مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية تعلق عضوية العراق: انتكاسة خطيرة يجب تجاوزها بسرعة
    السبت 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2017 - 22:25
    Ahmad Mousa Jiyad
    أحمد موسى جياد
    Iraq/ Development Consultancy and Research, Norway
    [[article_title_text]]
    إن القرار الذي اتخذته  المبادرة  مؤخرا بتعليق عضوية ووضع العراق كبلد ممتثل يمكن أن يشكل ، في ظل بيئة الشفافية الهشة السائدة في القطاع النفطي ، ضربة مدمرة طويلة الأمد للشفافية ويلغي عشر سنوات من الجهود العراقية. ولذلك، من الضروري أن یتدخل البرلمان ومجلس الوزراء، بقوة وفورا، عن طریق إلزام کل من وزارة النفط والسكرتارية الوطنية (العراقية) للمبادرة بالامتثال الکامل والفعال وفي الوقت المطلوب لمعیار( إيتي) المبادرة لعام 2016 لضمان الحصول على تقرير مطابقة إیجابی يضمن استعادة وضع العراق وتعزيزه باعتباره بلدا ملتزما بمبادرة الشفافية (إيتي)
    قام فريق من الأمانة الدولية لمبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية (أوسلو، النرويج) بزيارة العراق حيث اجرت خلال الفترة من 1 إلى 9 أبريل/نيسلن 2017 العديد من الاجتماعات في بغداد وأيضا في دبي. وقد عقدت معظم هذه الاجتماعات مع  ممثلي  ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة وبعض من أعضاء مجلس أصحاب المصلحة (جي.ام.سي) المرتبطة بها. 
    وكانت البعثة تنفيذا لقرار مجلس إدارة المبادرة في 2 يونيو/حزيران 2016  القاضي ببدء عملية المصادقة على مدى التزام  العراق بمعيار المبادرة لعام 2016 في 1 يناير/ك2 2017
    واستنادا إلى هذه الاجتماعات والمشاورات والبحوث المكثفة أعدت الأمانة الدولية للمبادرة تقريرا تفصيليا وطويلا (يحتوي النص الانكليزي على 206 صفحات، بينما تحتوي النسخة العربية على 183 صفحة) بعنوان "المصادقة للعراق:  تقرير عن جمع البيانات الأولية والتشاور مع أصحاب المصلحة".
     
    يعرض التقرير اعلاه النتائج والتقييم الأولي لتجميع بيانات الأمانة الدولية ومشاوراتها مع أصحاب المصلحة. وقد  اتبع فريق  العمل دليل المبادرة المعتمد والموحد "إجراءات التحقق" وطبق "دليل المصادقة" في تقييم مدى التقدم الذي أحرزه العراق للالتزام بمعيار المبادرة.

    الموضوع الأساسي للتقرير هو "بطاقة التقييم الأولية" التي تتضم سبعة «فئات» و ما مجموعه 33 «المتطلبات» وتم تقييم كل من هذه المتطلبات تحت خمسة «مستويات التقدم»: لايوجد؛ غير كاف؛ ذو معنى؛ مرضٍ واعلى من مرضٍ

    إن النتائج ألاولية والتقييمات التي أجرتها ألامانة الدولية تشير الى أن 22 من متطلبات معيار المبادرة لم يتم معالجتها بشكل كامل في العراق؛ و أن 15 منها بأنها "تقدم غير كاف". واقنرحت مجموعة من التوصيات والإجراءات التصحيحية التي تم تحديدها من خلال هذه العملية على وجه الخصوص بضمان جودة البيانات وشمولية الإبلاغ من جانب الحكومة والصناعة وكذلك المؤسسات المملوكة للدولة، بما في ذلك النفقات شبه المالية والعلاقات المالية مع الحكومة ومستوى ملكية الدولة غيرها. 
    ولكي يكون التقرير أكثر تحديدا، تم اعداد قائمة "التوصيات االستراتيجية" التي يمكن أن تساعد العراق في تصحبح الموقف. 

    وفقا لعملية التحقق المعتمدة في المبادرة، تم إرسال التقييم ألاولي (تقرير ألامانة الدولية)  إلى مؤسسة المصادقة المستقلة (وهي آدم سميث إنترناشونال ) في 16 يوليو/تموز 2017؛ وقام فريق التحقق في آدم سميث بإعداد "تقرير المصادقة" (المتضمن 13  صفحة) وأرسله إلى ألامانة الدولية للمبادرة في 13 آب / أغسطس 2017. وفي الأساس، أكد تقرير المصادقة على صحة النتائج التي توصل إليها تقرير ألامانة الدولية وأيد قائمة" التوصيات الاستراتيجية" الواردة فيه. 

    في الخلاصة ، تبين أن العراق حقق تقدما غير كاف في تنفيذ معيار المبادرة  وعليه تم في أكتوبر 2017 تعليق العراق  بصفته "عضوا ممتثلا"، وتم منحه، وفقا لقواعد المبادرة، فترة سماح لتصحيح أوجه القصور لتحقيق ما لا يقل عن التقدم "المجدي او المرضيي" في جميع المتطلبات المحددة في التقييم.
    وبناء على ذلك، ستبدأ عملية التحقق والمصادقة التالية في نيسان / أبريل 2019، واعتمادا على نتيجة ذلك التحقق، يمكن للعراق أن يستعيد وضعه كعضو ممتثل ، في حالة التحقق والمصادقة الايجابية ، أو "شطبه" في حالة التصديق السلبي. و عندما یتم شطب بلد ما، یعني ذلك الغاء ارتباطه بالمبادرة .          
    وفي هذه الحالة یمکن أن یقوم البلد الذي تم شطبه بإعادة تقدیم طلب للانضمام کمرشح للمبادرة في أي وقت، وھو ما یعني عمليا إعادة نفس العملیة مرة أخرى والتي بدء العراق بها في تموز 12007! واذا ما تقدم العراق بطلبه للانضمام کمرشح للمبادرة سيقوم مجلس إدارة المبادرة بتطبيق الاجراءات المتفق عليها فيما يتعلق بتقييم طلبات المرشحين لمبادرة الشفافية كما سيقوم بتقييم الخبرة السابقة في تنفيذ المبادرة، بما في ذلك المعوقات السابقة أمام التنفيذ الفعال وتنفيذ التدابير التصحيحية
    يعني السرد الوارد أعلاه أن الشفافية الهشة أصلا في القطاع النفطي العراقي هي في مفترق طرق خطير جدا لأن التعليق قد يؤدي إلى نتيجتين مختلفتين جدا: يمكن للاولى أن تعزز الشفافية من خلال اتخاذ التدابير اللازمة للامتثال، بدرجة مرضية، في حالة التحقق والمصادقة الايجابية في 2019  والآخرى يمكن أن تشكل ضربة مدمرة طويلة الأجل للشفافية إذا لم تقم السلطات العراقية (أي وزارة النفط و ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة) بتحقيق التقدم المطلوب في تنفيذ المعيار في غضون الإطار الزمني المطلوب.

    وغني عن القول أن قرار التعليق لم يكن مفاجئا بالنسبة لي؛ لقد كان متوقعا وربما حتميا حيث كانت الكتابات على الجدار قوية وواضحة جدا. من خلال تقییمي السنوي لتقاریر إيتي، منذ أول تقریر لھا لعام 2009 وطرائق العمل وخطط عمل النشاط من قبل ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة فقد سلطت الضوء علی أوجه القصور وأوجه القصور وعدم الامتثال لھذه التقاریر بمتطلبات المبادرة والرمزیة المتکررة في أنشطة ألامانة الوطنیة. 
    وعلاوة على ذلك، فقد أكدت في جميع أنشطتي المتعاونة منذ عام 2010 مع معهد حوكمة الموارد الطبيعية (نرجي) – (معهد مراقبة العوائد –ار.دبليو.أي- سابقا) على أهمية الشفافية والحاجة الملحة لتطوير قدرة مؤسسية وطنية قوية للصناعات الاستخراجية لتكون نقطة انطلاق لتحقيق شفافية فعالة حقيقية في القطاعات الاقتصادية الأخرى. 
    كما حذرت مرارا وتكرارا من تقلص الشفافية وعودة السرية المقرفة للقطاع النفطي العراقي، وخاصة منذ آخر تغيير وزاري في اب/ أغسطس 2016

    وفي الآونة الأخيرة، أفاد موقع وزارة النفط على شبكة الإنترنت، في 2 تشرين الثاني / نوفمبر، عن الاجتماع الذي عقد بين ضياء جعفر، مستشار وزارة النفط لشؤون الطاقة و ممثلي  ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة (الأمين العام واثنين من مستشاريه)  وعضو من مجلس أصحاب المصلحة (جي.ام.سي).
    ومن المفاجئ و المؤسف والغريب أنه لم يكن هناك أي إشارة إلى أي من تقرير تقييم المبادرة، أو إلى تقرير التحقق (ادم سمث) أو قرلر المبادرة تعليق عضوية العراق. 
    ويبدو أن الأمين العام لمجلس الوزراء، الذي يتولى رئاسة ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة بعيدا عن الحدث 
    وقد ظل الموقع الاكتروني للامانة الوطنية العراقية للمبادرة غير فعال لشهور ولم ينشر أي شيء بشأن تعليق عضوية   العراق على وسائل الإعلام الوطنية.  

    ولمواجهة مثل هذه النزعة السلبية والإهمال ولإنقاذ التزام العراق الدولي بمبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية أقترح على سبيل الاستعجال ما يلي:
     
    على البرلمان ومجلس الوزراء التدخل بشكل فوري وفعلي من خلال إلزام كل من وزارة النفط و ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة بالامتثال بشكل كامل وفعال وفي الوقت المحدد لمعيار إيتي 2016 لضمان التحقق الإيجابي من أجل استعادة وتعزيز موقع العراق كبلد ممتثل؛ 
     
    يجب على ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة وجميع أعضاء مجلس المصلحة قراءة تقرير المبادرة وتقرير المصادقة بعناية ودقة لفهم مضامينهما بشكل صحيح وتحديد ما حدث خطأ، أو مفقود، لماذا وكيفية الامتثال لها؛ 

    ينبغي على الأمانة الوطنية العراقية للمبادرة أن تعقد على وجه الاستعجال ورشة عمل خاصة بالقضليا المعنية وحل المشاكل و تركز على كيفية الامتثال لجميع قائمة التوصيات المقترحة: من يفعل ماذا وكيف ومتى ؛ و يجب على الأمانة الوطنية العراقية للمبادرة أن تعيد النظر بجدية في اسليب عملها والابتعاد العقلية البيروقراطية الخشبية  المتكررة والرمزية واعتماد أسلوب استباقي يأخذ زمام المبادرة  أكثر توجها نحو الأهداف ، ويعالج الفجوات المعروفة في القدرات المؤسسية و والتنظيمبة و البشرية؛ 
     
    وضع منهجية واضحة وعملية وخارطة طريق ينبغي اتباعها لضمان الامتثال الكامل لمعيار المبادرة لعام 2016 قبل موعد بدء عملية المصادقة مارس/نيسان 2019؛

    ینبغي علی الأمانة الوطنیة مراجعة شروط اعداد تقریرھا السنوي لعامي 2016 و 2017 لتتناسب مع المعاییر الدولیة لمبادرة إيتي لعام 2016 والالتزام الصارم بھا؛ 

    يجب على وزارة النفط أن تلزم جميع كياناتها وشركاتها بالتعاون بشكل كامل وشفاف مع ألامانة الوطنية العراقية للمبادرة لضمان الامتثال الكامل لمعيار إيتي 2016 واستعادة موضع العراق وتعزيزه  في مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media