الى النواب النجباء، عززوا الشفافية في وزارة النفط وامنعوا خصصة استخراج النفط والغاز
    الأربعاء 15 نوفمبر / تشرين الثاني 2017 - 19:51
    د. باسم سيفي
    معد ومحرر مجلة قضايا ستراتيجية
    وانتم تناقشون الان قانون النفط والغاز اعلموا اولا بان الروح العراقية التي هزمت داعش لا تقبل بقولة ابن خلدون ولا ميكافيلي ولا اي من مفكري الواقعية السياسية بان "الغاية تبرر الوسيلة" و"الحق يمكن ان يكسب بالباطل" وان الناخبون العراقيون ينتظرون منكم قانونا جيدا لا يحابي الفاسدين بل يحمي مصالح الشعب العراقي بكل مكوناته وايضا مصالح العالم في البلدان المستوردة والمصدرة للنفط وبضمنها حماية البيئة وعلاج مشكلة التغيرات المناخية وتعزيز الشفافية في الصناعة الاستخراجية النفطية من اجل تقليم اضافر الفاسدين السفلة في الحكومات والشركات الذين يسببون اضرار كبيرة لشعوبهم والعالم من خلال الصفقات السرية التي يعقدوها خلف الكواليس. هناك ثلاث امور اساسية على النواب النجباء ومجلس الوزراء ان يصلحوها في وزارة النفط.
    اول هذه الامور هي الصفعة التي جاءت للعراق ووزارة النفط بشكل خاص في تشرين اول 2017 من مبادرة الشفافية الدولية للصناعات الاستخراجية التي علقت عضوية العراق بصفته عضوا ملتزما بمعايير المبادرة، (انظر احمد موسى جياد http://www.akhbaar.org/home/2017/11/236239.html). فعلى العراق ومن يدير نفطه وغازه، وفي هذه المرحلة بالذات، زيادة الشفافية والوضوح في العقود والسياسات النفطية وليس تقليلها من خلال السري والسري للغاية عن الشعب ولكنه مكشوف للقوى العالمية والفاسدين. مبادرة الشفافية ليس تنظيما اسسته داعش او السعودية بل تنظيما محترما اسسته قوى دولية يهمها مصلحة الشعوب والعالم وما لجوء المسؤولين العراقيين في النفط الى السري والسري للغاية الا سياسة مشبوهة لا بد ان يكون غرضها فساد او تغطية على فساد. سريات في عقود الاستخراج وهناك من يحاول توقيع عقد مشاركة لشرعنت عقود كردستان الفاسدة، سريات في عقود بيع النفط، سريات في المدفوعات، سريات في المفاوضات الدولية، وسريات في قائمة طويلة من البيانات التي يفترض ان تعلن على الملأ وليس بيعها للمنافسين للحصول على مال حرام.
    ثاني الامور هو في خلط الاوراق في مسألة الخصخصة في القطاع النفطي بين اسس استخراج النفط والغاز من المكامن الطبيعية وما هو انسب في عمليات التحويل والتوزيع بعد الاستخراج. فكما اوضح الدكتور محمد علي زيني في مقالته "نظرة في استغلال العوائد النفطية" علينا التفريق في التعامل مع النفط الخام في باطن الارض والذي هو ملك الشعب العراقي والعمليات التي تخرجه وتحوله بعد تكلفة الى سلعة قابلة للبيع حيث يتم تقييم العمليات التحويلية على اسس اقتصادية واختيار انسبها سواء كانت للقطاع الخاص او الدولة او المشترك. فمن المعقول ان نعطي عمليات الحفر او المسح الجيولوجي او التنقية او الخزن وحتى التصفية والتوزيع الى القطاع الخاص ان كان قادرا على انجاز المهمة بكفائة أكبر. الدستور العراقي يؤكد بان النفط والغاز ملك الشعب العراقي وهذا يعني منع خصخصته او بيعه للقطاع الخاص وهو في مكامنه، والذي يمكن ان يأخذ اشكال مختلفة من بيع حقل كامل، وهو ما اراد بعظهم من تطبيقه في كردستان للتمكن من دفع الديون التي سببها الفاسدون على الشعب او لسرقة جديدة بشكل رشى وحصص من كذا صفقات، او توقيع عقود مشاركة في الانتاج، وهو ماقام به المسؤولين في اقليم كردستان وعارضته الحكومة الاتحادية بشدة ويحاول الان بعض المتنفذين في الملف النفطي لتمرير بعض منها بحجة الكفائة والاقتصادية في حين يكون السبب الحقيقي رشى وكمشنات وشرعنة ما فعله قادة اقليم كردستان. 
    رغم بعض السلبيات في عقود الخدمة، وبالاخص فيما يتعلق بتكاليف الشركات والتي يمكن ان تعالج، فانها الافضل لحماية مصالح الشعب ليس فقط من ناحية المردود بل ايضا حماية الحقول لاطول مدة ممكنة. لذا فان تشريعكم لقانون يمنع عقود المشاركة في الاستخراج مرحب به وسيسد الطريق على الفاسدين الذين يحاولون من خلال السرية والادعاء بالمصلحة العامة تمرير عقد او عقود مشاركة. وهنا ايضا يتطلب الامر شفافية اكبر في المفاوضات التي تجري لتوقيع عقود جديدة والزام وزارة النفط بالاعلان عما تقوم به من مفاوضات يعرفها ذوي المصلحة وتحجب عن الشعب.
    الامر الثالث الذي عليكم علاجه وبحزم هو الاعلان عن سياسة العراق النفطية من ناحية الانتاج والتسويق خلال السنوات القادمة على اساس يحتكم العقل والعدل ومصلحة العراق وشعوب العالم بدون لف ودوران واتفاقات من خلف الكواليس. ان يعلن العراق بأنه ونحو عام 2020 سينتج حوالي 6 مليون برميل في اليوم ويسوق حوالي 5 مليون برميل باليوم للسوق العالمية ويعمل على استقرار اسعار النفط بين 70 و80 دولار للبرميل ويساهم مع العالم لعلاج المشاكل البيئية المترتبة من استخراج واستعمال الوقود الاحفوري، سيكون مكسبا كبيرا للعراق وشعبه في ادعائه مناشدة مطلب الحق والعدل بين الناس والمجتمعات وفق ما تعلمناه من طين العراق وتعاليم علي والحسين والانبياء المبجلين. فمن الحق والعدل ان ينتج العراق سنويا 1% من مخزون النفط القابل للاستخراج بشكل اقتصادي ويطالب السعودية، التي تنتج الان سنويا اكثر من هذه النسبة، وروسيا، التي تنتج سنويا حوالي 3% من مخزون نفطها التجاري، وبشكل علني وصوت عال بتخفيض انتاجهما من النفط.
    ليس من العدل في تخصيصات الانتاج في اوبك ان يسمح للسعودية ان تنتج 10 مليون برميل في اليوم في حين ينتج العراق اقل من 5 مليون برميل باليوم خاصة وان العراق لديه حوالي 12% من الاحتياطي العالمي القابل للاستخراج والسعودية لديها حوالي 18%، ولسنوات عديدة لم يتمكن العراق من انتاج حصته المقررة وهو اليوم بحاجة لايرادات ضخمة لاعادة اعمار العراق في كل النواحي الاقتصادية. نعم نقبل بتخفيض الانتاج لمصلحة الجماعة ولكن باعلان وفخر وليس بالهمس واللكَلكَة ولا السكوت عن الحق وتوقف المطالبة بالعدل. اعلان زيادة احتياطي العراق من النفط الى 153 مليار برميل شيئ جيد ونامل ان يكون على اسس رصينة ويعترف بها دوليا وان لا تكون سباقا جديدا في تضخيم دول اوبك لاحتياطاتها. في يد روسيا والسعودية وايران والعراق اليوم مفاتيح ايجاد حلول ناجعة لمشكلة التخمة النفطية وتدني الاسعار، خاصة وانها تنتج حوالي ثلث الانتاج العالمي وتصدر اكثر من نصف النفط المصدر، وهذه الحلول بحاجة الى نقاشات واسعة وعلنية اكثر من حاجتها الى مفاوضات سرية. على العراق وهو يرفض سياسة المحاور والتحالفات الضيقة ان يلعب دورا فعالا في تقارب هذه الدول في القضية النفطية وعلى اسس عقلانية ولمصلحة الجميع.
    منذ بداية 2017، ومع نجاح اوبك وبلدان مصدرة اخرى في الاتفاق على وتنفيذ تخفيض الانتاج 1.8 مليون برميل باليوم، اي 2% من الانتاج العالمي، يمكن القول بان الاسعار ارتفعت حوالي 10% ونحو 60 دولار للبرميل بسبب هذا التخفيض. وهذا يعني بشكل عام بان الدول المصدرة للنفط عليها تخفيض الانتاج 2% اخرى خلال العام القادم ان ارادت استقرار اسعار النفط حول 70 دولار للبرميل، ودون 80 دولار لعرقلة دخول النفوط عالية التكلفة سوق النفط، حيث ستلعب الزيادة في الطلب دورها ايضا في زيادة الاسعار. مثل هذا التخفيض ليس صعبا خاصة وان معظم الدول المصدرة لازالت تنتج بمعدلات عالية تضر في كثير من الاحيان حقول النفط على المدى المتوسط والبعيد وان زيادة الاسعار ستغطي على انخفاض الواردات الناتج من تخفيض الانتاج. فروسيا والسعودية مثلا بامكانهما تنفيذ هذه المهمة من خلال تخفيض انتاج بلديهما 10% دون ان يعني ذلك انخفاض في وارداتهما بل زيادتها وبنفس الوقت الابقاء على النفط غير المستخرج وتجنب التكاليف العالية عند الانتاج المرتفع جدا. 
    لذا ونحن نشهد انتصارات الشعب العراقي ليس فقط في الازمة الداعشية بل ايضا في الازمة الاقتصادية وازمة استفتاء الاستقلال لكرد العراق، نناشد النجباء في مجلس النواب العراقي وفي الحكومة العراقية بقيادة المبدع حيدر العبادي ان يضعوا حدا لسوء الادارة في كثير من عمليات ادارة النفط والغاز في الانتاج والبنى التحتية والتسويق والتي يحجب عنها وبمهارة من خلال تسويق السري والسري للغاية كشيء ينفع العراق وهو دجل وكذب ومن خلال تراجع الشفافية في وزارة النفط والتي ادت الى اخراج العراق من الدول الملتزمة بالشفافية والعلنية ووضعه في خانة الدول التي يتحكم فيها الفساد من خلال السريات والصفقات المشبوهة من خلف الكواليس. 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media