الخرائط المرسومة والشعوب المقسومة!!
    السبت 21 أكتوبر / تشرين الأول 2017 - 21:25
    د. صادق السامرائي
    عالم اليوم وجود بخرائط معلومة ترسم جغرافية المستقبل ومواقيت أحداثه وتوالداتها وما ستؤول إليه تفاعلاتها وما هي النتائج الناجمة عنها , وكيف يتم الإستثمار فيها للوصول إلى غايات مطلوبة وأهداف محسوبة.
    وهناك مجتمعات صغيرة تمكنت من الإمساك بإرادة قِوى كبرى وسخرتها وفقا لمشيئتها ومنطلقاتها المستقبلية , فأخذت ترسم لها خرائط الأحداث والتغيرات على رُقع تفاعلية ذات عقد أو عدة عقود من الإمتداد والإتساع والتأثير المتوالد الخلاق.
    وتجدنا اليوم في محنة الهيمنة الخرائطية على مصير الأمم والشعوب والثروات , فكل ما يجري محسوب ومقدّر بدقة متناهية ووفقا لأبحاث ودراسات وتجارب وتقنيات , وآليات ذات فعالية عالية في تحقيق الأهداف والمشاريع وبرمجتها لكي تأتي بالنتائج المرغوبة.
    والذين يتحدثون عن الخطأ والصدفة وغيرها إنما هم من معشر الجهلة المتورطين بصناعة الويلات وإرتكاب الخطايا والآثام وتوليد الآلام.
    فالذي يجري يتم رسمه من قبل بعض العقول التي تمكنت من القِوى الفاعلة في الأرض , فسخرتها لمصالحها وإرادتها المتفقة ومعتقداتها وتصوراتها الداعية للدمار والخراب , والإهلاك السافر للموجودات المتعارضة مع تيار تدفقها نحو تحقيق مبتغاها ورؤاها.
    والواضح أن المنطقة العربية هي الهدف الأول والميدان الذي ستُرتكب فيه الفظائع والجرائم البشعة بحق الإنسانية , وأن الحرب القادمة لن تكون في موضع آخر غير المنطقة العربية , فديار العرب  ستكون ميادين للخراب وتجربة أحدث أسلحة الدمار الشامل وربما الأسلحة النووية , ذلك أنهم منقسمون ومتجاهلون وقابعون , ومعظمهم يلهث وراء الطامع فيه والذي يفترسه بوحشية وعدوانية  , بل ان بعضهم يتوسلون بأعدائهم لكي يأسرونهم ويأخذون أموالهم وخيراتهم ويمتهنون شعوبهم , من أجل بقائهم في كراسي السلطة. 
    وهكذا فأن العرب لا يقرؤون الخرائط وإنما ينفذونها بإندفاعية غير مسبوقة , وبعماء وأجيج عاطفي تتحكم به القوى المُفترسة للذات العربية وما يتصل بها من سمات ومميزات , بعد أن صار الدين القنبلة الأكثر تدميرا وإمتلاكا وإهلاكا للعرب.
    فهل من تبصر بالخرائط وتدبّر بالمكائد وتفاعل مترابط وتعاضد!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media