همساتُ فكر كونيّة (160)
    الأثنين 20 نوفمبر / تشرين الثاني 2017 - 11:47
    عزيز الخزرجي
    مفكر كوني
    هل (الوطن للأنسان) ؛ أم (الأنسان للوطن) و كما أشاع و يشيع الحاكمون بين الناس منذ نشأة الدُول؟

    يجب أن ينتبه أهل العراق و كلّ شعوب العالم؛ إلى هذه الجدلية القديمة التي أريد لها أن تكون أداةً فاعلة بيد الحكام و الملوك و الرؤوساء و الوزراء و النواب و السياسيين ألمُتحاصصين لألهائهم و إستحمارهم و  بآلتالي نهب الشعوب و الأمم باسم (الدفاع عن الوطن) و التضحية (لأجل الوطن), و (الوطن يستاهل), و (الوطن أولاً) ليسهل عليهم سرقة حقوقهم (ألطبيعية) بعد جعلكم قرابين و ضحايا للوطن و العروبة و القومية و الأسلام و الشرف في النزاعات العشائرية التي يُطبلون لها و الحروب المحلية و الدولية المنظمة التي يصطنعونها بأنفسهم أو تلك التي تصنعها أسيادهم في لندن و واشنطن و غيرهما!

    و إعلموا بأنّ الحكام الفاسدين مع أحزابهم و مقرّبيهم؛ كلّما زادوا في العويل و الصّراخ و الأعلام بالدّق على وتر (الوطنية) و (القومية) و (الأسلامية) و الدفاع عن الشرف و الدِّين و غيرها من الشعارات؛ فأنّهم في الحقيقة يهدفون لتحقيق غايات أخرى لا أخلاقية و ظالمة مُبطّنة و لا علاقة لها بتلك الشعارات .. بل تخصّ كيفية الحفاظ على مواقعهم و جيوبهم و رواتبهم و شهواتهم و حساباتهم و مخصصاتهم و حماياتهم و راحة و مستقبل أبنائهم و ذويهم و أصهارهم .. من دون عامة الناس!

    فآلله تعالى إنّما خلق الوطن و أنزل الرسالات و الأنبياء و الأوصياء و الأئمة.. بل  و خلق كلّ الدنيا و ما فيها لتكريم الأنسان و سعادته و راحته و ليس لهدر دمه و لشقائه و هلاكه و فقره و كما يريد الحاكمون ذلك!

    لهذا يجب أن يكون (الوطن) و خيراته في خدمة (الأنسان) و سعادته و ليس العكس, أي يكون (الأنسان) في خدمة (الوطن), لأن الوطن بدون (الأنسان) لا قيمة له, و من هنا يمكنك أن تعرف الحاكم العادل و حزبه من الحاكم الظالم و حزبه الذي يحاول سوق الشعب للتضحية و الموت لمصالحه و كرسيه على حساب شقاء المواطن و موته!

    و إعلموا بأنّ الحاكمين و على طول التأريخ و لحدّ هذه اللحظة قد إستحمروا شعوبهم التي تفتقد المعرفة الحقيقية على أحسن وجه و كأنهم عبيد و خدم و بكل خبث و دجل و نفاق و خداعهم بتلك الشعارات ألرنّأنة؛ و إنهم إن فعلوا ذلك و يفعلون .. لتكونوا ضحايا "للوطن" المسلوب كي يستفيدوا و يتنعموا من دونكم بخيرات الوطن و بآلحقوق و الحمايات بآلتّحاصص لدرّ الملايين منكم بآلتوافق من غير الوفاق, و إنّ الدليل العملي على نفاقهم و خدعهم و كذبهم في دعاويهم, يتجلّى بوضوح من خلال  الفوارق الحقوقيّة و الأمتيازات الكبيرة على حساب دمائكم و تضحياتكم تحت ظلّ قوانين ظالمة تمّ تصويبها بأنفسهم؛

    فهل سمعت أو رأيت يا أخي الأنسان؛ شهيداً من أبنائهم أو إخوانهم أو نسائهم أو ذويهم .. أو حتى مقرّبيهم لأجل "الوطن" المزعوم!؟

    بآلأضافة لذلك؛ هل رأيت أو شهدت إهتمام المسؤوليين بآلشهداء و بتضحياتهم, فمجرد ما إن يستشهد, يتمّ نسيانه أو حتى ذكره في الأعلام, و كأن (المواطن) وجد لأجل خدمة الحاكم باسم الوطن!
    لذلك .. لا خير في (وطن) محكوم يرفع شعار(الوطن أولاً) أو (العراق أولاً) أو (الأردن أولاً) أو (أمريكا أولاً), و كما صرّح اليوم ترامب في مؤتمر عام, و هم يُقدّمون آلسّذج و أبناء الفقراء قرابين لخدمة مشاريعهم التي تختصر و تنتهي في نهاية الأمر لمصلحة جيوب و شهوات الحاكمين الفاسدين و المتسلطين بشعارات(الوطنية) و (الدّين) و (القومية) و غيرها من آلمصطلحات الخدّاعة التي قلبوا معانيها لمنافعهم!

    و الدّليل الثالث بكون خيرات و أرض (الوطن) و حتّى الوجود و الكواكب لخدمة الأنسان(جميع أبناء المجتمع الواحد و بآلتساوي) و ليس  لفئة أو حزب أو طبقة دون عامّة الناس خصوصاً ألفقراء, هو :ـ قوله تعالى:
    [و كرّمنا بني آدم], و قوله: [و سخّرنا لكم ما في البر و البحر ..]ٍ, و يشمل جميع البشر دون إستثناء جماعة أو حزب .. مهما كانت تتصف بصفات .. حتى الأنبياء و المعصومين سواسي مع باقي الناس في الحقوق, و ليس لأحد فضل على الآخر, و هذا بحسب قول النبي (ص): [الناس سواسي كأسنان المشط], هذا هو الدليل النقلي الشرعي!
    و أما الدليل العقلي و العلمي على وجوب العدالة بين الناس أجمع: هو ما أشار له كلّ فلاسفة العالم المنصفين, بكون الأنسان هو الرأسمال الحقيقي في الوجود و يجب تأمين حقوقه الطبيعية بشكل متساو مع الحاكمين, خصوصاً بعد علمنا بحجم المعاناة التي يُعانيها هذا المخلوق و الذي يزداد كلّما إمتد الزمن بسبب حبائل الشياطين و جشع الحكام و رئيسهم إبليس اللعين الذي يُوسوس لإرتكاب الجرائم و الظلم.
    لذلك فآلوطن و كلّ ما فيه لا قيمة له بدون صيانة كرامة الأنسان في الحقوق و الخيرات و الرّواتب ألتي يجب أن تكون مُسخّراً لجميع المواطنين بآلتساوي و ليس للرئيس و النائب و الحاكم و القاضي و المحافظ و القائد الذي يستولى على حصة الأسد منها و يأخذ أضعاف أضعاف ما يأخذه المواطن و كأن العالم يعيش في غابة من الوحوش (القوي فيها يأكل الضعيف) و كلّ ذلك يتمّ تحت شعار لأجل (الوطن) و تراب (الوطن) و (الوطن أولاً) و غيرها من الشعارات الزائفة ..
    خلاصة القضية: هي أن المواطن حين يشعر بآلظلم و الحيف و التفرقة الحقوقية؛ فأنه يكفر بآلوطن و المواطنين و القوانيين و بآلتالي يحاول التخريب  و نشر الأرهاب بدل البناء و حفظ الأمن ..
    و لا حول و لا قوة إلا بآلله العليّ العظيم.

    عزيز الخزرجي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media