سهير القيسي .. ضربة معلم
    الأربعاء 13 ديسمبر / كانون الأول 2017 - 20:35
    غفار عفراوي
    لم يكن أبو سفيان بن حرب رجلاً عاديًّا من رجال قريش، لكنه كان من الرجال المعدودين الذين يُشار إليهم بالقوة والزعامة وحسن القيادة، وعندما ظهرت دعوة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله سلم، كان رافضاً ومحارباً لها بشتى الطرق .. وفي فترة الدعوة الأولى في مكة كان أبو سفيان من الذين بذلوا جهدهم في محاولة القضاء على الإسلام في مهده. وقد ذكرت كتب السيرة أنه كان فيمن اجتمعوا في دار الندوة يخططون لقتل رسول الله صلى الله عليه وآله قبيل هجرته إلى المدينة .
    تعامل رسول الله صلى الله عليه وآله مع الذين تعرضوا له بالإيذاء بكل أريحية ومرونة وقمة الخلق والعطف بعد استتباب الامر له كليًا، ومن هؤلاء كان أشد أعداء الدعوة الاسلامية أبو سفيان حين دخل جيش المسلمين مكة وقال قولته المشهورة "من دخل دار ابي سفيان فهو آمن ". وكان هذا الأسلوب النبوي الكريم عاملاً على امتصاص الحقد من قلب أبي سفيان وتطميناً له بأن المكانة التي كانت له عند قريش، لن تنقص شيئا إن هو أخلص لله وبذل في سبيله، وهذا منهج نبوي كريم على الدعاة إلى الله أن يستوعبوه ويعملوا به في دعوتهم وتعاملهم مع الناس، مراعين أحوالهم، من اختلاف ثقافتهم وبيئتهم ومكانتهم في قومهم .
    والأمثلة عديدة حول موضوع التسامح ونبذ الكراهية واستعمال الشخص المناسب في المكان المناسب لأغراض تفكيك العقد النفسية وجذب القلوب المصابة بالخلل العاطفي والوهم الاعلامي .
    إن اختيار مذيعة عراقية تعمل في فضائية إسلامية أو شيعية لتكون عريف لأهم حدث في تاريخ العراق ما بعد داعش لن يكون له الأثر الفعال أو التأثير الصادم للمتلقي المتابع . مثلاً لو كانت عرافة حفل النصر الذي أقامته نقابة الصحفيين بحضور رئيس الوزراء حيدر العبادي هي الاعلامية انسجام الغراوي أو الاعلامية إبتهال الغزي أو الاعلامية هيفاء الحسيني، فلن يكون وقع الخبر ومشاهدته كما حدث عندما جيء بإعلامية عراقية تعمل في فضائية عربية نهجت العداء للتجربة العراقية الجديدة وللعملية السياسية الحالية ولها آلاف المتابعين والمعجبين إن لم نقل الملايين من داخل العراق وخارجه .
    اختيار الرسول صلى الله عليه وآله لدار أبي سفيان كان ضربة إعلامية وحنكة سياسية لا نضير لها في التاريخ ، فمازال الحديث عن خلقه الحسن وتعامله الأبوي حتى مع ألد أعداءه وأعداء رسالته السمحاء بسبب هذا الاختيار العبقري الصائب. فلو اختار النبي صلى الله عليه وآله شخصية غير معروفة أو معروفة بورعها وقربها من الاسلام لكان أمراً طبيعياً ولا حاجة للتخليد، لان النبي دائم الاحسان والأبوة وتفيض منه الانسانية في كل مكان .
    اختيار سهير القيسي التي تعمل في فضائية العربية كان ضربة معلم ويستحق من اختارها الثناء والاعجاب لأنه حقق عدة أهداف واصطاد عدة عصافير بحجر واحد.
    سهير تمثل العربية ، وسهير أعلنت فرحة الانتصار، إذن الفضائية العربية قد أعلنت إنتصار العراق من حيث تعلم أو لا تعلم .. ضربة معلم! .


    السؤال المطروح للأخوة الغاضبين : هل معاداة السعودية والفضائية العربية وطرد الإعلامية العراقية من بلدها يُعد أمراً حكيماً ، أو تقريب وجهات النظر ونشر ثقافة التسامح والمحبة وتقليل عدد الأفواه المفتوحة ضد العراق وشعبه ؟
    ماذا نفع العراق حين كان يحكمه شخص ذو نزعة عصابية يتأثر بكل ما ينقل اليه من المقربين بلا تأني ولا تعقل ؟
    ماذا نفع العراق حين يكون حسين سعيد وعدنان درجال وعدنان حمد وأحمد راضي وعدد من الفنانين والشعراء مطلوبين للمحاكم العراقية بتهم غريبة ايام حكم مختار العصر!؟
    الامثلة جداً كثيرة .. لكن الاختصار أبلغ .


    كاتب عراقي
    12/12/17
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media