باحث عراقي يمنهج لتقويم المعاجم العربية وتطويرها
    الثلاثاء 21 نوفمبر / تشرين الثاني 2017 - 11:57
    د. هشام حسن الشمري*
    [[article_title_text]]
    قراءة في كتاب (معجميون ومعجمات _ تقويم وتطوير) تأليف العلاّمة اللغوي العراقي الأستاذ الدكتور هادي حسن حمودي


    يرى الأستاذ الدكتور هادي حسن حمودي في كتابه الذي صدر في لندن، قبل أسبوعين، أن الحاجة هي التي دعت إلى ظهور الدراسات اللغوية. فهو يقرر أن تلك الحاجة كانت تلبية لسببين: المحافظة على القرآن، وعلى اللغة العربية ونشرها بين الناس نتيجة الظروف الاجتماعية الجديدة في الكوفة والبصرة فبغداد ثم مراكز الثقافة التي نشأت فيما بعد. وكانت بداية ذلك منذ أوائل القرن الثاني للهجرة حين أُرسيت مرتكزات الدّرس اللّغويّ التي تجمعت في القرنين الثاني والثالث الهجريين في أربعة ميادين: النقل والتجميع. الفهم والترسيخ. الكشف والاستنباط. التنمية اللغوية وتوسيع المجاز.

    ولقد أثمر القرنان الثاني والثالث مجموعة طيّبة من المؤلفات التي جمّعت الألفاظ، وصنّفت المعانِي. فبدأت الحركة المعجمية بكتاب (العين) الممنهج على النظام الصوتي. وكان ذلك إيذانا ببدء مرحلة التأليف المعجمي، حتى أدى الأمر في القرن الرابع للهجرة، العاشر للميلاد، إلى ظهور معجمات عدة، أبرزها، من وجهة السيد الكاتب، مجمل اللغة لأحمد بن فارس حيث خطا خطوة ضرورية لظهور فلسفة الأصول اللغوية في المعجم العظيم (معجم مقاييس اللغة) الذي تضمن نظرية علمية يمكن الاستفادة منها في تشكيل أسس علم اللغة العربية في العصر الحديث.

    وهو يرى أن نظرية المقاييس التي أطلق عليها تسمية (نظرية الأصول اللغوية) قدّمت منهجا رائدا يوصل لتلك الغاية. فعن طريق استقراء معانِي الألفاظ من أجل ضبطها في أصول الجذور كشفت النظرية عن المعانِي الأصلية والمعانِي المتفرّعة في عمليّة التحوّل اللّغويّ وتطوره، وكشفت، أيضا، عن الوسائل التي سلكتها اللغة في تطورها. مما يعين الباحثين المعاصرين على تطويرها والاستفادة منها في تشييد أركان العلم اللغوي، سواء ما كان هادفا إلى وضع حلول لمشكلات اللغة العربية، أم متابعة تطورها التاريخي، أم استكشاف السبل والوسائل المؤدية إلى إحيائها في الاستعمال اليومي، إلى غير ذلك من مهمات العلم اللغوي المعاصر.

    لذا نلمس في كتابه هذا أنه يسعى نحو هدفين:

    الأول: تقويم أسس المعجم العربي، باستنقاذ أصوله الأولى, من الأخطاء التي حلت بها، ليكون ذلك بمثابة ضوء لتحقيقٍ أكثر سلامة لكتب التراث العربي العريق.

    والثاني: تطوير البحوث اللغوية، سواء بالدعوة إلى ضبط مناهج تحقيق المخطوطات، أم الاستفادة من نظرية المقاييس أو نظرية الأصول اللغوية.

    وتحقيقا لذلك بنى الكتاب على أربعة أبواب وثلاثة عشر فصلا. عنون الباب الأول (معجم العَين ومختصراته / دراسة... وتقويم) حيث عرض فيه كتاب العين من التشكيك إلى التوثيق، مع ملاحظات على إصداراته، وتوضيح الأخطاء التي وقعت فيها، لأجل إعادة إحيائه واستنقاذه مما ألحقته الأيام به. وواصل الغاية نفسها في الباب الثاني الذي خصصه لكتاب الـمُنَجَّد في اللغة لأبي الحسن الهنائي. أما الباب الثالث فقد خصصه لأحمد بن فارس (تـ 395) لسبب جوهري ورئيس هو استنباطه لنظرية المقاييس التي بحثها في الباب الرابع لأهميتها العلمية النافعة المفيدة.

    وفي الخاتمة تحدد هدف البحث المتمثل في بذل العناية لتصحيح الأخطاء التي وقعت في تحقيق المعجمات، ومن ثم تطويرها لما ينفع المجتمعات العربية المعاصرة.

    هذه القراءة لا تغني عن قراءة الكتاب بأي شكل من الأشكال.

    ---

    * أكاديمي عراقي – نيوكاسل – المملكة المتحدة
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media