لماذا تزايدت محورية «المعابر الحدودية» في دول الإقليم؟
    الأربعاء 18 أكتوبر / تشرين الأول 2017 - 07:45
    المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة
    تظل المعابر أو المنافذ الحدودية، النظامية أو غير الشرعية، أحد المفاتيح الرئيسية لفهم تفاعلات دول الشرق الأوسط، سواء الداخلية أو البينية، إذ تسعى الدول أو الجيوش الموازية أو التنظيمات الإرهابية أو الأطراف الإقليمية أو القوى الدولية إلى تأمين سيطرتها، سواء بشكل منفرد أو ثنائي، على المعابر، حيث يمر عبرها المقاتلون واللاجئون والأسلحة والشاحنات والبضائع، بل إن هناك هيمنة متغيرة على إدارة المعابر، سواء كانت من قبل قوات الجيش أو عناصر الأمن أو خفر السواحل أو وحدات الجمارك بحكم التغير في موازين القوى الميدانية بين أطراف الصراعات وتغير أنماط التحالفات «السائلة» وتبلور وتفكك شبكات التهريب على جانبى الحدود.
    ويمكن تفسير محورية المعابر الحدودية ببعض دول الإقليم في حزمة من الأسباب هى: استعادة مسار زخم العلاقات الثنائية، وتسهيل حركة التبادلات التجارية، واتخاذ إجراءات عقابية تجاه الحركات الانفصالية، وتسوية الخلافات بين الفصائل المسلحة، وحل القضايا العالقة ضمن خطوات المصالحة الوطنية، وإيصال المساعدات الإنسانية من المنظمات الإغاثية لبؤر الصراعات العربية، واستهداف التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود الرخوة، والحد من عمليات القرصنة البحرية، ووقف تدفقات المهاجرين غير الشرعيين، ومواجهة اعتداءات العصابات الإجرامية، وتأمين خطوط حدود جوار الجوار، وصراع القوى الدولية والإقليمية للسيطرة على بعض الحدود العربية.
    وبوجه عام، تصاعدت أهمية المعابر الحدودية في دول الإقليم، وخاصة خلال الأشهر العشر الأخيرة من عام 2017، لعدد من العوامل التي يمكن تناولها على النحو التالي:

    تطبيع العلاقات:
    1 – استعادة زخم العلاقات الثنائية: وهو ما ينطبق جليًا على واقع العلاقات الأردنية- السورية، لا سيما أن الأردن لم تغلق سفارتها لدى دمشق أو سفارة الأخيرة لديها. كما تشترك الدولتان بحدود برية يزيد طولها على 370 كم. وطبقًا لاتجاهات عديدة، فقد فاقم إغلاق آخر المعابر الرسمية بين الدولتين في عام 2015 من الأزمة الاقتصادية للأردن. كما أعلن الجيش الأردني أيضًا الحدود الشمالية مع سوريا والحدود الشمالية الشرقية مع العراق منطقة عسكرية مغلقة عام 2016 إثر هجوم إرهابي في منطقة الرقبان.
    وقد برزت بعض المؤشرات على فتح معبر نصيب بين الأردن وسوريا، إذ قال وزير الدولة لشئون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني للتلفزيون الأردني في 26 أغسطس الماضي: «إن العلاقات بيننا وبين النظام السوري تتجه باتجاه إيجابي». وأضاف: «إن وقف إطلاق النار لا زال صامدًا ومحافظًا على استدامته ونتطلع في المرحلة القادمة لمزيد من الخطوات التي ترسخ الاستقرار والأمن في جنوب سوريا.. وإذا ما استمر الوضع في جنوب سوريا بمنحى الاستقرار هذا يؤسس لعودة فتح المعابر بين الدولتين».
    كما ظهرت تصريحات للقائم بأعمال السفارة السورية في عمان أيمن علوش، في 9 أكتوبر 2017، حيث قال: «إن سوريا ستفتح حدودها مع الأردن، وإن المعبر سيكون تحت سيطرة الجيش السوري وإن المعارضة لا مكان لها». غير أن هناك تعقيدات في فتح المعبر بين الأردن وسوريا تتمثل في اشتراطات تضعها فصائل في «الجيش السوري الحر»، في مواجهة اشتراطات للحكومة السورية، وهو ما يجعل موعد افتتاح معبر نصيب غير معروف. كما تم افتتاح المعبر الحدودي بين السعودية والعراق بعد إغلاق دام سبع وعشرين عامًا، في إطار تحسين العلاقات الثنائية.

    مصالح اقتصادية:
    2 – تسهيل حركة التبادلات التجارية: على نحو ما هو قائم بين لبنان وسوريا، إذ أكد وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني رائد خوري، في 8 سبتمبر 2017 على أن «إعادة فتح المعابر بين البلدين يسهل الحركة التجارية في لبنان»، مضيفًا: «الحدود اليوم مقفلة والمزارعون والصناعيون لا يستطيعون التصدير عبر البر، وكلفة النقل غالية جدًا إن كان عبر الطائرات أو عبر البحر»، وتابع: «من المهم فتح أيضًا المعابر بين سوريا والعراق، وسوريا والأردن، ليكون الخط التجاري مفتوحًا.. وحققت صادراتنا مليار و300 مليون بسبب إقفال الحدود».
    وتوازى ذلك مع تصريح آخر لوزير الزراعة اللبناني غازي زعيتر أشار فيه إلى «تفعيل الاتفاقات المعقودة بين لبنان وسوريا عبر فتح المعابر وتصدير المنتجات الزراعية اللبنانية إلى الخارج، إذ أن قطاع التصدير البري هو القطاع الثاني المتضرر بعد السياحة في لبنان بسبب الحرب السورية». كما قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبدالله الغربي، في 31 سبتمبر الماضي، أنه «سيتم إعادة فتح كل المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان قريبًا، وإعادة حركة الاستيراد والتصدير إلى البلدين قريبًا».

    عدوى الانفصال:
    3 – اتخاذ إجراءات عقابية تجاه الحركات الانفصالية: ويفسر ذلك تمركز قوات الحكومة المركزية العراقية عند المعابر الحدودية في أعقاب استفتاء إقليم كردستان. وفي هذا السياق، قال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 28 سبتمبر الماضي، نقلاً عن اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء التركي بنعلي يلدريم، أنه تم التأكيد على «التزام بلاده بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية لتنفيذ كافة الخطوات الضرورية لبسط السلطات الاتحادية سيطرتها في المنافذ البرية والجوية».
    وأضاف: «إن حوار بلاده بخصوص المعابر الحدودية والمطارات وجميع الأنشطة الاقتصادية سيكون بالدرجة الأولى مع الحكومة المركزية العراقية». وتعود هذه السياسة التركية الرافضة لاستفتاء إقليم كردستان العراق، إلى مخاوف أنقرة من احتمال انتقال عدوى الانفصال إلى أكرادها، لا سيما أنهم يمثلون ربع سكان البلاد. وكذلك الحال بالنسبة لتوجه السياسة الإيرانية الرامي لخنق كردستان العراق اقتصاديًا.
    نزاعات فصائلية:
    4 – تسوية الخلافات بين الفصائل المسلحة: تكشف تصريحات صادرة عن خالد أبا مدير المكتب السياسي لجماعة «الجبهة الشامية» لوسائل الإعلام، في 10 أكتوبر 2017، إلى أن الجبهة سلمت معبر باب السلامة على الحدود التركية لحكومة سورية معارضة مؤقتة تدعمها أنقرة لوضع حد لحالة الفصائلية والتشرذم في المناطق المحررة من سيطرة نظام الأسد وتنظيم «داعش» والجماعات الكردية، لا سيما أن باب السلامة هو البوابة الرئيسية إلى منطقة تسيطر عليها قوات المعارضة في الشمال.
    وقد شكلت تركيا منطقة عازلة على الأرض في العام الماضي، وانضمت تلك الجبهة إلى جيش موازٍ يعمل تحت سلطة الحكومة المؤقتة. وأجريت محادثات خلال الأسابيع الماضية فيما يتعلق بتسليم المعابر الحدودية الأخرى التي تربط شمال حلب بتركيا.
    ترسيخ المصالحة:
    5 – حل القضايا العالقة ضمن خطوات المصالحة الوطنية: وهو ما تشير إليه جولات الحوار الوطني الفلسطيني بين حركتى «فتح» و»حماس» التي ترعاها الوساطة المصرية، حيث تمت مناقشة القضايا العالقة ومنها ملف الموظفين والأمن والمعابر، بهدف إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي دام عقدًا من الزمن.
    وتهدف تلك الجولات- في أحد أبعادها- إلى تنفيذ اقتراح نشر أفراد شرطة من السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، بحيث يقود إلى تخفيف القيود على المعابر الحدودية لمساعدة سكان غزة – الذين تجاوز عددهم مليونى نسمة- على تحسين مستوى معيشتهم وإنعاش اقتصادهم.

    تمرير المساعدات:
    6 – إيصال المساعدات الإنسانية من المنظمات الإغاثية لبؤر الصراعات العربية: تواجه بعض المدن السورية، مثل الرقة، تحديات عديدة في السماح بإدخال المساعدات من بعض المنظمات مثل «أطباء بلا حدود» بسبب الحرب ضد «داعش». ورغم أن المعبر الرابط بين العراق وشمال شرق الرقة لا يزال مفتوحًا، إلا أن الحركة لا زالت بطيئة بما لا يكفي احتياجات السكان، وفقًا لما تشير إليه تصريحات مختلفة للمتحدث الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية دايفيد سوانسون.

    معاقل الإرهاب:
    7 – استهداف التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود: على نحو ما تعبر عنه العمليات التي يشنها الجيش اللبناني لاستهداف مواقع تنظيم «داعش» قرب بلدة رأس بعلبك عن طريق الصواريخ وطائرات الهليكوبتر. وتعد هذه المنطقة هى آخر المعابر الحدودية اللبنانية- السورية التي يسيطر عليها التنظيم. كما أن تركيا تغلق المعابر الحدودية بينها وبين مناطق سيطرة الأكراد في شمال سوريا، حيث أنها تعتبر وحدات «حماية الشعب الكردية»، العمود الفقري لميلشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، منظمة إرهابية.

    القرصنة البحرية:
    8 – الحد من عمليات القرصنة البحرية: ويعكس ذلك اتجاه المغرب إلى التعاقد مع فرنسا لاستيراد قمر صناعي ذا مهام عسكرية ومدنية بما يؤدي إلى الحد من القرصنة البحرية على مستوى خليج غينيا والتي بدأت تهدد التجارة الدولية على الشواطئ الغربية للقارة الإفريقية. فقد أعلنت وسائل إعلام محلية مغربية أن الحكومة المغربية سوف تطلق أول قمر صناعي عال الدقة في نوفمبر المقبل. كما أن هناك أهدافًا أخرى للحكومة المغربية من امتلاك هذا القمر تتعلق بمواجهة تهديدات تنظيم «داعش» للمغرب ومكافحة الإتجار بالمخدرات وتفكيك شبكات التهريب المختلفة.
    وتعتزم المغرب تشديد مراقبة معابره الحدودية مثل تلك القائمة عند مضيق جبل طارق الذي أصبح يشكل هدفًا استراتيجيًا للتنظيمات الإرهابية. وقد أعلن وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت، خلال اجتماع اللجنة الداخلية بمجلس النواب في مايو 2017، أن الأجهزة الأمنية أوقفت خلال العام الماضي أكثر من 36 ألف مهاجر غير قانوني، كما أشار إلى أنه منذ عام 2002 وحتى منتصف عام 2017، تم تفكيك نحو 3136 شبكة إجرامية تنشط في مجال تهريب البشر.

    الهجرة غير الشرعية:
    9 – وقف تدفقات المهاجرين غير الشرعيين: انخفضت معدلات الهجرة غير الشرعية من مدينة صبراتة الليبية التي تعد مركزًا لتهريب المهاجرين إلى إيطاليا، وفقًا لما تشير إليه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، وهو ما توازى مع ظهور تقارير عديدة أشارت إلى توصل إيطاليا لصفقة مع ميلشيا أحمد الدباشي، والتي تم تشكيلها في بداية العام الجاري ضمن اتفاق مع الحكومة الإيطالية.
    وقد أفضت الصفقة إلى إلحاق ميلشيا الدباشي بوزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، وتم تكليفها بمكافحة تهريب المهاجرين في غرب صبراتة. كما تكفلت بحماية المنشآت النفطية تحت إدارة شركة إيني الإيطالية في مدينة مليتة.

    اقتصاديات الظل:
    10 – مواجهة اعتداءات العصابات الإجرامية: التي تستفيد من حالة الحدود الرخوة، وساهمت في تكوين جماعات مصالح مستفيدة من جانبى خطوط الحدود. ولعل هذا العامل هو أحد الدوافع الرئيسية وراء إعادة فتح المعبر الحدودي الوحيد بين الأردن والعراق اعتبارًا من 30 أغسطس 2017 بعد إغلاق دام أكثر من عامين إثر سيطرة تنظيم «داعش» على مناطق في العراق. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المعبر يعرف بطريبيل من الجانب العراقي والكرامة من الجانب الأردني، ويبعد نحو 370 كم عن عمان وحوالي 570 كم عن بغداد.
    وقد صدر بيان مشترك عن الحكومتين العراقية والأردنية يؤكد أن «إعادة فتح المعبر جاء بعد تأمين الطريق الدولي من اعتداءات العصابات الإجرامية وسيشكل نقلة نوعية في مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين عن طريق هذا الشريان الحيوي في مختلف المجالات»، وأضاف أن «فتح المعبر سيسهل حركة تنقل المواطنين والبضائع في الاتجاهين»، وأن «الحكومتين تعهدتا ببذل كل الجهود من خلال تعاونهما المشترك لتحقيق الانسيابية بما سيخدم مصالح الشعبين ويعزز فرص الأمن والاستقرار والتنمية في البلدين».

    جوار الجوار:
    11 – تأمين خطوط حدود جوار الجوار: تبدي الأجهزة المعنية في الدول اهتمامًا خاصًا بضبط حدودها ليس مع جوارها بل مع الدول التي تجاور جوارها، إذ تشير بعض الكتابات إلى أن الحرس الثوري الإيراني يستخدم ميلشيات عراقية وأفغانية وباكستانية ولبنانية قوامها 100 ألف مسلح، حسب بعض التقديرات، للسيطرة على المعابر الحدودية السورية مع العراق والأردن بحيث توزع هذه الميلشيات على مناطق مختلفة من سوريا لتقوم بأدوار شبيهة لقوات «الباسيج» في إيران، ويتم تمويلها وتدريبها وتسليحها من قبل قوات الحرس.
    وقد ركزت قوات الحرس الثوري الإيراني خلال الأشهر القليلة الماضية على الاستيلاء على الطريق البري بين العراق وسوريا، والسعى للسيطرة على ما يقرب من 400 كم على الشريط الحدودي مع العراق والأردن. ويمكن تفسير رغبة طهران في السيطرة على المعابر الحدودية مع العراق والأردن في ضوء الخسائر المتزايدة في صفوف قوات الحرس الثوري على نحو أدى إلى إثارة استياء عوائل الضحايا الأمر الذي يدفع قوات الحرس إلى تخفيض إرسال العناصر الإيرانية إلى سوريا واستبدالهم بميلشيات غير إيرانية.
    غير أن مسعى إيران لتأمين السيطرة على المعابر الحدودية بين سوريا والعراق عبر الميلشيات التابعة لها يصب في اتجاه ما يطلق عليه في بعض الكتابات «الهلال الشيعي البري» الذي تمهد له طهران عبر أذرعها العسكرية في العراق وسوريا ولبنان، فضلاً عن تحقيق مصالح اقتصادية لإيران. وفي هذا السياق، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال المؤتمر الصحفي المشترك عقب لقاءه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في طهران، في 4 أكتوبر 2017: «إن علاقاتنا مع تركيا تتطور يومًا بعد يوم وقد وقعنا عددًا من الاتفاقات المشتركة معها ومنها المعابر الحدودية بين البلدين»، إذ أن إيران ستضخ كميات إضافية من الغاز الطبيعي إلى تركيا ضمن خطط طهران لتوسيع علاقاتها الاقتصادية مع جاراتها.

    مساعي الهيمنة:
    12 – صراع القوى الدولية والإقليمية للسيطرة على بعض الحدود العربية: على نحو ما يعكسه التنافس الأمريكي- الإيراني للإمساك بخطوط السيطرة على الحدود العراقية- السورية، حيث يوظف كل طرف حلفاءه المحليين بما يحقق مصالحه. وفي هذا السياق، تستعين الولايات المتحدة بمقاتلي العشائر السنية في حين تستخدم إيران الفصائل الشيعية لأن بقاء تلك الحدود دون سيطرة يعرض المدن والمناطق المحررة من سيطرة تنظيم «داعش» لأخطار مكررة.
    وهنا تجدر الإشارة إلى أن طول الحدود العراقية- السورية يبلغ أكثر من 600 كم تمتد من محافظة الأنبار غرب العراق وصولاً إلى محافظة نينوى شمالاً، وهى حدود صحراوية وعرة تضم ثلاثة معابر حدودية هى: معبر الوليد ويسيطر عليه الجيش العراقي، ومعبر القائم ويسيطر عليه تنظيم «داعش»، ومعبر ربيعة وتسيطر عليه قوات «البيشمركة» الكردية. وقد عبر عن هذا المعنى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال مؤتمر صحفي في نوفمبر الماضي بقوله: «إن الحدود العراقية- السورية تحتاج إلى إجراءات أمنية لمنع عودة المتطرفين إلى العراق بعد طردهم من الموصل». بعبارة أخرى، إن حماية هذه الحدود يمثل محددًا حاكمًا لتقليص نفوذ تنظيم «داعش».
    غير أن الولايات المتحدة تدرك أهمية المناطق الجنوبية لسوريا وتحديدًا حدود التنف لتقليص قوة محور (قوات الأسد وحزب الله وإيران)، لأن هذا المعبر (التنف) يصل بغداد بدمشق عن طريق المرور من مدينة الرطبة غرب الأنبار إلى مدينة السبع أبيار السورية، بحيث سيكون لطهران المقدرة الميدانية للوصول إلى دمشق وسواحل البحر الأبيض المتوسط. لذا، تسعى الولايات المتحدة للسيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية على الحدود السورية- العراقية.

    تأثيرات انتشارية:
    خلاصة القول، إن السيطرة على المعابر الحدودية باتت تمثل مؤشرًا رئيسيًا لقوة الفواعل – بغض النظر عن ماهيتها- في الإقليم، وبصفة خاصة في بؤر الصراعات المسلحة الإقليمية، ومدى انعكاساتها على دول الجوار وجوار الجوار، بحكم تأثير فوضى السلاح وتدفق المقاتلين وتبلور اقتصاديات الظل الناتجة على نحو يجعل من فتح أو إغلاق المنافذ بين مدينة داخل دولة وأخرى في دولة ثانية بمثابة ملف مضغوط يحمل في طياته أبعادًا عديدة.

    "الصباح الجديد"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media