احزان التماثيل
    السبت 18 فبراير / شباط 2017 - 11:33
    د. حسين أبو سعود
    ليلة البارحة
    وسط تقلبات الأرق
    طفحت جينات الشجاعة
    وارتفع منسوب الجرأة في روحي
    مررت بالمقبرة القريبة
    هذا المسكن الدائمي لذوي الطباع المختلفة
    من الجنسين
    كاثوليك وبروتستانت
    ملحدون ومؤمنون
    ألقيت بثقل السنين على السياج الحديدي
    الصورة موحشة متوحشة
    وذرات الهواء مشبعة بالرعب
    بدأ الموتى يتحركون وهم نيام
    يريدون الوقوف فلا يقوون على القيام
    وبدأت طقوس الضفة الاخرى
    طقوس تحكي رغبات الموتى
    في العودة الى الحياة
    قطة سوداء مرت مسرعةً
    جردتني من بقايا الثبات
    كانت هاربة من ريحٍ سوداء
    وتحول حفيف الشجر الى فحيح أفعى
    والحشرات صارت تتطاير بكثافة
    وتقلل من نقاء الصورة
    ووضوح الرؤية
    ورأيت الأزهار البرية بألوانها الزاهية
    تتحول الى رؤوس الشياطين
    وتنشر الرعب في كل جانب
    حطت الخفافيش العمياء على شواهد القبور
    وكأنها وجوه المجانين
    واكتظ المكان بمخلوقات هلامية
    ملائكة من نور
    وجن من نار
    ودون ان أتردد او اختار
    شرعت بالفرار
    تتعقبني ثعالب الليل
    أي حقيقة أصل اليها بعد هذا العمر
    وانا المتفرج الوحيد على المسرحية
    حانت مني التفاتة نحو الوراء
    فرأيت حارس المقبرة بلحيته الكثة
    غارقا في ضحك هستيري
    يضحك بصوت عال
    انها التماثيل في الليل تبكي
    وتضحك وتفرح وتحزن
    ارتطمت روحي بتمثال فتح ذراعيه
    وضمني
    والتقط لنفسه معي صورة تذكارية
    انه يشبهني في كثير من الأشياء
    قلما يزور المقبرة أحد الا تراكمت في داخله تلال الشهوة
    والحنين الى العناق
    تسللت من بين ذراعيه القويتين
    لأجد كل التماثيل تحيط بي ما بين ضاحك وباك

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media