، أن يقف بوجه كل من أراد تقسيم الوطن وعليه في الوقت ذاته أن يشجع ويشيد بكل موقف وطني سواء كان سياسي، أو ثقافي، أو إجتماعي، أو أي فعالية أخرى، يكون هدفها إبراز صورة الوطن في مواجهه من أراد تفتيت أواصر شعبه وتقسيم أراضيه.
    لان الوطن هو أغلى ما نملك، والواجب الديني، والأخلاقي، يحتم علينا الحفاظ عليه بكل ما اوتينا من قوة وبسالة.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media