الوهابيون وهدم ضريح الحسين
    الجمعة 13 أكتوبر / تشرين الأول 2017 - 04:03
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    الوهابيون المصريون يدفعون نصف ثرواتهم من الملايين المكدسة فى البنوك، ونصف أعمارهم ويزيد، ويهدمون ضريح الإمام الحسين، إرث يتوارثونه جيلاً بعد جيل، من جدهم الأكبر وشيخهم، وإمام الوهابية الأول محمد بن عبدالوهاب، حتى آخر نفس فى صدر آخر وهابى فى نهاية رحلة الحياة لا انقطاع لهم، ولو قدر لهم هدم أضرحة آل البيت فى مصر، لانفرط العقد وتناثرت حباته، وضاع الأمل فى سياحة دينية لآل البيت، ربما يقدرها ويقررها يوماً صاحب القرار وولى الأمر رغم أنف السلفيين، فيفتح الأبواب فى وجوه الزوار يزورون أجدادهم فى قبورهم، ونحقق نفعاً للبلاد والعباد، محرومين منه بسبب موروث الحقد والغل الذى لا ناقة لنا فيه ولا جمل، ولم نكن يوماً فيه أصحاب دم أو أبناء ثأر، ولم يكن يوماً من صناعتنا أو بضاعتنا، فإذا كان أصحاب الثأر من أولاد العمومة يتزاورون ويفتحون أبواب الحرمين للحج والعمرة، وتسرى فيهما المصلحة والمنفعة مسارهما متلازمين، فما بالنا كالنوائح تبكى وتنوح بلا مقابل ولا عشاء ولا تفرح، أو كالضواحك المستأجرة ترقص وتغنى وتبيت ليلتها جوعى ولا تنام. أحفاد الوهابية يسنون أسنانهم وسيوفهم ومعاولهم لهدم ضريح الحسين فى مصر، كما هدم أجدادهم ضريح الحسين فى كربلاء ونهبوه. وكما حاولوا هدم الضريح النبوى فى المدينة، فهم يحاولون هدم ضريح حفيده فى ميدانه بالقاهرة. الوهابية هى الفرقة الناجية من النار، وكل من كان غير وهابى فهو كافر، هذا زعمهم وإيمانهم وهذه عقيدتهم، فقد منعوا الحج فى أول الدعوة على كل المسلمين عدا الوهابيين منهم. فى لقاء منذ مدة ليست بالبعيدة، على قناة «دريم» كان اللقاء ساخناً بين سلفى وهابى، وأحد رجال الصوفية المصرية من مريدى الإمام الحسين، السلفى الوهابى يخفى فى جرابه معول الهدم لضريح الحسين، ويبطن مرادهم وغايتهم خلف حجة أن رأس الحسين لا دليل على وجوده فى الضريح، وما دام الأمر كذلك فلا حرج ولا مانع من هدمه. وليس وجود رأس الحسين سبباً للإبقاء على ضريحه، والحقيقة حتى لو كان رأسه تحت الضريح أو جسده كله فلن يتنازلوا عن فكرة هدمه، كما أنهم لا يخفون رغبتهم فى هدم الضريح النبوى، هذه مدرسة قد ربتهم الوهابية على هدم الأضرحة والقباب. والهدم عندهم قصصه متنوعة بدأها إمام الوهابية محمد بن عبدالوهاب بهدم الأضرحة فى بداية دعوته فى العيينة، واستفتحها بهدم ضريح زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب الذى مات فى حروب الردة. وكان هدم ضريح الحسين فى كربلاء عام 1801 هو الثأر الأكبر، عندما هاجم اثنا عشر ألفاً من عتاة الوهابية كربلاء مدينة الضريح الحسينى، وكان أهلها منشغلين فى زيارة أبيه على فى مدينته النجف، وكانت خاوية من أهلها عدا البعض، فاقتحموا المدينة عنوة، وأعملوا السيوف فى رقابهم، وقتلوا من قاومهم بلا هوادة ولا رحمة، واستولوا على كنوز الضريح وسجاده ونوادره وأمواله، ومقصورة الضريح المرصعة بالزمرد والياقوت، والقبة النحاسية؛ ظناً منهم أنها من الذهب الخالص، وما وصلت إليه أيديهم من كنوز كربلاء (قالوا حملوا مائتى ناقة بالأموال والتحف إلى الدرعية عاصمة الوهابية) وهدموا المسجد والقبة على من فيه. وقد اعتبروا كل هذا الدمار والخراب قربى إلى الله، فهؤلاء الذين يجاورون الإمام هم من الكفار والقبوريين، ووجب قتالهم وقتلهم، لأنهم دعاة شرك، وخارجون عن الدين الصحيح، ومارقون على المذهب الوهابى الحنيف، كما يزعمون.

    فى فتح مدينة الرسول عام 1925 هدم الوهابيون قبور الصحابة، وهدموا البقيع الغرقد وهو أكبر المقابر فى المدينة، ويضم من آل البيت الحسن بن على، وأمه فاطمة، وعلى بن الحسن ومحمد الباقر، والآلاف من الرعيل الأول، فقد حمل الوهابيون معاول الهدم ودكوه دكاً حتى تساوت الرؤوس بالأرض، وهدموا كل الأضرحة والمقامات، وكل الآثار حول المسجد الحرام فى مكة والمسجد النبوى فى المدينة، فهدموا البيت النبوى بشعب الهواشم، ومنزل خديجة وفاطمة فى زقاق الحجر، ومنزل حمزة فى المسفلة بمكة، ولما حاولوا هدم قبر الرسول فى المدينة ثار المسلمون عليهم وتراجعوا، لكنه الحلم الذى يراودهم، وأملهم الذى لا ينقطع، يتناقله مشايخهم كابراً عن كابر دون مواربة أو خجل، ولقد تقدم أحد علماء الوهابية حديثاً ينصح بنقل جثمان الرسول من قبره إلى مكان آخر، فمن البدع إبقاء قبره فى المسجد النبوى، فهو شرك بالله عظيم، ولقد حاولوا مراراً فصل المسجد عن الضريح فى كل مراحل التوسعات التى تتم كل فترة وأخرى، لكن محاولاتهم باءت بالفشل.

    فى مصر يتزايد نفوذ السلفية الوهابية يوماً بعد يوم، وتطل علينا نفس الوجوه المكفهرة من يوم إلى آخر تزداد شراسة وعنفاً وتهديداً ووعيداً بثقة بالغة، تشعر فيها أن هؤلاء قد أصبح لهم درع وسيف، وسلطة على سلطان، ونفوذ على نفوذ، وثقة لم تعهدها من قبل، ولسان حالهم يقول: هى بلادنا نعيش فيها ونحيا ويموت غيرنا حتى ضريح الحسين. انتظروا منهم الكثير قريباً.

    adelnoman52@yahoo.com

    "الوطن"  القاهرية
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media