أطفئوا فتنة البرزاني بعجالة إستعداداً لإندلاع حرب محتملة في المنطقة -3-
    السبت 21 أكتوبر / تشرين الأول 2017 - 05:56
    محمد ضياء عيسى العقابي
    الشرط الأول للحرب:
     عرّجت في الحلقة السابقة على مبررات ومؤشرات إحتمال إندلاع حرب واسعة في المنطقة وفي المستقبل القريب تشنها إسرائيل على حزب الله وإيران. إن من شروط هكذا حرب هو جعل العراق تحت السيطرة السياسية الأمريكية عبر وسيلة جديدة بعد أن أُسدل الستار على مؤامرة داعش، التي بدأت بساحات الإعتصام "البريئة" و "المطالبة بالحكم المدني"، والتي أُريد منها إحداث تغيير ديموغرافي في العراق ولكنها فشلت على يد الديمقراطية العراقية الفتية التي شقت طريقها وسط بحر من العراقيل المصطنعة. أنتجت المؤامرة الداعشية الفاشلة مفعولاً إستراتيجياً معاكساً أدى الى نبذ الجماهير السنية البريئة للقيادات الطغموية التي لَصَقَتْ نفسها لصقاً قسرياً وبغير وجه حق بتلك الجماهير حتى رمى أولئك الطغمويون بتلك الجماهير في مخيمات النزوح وهربوا فإنكشفوا أمامها وتعرّوا حتى نُبذتهم الجماهير كعملاء صغار بيد المتآمرين الخارجيين على شعب العراق وعلى شعوب المنطقة العربية والإسلامية. وبذلك فَقَدَ الطغمويون ومن يقف ورائهم عنصر قوتهم وهو التمترس وراء الجماهير السنية البريئة. لذا لجأ الأمريكيون والصهاينة الى وسائل جديدة منها محاولة إلغاء الإنتخابات والدستور وتخريب العملية السياسية، ومنها مؤامرة الإستفتاء.

    شكّل العراق أهم حلقة في سلسلة إستراتيجية المحافظين الجدد التي أصبحت هي الإستراتيجية المعتمدة في المؤسسات الأمريكية ودوائر صنع القرار للهيمنة المطلقة على العالم. وهي التي دفعت أمريكا الى إحتلال العراق خارج الشرعية الدولية وحاولت ديمومة الهيمنة على مفاصل صنع القرار فيه. السبب هو محاذاة العراق لإيران بحدود مشتركة تبلغ (1350كم) مما تتيح للأمريكيين والإسرائيليين إمكانية إفتعال حرب بين العراق وإيران إسماً وظاهراً، والتخفي تحت جناحها لتدخّل عسكري بري لضرب قدرات إيران العسكرية ومن ثم الإجهاز على نظام الحكم الإسلامي الذي يقف في مقدمة من ينتصر للقضية الفلسطينية بالسلاح والمال والسياسة، وذلك بعد إفتعال "ثورة مدنية" داخل إيران تُستغل للزحف على طهران. 

    إن الحرب البرية ضد إيران بأمل إطاحة النظام هي المطلوبة ولكن الأمريكيين وعلى لسان كبار قادتهم العسكريين، ومنهم الجنرال مايكل ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأسبق، طرحوا في حينه أن الهدف هو ضرب المنشآت النووية ولكن، والقول مازال لديمبسي ورفاقه، إخفاء هذه المنشآت في أماكن حصينة تحت الأرض جعلتها في مأمن من القصف الجوي والصاروخي متوسط وبعيد المدى مما يقتضي الإجتياحَ البري. كان هذا تبريراً تمويهياً لشن حرب برية على إيران بوسيلة أو أخرى ويريد إحياء هذا المنطق اليوم الرئيس ترامب من جديد بتلويحه بالغاء الإتفاق النووي الشهير كخطوة أولى. 

    نستطيع، إذاً، أن نتفهم كيف أن إفشال كل هذه المخططات الشريرة بعد إخراج القوات الأمريكية من العراق في 1/1/2012 على يد التحالف الوطني بقيادة إئتلاف دولة القانون وزعامة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي - سبّب للتحالف والإئتلاف والمالكي ثم العبادي والجعفري ضغينة قوية من جانب الأمريكيين وعملائهم داخل العراق والمنطقة والعالم حتى يومنا هذا. 

    لكن الأمريكيين لم ييأسوا.
    فقد عادوا بمساعدة عملائهم الى العراق من الشباك عبر المؤامرة الداعشية التي نجحت جزئياً وفشلت في هدفها الأكبر وهو إحتلال كامل العراق وإحداث تغيير ديموغرافي بالقتل والذبح والتهجير. لكن عودة أمريكا جاء ناعماً هذه المرة مستفيدين من مؤامرتهم مع حكام السعودية في ضرب أسعار النفط لإيذاء العراق وروسيا وإيران وفنزويلا. فجاءوا على هيئة مستشارين ومدرّبين وأصحاب وساطة في منح تسهيلات مالية للعراق للإقتراض من البنك الدولي أداة الإمبرياليين في خنق الشعوب. 

    كان هدف الأمريكيين الحقيقي هو الإمساك بمفاصل السياسة العراقية بهدوء للمضي بمؤامرة شن حرب على حزب الله وإيران وذلك بمساعدة عملائهم المتنوعين في المنطقة والداخل. لكن هذا الهدف الحقيقي لم يتحقق في العراق رغم كل الألاعيب وقد أوشكت داعش، وهي حجتهم وذريعتهم، أن تتحطم على أيدي أبناء الشعب العراقي من حشد شعبي وشرطة إتحادية وقوات مسلحة. لذا لجأ الأمريكيون والإسرائيليون الى وسائل جديدة لبلوغ الهدف.  فما هي هذه الوسائل؟ الجواب ألمحت إليه سلفاً وستأتي التفاصيل في الحلقة الرابعة.

    الشرط الثاني للحرب:
    يتمثل الشرط الثاني لشن حرب على حزب الله وإيران بتصفير الجبهة الفلسطينية أي تصفية القضية الفلسطينية؛ أو، وهو الإحتمال الأرجح، جعلها معلقة بأهداب مفاوضات "سلام" لا طائل من تحتها بل هي سم يعطى لأصحاب القضية المقدسة على جرعات قد تطول بلا أمل وإنما هي إطالة لأجل الإطالة والتمييع والمهم أن القضية تصبح جثة هامدة لا تهش ولا تنش.

    إذا ما تحقق أحد هذين الإحتمالين، عندئذ يماط اللثام وينكشف المستور وتطرح على العلن الإتفاقيات السرية والتفاهمات بشأن ما يلمح إليها بـ "الصفقة الكبرى" بين إسرائيل والسعودية والإمارات والبحرين والأردن فتنشغل وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية والسعودية والإماراتية وذيولها بالإشادة بالحليف القوي الجديد الذي سيوحد الجهود لسلام وأمن المنطقة ويزيح النظم التي تسبب الفوضى والتوترات بتصدير الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة الأخرى كالنظام الإسلامي في إيران، كما يقضي على الأحزاب والجماعات والحشود المتطرفة والإرهابية كحزب الله.

    لقد أشار السيد حسن نصر الله في خطاب عاشوراء الى إحتمال أن يضرب الأردن من جانب حزب الله لتوفر معلومات مؤكدة بقبول النظام الأردني الإنخراط في الحرب التي يسعى اليمين الإسرائيلي الى إشعالها ضد حزب الله.

    فإذا ما تحقق هذا الشرط والشرط الأول المتعلق بتدمير أو تحييد الحشد الشعبي العراقي وإبقاء الوضع السوري غير محسوم، عندئذ تكتمل الإعدادات لشن حرب إسرائيلية على حزب الله وايران وربما العراق يشارك فيها بعض النظم العربية الى جانب العدو الصهيوني.  
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media