لا ... لتسليم سلاح فصائل المقاومة الإسلامية
    الثلاثاء 12 ديسمبر / كانون الأول 2017 - 18:20
    أياد السماوي
    ضغوط داخلية وخارجية تتصاعد يوما بعد يوم مطالبة بإنهاء الوجود العسكري لفصائل المقاومة الإسلامية في العراق وتجريدها من سلاحها , تحت مبررات عديدة يأتي في مقدمتها ضرورة حصر السلاح بيد الدولة وعدم وجود مسوّغ قانوني لبقائها بعد إعلان النصر وانتفاء الحاجة لها ولسلاحها بعد الانتصار العسكري على داعش , أو باعتبار أنّ كل نشاط أو عمل مسلّح أو مظاهر مسلّحة خارج المنظومة الأمنية غير مرّحب ومسموح به , ولعلّ أكثر المطالبين بضرورة حل هذه الفصائل وتسليم سلاحها إلى الدولة من السياسيين الشيعة هو زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر , وبغض النظر عن أهداف ونوايا كل طرف من الأطراف التي تطالب بحل ونزع سلاح فصائل المقاومة والتي سنأتي على ذكرها لاحقا , فإن حلّ هذه الفصائل وتجريدها من سلاحها في ظل الظرف السياسي والأمني القائم الذي تمرّ به المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص , هو انتحار سياسي وخطيئة كبرى , لأنّ الوضع الأمني في العراق ليس بمعزل عن أمن المنطقة ويرتبط ارتباطا وثيقا به , والانتصار العسكري الذي تحقق في العراق ضدّ الإرهاب لا يعني زوال خطره بشكل نهائي , خصوصا إذا علمنا أنّ عشرات الآلاف من المقاتلين العراقيين الذين قاتلوا مع داعش قد عادوا إلى مدنهم وعشائرهم وذابوا فيها , وهؤلاء المقاتلين يشّكلون خطرا جسيما وتهديدا مباشرا للأمن من الممكن أن ينفجر في أي لحظة وأي مكان أو زمان , كما انفجر عام 2013 في محافظات الغرب العراقي تحت ذريعة تهميش السنّة والدور الذي لعبته منصات الفتنة الطائفية في دخول داعش واحتلالها لهذه المحافظات , ومن الممكن أيضا للقيادات السياسية السنيّة المرتبطة بالمشروع الأمريكي السعودي أن تعيد هؤلاء المقاتلين من جديد تحت ذريعة جديدة وأسم جديد وتوّحش جديد .

    ومن المؤكّد أنّ أهداف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تختلف اختلافا جذريا عن أهداف أطراف المشروع الأمريكي والحكومة العراقية والساسة السنّة المطالبين جميعا بحل الفصائل الإسلامية وتجريدها من سلاحها , وإن كانت تلتقي مع أهدافهم من حيث النتيجة والمسعى , ومن المؤكد أيضا أنّ أهداف أسامة النجيفي أو صالح المطلك أو أحمد المساري وغيرهم من الساسة السنّة المطالبين بحل هذه الفصائل وتجريدها من سلاحها هي غير أهداف الحكومة العراقية التي تتعرّض للضغوط الأمريكية والسعودية , وتختلف عن أهداف أمريكا والسعودية اللتان تضغطان على الحكومة العراقية من أجل إنهاء صفحة هذه الفصائل التي تعتبرها أمريكا والسعودية ( أدوات ) إيران في العراق , لأن أمريكا والسعودية متيّقنة من أنّ بقاء هذه الفصائل واحتفاظها بسلاحها من شأنه أن يقوّض المشروع الأمريكي الإسرائيلي السعودي في العراق والمنطقة , خصوصا بعد إعلان أمريكا عن عزمها نقل سفارتها إلى القدس وما نتج عن هذا الإعلان من تداعيات سياسية وأمنية وهيجان شعبي , فالذي يهمّ أمريكا والسعودية بالدرجة الأساس هو إنهاء دور إيران في العراق وتجريدها من ( أدواتها ) فصائل المقاومة الإسلامية لتمرير مشروعها الشرق أوسطي , والحكومة العراقية تريد إرضاء أمريكا والسعودية بالقدر الممكن لاستمرار دعمها السياسي والاقتصادي من أجل ضمان فوزها في الانتخابات القادمة , وسنّة العراق يريدون حل فصائل المقاومة ونزع سلاحها وإخراجها من محافظاتهم , لأنّ وجود هذه الفصائل في المناطق المحررة سيفقدهم ثقة الراعي الأمريكي والسعودي لهم , وسيكون وجودها رادعا لأي منّصات قادمة للفتنة الطائفية , أمّا زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر فمطالبته بحل هذه الفصائل وتجريدها من سلاحها لا تتعدّى هدفه الوحيد ببقائه لوحده محتفظا بالسلاح تحت مبررات حماية سامراء والمرقدين العسكريين أو لتحرير القدس من الاحتلال الإسرائيلي بواسطة ألوية ( قدسيو الصدر ) التي أعلن عن تشكيلها , ولهذه الأسباب مجتمعة تصبح المطالبة بحل فصائل المقاومة الإسلامية في العراق ونزع سلاحها في ظل هذه الظروف الأمنية والسياسية الحسّاسة التي تمرّ بها المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص ولأي سبب كان , هو تبن للمشروع الأمريكي الصهيوني الوهابي المعادي لمحور المقاومة والممانعة وللشيعة تحديدا , فلا وألف لا ... لنزع سلاح فصائل المقاومة الإسلامية .  

    أياد السماوي  
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media