اللف والدوران وماء الوجه
    الأثنين 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2017 - 08:22
    حسين فوزي
    جمهرة كبيرة من القوى الوطنية والقومية والتقدمية تعاطفت تاريخياً مع "مظلومية” اشقائنا المواطنين الكرد بسبب طموحهم الذي اذكاه الراحل المرحوم الشيخ محمود الحفيد البرزنجي عام 1922 عندما اعلن مملكة الكرد من السليمانية التي التحق بها المرحوم ملا مصطفى بارزاني.

    لكن الحركة المسلحة لـ”ملك الكرد” الحفيد، ومن بعده كل الانتفاضات المسلحة للعشائر الكردية لم تستطع التقدم خطوة واحدة نحو "الحلم الكردي”، حتى كان السبات الأخير عشية نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما وئدت جمهورية مهاباد، على اثر انسحاب الجيش الأحمر السوفيتي من شمال إيران، بناء على مناورة احمد قوام رئيس وزراء إيران، المعروف بـ”قوام الدولة”، بعقد اتفاقية تمنح الاتحاد السوفيتي امتيازاً نفطياً واسعاً.

    وهو الاتفاق الذي لم يصادق عليه البرلمان الإيراني فعد وكأنه لم يكن، فيما اعدم الشاه جميع قادة مهاباد المعروفين بالأسود الأربعة، والفرار المبكر للمرحوم مصطفى بارزاني إلى الاتحاد السوفيتي ليصبح تحت الرقابة المشددة لمدير المخابرات السوفيتية بيريه.

    ولم تعد القضية الكردية إلى السطح إلا بعد الهجوم الثلاثي على مصر، حيث تكرست إذاعة مصرية خاصة ضد بغداد، تتابع كل من يختلف مع السلطات العراقية، نكاية بـ”توجهات” النظام الملكي العراقي عموماً، والمرحوم نوري باشا السعيد خصوصاً. فيما برز الكرد على الساحة السياسية بقوة بعد قرار رئيس وزراء العراق الزعيم الركن عبد الكريم قاسم رد الاعتبار لـ”ثوار” كردستان، واعادتهم للعراق العام 1959، حيث هتفنا في البصرة والسفينة السوفيتية البيضاء تحمل الكرد العائدين "زعيمنا الثاني ملا مصطفى بارزاني.”

    لكن الحلم الكردي دغدغته مخابرات شاه إيران والمخابرات الألمانية والأميركية نيابة عن شركات النفط أثر قانون 80 لسنة 1961، فقاد بارزاني الأب انتفاضة مسلحة في ايلول 1961. وبعده معروف للأجيال الجديدة.

    المهم بعد خلع الشمولية تمتع الكرد بما قد لا يتمتعون به اذ اقاموا دولة مستقلة. لكن سوء الإدارة في بغداد وفساد بعض المسؤولين، بجانب غياب الرؤية البنيوية لإدارة الإقليم وعدم شفافية التصرف بموارد الإقليم النفطية وغيرها، أدت إلى "منفذ” الاستفتاء لتفريغ ازمة إدارة الإقليم من جهة، وترحيب البعض بها في بغداد للتستر على "ارث” فسادهم واخفاقهم في حماية الوطن من داعش بجانب الطموح في استعادة المواقع التي فقدوها امام منهجية د. حيدر العبادي واسلوب جمع العراقيين لمواجهة داعش وتهدئة المشاكل مع الإقليم.

    لكن ما يتضح هو ان مسعود بارزاني ومناصريه كانوا يراهنون على تحويل كركوك إلى ساحة حرب يُذبح فيها المدنيون، على امل إثارة الرأي العام العالمي وحكوماته، لكن مواقف مسؤولة وشجاعة للشيخ لاهور كنجي طالباني والنائبة آلا طالباني واخرين حالت دون حمام الدم المخطط من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني. على امل الانتصار العالمي لـ”بطولة” بارزاني الابن والحفيد.

    المعالجة الحكيمة التي واصلها د. حيدر العبادي انسجاما مع الدستور بصفته رئيساً للوزراء وقائداً عاماً للقوات المسلحة وهي معنية بالحفاظ على وحدة العراق وسيادته، خلقت اصطفافاً قوياً بجانب السلطات الاتحادية، في ظل احكام قضائية قطعية للمحكمة الاتحادية بعدم شرعية الاستفتاء وعدم جواز اية طروحات انفصالية.

     وهذا كله، ومن منطلق المحبة واحترام "الطموحات” القومية الكردية، يستدعي اقدام نيجيرفان بارزاني على دعوة برلمان الإقليم لإعلان عدم شرعية الاستفتاء، واستقالة الحكومة الحالية التي مررت مشروع الاستفتاء، وإقامة حكومة كردستانية تضم كل الأطراف لتخطي الأزمة ترأسها شخصية كردية غير متورطة في "مغامرة” الاستفتاء.

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media