عِن داعش اتحدث!!! مأساة اقلية عراقية
    الأثنين 13 فبراير / شباط 2017 - 18:22
    رضوان العسكري
    نفسي مضطربةٌ من كَوابِيسٍ مرعبةٍ، فَلم يَبقَ إلا سوَيعات لتكشف شمس الصباح ظلمة الليل الدامس، معلنةً إنقضاء معاناتي مع تلك الليلةُ التي أنهيتها مغمضاً عيني، وأنا أدعو ربي نأن الذي رأيته كابوساً، لا حقيقةً ولا حُلُمَاً لكي لا يأول تأويلاً سيئاً، لأنني رأيت فيها الدخان الأسود, والموت الاحمر, والزرع الاصفر, والبحر المُسجر, والملك الاعور، يمسك سيفاً لونه من نحور الأطفال محمر.

    رأيته يقتل بلا إستثناء, كهولاً وشباباً ونساء، يطعمهم لوحوش الصحراء, التي إختارت فرائسها بلا عناء، من بين الضحايا، اطفال كأزهار الربيع, وصبايا كبنات القمر, وشباب كنقوش التبر.

    ارعبني ذلك المشهد!، وخفت ان يذبح حلمي امامي، ويسيل دمه في كفي، عشقي الذي أعيش من اجله، ليلى حلم الطفولة، الذي عاش داخل احاسيسي ومشاعري، ذلك العشق الذي يكبر كلما تقدمت في العمرِ، فأصبحت وامسيت افكر بأنه لا حياة لي بدونها، ولا استطيع العيش بعيداً عنها، وأن الله خلقنا لبعضنا، كما خلق حواء لآدم.

    هرولت مسرعاً تتسابق خطاي مع بعضهما، حافياً بلا شعور بإتجاه (كنيسة الساعة) حتى بان لي الصليب الذي يعلو منارتها، ما إن إقتربت منها حتى تطاير حطام هيكلها، فتكسر صليبها اجزاءً.

     مابين الدخان والتراب إذ اسمع صراخ وعويل، لحرائر مأسورات قُيِّدن بزناجير يجرهن جاري مروان ، شاهدت ليلى معشوقتي بين سياط القوم تتوسط السبايا، فجعلت من الجدار مخبأً لي، كي لا تراني تلك الكواسر، التي احكمت قبضتها على بواكرنا، لينتظروا انطلاق صافرة البدء، ليتسابقوا على إفتراسهن، ما عساي ان افعل، فلا طاقة لي على ان انظرهنَّ يُغتصبنَّ بمرئ مني، عندها تذكرت صديقي صومائيل، بيته بجوار الكنيسة, هرولتمسرعاً لطلب المساعدة منه لإنقاذهن، فإقتحمت بيته، آه يا ربي! يا للمسيح! صومائيل امسى فريسة، رجعت أتعقب آثارهن لكي لا يغبن عن ناظري، فشاهدت مجموعةٌ من اصحاب اللحى, رائحتهم العفنة تملأ الازقة, ازال الله من قلوبهم الرحمة والرقة, سيوفهم مجالدهم، ياللعجب كل العجب! لما يجري عليهن، سبابٌ وشتم, ضربٌ ورجم, دموعٌ ودم, وهنَّ عاجزات على ان يدفعن ما حل بهُن.

    رمقتني ليلى بنظرات اليأس الذي ملاء قلبها، بعينيها المدنيتين كأنها تخبرني بأن هذا القاء ال آخير، انشغل كل تفكيري بليلى التي غابت عن ناظري، وتلاشت صورتها وتبدد حلمي، اشبكت أصابعي فوق رأسي، وأنا في ذهول لما يجري لنا، يا ربي يا للمسيح اردفنا بجنود من عندك، اشد بئساً من هؤولاء المارقين،  وانا بين هذا وذاك اذ اسمع صوت يخرج من مأذن مسجد الفاروق، أجمعوا كل ما تبقى من الكفار، وأتوني بهم لأسلخ جلودهم عن ابدانهم، فإنتشرت كلابهم المسعورة كالذباب المتطاير، تجمع من تنالهُ ايديهم، فأوقفوهم في الساحة العامة للمدينة فصاح الملك الاعور، من يدين بديننا فقد سلم ومن ابى فقد كفر، وليس له غير النار والحديد من مفر.

    صاح ثانيةً عليكم بالغنائم، اجمعوا المال والذهب واتركوا الاثاث للنهب، ثم احرقوا بيوت الكفار، فلا تتركوا لهم لامعبداً ولا دار، فلذنا بالفرار فأمست البراري مساكننا، والرمال افرشتنا والسماء اغطيتنا، لا ماء ولا طعام، فإمتطينا صهوة الجبال، ضناً منا ان المأمن فيها، ما إن اصبح الصباح، حتى رايناهم كأسراب النمل، يدبون خلفنا، كأنهم ذلك الزنجي الاسود، الذي تبع محمداً بأنفه الى الغار، يبحثون عن ما تبقى منا، فسرنا وسارت فينا الدنيا هرباً منهم، فمن اجهده التعب والاعياء وقع بين فكي مقصلتهم، لم ينجو منا الا القليل، تاركين خلفنا اثراً لا يمكن محوه، لأنه مجموعة قبور لأطفالنا، الذين اخذ منهم المرض والجوع والعطش مأخذه، حتى اصبحوا جثثاً هامدةً أقبرنها بين الصخور والحجارة القاسية، عسى ان تحمي ملامحهم الجميلة من حرارة الشمس اللاهبه.

    عندها انتبهت لنفسي انا في حقيقة، ولست في حلم، اذاً ما هذا الظلام؟ انه ظلم الارهاب الاعمى! وما هذا النور؟ انه نور وجوه جنود الله انهم حشد الله المقدس! الذي تلألأ في افق سماء نينوى، بعدما ضاع كل شيء احلامنا تناثرة في مهب الريح، اطفالنا دفناهم على قمم الجبال، اعراضنا بيعت في اسواق النخاسة. اموالنا نهبت، ديارنا هدمت، كل ما جرى ولازال يجري بإسم الدين تحت رداء الاسلام، على ايدي اناس متأسلمين، لا علاقة لهم مع الاسلام ابداً.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media