الى رئيس وزراءنا، اليك ما ينفع العراق والعالم في تعاملنا مع اوبك
    الخميس 23 فبراير / شباط 2017 - 17:40
    د. باسم سيفي
    معد ومحرر مجلة قضايا ستراتيجية
    اعلم اولا بان العراقيين سنة وشيعة ومسيحيين وصابئة من ابناء علي الذي علمهم ان "الحق لا يكسب بالباطل" والعدل لا يتحقق بالنفاق، واننا وان جار الزمان علينا وتسلط الفاسدون والمنافقون على امورنا فاننا لا نقبل بقولة ابن خلدون ولا ميكافيلي ولا اي من مفكري الواقعية السياسية بان "الغاية تبرر الوسيلة". ليس من العدل في تخصيصات الانتاج في اوبك ان يسمح للسعودية ان تنتج 10 مليون برميل في اليوم في حين ينتج العراق اقل من 5 مليون برميل باليوم خاصة وان العراق لديه حوالي 12% من الاحتياطي العالمي القابل للاستخراج والسعودية لديها حوالي 18%، ولسنوات عديدة لم يتمكن العراق من انتاج حصته المقررة. نعم نقبل بتخفيض الانتاج لمصلحة الجماعة ولكن باعلان وفخر وليس بالهمس واللكَلكَة ولا السكوت عن الحق وتوقف المطالبة بالعدل. اعلان زيادة احتياطي العراق من النفط الى 153 مليار برميل شيئ جيد ونامل ان يكون على اسس رصينة ويعترف بها دوليا وان لا تكون سباقا جديدا في تضخيم دول اوبك لاحتياطاتها.
    خلال الاشهر القليلة الماضية، اواخر 2016 وبداية 2017، ومع نجاح اوبك وبلدان مصدرة اخرى في الاتفاق على وتنفيذ تخفيض الانتاج 1.8 مليون برميل باليوم، اي 2% من الانتاج العالمي، يمكن القول بان الاسعار ارتفعت حوالي 10% بسبب هذا التخفيض. وهذا يعني بشكل عام بان الدول المصدرة للنفط عليها تخفيض الانتاج 2% اخرى خلال هذا العام ان ارادت اسعار للنفط تدور حول، او تقترب من، 70 دولار للبرميل، حيث ستلعب الزيادة في الطلب دورها ايضا في زيادة الاسعار. مثل هذا التخفيض ليس صعبا خاصة وان معظم الدول المصدرة لازالت تنتج بمعدلات عالية تضر في كثير من الاحيان حقول النفط على المدى المتوسط والبعيد وان زيادة الاسعار ستغطي على انخفاض الواردات الناتج من تخفيض الانتاج. فروسيا والسعودية مثلا بامكانهما تنفيذ هذه المهمة من خلال تخفيض انتاج بلديهما 10% دون ان يعني ذلك انخفاض في وارداتهما بل زيادتها وبنفس الوقت الابقاء على النفط غير المستخرج وتجنب التكاليف العالية عند الانتاج المرتفع جدا. طبعا روسيا والسعودية لن يقبلى بهذه المهمة وسيطلبان من الدول المصدرة الاخرى تخفيض انتاجها ايضا. وهنا تصبح المشكلة كبيرة بالنسبة للعراق وايران وكلاهما لم يستطيعا بناء قدرتهما الانتاجية بسبب الحروب والحصار وسوء الادارة مثلما فعلت البلدان الاخرى.
    معظم البلدان المستوردة للنفط او المكتفية ذاتيا، تنتج حاليا حوالي نصف الانتاج العالمي او 50 مليون برميل باليوم، تجابه الان او قريبا مشكلة زيادة التكلفة وانخفاض الانتاج بسبب قلة الاحتياطات المتوفرة لديها والممكن انتاجها بتكلفة لا تزيد عن 80 دولار للبرميل، وهي الان تكلفة انتاج النفط الصخري بشكل عام. لذا فان ابقاء اوبك لاسعار النفط دون ال 80 دولار من خلال تقليص الفائض/التخمة في الانتاج سوف لا يشجع على توجه الشركات النفطية والرأسمال العالمي نحو الاستخراج النفطي بشكل كبير مثلما حدث في نهاية العقد الماضي وبداية العقد الحالي حين قاربت اسعار النفط حاجز 150 دولار للبرميل، وهذا سيسمح لبلدان اوبك من زيادة حصتها من الانتاج العالمي. وهذا يعني ان مشكلة اوبك في تخفيض الانتاج مسألة مؤقتة ويمكن احتوائها حتى مع اصرار العراق وايران بزيادة انتاجهما النفطي خاصة اذا سادت روح المصالح الاقتصادية المشتركة بدلا من اذية الاخر والعداء غير العقلاني.
    لسنين عديدة وبلدان اوبك تنتج حوالي ثلث الانتاج العالمي من النفط في حين تبلغ احتياطاتها النفطية حوالي ثلثي الاحتياطي العالمي وهذا يعني بان النفط خارج بلدان اوبك يستنفذ اسرع كثيرا من النفط في اوبك وتكلفة استخراجه خارج اوبك تتصاعد اكثر من بلدان اوبك لان تقادم الابار وانخفاض كمية النفط في الحقول يعني زيادة تكاليف استخراج ما متبقي. انتاج واستهلاك الطاقة الاجمالي في العالم سيستمر في الزيادة حتى عام 2050 على الاقل وقد يتضاعف مقارنة بعام 2000 ومن المعقول ان نتوقع عدم انخفاض استهلاك النفط التقليدي حتى ذلك الحين رغم اهتمام البشرية لانهاء عصر الوقودالاحفوري، بسبب المشاكل البيئية ومنها التغيرات المناخية، الذي لابد ان يركز في البداية على الفحم الحجري والنفوط عالية الكلفة مثل النفط الحجري والرملي والتي تدهور البيئة بشكل عام اكثر بكثير من النفط التقليدي الواطئ الكلفة. الفحم الحجري يشكل حاليا حوالي ربع مصادر الطاقة والنفط الصخري والرملي حوالي 6% من انتاج النفط العالمي وتقليص هذين المصدرين يعني امكانية زيادة حصة النفط التقليدي والغاز الطبيعي في مصادر الطاقة الاجمالي بدرجة ملحوظة.
    بعد عقود من سوء السمعة لاوبك على المستوى العالمي في كونها منظمة مصلحية يهمها فقط الاحتكار وزيادة الاسعار ولا تنظر بعين الاعتبار لمصالح العالم والبلدان الفقيرة ولا تهتم بالقضايا البيئية العالمية بل وحتى تحارب جهود العالم في سياسات مشتركة لمعالجة القضايا البيئية وبالاخص التغيرات المناخية التي تتطلب تخفيض انتاج واستهلاك الوقود الاحفوري واطلاقات ثاني اوكسيد الكربون، حان الوقت لبلدان اوبك ان تلعب دورا ايجابيا على المسرح العالمي اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا. هذا الدور الايجابي لا يمكن ان يأتي من عقلية المصلحة الانانية والشيطنة والسريات بل يأتي من عقلية اخلاقية تستند على الصح والخطأ وتأخذ بنظر الاعتبار مصالح الاخرين والبشرية وتعتمد الصراحة والوضوح والشفافية. سوء السمعة هذا شاركت في ترويجه قوى عالمية بتخطيط مدروس لابقاء تقلبات الاسعار والوضع المتشند بين الدول واهمال المشاكل البيئية وتعزيز انتاج النفط الصخري والفحم الحجري وساهمت به بلدان من اوبك بجهالة او عمالة. الادارة الامريكية الحالية في توجهها بالانسحاب من اتفاقية المناخ الدولية ودعم انتاج الفحم الحجري والنفط الصخري في الولايات المتحدة تمثل بشكل جيد هذه القوى العالمية التي تدفع بتوجه صراع الحضارات بدلا من مطالب الشعوب في التوجه نحو حوار الحضارات وعلاج المشاكل التي تعاني منها الانسانية في كافة الدول والحضارات.
    تبني اوبك لسياسة سعر عالمي للنفط يتراوح بين 70 و80 دولار للبرميل لمديات مختلفة وبقيمة الدولار الحالي سيجلب فوائد كبيرة لاقتصاديات العالم حيث استقرار اسعار النفط بهذا السعر سيمكن البلدان المستوردة والمصدرة للنفط في تخطيط افضل لمواردها الطبيعية والبشرية ومشاريعها المتعلقة بالطاقة والبيئة وتبني التنمية المستدامة الذي اقرته الامم المتحدة منذ اكثر من عقدين، وايضا في تجنب التفاوت والتقلبات في ميزان المدفوعات التجاري، فالمضاربون وحدهم من يمكن ان يستفيد من صعود اسعار النفط الى 120 دولار للبرميل لينخفض بعد اشهر الى النصف وبعد سنتين الى 30 دولار للبرميل كما حدث في السنوات القليلة الماضية. سعر 70-80 دولار للبرميل لا يشجع شركات النفط ولا ممولي المال من التوسع الكبير في انتاج النفط الصخري والرملي وغيرها من النفوط عالية التكلفة، وما نسمعه في هذه الايام من بدأ التوسع في النفط الصخري الامريكي فقاعة وسياسة تنفع في ابقاء السعر تحت 60 دولار للبرميل. انه لغباء من بعض دول اوبك ان تغرق السوق بنفط فائض وتسبب بانهيار الاسعار لدون 50 دولار للبرميل على امل الحفاظ على حصة عالية من سوق النفط. الشركات والدول قد تخفض الانتاج بشكل ملموس على المدى البعيد اذا استمرت الاسعار الواطئة ولكن ليس على المدى القريب فالحساب يكون على التكلفة الحدية وحاجة البلد والانفع لاقتصادها والايدي العاملة فيها.
    مؤتمر باريس للمناخ عام 2015 جعل هذا القرن عصر انتهاء الوقود الاحفوري ولا يستطيع لا ترامب ولا اي معتوه ناكر للتغيرات المناخية والتدهور البيئي في العالم ان يوقف هذا الهدف النبيل الذي يسعى لانقاذ الكرة الارضية ونظمها الايكولوجية من جور الانسان المعاصر على الطبيعة وتلوثاته التي انتقلت خلال المئة عام الماضية من المحلية والاذى المحدود الى العالمية والاذى الواسع وبعضه لا يمكن اصلاحه في المستقبل. هذا التوجه يجب ان يبدأ، وقد بدأ، بتقليص استخدام الفحم الحجري والنفوط الوسخة العالية في التدهور البيئي واطلاق ثاني اوكسيد الكاربون في الاستخراج من الحقول والمخازن الطبيعية وفي التحويل الى طاقة فاعلة في الكهرباء او الحركة او الحرارة. من الواضح بان هذا التوجه من مصلحة بلدان اوبك كونها تنتج نفط تقليدي منافسه الفحم الحجري والنفط السجيلي (صخري ورملي وتركيبات متعددة) وكلاهما متوفر في المستودعات الارضية بكميات اكبر كثيرا من النفط التقليدي وقد تصل الى اكثر من عشرة اضعاف. لذا يفترض على بلدان اوبك ان تدعم وتشارك في الحركة البيئية العالمية لا ان تعاديها وتقف بالضد منها.
    وفي القضايا الاجتماعية ولكون بلدان اوبك من البلدان النامية فانها يفترض ان تتفهم اوضاع البلدان النامية الفقيرة في الموارد الطبيعية والنفط والتنظيم الاقتصادي والبشري في عدم توفر الموارد المالية لمشاريع التنمية الاجتماعية في التعليم والصحة والعناية بالبيئة والتوسع في التشجير النافعة للناس في كل المستويات وان تساعدهم في هذا المجال من خلال اولا تمويل بعض من هذه المشاريع وثانيا تقديم بعض التساهل في اسعار النفط وبالاخص عند صعودها بدرجة كبيرة. فبلدان اوبك الغنية ومنها العراق عليها الكف عن استخدام غناها في دعم حكومات جائرة وتحقيق مكاسب سياسية من خلال دعم الصراعات في البلدان الاخرى وشن الحروب مثلما هو كان في زمن دكتاتورنا صدام وجاري الان في حروب سوريا واليمن والعراق، وان تتوجه بصدق انساني لدعم مشاريع التنمية في البلدان الفقيرة القريبة منا والبعيدة وبالاخص ما ينفع فقرائها في التشجير والتوسع في توفير الغذاء.
    المسألة الرابعة التي على منظمة اوبك ودولها الاعضاء علاجها هي مسألة الشفافية والصدق والالتزام التي لم تشتهر بها المنظمة فمعظم اعضاءها اختار طريق الشيطنة والتلاعب والمصلحة الانانية للبلد المعني ليس اقتصاديا فقط بل وحتى سياسيا تحت راية "الغاية تبرر الوسيلة". فزيادة الانتاج السعودي والامريكي بعد مسيرة هبوط الاسعار عام 2014 يمكن تفسيره برغبة هذين البلدين والقوى المتنفذة فيهما لمزيد من تدهور الاسعار وهو ما يؤثر سلبا على الاقتصاد الروسي والايراني والعراقي حيث الاعتماد الكبير على الصادرات النفطية. هذا وقد اشتهرت بلدان اوبك بعدم الالتزام بحصص الانتاج التي تتفق عليها المنظمة وكذلك بالمبالغة في تقديرات الاحتياطي النفطي من اجل الحصول على حصة انتاجية اكبر وليس وضع قاعدة بيانات رصينة، تعتمد دراسات استكشافية يعتمد عليها وعلنية، تنفع في الادارة الجيدة لموارد البلد والتخطيط لمستقبل اقتصاده من نواحي عديدة.
    يمكن للعراق الديمقراطي ذو الشعب الملتزم وحتى المهووس بالعطاء وفكرة الحق والعدل ان يلعب دورا ايجابيا كبيرا في تطور اوبك نحو منظمة فعالة تخدم ليس فقط اعضاءها والبلدان المصدرة الاخرى بل ايضا مجتمعات العالم اجمع من خلال استقرار الاسعار بمستويات معقولة والاهتمام بالامور البيئية والفقراء. ان الازدواجية في المجتمع العراقي بين المدنية والبداوة وبين المغالبة والكرم التي تكلم عنها وبمبالغة علي الوردي يمكن ان تجعل من المجتمع العراقي لاعبا مهما في التعاون بين بلدان اوبك وبينهم والبلدان الاخرى خاصة وتوفر موارد وامكانيات بشرية وطبيعية في العراق ليست بالقليلة. فالنخوة التي نحسها في الشارع العراقي وحب العطاء الذي نشهده في خدمة الزوار يقلب في الواقع فرضيات الاقتصاديين بالانسان النفعي المادي ويؤكد دور الانسان الاجتماعي التعاوني الذي يقدر الاخلاق والمردودات الروحية والمعنوية وليس المادية فقط.
    قبل تبيان ما نراه ان يكون سياسة العراق المعلنة والواضحة في مسألة النفط واوبك قد يكون من الضروري تقديم تصور حول الوضع النفطي نحو عام 2020 ثم نحو عام 2050 فنهاية القرن حيث انتهاء عصر الوقود الاحفوري. رغم توقع ازدياد استخدام وانتاج الطاقة الكلية في العالم بدرجة كبيرة وحتى المضاعفة نحو اواسط القرن الحالي، وتوقع بعض منظمات الطاقة الدولية بزيادة الطلب على النفط قدره 1% سنويا حتى عام 2050 نرى باستقرار استخدام النفط على المستويات الحالية مع بعض الزيادة في النفط التقليدي وتراجع عام بالنسبة للوقود الاحفوري من خلال الاحلال التدريجي للطاقة النظيفة محل الفحم والنفوط عالية الكلفة اقتصاديا وبيئيا. ومن المعقول ان نتوقع ان تبقي بلدان اوبك انتاجها تحت 32 مليون برميل باليوم او نحو 30 مليون برميل باليوم خلال السنوات القليلة القادمة وان تزيد من انتاجها بمعدل سنوي قدره نصف مليون برميل في اليوم  حتى عام 2050 لتصل الى انتاج 50 مليون برميل في اليوم، اي تقريبا منفردة بالتصدير بسبب تراجع الانتاج الروسي وغيرها من الدول التي ليس لديها احتياطي كبير.
    بامكان بلدان اوبك حاليا اغراق السوق بفائض نفطي يعني تدهور الاسعار وتضررهم جميعا وهذا معناه سيادة حكم اللاعقل او ان تتصرف بشكل عقلاني وتتعاون في تخفيض الانتاج قليلا فيستفاد جميعهم من صعود الاسعار على ان لا يشجع دخول النفوط عالية الكلفة في المنافسة الانتاجية، اي 70-80 دولار للبرميل. هذا التعاون الضروري يحتاج الى الاتفاق على آلية ومعادلة تخفض انتاج الدول المصدرة بشكل عادل ومعقول. اقترح ان يخرج العراق وبشكل علني لمناقشة تبني المعايير التالية لتحديد سقف الانتاج في الدول المصدرة للنفط؛ نسبة الانتاج الى الاحتياطي الاقتصادي، حجم السكان، مستوى المعيشة، التكلفة والعامل البيئي، والظروف الطارئة مثل الحروب والكوارث. هذه المعايير ليست سهلة التطبيق فمثلا تقدير الاحتياطي القابل للاستخراج بسعر 80 دولار للبرميل يحتاج الى طرق رصينة ومعتمدة دوليا وخاضعة للتدقيق وهذا سيخفض كثيرا من الاحتياطات المعلنة لكثير من الدول. ولكن مع ذلك بامكان العراق ان يقدم مقترحا ناضجا تقبل به الدول مبدئيا اذا كان عادلا وشفافا ويناقش في الصحف والاعلام ومن قبل المختصين والعامة وليس فقط خلف الكواليس.
    يمكن وصف الواقع السياسي الاقتصادي النفطي في البلدان المصدرة للنفط على انه يتمحور حول ثلاث كتل. اولها الكتلة السعودية الخليجية وتنتج حاليا حوالي 15 مليون برميل باليوم وتحوي عدد قليل من السكان يتمتعون بمستوى عالي من المعيشة. بامكان هذه الدول تخفيض الانتاج الى 10 مليون برميل باليوم دون ان يتسبب ذلك بارباك انتاجهم او مواردهم بل كلاهما سيتحسن بسبب عدم الحاجة للانتاج بمعدلات عالية وزيادة الاسعار الذي سيغطي على انخفاض الايرادات بسبب تخفيض الانتاج. ثانيها كتلة العراق وايران وكل منهم ينتج حاليا حوالي 4 مليون برميل باليوم تمثل بين الدول المنتجة النسبة الاقل بالنسبة للاحتياطي المتوفر والاقتصادي. البلدين عانا كثيرا من حروب هوجاء ومقاطعات ظالمة وهم بحاجة ماسة الى بناء قدراتهم في الاستخراج النفطي وتحقيق تنمية جيدة، وهذا يعني اصرار واستقتال البلدين لانتاج 6 مليون برميل باليوم لكل منهما خلال السنوات القليلية القادمة. ثالث الكتل هي روسيا والمصدرين المستقلين وتنتج حاليا حوالي 14 مليون برميل باليوم دون ان يكون لديها احتياطي كبير ومستوى المعيشة في بلدانها بشكل عام مرتفع. ان تخفض هذه البلدان انتاجها ل 10 مليون برميل سيكون في صالحها اذا ضمنت ايراد اعلى من زيادة الاسعار حيث ستحتفظ بنفطها لفترة اطول.
    ان تتصارع هذه الكتل في عدم تخفيض الانتاج هو عين اللاعقل والاستهتار بمصالح شعوبها في المدى القريب والبعيد وبامكان العراق ان يخرج محاورا ومقاربا لتوجهات هذه الدول في المسألة النفطية خاصة وان اجراء اصلاحات جذرية في سياسة وتوجهات اوبك وبلدانها وحسب مناقشتنا اعلاه تتطلب ان تتقدم بعض الدول في هذا التوجه والعراق من اكثر الدول المرشحة لتبوأ هذه المهمة، رغم ضعفه النسبي حاليا بسبب الوضع الامني والاقتصادي وتدخل الدول الاخرى في شؤونه، نظرا لقوة فكرة الحق والعدل فيه ورغبة ناسه بالعطاء وأيضا نظرا للسمعة الجيدة التي اكتسبها في قتاله الارهاب وداعش وكذلك عمقه التاريخي وحجم اقتصاده النفطي وغير النفطي حاضرا ومستقبلا. لا يمكن للعراق ان يؤدي هذا الدور من خلال السريات والقاعات المغلقة بل يحتاج الى الفضاء العلني لكي تتفاعل مقترحاته واجراءته مع مواطني العراق والبلدان المصدرة للنفط والعالم وايضا مع الدوائر المهنية العالمية في الاقتصاد والنفط والبيئة.
    اهم التوجهات التي على العراق اعلانها للشعب العراقي والعالم واخذها الى اوبك وبشكل علني ولتخضع للنقاش والجدل ليس فقط من قبل الخبراء في المجالات المختلفة بل ايضا من الناس المهتمين بشؤون شعوبهم والانسانية تشمل ما يلي:
    1. توجه العراق نحو انتاج 6 مليون برميل يوميا عام 2020 وابقاء هذا المستوى كأساس الانتاج لعدة عقود قادمة ضمن هدف ابقاء الانتاج النفطي والغازي نحو نهاية القرن الحالي مع بناء طاقة انتاجية يومية ل 8 مليون برميل وتصديرية ل 6 مليون برميل لتحقيق مرونة في الانتاج والتصدير تفيد الاقتصاد العراقي وتساعده للمساهمة في تحقيق توازن في الطلب والعرض العالمي على النفط واستقرار اسعار مناسبة ومعقولة لا هي بالعالية فتضر بالمستوردين وخططهم ولا هي بالواطئة فتضر بالمصدرين وخططهم.
    2. طرح وتبني نظام عادل نسبيا في توزيع الانتاج على بلدان اوبك والبلدان المصدرة الاخرى يأخذ بنظر الاعتبار تطور العرض والطلب العالمي والحفاظ على استقرار الاسعار 70-80 دولار للبرميل، والذي يجب تخفيضه اذا انخفضت تكلفة انتاج النفط الصخري دون 80 دولار للبرميل بشكل عام وليس بحقل او حقلين او عرض تكاليف مفبركة. اساس هذا النظام انتاج سنوي يمثل 1-1.2% من الاحتياطي القابل للاستخراج بسعر 80 دولار للبرميل او انتاج يمتد نحو نهاية هذا القرن ثم يؤخذ بنظر الاعتبار عوامل اخرى مثل حجم السكان ومستوى المعيشة وظروف البلد.
    3. تشكيل لجنة عالمية لتقدير احتياطي النفط في العراق القابل للاستخراج بسعر 80 دولار للبرميل وسعر 120 دولار للبرميل على اسس رصينة، ويكون في اللجنة بالاضافة الى خبراء من العراق ممثلين شركات عالمية رصينة ومنظمات طاقة دولية. اضافة ما يقدر من نفط يمكن استخراجه بالتقنيات المتوفرة من اكتشافات جديدة الى احتياطي البلد لا يكفي ويجب اضافة بأي تكلفة يمكن ان يستخرج ومصداقية الحسابات والارقام. هذه الدراسات والارقام تعلن بشكل واسع وتستخدم للضغط عل البلدان المنتجة والمصدرة للنفط ان تقدم تقديرات مماثلة.
    4. الحث على تعاون العراق والسعودية وايران وروسيا في المسألة النفطية لان في هذا التعاون يمكن ان يكون خير للجميع حيث ان هذه الدول الاربعة ذات نفوذ ليس بالقليل وتنتج الان اكثر من نصف النفط المصدر وبامكانها التحكم بالعرض/الانتاج بشكل جيد لا يؤدي الى صعود او انخفاض كبير في اسعار النفط. ان تقتنع كل من روسيا والسعودية بتخفيض انتاجهما بدرجة كبيرة لن يكون صعبا اذا ضمنوا زيادة الايراد الاجمالي واحسوا بخطورة التمادي بالانتاج العالي.
    5. يجب ان نكون واضحين بانه وحسب الاحتياطي المتوفر وظروف البلدين يفترض ان يكون من حق العراق وايران ان ينتج كل منهما 6 مليون برميل باليوم خلال السنوات القليلة القادمة وعلى السعودية تخفيض انتاجها لاقل من 9 مليون برميل باليوم وروسيا لاقل من 7 مليون برميل باليوم. وهذا يعني، مع تخفيض الانتاج في بلدان اخرى وزيادة الطلب سيكون بالامكان احتواء زيادة الانتاج العراقي والايراني وبنفس الوقت ضمان زيادة او استقرارالاسعار دون 80 دولار للبرميل.
    6. التعاون الواسع مع منظمات البيئة العالمية لتخفيض انتاج الفحم الحجري والنفوط عالية الكلفة الاجتماعية بسبب تاثيراتها البيئية. فرض ضريبة عالمية قدرها 10 دولار للطن على اطلاق ثاني اوكسيد الكربون، المسبب الرئيسي للتغيرات المناخية، سيوجه ضربة قوية ضد انتاج الفحم والنفط الحجري ذات التكاليف البيئية العالية. هذه الضريبة يمكن ان تجمع 200 مليار دولار سنويا تكفي لتغطية تكاليف تشجير مساحات واسعة في كافة بلدان العالم تستطيع سحب معظم ما يطلق من غاز ثاني اوكسيد الكربون من حرق النفط والغاز لعدة عقود.
    7. اعلان العراق تخصيص دولار عن كل برميل نفط ينتجه ابتداء من عام 2020 لمساعدة البلدان النامية الفقيرة في جهودها التنموية وبالاخص البشرية والبيئية التي يمكن ان ترفع من مستوى معيشة الفقراء في هذه البلدان وتقلل من النمو السكاني غير المتوازن مع توفر الموارد الطبيعية والاجتماعية/المالية. هذا التوجه سيكون له صدى عالمي كبير واعتقد بأن معظم العراقيين سيوافقون عليه.
    8. اعلان العراق تبني الشفافية والعلنية في تعاملاته النفطية سواء ان كانت في العقود التي يوقعها او كميات النفط التي ينتجها او الاتفاقات التي يبرمها مع اوبك والدول والشركات، فزمن السريات والصفقات المخفية، التي تنفع الاقوياء من الدول والشركات وليس الشعوب والضعفاء، بالنسبة للعراق قد انتهى وزمن العلنية والانفتاح لنقد الخبراء والجمهور قد ابتدى. 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media