قل بستور ولا تقل دستور!!
    الأربعاء 18 أكتوبر / تشرين الأول 2017 - 21:40
    د. صادق السامرائي
    لم أسمع في بلادي طيلة حياتي فيها عن دستور دائمي , وإنما الدستور المعمول به مؤقت ومكتوب على قياسات الكرسي المتسلط على الناس.

    والذي نعرفه أن البلاد كان فيها دستور تم إلغاؤه في الرابع عشر من تموز عام ألف وتسعمئة وثمان وخمسين , وبعدها عاشت الناس بلا دستور دائم.

    وبعد ألفين وثلاثة بدأ الحديث عن الدستور , وإذا به عنوان تمزق وتفرق وتحاصص كالتعاصص ومناطق متنازع عليها , وما شئت من التوصيفات التي لا تعرفها أتعس دساتير الدنيا المعاصرة.

    ويبدو أن المطلوب هو كتابة " البستور" , من بسَّت: صارت كالدقيق أو تفتّت , كما في التنزيل " وبُسّت الجبال بسّا" . وبُسّت: لُتت وخُلطت.

    يسمونه دستور وهو يدعو للفرقة والتناحر والتكالب والتصارع والإقتتال , فأي دستور هذا؟!

    الدستور عقد إجتماعي ما بين أبناء الوطن لتحقق المصالح المشتركة , والحفاظ على الوحدة والسيادة الوطنية والحرية والكرامة الإنسانية , وهو الخيمة التي يُستظل بها والمشعل الذي يُهتدى به , لا أن يكون إطارا لقتل الناس وتفجير وجودهم الإجتماعي والوطني , وتحويلهم إلى موجودات مستنزفة ومتفانية في مسيرات الضياع والخسران.
    ولا يزالون يتكلمون عن الدستور , الذي يصفه أحد المشاركين بوضعه بأنه "سكط".

    إن ما يسمونه دستور هو بستور أي آلة أو أداة للتفتيت والتشظي والتناحر والبغضاء , وتنمية الكراهية والعدوانية ما بين أبناء الوطن الواحد والشعب الواحد.

    فهل وجدتم دستورا في أمة أخرى يدعو إلى التقسيم والتقزيم والتحصيص , وتحويل البلد إلى كعكة يتسابق على نهشها المُسخرين لتنفيذ أجندات الآخرين , ولا يشبعون ولا يقنعون , ويتاجرون بالأبرياء الذين يتضورون من الأسر بالحاجات والتدثر لاويلات.

    عن أي دستور يتحدثون؟
    عن الفساد وما جلب؟
    عن الخراب وما وهب؟
    عن التهجير والتدمير وما ارتكب؟

    أي دستور هذا الذي يحمل في طياته "مناطق متنازع عليها " و "محاصصات" , وآليات معادية للوطن والمواطن , وما هو إلا وثيقة إمتهانية وتمزيقية مكتوبة بأيادٍ آثمة معادية للوطن ولحقوق الإنسان , وهي تضمّن مكتوبها بقنابل موقوتة محشوة بالمذهبيات والطائفيات والعنصريات , وبكل ما يبيد الحياة ويساهم في سيادة الممات!!

    عندما تعيدون كتابة الدستور بإرادة وطنية خالية من طاعون المحاصصة وسرطان المناطق المتنازع عليها , عندها يمكن الحديث عن الدستور. 

    ولعنة الله على البَستور الرافع لرايات الثبور!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media