الشهداء لا ينتقمون
    الأحد 17 ديسمبر / كانون الأول 2017 - 06:41
    علي شايع
      ما إن تنفّذ السلطات القضائية أحكام الإعدام الصادرة بحق بعض الإرهابيين حتى تثور ثائرة الحقد والبغضاء دفاعاً مغلوطاً عن هؤلاء المجرمين، والقضية ليست بالجديدة، وأحياناً تأخذ بعداً دولياً يكون سببه في الغالب عمل الكثير من أشقائنا (العرب) في المنظمات الدولية، ممن يسعون في البغضاء؛ ما أستطاع أشرارهم إليها السبيل.

     قبل أيام تم تنفيذ أحكام بإعدام 38 مداناً بالإرهاب، بعد أن اكتسبت أحكامهم الدرجة القطعية ومصادقة رئاسة الجمهورية عليها، الأمر الذي يعني أن الحكم تم بصورة قانونية، وبعدالة تامة لا تقبل الجدل- بغض النظر عن أي رأي شخصي في ما يتعلق بحكم الإعدام بصورة عامة- فان أي اعتراض على هذه الأحكام خارج هذا السياق، يعني أنه اعتراض على سيادة القانون وعدالته، فجميع الأحكام تمت بعد إجراءات الاستئناف الأصولية.

    صحف ووسائل إعلام كثيرة تكشف لمن يتابعها عن محاولاتها إثارة زوابع قصد التشويش على الحقيقة، وليّ أعناق الكلمات والمعاني؛ لتزييف الوقائع عبر الحديث المتجني عن "عدالة المنتصر” بحسب تعبير من يصطلحون هذا المعنى على حكم من ينتصر في المعركة ليحاكم المنهزمين!، وكأن القضية في مواجهة الإرهاب كانت قضية تكافؤ حقوق عسكرية محكومة بتشريعات دولية، وليست قضية مواجهة لعصابات إجرامية شريرة تمت معاملتها وفق القانون وضمن ما تمليه العدالة من واجب.

    نظرة سريعة لعناوين ما جاء في الصحافة العربية، كدليل موثّق أكثر من غيره، ستبين لنا مستوى التجنيات بما نشر بهذا الخصوص، فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة العربي الجديد الخبر مضفيةً عليه نوعاً من التهويل المقصود، وبعنوان خبري صارخ المغالطة: "تنفيذ ثاني أكبر وجبة إعدامات في العراق لمتهمين بـ”الإرهاب”. والحقيقة إن هذه الصحيفة التي ترى في عدد المحكومين رقماً يستحق صفة "أكبر”، قد أضفى محرّر الخبر فيها صفة (الاتهام) على إرهابيين ثبتت إدانتهم وأقرّ أكثرهم بجرمه وجريرته. 

    تلك  الصحيفة لم تنشر في نفس اليوم خبر”العثور على مقبرة جماعية تضم 400 جثة في مجزرة ارتكبها التنظيم الإجرامي بمحافظة نينوى. أيضاً ثمة جريمة ارتكبتها الصحيفة عبر الإساءة الى مجلس القضاء الأعلى بتلفيق تصريح لقاض يبدو من سياق الخبر أنها قد تقولت عليه. ومن يراجع ما نشرته وكالة رويترز العربية سيجد انها هي الأخرى تستحق المقاضاة لتقوّلها الطائفي في العنوان، نقلاً - متجنياً - عن وزارة العدل العراقية. وأدعو بألطف الرجاء السلطات القضائية المحلية للتحري في القضيتين.الموقع الإلكتروني لفضائية العربية وجدها فرصة ليدوف السم بالعسل وهو يستهلّ عنوان خبره ببداية غريبة " ضحايا سبايكر ينتقمون.. العراق يعدم 38 من القاعدة وداعش”. مشيراً بشكل عابر لجريمة أسر (2200) من طلاب القوة الجوية قتلوا ودفن بعضهم أحياء.وسنحتاج الى من ينطقها عالياً بوجوههم؛ أي إنها أقل ما ينصف الضحايا.. وإن شهداءنا لا ينتقمون. 

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media